مدمنو مخدرات يفضفضون .. "الأبيض" يرسم مستقبلهم الأسود
تواصل "الاقتصادية" كشف أسرار آفة العصر من خلال فتحها ملف القضية الأبرز في العالم "المخدرات"، حيث تناولت في الحلقتين الأولى والثانية أوضاع العالم مع هذه الآفة، والآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات وإدمانها.
اليوم وعبر الحلقة الثالثة من الملف الذي فتحته "الاقتصادية" والخاص بقضية المخدرات، نستعرض لكم قصصا واقعية وأحداثا مأساوية يرويها أصحابها ممن عاشوا أيام الإدمان العصيبة وسنوات الضياع المريرة في العالم الموحش والمظلم، إبرازا لحجم المعاناة المقرونة مع تعاطي هذه السموم القاتلة.
"الاقتصادية" زارت مجمع الأمل والتقت عددا من المدمنين الذين يتلقون العلاج هناك، بحثا عن العودة إلى الحياة الطبيعية والسعادة الحقيقية، فإلى التفاصيل:
#2#
بعيون تملأها الحسرة والحزن وبرأس مطأطأ يتذكر سعود تلك الأيام السوداء التي عاشها عندما كان في ظلمات المخدرات وغياهب الضياع والإدمان، كان الهدف من دخول ذلك العالم هو البحث عن السعادة و"الفرفشة والوناسة" أو ربما تحصيل معدل علمي متميز في "التوجيهي" آخر سنة في المرحلة الثانوية، إلا أن تلك السعادة تحولت إلى جحيم ونار مشتعلة تحرق كل ما هو جميل في حياة ذلك الشاب الذي لم يكمل سن الثلاثين.
كانت الشرارة الأولى حبة بيضاء قلبت حياته إلى سواد دامس عندما قدمها له صديقه لكي يحقق معدلا مرتفعا في دراسته، لم يتصور سعود أن تلك الحبة هي العتبة الأولى في طريق الهلاك والدمار ومدخل النفق المظلم، وأنه سيبقى أسيرا لتلك الحبة لسنوات، حتى تجاوز الأمر إلى البحث عن "صنف" آخر لتحقيق السعادة الزائفة حتى أصبح عبدا لتلك الأصناف من "الكبتاجون"، "الحشيش"، الهروين"، وغيرها، إلى أن سقط في مستنقع المخدرات.
حادثة سعود تجسد حالة كثير من المراهقين الذين يعدون الهدف الأول لمروجي هذه "الآفة" الخطيرة، لإسقاطهم في براثن المخدرات والتجول في عالمها المرعب، عندما لا يجدون الرعاية والاهتمام والاحتواء من ذويهم المشغولين بأمورهم الخاصة تاركين أبناءهم في أيدي الشيطان وأصدقاء السوء ما يجعل دخولهم في هذا النفق الموحش حتميا إلا من رحم الله.
احذر من نصيحة شقيقك!
من جهته، يروي المتعافي هاشم لنا تفاصيل قصته مع المخدرات والإدمان وهو في قمة الحزن والألم فيقول: "كنت طالباً أعيش حياة الطالب الطبيعية ولا أعاني أي مشاكل أو ضغوط أسرية، والسبب بعد الله يعود إلى والدي اللذين ولله الحمد استطاعا بفضل الله ثم بتفاهمهما من بناء أسرة متماسكة خالية من المشاكل، ما جعل ذلك ينعكس علينا نحن الأبناء، وبما أنني الابن الأكبر في العائلة فقد كنت نموذجاً مثالياً ومضرباً للمثل منذ صغري في الجد والاجتهاد والمثابرة والحفاظ على الصلوات، ودائماً ما كنت ناجحا دراسيا وواصلت على هذا المنوال حتى انتقلت إلى مرحلة الثانوية وانتقلت عائلتي للعيش في حي آخر بسبب رخص الإيجار هناك، وتعرفت هناك على عدد الشباب حيث كنت أقضي معهم وقتا طويلا في التجول في الشوارع وأصبحت كثير الخروج من البيت بسبب غفلة أبي عني الذي انشغل بسبب عمله، وبدأ مستواي الدراسي يتذبذب ولم أستطع المحافظة على نفس وتيرة عطائي السابق حيث كان لأصدقاء السوء وقفتهم في حياتي.
