الشباب في سوق الأسهم .. يتشاءمون من اللون الأحمر ويتفاءلون بالاكتتاب العام
بات اللون الأخضر يتصدر قائمة تشكيلة الألوان المختلفة, وأصبح المعشوق الذي يجلب الفأل ويطرد الشؤم, فاستطاع برأسه المتجه إلى أعلى أن يغري الشباب ويجذبهم لسوق الأسهم, في محاولة منهم لتعزيز فرصهم في الكسب والرزق لطرد شبح الاستدانة عنهم لقضاء حوائجهم ومستحقات فواتيرهم.
الوعي الاقتصادي
يحرص عدد كبير من الشباب قبل انخراطهم في العمل الاستثماري من خلال أسواق الأسهم بغرض تنمية مواردهم المالية على حضور بعض الدورات أو المحاضرات التي تقام بين الحين والآخر حول الاستثمار في سوق الأسهم وقراءة المؤشرات لتنمية فهمهم المسار الاستثماري, وقد شهدت المحاضرة التي ألقاها الدكتور عبد الرحمن البراك أستاذ العلوم المالية المساعد في كلية العلوم الإدارية والتخطيط بجامعة الملك فيصل أخيرا بعنوان "استراتيجيات الاستثمار في سوق الأسهم السعودية " إقبالا كبيرا من قبل الشباب الذين تفاعلوا مع المحاضر من خلال المداخلات والأسئلة التي طرحت من قبلهم في ختام المحاضرة.
من جهتهم أبدى عدد من الشباب الحاضرين سرورهم بإقامة مثل تلك المحاضرات وتسليط الضوء على جانب اقتصادي مهم يساهم في توسيع مداركهم لدخول سوق الأسهم والاستثمار فيه بكل طمأنينة وتجنب أي خسائر . وأكد أحد الحاضرين من طلاب كلية الإدارة أنه دخل السوق منذ عام تقريبا واستهل مشواره في السوق بتحقيق أرباح جيدة في البداية, إلا أنه ما لبث أن تكبد خسائر أضعاف الأرباح التي حققها حتى كاد يخسر رأسماله الذي بدأ به مشواره في عالم التجارة, وأشار إلى أن التحاقه بإحدى الدورات المتخصصة في مجال قراءة المؤشرات الفنية مثل "الماكد, آر سي آي, ستكاستك, فيوناتشي" ساعدته في تطوير قدراته وتعويض خسائره وتحقيق أرباح جيدة.
شائعات تحير الشباب !
أحد الشباب الحضور طلب من أقرانه الابتعاد عن الشائعات التي أصبحت متكررة بشكل مزعج وغصت بها منتديات الإنترنت, مبيناً أن هذه الإشاعات للأسف يصدقها شباب كثيرون رغم أنها قد تستدرجهم لشركات غير مربحة لهدف الترويج لأرباح مالية وهمية وبالتالي توقعهم في خسائر كبيرة. وأشار شاب آخر إلى أهمية قراءة القوائم المالية للشركة التي يرغب الاستثمار فيها ومتابعة الكميات المنفذة من الأسهم ومدى كفاءة مجلس إدارة الشركة. من جهته خالف شاب آخر الكثير من الطلبة حيث فضل الاستثمار في المجال التجاري عن طريق افتتاح معرض لبيع أجهزة الهاتف الجوال وإكسسواراته بالاشتراك مع أحد زملائه, وأشار إلى أن التجارة في هذا المجال لا تحتاج لرأسمال كبير في حين أن عوائدها كبيرة جدا قد تضاهي ما يتحقق من الاستثمار في سوق الأسهم بالرغم من أن مخاطرها قليلة جدا, فيما يرى شاب آخر أن الاستثمار في سوق الأسهم في كل من دبي وأبو ظبي أفضل من الاستثمار في سوق الأسهم السعودي بسبب قلة مخاطرها فيما تعتبر عوائدها جيدة خصوصا على المدى الطويل.
من جهته يقول فواز السدحان، طالب في قسم العلوم الإدارية في جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية: إن دخول الشباب في سوق الأسهم جعل لهم مصادر دخل جانبية تساعدهم في الاعتماد على أنفسهم من الناحية المالية.
مشيراً إلى أن الشاب بدأ يدرك أهمية المال ومن أين يأتي به, وما يؤديه هذا الشعور من ازدياد الثقة بالنفس لدى الشاب وإحساسه بالمسؤولية, مستشعراً أهمية ما يقوم به بنفسه. وعن أبرز الصعوبات التي تواجه الشباب في سوق الأسهم يضيف السدحان: الشائعات التي تنتشر في منتديات الإنترنت هي أبرز المشاكل في عالم الأسهم. موصياً زملاءه بأخذ المعلومات من مصادرها الموثوقة وذلك بمتابعة تحليل الخبراء في هذا المجال. من جهته يرى فيصل أبا حسين تأثير المؤشر في نفسيات الشباب في حال الارتفاع والهبوط على حد سواء وهو ما قد يؤثر سلباً على الشاب خاصة أثناء دراسته أو عمله ويضيف: تجد الابتسامة على أفواه الشباب عند ظهور اللون الأخضر, وتجد الامتعاض عند ظهور اللون الأحمر. وعن الدافع وراء البحث عن الشائعات يقول أنس الشبيلي الطالب في كلية الهندسة في جامعة الملك سعود: إن تتبع الشباب لجني الربح السريع هو سبب الأخذ بالشائعات والاندفاع للشراء في شركات ذات أرباح متدنية وترك الأسهم ذات العوائد المرتفعة . وينصح الشبيلي بوجود أنشطة من قبل الشباب أنفسهم لزيادة الوعي لديهم والاستماع لآراء المختصين والأخذ بملاحظاتهم ومتابعتها والربط بين عدة عوامل تدخل في السوق مثل الفترات أو ما تسمى "الأرباع" ومشاريع الشركة والعوائد من السهم وغيرها.
