دعوة قضائية هدمت أركان شركة عائلية بنشاطاها الاقتصادي 30 عاما
في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، فازت شركة الاستثمارات العقارية الأمريكية، ميرتيكس إنتربرايزز – Meritex Enter، المملوكة من جانب عائلة ماكينلي، بلقب النشاط العملي العائلي لهذا العام من قبل مجلة "مينسوتا للأعمال". بينما يُعد التكريم دوماً باعثاً على السعادة الغامرة، فإن نجاح عائلة ماكنيلي لافت للنظر بصورة أكبر لأنه قبل 30 عاماً كان النشاط العائلي، الذي كان معروفاً حينها بشركة سبيس سنتر، موضوع دعوى قضائية موجعة دمّرت تقريباً العائلة، والنشاط العملي.
ربما تكون أفضل طريقة لفهم نطاق المآزق هو التفكير ملياً بقصة مسرودة في صحيفة محلية، مثل سانت باول بيونير بريس ديسباتش – St Paul Pioneer Dispatch، في ذلك الوقت.
وفي المقال الذي يحمل عنوان "المحكمة تطلب تصفية شركة مخازن المدينة – Court orders liquidation for city warehouse firm"، حيث أفادت الصحيفة في تقرير لها عن أن قاضي محكمة مقاطعة رامسي حكم بأنه لابد من إخضاع ممتلكات سبيس سينتر للإشراف القضائي، وأن تُباع من أجل "حل نزاع مرير وطويل بين أفراد العائلة المسيطرين على شركة مخازن سانت باول".
ومضى التقرير في القول إن أطفال المؤسس، هاري ماكينلي الكبير، الذي توفي في عام 1968، كانوا يتعاركون من أجل الحصول على السيطرة على الشركة، بينما أبناؤه دونالد جي ماكينلي، وهاري ماكينلي الصغير، اللذان يملكان معاً أغلبية أسهم الشركة، "تمت مقاضاتهما من قبل المساهمين الأقلية، بقيادة أخواتهما".
وواصلت الصحيفة أن الأخوات "جادلن في المحكمة بأن الأخوين قاما بعزلهن خارج إدارة الشركة، وإبعادهن عن أية حصة كبيرة من الأرباح، وأن الأخوين كانا يديران الشركة لصالحهما".
#2#
"وعلى وجه الخصوص، ادعين أن الأخوين تجنبا دفع عوائد كبيرة، وفشلا في الإفصاح عن معلومات ضرورية، وأساءا استخدام أصول الشركة لمنفعتهما الخاصة’، ولم يمثل أي من مساهمي الأقلية في مجلس إدارة الشركة".
لقد كانت معركة عائلية كلاسيكية بين حملة أسهم الأقلية مقابل مساهمي الأغلبية، ولكن بمنافسة أخوية مؤلمة جانبية. "إنها القصة القديمة للعائلة في النشاط العائلي، والعائلة خارج النشاط العملي"، كما قال مطلع قبل فترة طويلة، حيث أصبح لاحقاً عضواً في مجلس إدارة الشركة. "إن الناس في النشاط العملي يقولون لأفراد العائلة الخارجيين، ’لماذا تتسببون لنا بكل هذه المشاكل؟ فأنتم لا تقومون بشيء سوى الجلوس هناك لجمع العوائد!’، ويقول الدخلاء، ’حسناً، فنحن ما نزال أفراد العائلة أيضاً’".
وحاول هاري ماكينلي الصغير جاهداً، وهو الأخ الأصغر من بين الإخوة الأربعة، تسوية الخلاف مع أختيه، جين، وأودري، وأخيه الأكبر دونالد. وفقاً لما جاء عن أطفال هاري الصغير، فإن النزاع الحقيقي كان بين دونالد، الذي كان يتمتع في الواقع بالسيطرة على الشركة، وأختيه حول مسائل عائلية لم تكن مفهومة تماماً بالنسبة للجميع.
وقد كان النشاط العملي ببساطة مسرحاً تُمارس فوقه صراعات العائلة. وحتى أثناء الدعوى القضائية في المحكمة، استمر هاري الصغير في تناول العشاء مع أختيه، واستمر في محاولة إيجاد طريقة لحل المشكلة.
ووفقاً لما جاء عن واحدة من ابنتيه، فقد كانت مرحلة صعبة للغاية. "كان الأمر صعباً بالنسبة لوالدي لأنه كان يحاول جذب الجميع من جديد حول المائدة، بدلاً من (حمل النزاع) إلى قاعة المحكمة"، كما قالت. "وكان صعباً لأنه رجل عائلي فعلاً، وكانت عائلته تعاني شجارا رهيبا. واستمرت هذه الحال طوال أعوام في الحقيقة، حيث كانت العمتان تتوجهان إلى هنا من أوروبا، وتصطنعان المشاكل، ومن ثم تغادران. وحاول هو أن يكون صانع السلام".
#3#
وهنالك دوماً العديد من الجوانب للقصة العائلية بقدر ما هنالك شخصيات في الدراما. فقد ضم هاري الكبير ولديه إلى الشركة كمساهمين، ولكنه قرر أن يضع شروطاً على ابنتيه على شكل تسوية نقدية سخية، بجعلهما مستقلتين تماماً (دون قيود مالية، أو قانونية تتعلق بالنشاط العائلي).
عند قراءة وصية هاري الكبير بعد بضعة أيام من جنازته، عينت ابنتاه، جين وأودري، بعد أن أدركتا أنهما كانتا خارج الوصية، كما أخبرهما أنهما ستكونان، شركة قانونية من أجل تفنيد الوصية، ومقاضاة أمهما، وأخويهما للتأثير في والدهما. ووافقت الأم، التي تواجه دعوى قضائية من ابنتيها، على جعل كل واحدة منهن مساهمة بنسة 10 في المائة.
"لقد كانت قضية الأختين هي أن مساهمي الأقلية لم يكن لهم تمثيل في مجلس الإدارة"، كما أوضحت إحدى ابنتي هاري الصغير. "ونتيجة لذلك، لم تدفع الشركة إطلاقاً عوائد؛ فلم يكن لديهما مدخلاً إلى السيولة، ولم تكونا إطلاقاً جزءا من اتخاذ القرارات، والتخطيط. وأرادتا أن تعلما، ’ما الذي تقوم به الشركة؟ وإلى أين تتجه؟ ولكن تم تجاهلهما".
"وازداد الأمر سوءا بنشوء نزاع بين الأخوين. وحاول والدي معالجة تلك المسائل، ولكن لم يفكر إطلاقاً بشكوى أي من الأختين. ولم يقبل الحديث عنهما إطلاقاً، ورفض التعامل معهما، واعتبرهما إزعاجاً. وبدا موقفه تجاههما وكأنه لم تكن لديهما أية حقوق، ولا قدرة على اتخاذ أي إجراء ضده.
"لقد كانت لدى أفراد العائلة ببساطة حاجات مختلفة. وعليك أن تستمع، وتحترم تلك الحاجات في عائلة النشاط العملي، ولكن لم يحدث ذلك بين الإخوة في عائلة والدي، الأمر الذي أدى بصورة حتمية إلى دعوى قضائية. وتأججت المشاعر، ومن ثم، كما تعرف الأمريكيين: "الاتصال السريع بالمحامي !".
وقبل البدء بالدعوى القضائية، لجأت الأختان إلى عمهما، وباول فرينزل، وهو شريك هاري الكبير سابقاً في النشاط العملي، المتقاعد، ومساهم الأقلية منذ فترة طويلة لينضم إليهما. ونتيجة لذلك، أصبح نزاع العائلة دراما عامة للغاية في قاعة المحكمة.
لقد كانت مرحلة مريعة بالنسبة لهاري الصغيرة وأطفاله، بينما كان ميراث العائلة يحترق إلى رماد. "كنت في مكتبي، وكنت أسمع القضية من المحكمة المجاورة في المقاطعة – وحين كان يدخل أحد زملائي إلى المكتب، كان يقول، ’لن تصدق ما سمعته للتو"، كما كان هاري الصغير يتذكر.
"فجلست وقلت، ’حسناً، أخبرني’، فقال، "إن أخاك دون، على منصة الشهادةـ حلف تحت القسم أنه ليست لديه أي أخت، وكانتا تجلسان في قاعة المحكمة أمامه".
لقد كان ذلك في الدقائق العشرة الأولى من المحاكمة، ولم يتحسن الأمر إطلاقاً. وفوراً، وتماشياً مع قرار المحكمة طوّر الأخوان ماكينلي، اللذان خدما كرئيس تنفيذي، ونائب رئيس، استراتيجية لإنقاذ النشاط العملي عن طريق تصفية الأصول، ونقل الملكية من أجل تسوية الحكم.