ويضيف هاشم بعد أن يرفع رأسه متحدثا لـ "الاقتصادية"، "تعرفت على المخدرات وتحديداً الكبتاجون "الأبيض" في أول ثانوي وكان عمري حينها "16" عاما، وقصة وقوعي فيها أنني استمعت لنصيحة صديق لي الذي أشار علي بحبوب الكبتاجون، ونصحني بأنها سترفع مستواي أكثر وأكثر، كما أنها ستضفي علي شيئاً من الفرح والسعادة".
وقال "لم أتردد في تجربة الحبوب بدواع عدة منها أن من قدمها لي صديق قد جربها ويضمن مفعولها على العطاء الدراسي، وآخر أنها ستكون فقط أيام الامتحانات لرفع معدل الدرجات على الرغم من أنني كنت في غنى عن ذلك"، وزاد "في البداية اقتصر التعاطي على أيام الاختبارات ولكن سرعان ما أصبح عادة أسبوعية ومن ثم شبه يومية، إلى أن تردت صحتي ونحل جسمي وأصبحت لا أشتهي الأكل، ولاحظت أسرتي هذا التغير الذي صاحبه تغير بسيط في السلوك، ولم يشك من تعاطي المخدرات وظنوا أن الأمر طبيعي، كما لا حظ أحد الأصدقاء المقربين أيضا حالتي الصحية وأخبرته بصراحة الأمر أن ذلك من تعاطي الحبوب فأشار علي مشورة كان لها أثر أسوأ من سابقتها وبناء على مشورته التي ستعيد شهيتي للأكل وصحتي، كما كانت عليه وأفضل، انغمست في تعاطي الحشيش وبين عشية وضحاها وجدت نفسي مدمناً عليه".
#3#
وأكد هاشم والحسرة بادية على محياه، أن تعاطي الحشيش لم يزد حالته الصحية إلاّ تدهوراً، إضافة إلى تعثر عطائه الدراسي مما لف انتباه والده والمعلمين في المدرسة ولم يتوقع أحد أن ذلك الطالب البريء والمتفوق أصبح أسيراً للحبوب والحشيش.
نظرات شك
وقال "بدأت أشعر بنظرات الشك من أبي وأخذ يراقب تصرفاتي وسرعان ما اكتشف أمري بعد أن وجد بعض الحبوب في غرفتي، الصدمة كانت عظيمة وكبيرة على أبي الذي كان ينتظر أن أكبر حتى أكون سنداً وعوناً له لا عالة وحملاً عليه، وأجبرني أبي على دخول مجمع الأمل للعلاج، بالفعل وقفت عند رغبته ودخلت المجمع، وبعد انتهاء مرحلة العلاج وخروجي من المجمع التحقت بالجامعة وانقطعت عن التعاطي لمدة سنة ومن ثم انتكست وعدت إلى تعاطي الحبوب ولكنني أقنعت نفسي بضرورة التوقف حتى لا تدمر ما بقي من مستقبلي فتوجهت لمجمع الأمل في الرياض ومازالت أتلقى العلاج".
ويصف هاشم المخدرات بأنها وباء ليس له مثيل لا يمكن أن تعلم أو تتنبأ بما ستسببه لك من مشكلات على الإطلاق. كان لي أصدقاء مروجون يقومون بالمساومة على زوجات زبائنهم وكنت أشاهد الزبائن يأتون بزوجاتهم ليقدموهن فداء للمروجين للحصول على قليل من المخدرات والبعض الآخر أطاح بزوجته أو أخته في المخدرات حتى يضمن عدم رفضها فعل الفاحشة فيها مقابل حصولها على المخدرات.
ويضيف المخدرات بكل بساطة هي السير نحو الهلاك بخطى ثابتة وبطيئة والهلاك هنا بأنواعه المادي والاجتماعي والصحي وسقوط عرض الإنسان وكرامته. وعن مدى علاج المدمن واستفادته من البرامج العلاجية أكد "المريض هو أساس العلاج، المريض الذي لديه رغبة وإرادة وثقة بنفسه هو من سيستفيد من البرامج التي يقدمها المجمع، أما من كان على العكس فبكل تأكيد لن يستفيد من هذه البرامج".
