انهيار العملات المشفرة يحول أحلام التمويل اللامركزي إلى كابوس

انهيار العملات المشفرة يحول أحلام التمويل اللامركزي إلى كابوس

شبكات التشفير التي تعهدت بوضع المستخدمين تحت السيطرة، وضعت نفسها في موقع المسؤولية أثناء محاولتها تجاوز الأزمة المتفاقمة، التي تجتاح سوق الأصول الرقمية.
في الأسبوع الماضي، تدخلت ثلاث مجموعات تمويل لامركزي بخطط طوارئ لحماية مشاريعها ومستخدميها من الآلام الاقتصادية في مواجهة انخفاض أسعار العملات المشفرة.
المنصات الثلاث - ميكر داو، وبانكور، وسوليند - ليست أسماء مشهورة، لكنها بارزة في عالم التمويل اللامركزي، وهو ركن من أركان عالم العملات المشفرة يهدف إلى بناء نظام مالي بديل من دون سلطة مركزية لاتخاذ القرار.
لكن الانخفاضات الحادة في الأشهر الأخيرة قضت على تريليوني دولار، أي أكثر من 70 في المائة، من إجمالي القيمة السوقية للعملات، الأمر الذي ضرب أحلام اللامركزية هذه بقوة.
قال ستيفن ديل، وهو مهندس برمجيات أصبح أحد أبرز المتشككين في العملات المشفرة "لا أعتقد أن عديدا من رواد الأعمال هؤلاء خططوا لذلك في تحليلهم للسيناريوهات. هذا دليل على واقع أعمق مفاده أن معظم خطاب اللامركزية في التشفير هو في أفضل الأحوال طموح، وفي أسوأ الأحوال مجرد تسويق فارغ".
لقد تأثر أنصار التمويل اللامركزي بوعد مستقبل مالي مثالي دون وسيط مركزي كالبنوك أو البورصة. قالوا "إن هذه الطبقات تضيف التكاليف وتجعل النظام المالي أقل فاعلية. وعوضا عن ذلك، يمكن للمستخدمين تبادل الأصول وإقراضها واقتراضها باستخدام عقود محددة على شكل رموز حاسوبية". وغالبا ما يتم تحديد القرارات بشأن الاتجاه المستقبلي لهذه المنصات من خلال مجموعة من الأصوات ممن يمتلكون رموزا خاصة بالحوكمة. وغالبا ما يتم إصدارها لفرق المطورين والمستثمرين الأوائل.
لكن التمويل اللامركزي اكتسب أيضا سمعة، كونه أعنف ما في "الغرب المتوحش" في عالم التشفير غير المنظم إلى حد كبير، مع حدوث سرقات منتظمة لرموز تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، حيث استغل القراصنة الأنظمة سيئة التصميم.
في نهاية الأسبوع الماضي اقترح مستخدمو سوليند، وهي منصة إقراض مبنية على بلوكتشين سولانا، السيطرة على محفظة أكبر مستخدم لها. وخشي المشغلون من التداعيات إذا انخفضت عملة سولانا، التي تراجعت إلى ما دون 27 دولارا، إلى 22.30 دولار، وهذا سعر هدد اقتصادات المنصة.
وحذرت المحفظة أن لديها "مركز هامش ضخم للغاية يعرض بروتوكول سولانا ومستخدميه للخطر". وحذرت أيضا من أنه إذا انخفض سعر عملة سولانا إلى ما دون 22.30 دولار، فإن انتشار الانخفاض عبر السوق يعني أن "الأمر قد ينتهي بمنصة سوليند مع ديون معدومة".
سحبت "سوليند" خطة الطوارئ بعد انتقادات من المستخدمين، لكنها قالت "إنها ملتزمة بحماية أموال المستخدمين والشفافية وفعل الصواب".
في غضون ذلك، أشارت منصة بانكور إلى "ظروف السوق العدائية" لتبرير إيقاف مؤقت لخدمة تعني أن المستخدمين لم يعودوا محميين إذا كانت رموزهم المودعة عرضة لتقلبات كبيرة في السوق. قال فريق "بانكور"، "إنه سيطلب من أولئك الذين يمتلكون سلطة التصويت المصادقة على عملية الإيقاف المؤقت".
وصوتت منصة ميكر داو، وهي مجموعة تدير عملة داي المستقرة - وهي رمز تشفير تم تصميمه ليتم ربطه بالدولار - لتجميد رابط لمنصة الإقراض إيه إيه في إي، بسبب انكشاف الأخيرة لمنصة إقراض أخرى تعاني، هي سيلسيوس.
تشغيل شبكة تداول من خلال تصويت إجماعي من الناحية النظرية يعني أن للمستخدمين دورا أكبر في مستقبل المشروع، وفقا لإنجو فيدلر، مؤسس مشارك لمختبر أبحاث بلوكتشين وأستاذ في جامعة كونكورديا في مونتريال، كندا. لكنه أشار إلى أن هذه ليست الحال دائما.
قال فيدلر "الحوكمة تتركز بشكل كبير بين عدد قليل من اللاعبين الذين يمكنهم التنسيق لتغيير القواعد لمصلحتهم وعلى حساب المستخدمين الآخرين".
كانت خطط الطوارئ مبررا للمنظمين العالميين، الذين حذروا من أن بعض مشاريع التمويل اللامركزي هي في الواقع أكثر مركزية مما يشير إليه ترويجها.
شكك تقرير صادر عن بنك التسويات الدولية هذا الأسبوع فيما إذا كانت مشاريع التمويل اللامركزي يمكن أن تتوسع إلى نظام نقدي مناسب، لأن المطورين لا يستطيعون التنبؤ بكل حركة من حركات السوق.
أشار التقرير إلى أن "استحالة كتابة العقود لتوضيح الإجراءات التي يتعين اتخاذها في جميع الحالات الطارئة، تتطلب من بعض الكيانات المركزية حل النزاعات"، مضيفا أن "الطرق الأكثر فاعلية لتسريع ومعالجة كميات أكبر من المدفوعات تميل أيضا إلى زيادة تركيز قوة الحوسبة".
بينما يحذر المنظمون من مثالب التمويل اللامركزي، تتخذ السوق أحكامها الخاصة. فبالنسبة إلى بعض المتحمسين، التحركات غير المخطط لها بواسطة "ميكر داو" و"بانكور" و"سوليند" تقضي فقط على أولئك الذين لم يلتزموا بالكامل بأخلاقيات التمويل اللامركزي قط.
قال تشارلز ستوري، رئيس قسم النمو في "فيوتشر داو"، وهو مشروع للتمويل اللامركزي "هذا مفيد للغاية بالنسبة إلى التطبيقات اللامركزية الحقيقية"، وأضاف "لا يواجه مستخدمو تطبيقات التمويل اللامركزي الحقيقية مشكلات، لأن الشفافية موجودة".
لكن بالنسبة إلى آخرين، الأمر لا يعدو كونه واقعا يعيد تأكيد نفسه في الأسواق المالية. قال إيان تيلور، رئيس الأصول الرقمية والمشفرة في شركة كيه بي إم جي "صانعو السياسات على حق. اللامركزية ليست بالأمر الجديد. هناك طرق جديدة للتعامل مع القيمة، لكن مفهوم الكيان الجديد الذي لا يحتوي على أي مركزية حقيقية غير حقيقي... ما سنراه هو عملية خروج المدعين من السوق، لأن إجراءات المخاطرة لديهم ضعيفة. لقد رأينا هذا مرارا وتكرارا".

الأكثر قراءة