وصمدت الشركة أمام دعوى قضائية مريرة، ولكنها سممت تفكير دونالد بشأن النشاطات العملية العائلية، حيث دعا لاحقاً إلى اجتماع لأولاده، وأولاد أخيه من أجل التصريح بأن سبيس سنتر لم تعد نشاطا عمليا عائليا أكثر، وأنه لن تكون لأي فرد من أفراد الجيل الثالث علاقة بالأمر. ويُقال أن هذا القرار صدر دون استشارة هاري الصغير في الأمر.
"وحين تفكّر بفروق الأجيال، وأهدافها (بين الأخوة)، يمكنك النظر إلى الخلف، وتقول إنه كان لابد من إنهاء علاقتنا به على الفور، وهناك بالتحديد. ولكن روابطنا العائلية كانت قوية للغاية"، كما صرحت إحدى بنات هاري الصغير.
على أية حال، أراد كل من دونالد، وهاري الصغير، وضع الدعوى القضائية خلفهما، والعودة إلى النشاط العملي كالمعتاد بأسرع وقت ممكن.
وسريعاً، تم اقفال الدعوى القضائية، وبدأ دونالد بعملية كانت تهدف إلى تقسيم النشاط العملي العائلي بين كل من الأخوين، بحيث يحظى كل منهما على ممتلكات خاصة به. كان الهدف هو تقسيم سبيس سنتر إلى نشاطين عمليين. وفي كانون الأول (ديسمبر) من عام 1989، عقدت سبيس سنتر آخر اجتماع لمجلسها الإداري كشركة عائلية، ووافقت على فصلها إلى كيانين عمليين متميزين. واستخدم دونالد الإدارة غير العائلية لتقسيم أصول الشركة إلى شركتين، بحيث كانتا متساويتين قدر الإمكان، وطلب من هاري الصغير الاختيار أولاً.
إن قصة ماكينلي تشمل العديد من الدروس المستفادة المهمة بشأن سلطة القيادة العائلية التي تدفعها رؤية العائلة الهادفة، بحيث تكون متبناة، ومسنة. فبعد أن تم تقسيم النشاطات العملية، بقي هاري الصغير على اعتقاده بأن ماكينلي كانت نشاطاً عملياً عائلياً، وأن العمل معاً يمكن أن يولّد قيمة اقتصادية أكبر، وروابط عائلية أقوى. وكانت رؤيته أكثر من مجرد حلم متبنى، لأنها كانت مدعومة بالعديد من السلوكيات القائمة على علاقات متبادلة، والتي كان يتصرف وفقاً لها.
أولاً، أدرك أن توليد نشاط عملي عائلي بعد انفصالين استلزم الالتزام التام من جانب أبنائه، وفي النهاية من الأزواج والأطفال. ولم يكن ذلك سهلاً بعد ما مرت به العائلة، ولكن لطالما مثّل هاري الصغير المشاركة العائلية كخيار، وليس كالتزام.
وثانياً، علمته الدعوى القضائية بوضوح صعوبات التفكير كأفراد، وخلافاً للمضيفين، ولكن العمل لمصالح المساهمين كافة. وعلّم أطفاله التفكير بشأن مستقبل أطفالهم، وأن مقياس كل نجاح جيل هو نجاح أطفالهم.
ثالثاً، أدرك أنه هو وإخوته لم يعلموا كيفية عمل النشاطات العملية العائلية، وأهمية هيكلة الحوكمة مثل مجالس الإدارة، والمهارات المهمة مثل الاتصالات.
واجتمعت كل نقاط الضعف تلك من أجل أن تولد نزاعات غمرت العائلة في النهاية، والنشاط العملي. وكان أحد أهدافه التي حددها هو تطوير معرفة أطفاله، ومهاراتهم الكامنة في ملكية العائلة، والقيادة.
رابعاً، وربما الأهم، تعلّم أهمية أن يكون المرء صادقاً. وإن النشاطات العملية العائلية غالباً تكون جيدة في الخروج بأفكار رائعة، والحديث عن النشاط العملي العائلي، ولكن أقل جودة في العمل على القرارات، والخطط الصعبة.
وناضل هاري الصغير، مثل أي فرد في عائلة من الجيل الأقدم. وكونه أصبح الرئيس التنفيذي ، ومالكاً في أواخر الستينيات من عمره، كان يعني ذلك منذ اليوم الأول له في المنصب أنه قد انتهت صلاحيته، وكان عليه أن يعمل على الخلافة التالية. ويعترف أولاده كذلك بأنه كانت تمر الكثير من الأوقات التي كانوا ييأسون فيها بإحباط بسبب تأخّر، أو تغّير في تفكيره.