#4#
متعافية: حاولت الانتحار
من جانبها، تروي إحدى المتعافيات قصتها مع المخدرات، حيث تقول بأنها بدأت التعرف على السجائر عندما انفصال والديها وهي في الـ 11 من عمرها عن طريق إحدى صديقاتها والتي تكبرها بسنوات، حيث كانت تلجأ إليها لحل مشكلاتها، إذ تسرق السجائر من والدها المدمن على الكحول وفي سن الـ 13 بدأت شرب المسكر من بقايا والدها، وبدأت مشكلاتها النفسية تكثر.
وأشارت إلى أنها حاولت الهروب من منزلها بمساعدة صديقتها على أمل أنها ستحل مشكلاتها، حيث كانت هذه الصديقة الملجأ والملاذ للطفلة.
وتطور انحرافها عندما بدأت تعاطي الحشيش والحبوب المخدرة، وتلا ذلك كنتاج طبيعي اضطراب في الشخصية وتكرار الهروب من المنزل في غياب الرقابة الأسرية، وإنشاء علاقات مع الشباب، وإلقاء القبض عليها أكثر من مرة.
وتتذكر بحسرة أنها حاولت أكثر من مرة الانتحار للتخلص مما هي فيه، ولحقها الكثير من محاولات إلحاق الأذى بالنفس، حتى علمت أمها بحالها فاستعانت بأخيها - خال الفتاة - وتم نقلها للعلاج في مجمع الأمل ومازالت تراجع العيادات الخارجية.
مدمنة: إدمان أخي قادني
وتروي لنا (ف.ج) وهي إحدى المتعافيات قصتها مع الإدمان وتقول إنها كانت تعيش في أيسر حال وعلاقتها مع والدها ووالدتها من أجمل ما يكون، لكن أخاها الكبير كان يتعاطى المسكرات في غرفته، وفي أحد الأيام دخلت إلى غرفته تبحث عن بعض الأغراض فوجدت زجاجات الخمر، ولأنها سمعت عن الخمر كثيراً ورأت فتيات كثيرات يشربن في الأفلام الأجنبية، فقد حاولت أن تجربه وأخذت منه جرعة بسيطة في كأس ثم ذهبت إلى غرفتها وشربت منه وقد قادها فضولها إلى تصل إلى الإدمان، حيث كررت فعلتها أكثر من مرة في كل أسبوع أو أسبوعين تدخل غرفة أخيها في غيابه وتأخذ منه زجاجاته التي يخبئها تحت طاولته حتى هداها الله على يد إحدى الداعيات والتي عرضت عليها نماذج لمدمنات وقعن في براثن الإدمان ثم فرطن في عرضهن وشرفهن وأخلاقهن وشوهن سمعة عائلاتهن، وبينت لها حكم الدين في شرب الخمر ونهتها عن متابعة الأفلام الخليعة والقنوات الفضائية الهابطة، وطلبت منها قراءة القرآن والمداومة على الصلاة فحاولت تركه ونجحت في ذلك، وبتوفيق من الله اهتدى أخوها بعد أن مر به مرض عضال شفاه الله منه وهي الآن تعيش في أسعد حال بين قراءة قرآن وخدمة زوج يحبها وأبناء يملأون عليها البيت فرحاً وسعادة.
التفكك الأسري سبب إدماني
ويروي التائب من الإدمان (و – ف) قصته مع الإدمان ويقول وقد ارتسمت علامة الندامة على وجهه: "كنت من أفضل الطلاب في المدرسة وأذكاهم وحريصاً جداً على دروسي ومدرستي، محافظاً على صلواتي وعلى جميع مسؤولياتي اليومية. بدأت رحلتي مع التعاطي عندما كنا نستعد للامتحانات النهائية، وفي إحدى الليالي كنت مع زملائي نستذكر الدروس حتى شروق الشمس وكنت منهكاً جداً ويصعب علي الذهاب بسهولة إلى قاعة الامتحانات فنصحني أحد الأصدقاء بأن أجرب حبوب "الكبتاجون" حيث قالوا – على حد زعمهم – إنها ستمدني بالطاقة وتجعلني أجتاز الامتحان بسهولة. ومن باب الفضول طبعاً جربت أول حبة كبتاجون في حياتي وكانت بداية النهاية وأصبحت أسهر الليل وأذهب للاختبار وأنا في حالة تعاطي، واستمررت على هذه الحالة حتى انتهت الامتحانات التي كانت نتائجها عكسية وغير متوقعة، ولم أنقطع عن تعاطي الحبوب بل تماديت في التعاطي حتى أني كنت في بعض الأيام أتناول عشرة أقراص من "الكبتاجون" في اليوم الواحد.