الاكتتاب العام يستبشر به الشباب
يتفائل هشام العقيل الطالب في الكلية البحرية بافتتاح شركات جديدة للاكتتاب العام وطرح أسهمها في السوق ويرى ذلك أنه يفتح المجال واسعاً أمام الشباب للاستثمار وتحسين مستوى دخولهم. ويشاركه الرأي محمد الدوسري الذي يقول: أصدقائي يتبادلون الرسائل بين بعضهم بعضا للتذكير بموعد الاكتتابات الجديدة مستبشرين مع كل صدور لقرار يخص طرح إحدى الشركات للاكتتاب العام, متمنياً زيادة عدد الأسهم التي تطرح للاكتتاب حتى يتسنى للشاب الحصول على عدد أكبر من الأسهم, متمنياً أن يستطيع تسديد فواتير هاتفه المحمول وماء وكهرباء شقته ووقود سيارته من أرباح الأسهم. ويقول " أتمنى أن تطرح كل الشركات في اكتتاب عام حتى يستفيد الشباب السعودي منها " .
عبد الله الدخيل طالب في قسم المحاسبة في جامعة الملك سعود يلحظ بعض الشباب في سوق الأسهم يهوون المغامرة وذلك بالدخول في الشركات الصغيرة دون النظر إلى نتائجها وقوائمها المالية التي تبين للمساهم وضعها الاقتصادي ويضيف: تؤدي هذه المغامرة في بعض الأحيان إلى الخسارة التي تجبر الشباب على الهروب من السوق. وعن كيفية تثقيف الشباب يتصور الدخيل أن إقامة دورات من قبل البنوك أو المراكز الخاصة بالتدريب كفيلة بالقضاء على هذه العشوائية التي تربك الشاب في بداية مشواره الاقتصادي.
ويعارض ثاري الماضي الشباب في توجهاتهم في سوق الأسهم ويرى أن هذه الظاهرة غير صحية بشكل كامل لأنها تشغل الشباب عما هو أهم وهو الدراسة والتحصيل العلمي، ولكن في حال التوفيق بين الدراسة والاستثمار في سوق الأسهم تكون هذه الظاهرة صحيةً ويضيف الماضي: إنه في حال النجاح في التوفيق بين الدراسة والتجارة في الأسهم يمكن أن يؤثر السوق بشكل إيجابي على تحصيل الطالب العلمي كما يستفيد من دراسته في السوق في حال التخصص في أحد المجالات الاقتصادية.
من جهته يصف عبد الحميد العمري المسؤول الإعلامي بهيئة سوق المال تجربة استفادة فئة الشباب في استغلال الفرص المتاحة في الاقتصاد السعودي وعلى رأسها الفرص المتوافرة في سوق الأسهم المحلية بأنها تجربة ناضجة على مدى العقدين الماضيين حتى وصلت إلى مرحلة النضج الراهنة التي بدأت ملامحها الحقيقية بالتجلي مع ظهور الجهة التنظيمية والإشرافية على السوق متمثلة في هيئة السوق المالية وبدئها الاضطلاع بدورها الذي يتركز على أهمية تعبئة المدخرات وتخصيص المدارة المالية, وتمويل الاستثمارات, ودورها الرئيس في لعب دور الوساطة بين العرض والطلب على رأس المال والأوراق المالية, إضافة إلى ذلك فهي تقوم بالمهمة الجوهرية المتمثلة في حماية المواطنين والمستثمرين في سوق الأسهم من الممارسات غير العادلة التي تنطوي على احتيال وغش وتدليس وتلاعب. ويضيف العمري: وفقاً لذلك فإن الشباب هم الأجدر بالاستفادة من ذلك وينتظرهم مستقبل زاهر بإذن الله.
وعن كيفية تلقي المعلومات ذات الدلالات الاقتصادية في سوق الأسهم بشكلها السليم يقول العمري: ركزت هيئة السوق المالية في حملتها الأخيرة على أهمية تنمية وتطوير الوعي الاستثماري لدى جميع الأفراد, ووجوب تجنب الشائعات والحصول على الحقائق من مصادرها الموثوقة, وأن تتم دراسة مستويات المخاطرة عند الاستفادة من آراء ذوي الخبرة والاختصاص عند بناء محفظة استثمارية متوازنة يؤخذ فيها رأي وخبرة المختصين وكذلك ضرورة أن يقوم المستثمر بدراسة وتحليل قوائم الشركات وأدائها قبل الاستثمار, كل ذلك من شأنه أن يجنب المستثمر عموماً والشباب خصوصاً بجنسيهم مخاطر الوقوع في شراك الشائعات والبيانات المضللة من أي مصدر غير موثوق به.