ولم تخدم هذه الصراعات سوى في دفع هاري الصغير إلى أساليب جديدة في التفكير، والتصرف. وشكّل مجلس إدارة من المديرين دون أغلبية من المديرين المستقلين، وعيّن مستشارين خارجيين من أجل مساعدته في تدريب عائلته، وسمح لكل من أبنائه بالخدمة كأعضاء متعاقبين في مجلس الإدارة لكي أن يجربوا الحكم المباشر، والأصلي، وبدأ عقد اجتماعات العائلة المالكة، حيث كان جميع أبنائه مدعوين من أجل مناقشة مسائل معينة، ومشاطرة وجهات نظرهم.
وتدبّر كذلك عملية الخلافة التي نتج عنها عودة ابنه إلى النشاط العملي العائلي بعد أعوام طويلة من العمل كريس تنفيذي في بنك، وفي النهاية لُقّب برئيس تنفيذي من قبل مديري المجلس الإداري المستقل. وأخيراً، فإنه لم يتخل إطلاقاً عن رؤيته للملكية العائلية لماكينلي، وقيادة النشاط العملي التي أسسها والداه.
إن الجزء الأخير من قصة ماكينلي يعود إلى البداية، ورؤية الجيل المؤسس. لقد ابتكر هاري الكبير، وزوجته، مؤسسة عائلة ماكنيلي من أجل منفعة المنطقة المحلية، فعلى سبيل المثال، تقدم المؤسسة منحاً تعليمية، وبيئية، وفنية، وكذلك لإصلاح المجتمع. وتطابق المؤسسة هبات الموظفين مع مؤسساتهم الخيرية، وتقدم منحاً دراسية للأطفال، وترعى جمع الأموال للأحداث الكارثية مثل هجوم الـ 11 من أيلول (سبتمبر) عام 2001.
وعلى الأرجح أن الجيل الأقدم من عائلة ماكنيلي لم ينو إطلاقاً أن يتطور عملهم الخيري إلى أداة لإعادة توحيد فروع العائلة الأربعة لعائلتهم، ولكن تحت قيادة هاري الصغير، فإن هذا تماماً ما حدث.
"فخلال تولي هاري الصغير منصب رئاسة مؤسسة ماكنيلي، استمر في ضم الفرع العائلي لدونالد في مجلس إدارة المؤسسة، إلى جانب اثنين من أبنائه. وكذلك قام بإضافة الطفل الوحيد لأختيه، حيث كان هو الآخر وريث أخته الأخرى التي لم يكن لديها أطفال"، كما أوضحت ابنة هاري الصغير، شانون.
"وفي الواقع أنه حظي بجميع ورثة جيله، ممثلين ضمن المؤسسة، يعملون جميعهم معاً، بينما لم يتمكن جيله من ذلك إطلاقاً. وأعتقد أنه لم يرض فقط رغبته برؤية العائلة الممتدة تشاطر إرث مؤسسته، ولكنه قام ببعض التعديلات في خطايا جيله، وعدم قدرتهم على تجاوز خلافاتهم بصورة ودية خلال فترة حياة جدتي.
"أعلم أن الدعوى القضائية العائلية، وحتى المرارة الشخصية بين بعض أطفالها، كانت مصدراً لحزن كبير في حياة جدتي إلى يوم وفاتها. وإن وحدة عائلاتنا وأزواجنا التي تولدت من جديد، المدفوعة من قبل رغبة الابن على مستوى شخصي عميق من أجل تصحيح الأمور من أجل والدته، هي تصريح رمزي لجميع أفراد عائلة ماكنيلي، والعالم الخارجي، بأننا مضينا قدماً متخطين تاريخنا إلى أبعد حد"، كما قالت.
وتشكل عائلات النشاط العملي، وبخاصة المؤسسة، في العادة بقيمة أدوات التخطيط للنشاط العملي العائلي، مثل رؤية مشتركة لتحسين أداء النشاط العملي، وتعزيز انسجام العائلة، والتساؤل ما إذا كان سينجح حقاً. وإن قصة عائلة ماكنيلي تُظهر وبوضوح أن هذا النوع من النشاط العملي لا ينجح فقط، ولكنه يفوز بجائزة.
* إن المقال يرتكز على دراسة حالة لإنسياد رقم 2009-5208/01، كتبها الأستاذ راندل إس كرلوك، لويست، أستاذ، وعضو في مجلس إدارة جامعة بيرجهامنز لويست في قيادة المشاريع الحرة، وإليزابيث فلورنت تريسي، مديرة مشاريع بحثية، وكلاهما في إنسياد. وقد تم نشر هذا المقال لأول مرة في مجلة كامبدن فاميليز إن بيزنس – Campden Families in Business.