وقال (و – ف) وقد وضع يديه على رأسه المطأطأ، "مرت الأيام تلو الأيام وكان أصحابي يتعاطون الحشيش خفية عني وكانوا يتضايقون من وجودي معهم لخوفهم بأن أخبر أحداً بما يتعاطونه. وفي يوم من الأيام ونحن في رحلة برية تشجعوا وأعطوني لأجرب سيجارة حشيش وبالفعل ومن باب الفضول أيضاً تعاطيت الحشيش وأصبحت أحصل عليه بالمجان، إلا أنهم وبعد شهر تقريباً من تعاطي الحشيش معهم أبلغوني بأنه لا بد أن ادفع مبلغاً مقابل كل جرعة أتعاطاها، فأصبحت في ورطة حيث لا أستطيع الحصول على المال من أجل التعاطي، ما دفعني إلى اللجوء إلى ترويج الحشيش حتى يتوافر لدي مبلغ من المال وأشتري به ما يكفيني من الجرعات. وبعد سنة تعرفت على شخص من الذين يتعاطون الحشيش وأبلغني بأنه يعرف وافداً مروجاً للمخدرات، وطلبت منه أن أتعرف عليه ووافق بعد أن دفعت له مبلغ ألف ريال، فالتقيت بذلك الوافد الذي أعطاني في بداية الأمر جرعات مجانية، وبعد فترة أصبح يعطيني بسعر مخفض وهكذا حتى أصبح يطالبني بقيمة أي جرعة أطلبها منه كاملة، إلى أن جاء اليوم الذي كنت في بيت أحد الأصدقاء فداهمتنا هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حيث كان صديقي الذي أزوره من المشتبه بهم في مواضع مخلة بالآداب وبعد تفتيشي من قبل الهيئة وجدوا معي قطعة حشيش، فتمت محاكمتي على أثرها بالسجن، وبعد أن قضيت حكم السجن خرجت وبدلاً من أن أتوب وأعود إلى الصواب تماديت في تعاطي المخدرات وترويجها، حيث تعرفت على شخص آخر أعطاني حشيشاً يختلف عن الصنف السابق.
البداية جرعات بالمجان
وقال "كنت في بداية الأمر أقول له إنها مطلوبة مني وفي الحقيقة كنت أستخدمها أنا، وبدأ يعطيني جرعة الهيروين بالمجان في بادئ الأمر ولما أدمنتها أصبح يطالبني بقيمتها، فأصبحت أروج الحشيش حتى يعطيني بودرة الهيروين، وبعد فترة تم القبض على الوافد الذي أتعامل معه فانقطعت إجبارياَ عن التعاطي فعرف أهلي أمري بعد أن ظهرت الأعراض الانسحابية، فقام أخي على الفور بإدخالي إلى مجمع الأمل، واتضحت الرؤيا أمام أفراد عائلتي وتأكدوا أنني مدمن مخدرات".
ويتحدث عن تجربته في عالم الضياع، "وبعد شهر خرجت ولم أرتدع فتعرفت على أشخاص يتعاطون الهيروين أوصلوني إلى الأجنبي الذي باعني 30 جراماً من الهيروين حتى أروجه واتسعت دائرة الترويج عندي".
