FINANCIAL TIMES

العنف يضر بحظوظ شيكاغو الاقتصادية .. شركات كبيرة غادرت المدينة

العنف يضر بحظوظ شيكاغو الاقتصادية .. شركات كبيرة غادرت المدينة

وسعت شركة جوجل بصمتها في شيكاغو الأربعاء الماضي، حين أعلنت اتفاقية لشراء معلم ما بعد الحداثة في الحي التجاري، لوب، في خطوة ضرورية لقلب المنطقة المركزية في المدينة.
جاءت نية شركة التكنولوجيا العملاقة شراء مبنى جيمس آر تومسون سنتر، الذي صممه المهندس المعماري الألماني المولد هيلموت جان، من ولاية إيلينوي في الوقت الذي يضطلع فيه مجتمع الأعمال في شيكاغو بمهمة بالغة الأهمية، محاربة السرد القائل إن الشركات تفر من المنطقة.
أعلنت شركة بوينج في أيار (مايو) أنها ستنقل مقرها الرئيس في حي ويست لوب في شيكاغو إلى مجمعها خارج واشنطن العاصمة. وفي حزيران (يونيو)، قررت شركة كاتربيلر، المعروفة بمعداتها لجرف التربة ذات اللون الأصفر الساطع، نقل مقرها من إحدى ضواحي شيكاغو إلى مدينة قريبة من دالاس.
جاءت الضربة الثالثة في الأسبوع التالي، عندما أعلن الملياردير، كين جريفين، أن صندوقه التحوطي، سيتادل، سينقل مكتبه الرئيس من إحدى ناطحات السحاب في لوب إلى ميامي.
لقد أضرت سلسلة عمليات خروج الشركات البارزة بسمعة شيكاغو باعتبارها عاصمة تجارية قوية.
روجر هوشيلد، الرئيس التنفيذي لشركة ديسكفر فاينانشيال سيرفيسز التي يوجد مقرها في إحدى ضواحي شيكاغو، قال لـ"فاينانشيال تايمز"، "لدى شيكاغو مجتمع أعمال ضيق، لذلك من المخيب للآمال بالتأكيد أنهم رحلوا جميعا".
وبينما تم اعتبار رحيل شركتي بوينج وكاتربيلر خسارة رمزية إلى حد ما، فإن رحيل صندوق سيتادل كان لطمة قاسية للمدينة التي وفر لها جريفين دعما ماديا ثابتا وغير حزبي. فقد تبرع بأكثر من 600 مليون دولار لمؤسسات في شيكاغو، حتى إنه مول إعادة بناء طريق للمشاة وركوب الدراجات في المدينة يمتد على طول بحيرة ميشيجان. وبعد أسبوعين من إعلان نقل مقره الرئيس، قدم 110 ملايين دولار إلى 40 مؤسسة من بينها جامعات، ومتاحف ومستشفيات، ما جعل القادة المدنيين المحليين يخمنون ما إذا كانت هذه الهدايا هي آخر هداياه.
وتتزامن عمليات الخروج مع ارتفاع معدلات العنف باستخدام السلاح التي تصدرت العناوين الرئيسة في أماكن أخرى. وأثار هذا الأمر القلق في أوساط الرؤساء التنفيذيين للشركات.
قال أحد قادة الأعمال والمدينة المخضرمين في شيكاغو، "أشعر بالقلق تجاه النزوح الجماعي للشركات. لا يمكن اعتبار شيكاغو فائزة في الوقت الحالي"، مقارنا إياها بدالاس، وميامي، وأتلانتا.
يقول المؤيدون المحليون إن هناك أكثر مما تراه العين عندما يتعلق الأمر بصحة شيكاغو التجارية. أفادت وكالة ويرلد بيزنس شيكاغو، وكالة التنمية الاقتصادية الخاصة والعامة في المدينة، أن المنطقة الحضرية في شيكاغو أضافت صافي 6656 شركة في أول عامين من جائحة فيروس كورونا، أي زيادة بنسبة 2.6 في المائة. وارتفع عدد الوظائف المهنية – أنواع الوظائف المكتبية الموجودة في شركات بوينج وكاتربيلر وسيتاديل – بنسبة 3.4 في المائة.
في 2021، كان هناك 173 عملية نقل وتوسيع كبرى في شيكاغو مع توفير 11 ألف وظيفة تقريبا، بحسب شركة دبليو بي سي. وفي النصف الأول من هذا العام، كان هناك 96 قرارا مشابها "في مصلحة شيكاغو".
قال ديفيد كاسبر، الرئيس التنفيذي لشركة بي إم أوه هاريس ـ مقرها شيكاغو ـ الفرع الأمريكي لبنك مونتريال، "الشائعات التي تتحدث عن نهاية شيكاغو مبالغ فيها إلى حد كبير". يعود تاريخ سلالة شركة بي إم أوه هاريس إلى ما قبل حريق شيكاغو الكبير في 1871، الذي دمر معظم أجزاء المدينة.
عند الإعلان عن انقسامها إلى ثلاث شركات منفصلة في يونيو، قالت مجموعة كيلوقز للمواد الغذائية ـ مقرها ميشيجان ـ إنها ستضع المقر الرئيس لكبرى هذه الشركات في شيكاغو.
كما استأجرت شركة أبوت لابوراتوريز للأجهزة الطبية والرعاية الصحية، ـ مقرها في الضواحي عند مشارف شيكاغو البعيدة ـ مكاتب في برج ويليس، ناطحة السحاب الأشهر في وسط المدينة.
قال هوشيلد إن شركة ديسكفر، الشركة المالية وشركة بطاقات الائتمان، تعمل على توسيع مركز تحليلي متقدم جديد في وسط المدينة بعد افتتاح مركز اتصال العام الماضي في تشاتام، حي في الجزء الجنوبي، حيث توجد أعلى معدلات البطالة في شيكاغو.
وتخطط شركة سيلز فورس التكنولوجية ـ مقرها سان فرانسيسكو ـ لاستئجار مكاتب لها في برج زجاجي جديد ستشغله على طول نهر شيكاغو.
قال جاك لافين، الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة تشيكاغولاند، "على مدى الأعوام العشرة الماضية، كانت التكنولوجيا هي الجزء الأسرع نموا في اقتصادنا".
لقد ازداد عنف السلاح في كثير من المدن الأمريكية منذ أن بدأت الجائحة، لكن الارتفاع في شيكاغو كان مقلقا. إذ ارتفعت حوادث إطلاق النار في المدينة بأكثر من النصف في 2020، حيث أصيب 4077 شخصا وقتل 774 بالرصاص، وفقا لمختبر الجريمة في جامعة شيكاغو. وزاد عدد عمليات إطلاق النار مرة أخرى العام الماضي، حيث أطلق الرصاص على 4419 وقتل 801.
وقفزت عمليات إطلاق النار في لوب، وهو مركز للأعمال والحكومة والسياحة، من حالتي إطلاق نار في 2019 إلى 27 حالة في العام الماضي. ووقعت عشرة حوادث إطلاق نار أخرى في المنطقة منذ بداية 2022 حتى 12 تموز (يوليو).
قبل إعلان صندوق سيتادل، شبه جريفين المدينة "بأفغانستان، في يوم جيد" بسبب العنف، مشيرا إلى أن من الصعب توظيف العمال في شيكاغو "عندما يقرؤون العناوين الرئيسة".
قال لورانس مسال، رئيس الاتحاد المدني، منظمة للرقابة المالية والضريبية، إن مجتمع الأعمال "قلق للغاية" بشأن العنف والضرر الذي يلحق بسمعة المدينة، واصفا الأمر بأنه "مضر بشكل فريد بالتنمية الاقتصادية في شيكاغو وجذب الشركات".
تتأقلم الشركات في شيكاغو أيضا مع أماكن العمل التي تحولت بسبب الجائحة. بلغ متوسط إشغال المكاتب في لوب 46.3 في المائة في يونيو، حسبما أفاد تحالف شيكاغو لوب. علما بأن مكاتب المدينة كانت مشغولة بنسبة 100 في المائة تقريبا في الأسابيع التي سبقت عمليات الإغلاق في 2020، وفقا لشركة كاستل سيستمز الأمنية.
قال مايكل فاسناخت، الرئيس التنفيذي لشركة ويرلد بيزنس شيكاغو، إنه سافر إلى لندن وباريس مع عمدة شيكاغو، لوري لايتفوت، الشهر الماضي لجذب الشركات الأوروبية إلى شيكاغو. كما أراد "معرفة ما يمكننا القيام به بشكل أفضل" للحفاظ على الاستثمار في لوب، بما في ذلك إعطاء الأولوية "لتصميم الأماكن الشامل" الذي يجمع بين المساحات المكتبية، والتجارية، والفنون، والمعيشة.
ذكرت شركة جوجل أن 105 ملايين دولار تنفقها على مبنى تومسون سنتر ستساعد في خدمة قوة عاملة هجينة تعمل داخل وخارج المكتب. وتوظف بالفعل 1800 موظف في حي فولتون ماركت في شيكاغو.
قالت شركة التكنولوجيا، "عبر تأسيس وجود في المنطقة التجارية المركزية في شيكاغو، سنبدأ المرحلة الأولى من عملية إعادة تنشيط أوسع لمنطقة لوب".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES