أثرياء الصين يدفعون الملايين لاقتناء القطع الفنية التراثية
المكان : صالة مزادات (سوثباي) في هونج كونج الثمن المدفوع : 115 مليون دولار هونج كونج أي بما يعادل 12.4 مليون يورو دفعت لشراء آنية صغيرة لا تزيد على حجم كف اليد من أواني الزهور الصغيرة المزخرفة على النمط الصيني القديم ولا تباع حتى لوحات فان جوخ أو رامبرانت العالمية بمثل هذا المبلغ الضخم في عمل فني حديث حيث لم تظهر هذه الأنماط الجديدة من الفن لأول مرة إلا قبل 30 عاماً فقط. ولكن حينها كان يدفع فيها أكثر من 23.600 يورو.
لقد التقط الصينيون حمى المزادات منذ بداية الازدهار الاقتصادي على أرضهم وتدفقوا على صالات المزاد التي لم يكن يرتادها في السابق سوى سكّان تايوان، أو هونج كونج وانكبّوا على الشراء بنهم وشراهة .. الشراء ثم الشراء والشراء .
ويؤكد روبين وود هيد المدير التنفيذي لصالة ( سوثباي ) والمسؤول عن نشاطات آسيا وأوروبا أن الصينيين لم يسبق أن كانوا بمثل هذا القدر من الفعالية في هذا القطاع من قبل .
وحققت صالة ( سوثيباي ) من خلال مزادات هونج كونج قبل عشرة أعوام ما يعادل 25 مليون يورو أما اليوم فتصل إلى نحو 160 مليون يورو. وتقول الشركة التي تدير صالات مزادات ( سوثباي ) ومقرها لندن أن الزبائن الجدد القادمين من الصين هم الذين يقودون النمو في صالات المزادات ليحلوا محل اليابانيين الذين طالما تغنوا بأنفاسهم الطويلة في صالات المزادات خلال حقبة الثمانينيات لكنهم يشهدون اليوم فترة من السكون والهدوء.
وعلى خطى اليابانيين يسير الصينيون غير مكترثين بالمعروضات الأوروبية رغم ما تحتويه قاعات المزادات من أفخر وأغلى أنواع الساعات والتحف والحلي . ويؤكد وودهيد أن المزايدين الصينيين يبحثون دوما عن أنماط الفن الخاص بثقافاتهم ويستعيدون كل ما كان موجوداً في وطنهم منذ مئات الأعوام، وما ضاع بطريقة غير شرعية، نظراً لقواعد السوق الحرة والعولمة.
فمنذ منتصف القرن الـ 19 عندما أجبرت الصين بقوة السلاح البريطاني والفرنسي على فتح أسواقها تم تهريب ملايين التحف الفنية الصينية إلى الخارج. وفي عهود لاحقة حمل اللاجئون والفارون من الأنظمة الشيوعية الكثير من هذه القطع الفنية معهم عبر الحدود. أضف إلى هذا قيام الحكومات نفسها بمقايضة بعض تراثها الفني الثقافي بالعملة النقدية الأجنبية.أما الباقي فقد تعرض للسرقة والسلب والنهب والدفن ويقول وودهيد : " إن قسما كبيرا من الفن الصيني التقليدي يغيب عن موطنه الأصلي لكنه موجود في المعارض، والمتاحف الخاصة في أوروبا، والولايات المتحدة الأمريكية".
وعلى ما يبدو أن رجال الأعمال الصينيين مغرمون بالتحف الفنية، والمنتجات الفنية الخاصة بوطنهم، ويشترون غالباً بالجملة، إلا أنه لا يبدو أن السعر يلعب دوراً في جلب السعادة للمزاد. وبالكاد هزّ الخبراء رؤوسهم في مزاد كريستي، في صيف لندن، عندما قدّم المزايدون 2400 جنيه استرليني ( أي 3540 يورو) ضعف ما كان متوقعاً، مقابل وعاء "مينج" الصيني، الذي كان يُنظر إليه على أنه نموذج غير مميز داخل الصين نفسها. وتجاوز سعر وعاء مزخرف برموز صينية ثلاثة أضعاف الثمن أي 16.800 يورو، وقُدرت قيمة آنية عمودية لكريستي بين 6500 إلى 8500 يورو، بينما بيعت بـمبلغ 120.000 يورو. وصرّح أحد الخبراء من لندن قائلاً: "بالكاد لقيت مثل هذه القطع اهتماماً من قبل التجار قبل بضع سنين ". ولا يشهد العالم مثل هذه السباقات على القطع الصينية القديمة فقط. حيث يجتهد الصينيون في صنع اللوحات الفنية لحكّامهم القدماء، والمعاصرين، وهم لا يخشون أية منافسة في هذه السوق.
ورغم هذا النهم فإن هناك حدودا لجنون الشراء. فنادراً ما يعرض الصينيون مبلغا يتجاوز 100 ألف دولار للقطعة الواحدة حسبما تفيد تقديرات صالة ( سوثباي ) للمزادات . وتشهد هذه السوق معاملات تجارية تُقدّر بالملايين، ولا تزال في قبضة المزايدين القادمين من هونج كونج، وتايوان. ويبقى السؤال، إلى متى سيحافظ الصينيون على هذه السوق لأنفسهم؟
ويرتحل بعض الخبراء اليوم من هونج كونج إلى باقي أنحاء العالم لبيع الفن الصيني في المزادات العالمية. ويعتبر تناول ويليام شاك خير مثال على ذلك فهو بدأ حياته
بتنظيف الأطباق قبل أن يتحول إلي تاجر أوان فنية تراثية في صباه حيث
بدأ العمل من خلال قطعة فنية صينية الأصل في معرض خاص أما اليوم فهو يعتبر أحد الخبراء المتخصصين في مجال القطع الفنية الصينية في المزادات العالمية كما أنه يقوم بإلقاء محاضرات في علم الآثار. ويضم معرضه الصغير حالياً أكثر من 60 قطعة تقدر قيمة كل قطعة صغيرة منها بعدة ملايين . إنه نموذج لقصة نجاح
و دليل على ازدهار تلك السوق الصينية الجديدة .