ويقول (و – ف) بلسان حزين، "من جهة أخرى، أسهمت عائلتي في إدماني، حيث كان الجو السائد في البيت كئيباً، فأنا من عائلة مفككة أسرياً لا أحد يسأل عن أحد، بل أعطاني أهلي ملحقاً بالبيت معزولاً فساعدني ذلك لأن أتعاطى الهيروين في البيت الذي أجتمع مع أصحابي فيه، وبعد اكتشاف أهلي لذلك تم إبلاغ مكافحة المخدرات، حيث أخذوني وأدخلوني للمستشفى مرة أخرى، حيث قضيت مدة سبعة أشهر هناك، وحوكمت بالسجن لمدة ثلاث سنوات نفذ الحكم علي، وبلغت عن المروج الأجنبي، وكنت في السجن مقطوع من الزيارات العائلية فلا أحد يزورني إلاّ والدتي حفظها الله، وبعد خروجي من السجن عملت في القطاع الحكومي على بند الأجور، أتقاضى مرتباً بسيطاً، ومع تسلم أول مرتب ذهبت إلى أحد الأجانب المروجين لأحصل منه على البودرة بالدين وأروجها ثم أدفع له.
وزاد "ومع مرور الوقت واستمرار السهرات الليلية في البيت وبصحبة أصدقاء السوء أصبح أخي الصغير يختلط مع أصحابي الذين أغروه بأن يسرق مني بعض جرعات الهيروين ويتعاطى معهم عن طريق الإبر دون علمي بذلك، وعندما علمت بذلك أخفيت عنه شنطة المخدرات حتى انقطع منها وبطبيعة الحال فهو لا يعرف أي مروج أتعامل معه فأصابته تشنجات عصبية، أدخل على أثرها المستشفى وتعرض لقصور ذاتي في الرجلين لشهرين وتعافى أخي من مرضه فعاد إلى التعاطي مع نفس الأشخاص الذين خدعوه وخدعوني كنا نتعاطى سوياً وكنا في ضياع تام.
10 سنوات مع التعاطي
وقال متحسرا على الأيام التي ضاعت من عمره، "بعد ذلك تجمع إخوتي وحملونا بالقوة لمجمع الأمل في الرياض، حيث شفي أخي بعد متابعته للرعاية اللاحقة وإرساله إلى المنطقة الشرقية وإصراره على الابتعاد عن المخدرات، أما أنا فلم أتب بل رجعت مرة أخرى لترويج المخدرات، حيث قبض علي وكنت أبيع لأحد الأشخاص المدمنين، وهذه المرة هي السابقة الرابعة، وبعد ذلك دخلت السجن فلم يزرني أحد سوى أخي الصغير الذي أخبرني بأن أحد أصحابي توفي نتيجة تعاطيه جرعة زائدة من المخدرات، وأن الآخر دمرت حياته الأسرية وأنه أصيب بمرض خبيث نتيجة تعاطيه إبر الهيروين، وكنت أفكر في كل هذه الأمور التي أحبطتني كثيراً، وخرجت من السجن ولدي نية صادقة في التوقف، ودخلت إلى مجمع الأمل الذي تعلمنا فيه كيفية التعامل مع الاشتياق للمخدرات والابتعاد عنها بطريقة سليمة وصحيحة، ولكن للأسف رجعت لأتعاطى مرة أخرى ولم أستطع الحصول على المال الذي أستطيع أن أشتري به المخدرات فأدى بي الأمر إلى السرقة، حيث كنت أسرق من أسرتي، وأسرق أسطوانات الغاز في المنازل وأبيعها، وأسرق مسجلات السيارات، وكل هذه الأمور وأنا أتمادى في التعاطي حتى تعبت كثيراً ولم أستطع التحمل، حيث طلبت من والدي مساعدتي في العلاج وبالفعل دخلت مجمع الأمل للعلاج، وكلي أمل في أن تكون بداية خير في حياة الأمل والنور والهداية، فقد اقتنعت كثيراً بعد فوات الأوان أنني كنت في طريق مظلم يسوقني إلى الجحيم، حيث أمضيت عشرة سنوات من عمري وأنا في شباك المخدرات ولم أحصل على فائدة واحدة ولم أتزوج ولم أبن لي أسرة أعيش معها وبالنظر إلى أقراني الأسوياء عرفت أن الصاحب ساحب وعرفت أن الهداية هي الطريق السليم لحياة كريمة بلا مخدرات.