FINANCIAL TIMES

عاصفة قوية تكلف شركات الإعلام الأمريكية 400 مليار دولار

عاصفة قوية تكلف شركات الإعلام الأمريكية 400 مليار دولار

خسرت أكبر الشركات الإعلامية الأمريكية مجتمعة نحو 400 مليار دولار من قيمتها السوقية هذا العام، بعدما أثارت مخاوف من حدوث ركود، إضافة إلى تباطؤ الإعلانات، وتوجهات الجمهور في مرحلة ما بعد الجائحة، عاصفة ضربت شركة نتفليكس ونظيراتها.
أسهم الشركات الإعلامية الأمريكية الكبرى انخفضت في المتوسط 35 في المائة منذ بداية العام، مقارنة بتراجع بلغ 13 في المائة في مؤشر إس آند بي 500، ما أدى إلى خسائر إجمالية 380 مليار دولار في قيمتها السوقية.
حتى بعد التعافي إلى حد ما في الأسابيع القليلة الماضية، انخفضت أسعار أسهم أكبر المجموعات الإعلامية – ديزني، ونتفليكس، وكومكاست، وسبوتيفاي، وروكو، وفوكس، وباراماونت، وورنر براذرز ديسكفري، ونيويورك تايمز، ونيوز كورب – إلى النصف في المتوسط، متراجعة من ارتفاعات قياسية وصلت لها خلال جائحة فيروس كورونا، وفقا لتحليل أجرته فاينانشيال تايمز.
ألقى مسؤولون تنفيذيون ومحللون باللوم على مجموعة من العوامل التي تسببت في انفجار فقاعة في الأسهم الإعلامية مدفوعة من قبل شركة نتفليكس.
مع خروج الولايات المتحدة والدول الأخرى من الجائحة، أصبح الناس يقضون مزيدا من الوقت في الخارج ووقتا أقل في المنزل يشاهدون شاشاتهم. في الوقت نفسه، كشفت شركة نتفليكس أن نموها على مدار عقد من الزمان قد توقف، ما أثار قلق المستثمرين بشأن صحة الصناعة بأكملها.
تزامنت هذه المشكلات مع مخاوف أوسع من حدوث ركود في الولايات المتحدة، مع إقدام البنوك المركزية على رفع أسعار الفائدة لترويض التضخم المتصاعد، بينما يكافح الأمريكيون مع ميزانيات منزلية محدودة.
الإعلانات التي عادة ما تكون عنصر الإنفاق الأول الذي تخفضه الشركات في فترة الانكماش، تتباطأ بالفعل، حسبما تبين من نتائج الربع الثاني لشركات سناب، وميتا، وجوجل.
يقول ريتش غرينفيلد، محلل في شركة لايت شيد، "ما مدى إفساد الجائحة للمسار؟ وما مدى قيام الاقتصاد بذلك؟ وكم يرغب الناس في الخروج؟ هناك كثير من العوامل في الوقت الحالي. أكاد أصفها تقريبا بالعاصفة المثالية لتفجير قصة البث".
الشركات التي تعتمد في إيراداتها على البث والإعلانات أكثر من أي شيء آخر هي الأكثر تضررا.
أسهم شركة روكو التي صنعت اسمها عبر بيع أجهزة البث لكنها تحقق الآن إيرادات أكثر من الإعلانات على محطاتها، انخفضت 65 في المائة هذا العام و83 في المائة من أعلى مستوى لها وصلت إليه في تموز (يوليو) 2021.
الرئيس التنفيذي لشركة روكو، أنتوني وود، قال للمستثمرين الأسبوع الماضي، "نشهد قلق الشركات المعلنة من إمكانية حدوث ركود ولذلك نراها تقلل من إنفاقها".
مايكل ناثانسون، من شركة موفيت ناثنسون للاستشارات الإعلامية، أشار إلى أن "دعم سلسلة نتائج شركة روكو الأخيرة، مثل كثير من الشركات الأخرى خلال الأعوام القليلة الماضية، تم عبر التسارع الهائل في بث مقاطع الفيديو الذي تلاشى الآن مع انفتاح العالم".
أضاف، "إننا نعيش أول ركود للإعلانات الرقمية" بعد فقاعة الإعلانات عبر الإنترنت الناجمة عن الجائحة، وهو ركود يحدث "بطريقة لم نشهدها من قبل".
جاءت شركة نتفليكس في المرتبة الثانية في سوء الأداء، بعد شركة روكو. انخفضت أسهمها 62 في المائة هذا العام و67 في المائة عن أعلى مستوياتها في تشرين الثاني (نوفمبر). وتراجعت سبوتيفاي، شركة أخرى رائدة في مجال البث تجني معظم أموالها من الاشتراكات، بنسبة بلغت 49 في المائة هذا العام.
بعد عقد من النمو الهائل في عدد المشتركين في شركة نتفليكس تراجعت الأعداد خلال ربعين متتاليين، ما استدعى إعادة تقييم جوهرية للصناعة التي كانت رائدة فيها.
كان المستثمرون في السابق متحمسين لنمو نتفليكس، ما جعل الشركة واحدة من أكثر الأسهم نجاحا خلال العقد، إلى جانب شركات فيسبوك وأمازون وجوجل. تمت معاملة نتفليكس على أنها سهم تكنولوجي، وكوفئ نموها السريع على حساب الربح.
نسخت مجموعات إعلامية أخرى، مثل شركة ديزني، نموذج شركة نتفليكس مع خدمات البث الخاصة بها. عبر قيامها بذلك، تمت مكافأتها بمضاعف سعر إلى الأرباح مشابه لشركة نتفليكس وشركات التكنولوجيا. في المتوسط، في نهاية العام الماضي، تم تداول المجموعات الإعلامية الأمريكية الكبرى بمضاعفات أرباح متتالية بلغت 49 ضعفا. انخفض هذا المضاعف الآن إلى 19 ضعفا.
المجموعات الإعلامية التي لا تزال تعمل بشكل رئيس في الأعمال التجارية التقليدية للتلفزيون والسينما كانت أفضل حالا. رسوم إعادة البث – المدفوعات التي تقدمها شركات الكابل لنقل محتوى هيئات البث – أكثر استقرارا من الإعلانات لأن العقود في الأغلب ما تكون مقيدة لأعوام.
أسهم شركة فوكس التي تجني معظم أموالها من رسوم إعادة البث لقنواتها الإخبارية والرياضية، انخفضت 9 في المائة فقط هذا العام، و24 في المائة عن أعلى مستوى سجلته في العام الماضي.
شركة ديزني التي تجني مليارات الدولارات سنويا من المدن الترفيهية وتذاكر أفلامها الرائجة، إضافة إلى البث، تراجعت 30 في المائة هذا العام. كان يتم تداول المجموعة في العام الماضي بمضاعفات تزيد على 100 ضعف أرباحها. الآن يتم تداولها بأرباح تبلغ 45 ضعفا.
قال غرينفيلد، من شركة لايت شيد، "كان هناك تحول هائل جدا من الإيمان بمستقبل البث، إلى الاعتراف بأن (...) مستقبل البث ليس مربحا أو ذا قيمة بقدر ما كان يعتقد الناس".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES