FINANCIAL TIMES

تمويل الطب الحيوي لا يجب أن يكون الضحية

تمويل الطب الحيوي لا يجب أن يكون الضحية

يبدو أن كل يوم يأتي بأخبار سيئة أكثر حول تقييمات السوق المالية الأمريكية. رغم ذلك، هناك سوق واحدة لا يعتقد كثير منا أنها تعاني: التمويل الخاص للمراحل الأولى للعلاجات والأدوية الطبية الحيوية.
ينبغي أن نشعر بالقلق حيال الأموال، التي اختفت من قطاع أساسي في تخفيف الألم وإطالة العمر ومساعدة الملايين على الرؤية والسماع والحركة والتفكير حتى. إن استعادة تمويل رأس المال الخاص سريعا لأبحاث الطب الحيوي في المراحل المبكرة لا يقتصر فقط على إنقاذ المستثمرين، بل يمكن أن ينقذ الأرواح.
متاعب التمويل الطبي الحيوي هي نتيجة تدافع المستثمرين بعيدا عن أي نوع من المخاطر. إن هؤلاء المستثمرين لا يميزون بين أحدث نوع من العملات الرقمية المرتبطة بأصول أخرى وبين عقار واعد قد يعالج السرطان المتقدم أو يعالج عيبا جينيا يهدد الحياة. هذه المشاريع بعيدة كل البعد عن كونها خالية من المخاطر، ولكن يمكن تقييم المخاطر وتسعيرها حتى تقليلها من المستثمرين المحنكين. تكمن المشكلة في أن تمويل الطب الحيوي في المراحل المبكرة يعتمد منذ فترة طويلة على رأس المال المغامر بدلا من التمويل الحكومي، ورأس المال المغامر يهرب الآن.
بعد التمويل القياسي الذي غذاه كوفيد، انخفضت القيمة السوقية لشركات التكنولوجيا الحيوية في الولايات المتحدة بدءا من منتصف أيار (مايو) 60 في المائة عن أعلى مستوى لها في شباط (فبراير) 2021، وهو أكبر تراجع شهدته في الـ 20 عاما الماضية على الأقل. الوضع أسوأ بالنسبة إلى الشركات الصغيرة لأن مصادر التمويل لديها محدودة للغاية. لا تزال الموارد الخيرية متأثرة بشدة في أعقاب الجائحة، بينما انخفض تمويل رأس المال المغامر لهذا القطاع 46 في المائة في الربع الأول، وفقا لشركة جلوبال داتا الاستشارية ومن المتوقع أن ينخفض لبقية العام.
إذا أصبحت شركات التكنولوجيا الحيوية الصغيرة تتسول، حينها ستختفي الأبحاث الحيوية. تأتي الأبحاث الطبية الحيوية الأكثر ابتكارا من الشركات، التي تركز على عدد صغير من المرضى الذين يعانون أمام أكثر التحديات تعقيدا. وهذه عادة لا تلبي الحوافز المالية الكبيرة قصيرة الأجل التي تدفع في كثير من الأحيان البحوث الطبية الحيوية في مراحل لاحقة في شركات الأدوية الحيوية الكبيرة.
ستأخذ شركات التكنولوجيا التي تتخطى هذا التراجع ما في جعبة منافسيها بثمن بخس وتواصل تقدم قطاعها. مع ذلك، لا يمكن تجديد نشاط البحوث الطبية الحيوية الجانبية بهذه السرعة. قد يستغرق الأمر أعواما للعثور على أموال جديدة وأعواما أخرى لإعادة تجربة كانت واعدة في يوم من الأيام.
أجبرت الجائحة كثيرا من الباحثين فجأة على إغلاق التجارب الواعدة في السرطان والعمى والكثير من المجالات الأخرى. خلصت دراسة كمية لما فعله هذا لأبحاث سرطان البنكرياس خاصة وعلم الأورام بشكل عام إلى أن العلاج والدواء قد تأخرا أعواما لا تحصى.
لا يمكننا انتظار انتهاء هذا فحسب. في الولايات المتحدة، يخصص التمويل الحكومي للتكنولوجيا الحيوية إلى حد كبير للبحوث الأساسية الموجودة في "معاهد الوطنية للصحة". الدول الأخرى أكثر سخاء بتمويل البحوث "التحويلية"، التي تحول البحوث الطبية الحيوية الأساسية إلى أدوية وعلاجات، لكن الإنفاق العام يتعرض الآن لضغوط شديدة بسبب العجز الناجم عن الجائحة والضغط المتزايد للتضخم الحاد. لا شيء بحاجة للتمويل الابتكاري أكثر من الأبحاث الطبية الحيوية في المراحل المبكرة، الأرواح في خطر بكل ما تعنيه الكلمة.
هناك حل واحد معلق في الكونجرس الأمريكي: تشريع يأذن بضمان فيدرالي يدعم "سندات الطب الحيوي". هذه سندات منخفضة الفائدة مدعومة من الحكومة وتجمع قروضا من القطاع. يمكن لهذه السندات تقديم خيار منضبط وفعال في تغطية هذا العجز لتلبية الحاجة الملحة.
صممت سندات الطب الحيوي للمؤسسات الاستثمارية مثل صناديق التقاعد وشركات التأمين على الحياة. وهي لا تختلف من الناحية الهيكلية عن الأوراق المالية الأمريكية المدعومة بالرهن العقاري– وهي حزم من كثير من القروض الصغيرة للمقترضين الذين يحتمل أن يسددوها انتقلت تدريجيا إلى السوق الثانوية عن طريق الضمان الفيدرالي. إذا كانت شركات التكنولوجيا الحيوية تريد هذه السندات، فسيتعين عليها الحصول على الموافقة على أبحاثها من هيئة الغذاء والدواء الأمريكية إضافة إلى إثبات قدرتها على السداد.
نحن نعلم قوة التمويل الخاص الذي يتم حشده للمصلحة العامة عندما يتعلق الأمر بتغير المناخ، لكن الذين يعانون احتياجات طبية الآن قد لا يعيشون طويلا بما يكفي لمعرفة ما إذا كانت مخاطر المناخ تشكل تهديدا كبيرا كما يبدو حاليا. يمكننا، وينبغي علينا، حشد القوة المالية لرأس المال الخاص بسرعة لهذه الحاجة الملحة غير الملباة: تسريع العلاج واكتشاف الأدوية لمجموعة من الأمراض والاضطرابات والإعاقات.

الشريكة الإدارية في شركة فيدرال فاينانشيال أناليتيكس

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES