FINANCIAL TIMES

بيتر كيرن يرسم اتجاها جديدا لـ «إكسبيديا»

بيتر كيرن يرسم اتجاها جديدا لـ «إكسبيديا»

الرئيس التنفيذي لإكسبيديا بيتر كيرن.

في يوم الهالوين في 2020، كان بيتر كيرن، الرئيس التنفيذي لشركة إكسبيديا، يرتدي قرون الأيل ويقرأ قصص ما قبل النوم على منصة زووم لأطفال موظفيه.
يقول رئيس شركة السفر، التي تتخذ من سياتل مقرا لها، بينما بدأنا التحدث في مكالمة عبر منصة زووم لمناقشة استراتيجيات قيادته بعد 18 شهرا تقريبا، "إنني مشهور بقدرتي على جعل الصغار ينامون بسبب صوتي. لقد كنت جيدا جدا في جعل أبنائي ينامون بهذه الطريقة".
احتاج كيرن إلى قدر من الهدوء طوال العامين الذي شغل فيهما منصب الرئيس التنفيذي في "إكسبيديا". كان عضوا في مجلس إدارة "إكسبيديا" منذ 2005 عندما تم فصلها عن تكتل شركة آي إيه سي الإعلامية. لكنه دفع فجأة لإدارة الشركة بعد أن استقال سلفه مارك أوكرستروم الذي كان المدير المالي آنذاك في "إكسبيديا" في كانون الأول (ديسمبر) 2019 إثر خلاف في مجلس الإدارة.
في تحديث ربع سنوي للتداول في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، انخفض صافي ربح مجموعة السفر 22 في المائة عن العام الذي سبقه، على الرغم من الزيادة في الإنفاق التسويقي. نتيجة لذلك، هبطت أسهمها أكثر من 27 في المائة. وحققت "بوكينج"، منافسة "إكسبيديا"، أرباحا أعلى ونصف قاعدة التكلفة الثابتة.
ألقت إدارة "إكسبيديا" حينها باللوم على تعدي "جوجل" على مجال حجوزات السفر لكن رئيس مجلس إدارتها، القطب الإعلامي باري ديلر، قال إن الشركة أصبحت "تلهو ولا تعمل". تم تكليف كيرن، الذي كان يعرف ديلر منذ 20 عاما تقريبا، بمعالجة الشركة التي وصفها ديلر بأنها "متضخمة ومتصلبة". كانت استراتيجية كيرن هي، عدد أقل من الأشخاص المنظمين حول أهداف أكثر وضوحا.
يشرح قائلا، "أعتقد أنه في بعض الأحيان من المحتمل أن القيادة لا تحدد بشكل مناسب ما يبدو عليه النجاح وكيف ينبغي أن يكون تنظيم المجموعة لتحقيق النجاح، معظم الناس لا يريدون فقط الذهاب إلى العمل وتدوير العجلة ثم العودة إلى المنزل وتقاضي الراتب. يريدون أن يشعروا أنهم يحدثون فرقا".
"التنظيم لتحقيق النجاح" له تكلفة. في شباط (فبراير) 2020، أشرف كيرن على تسريح ثلاثة آلاف موظف - نحو 12 في المائة من عدد موظفي "إكسبيديا" - ونظم المجموعة مترامية الأطراف، التي راكمت مجموعة من العلامات التجارية بما في ذلك تريفاجو وهوتيلز دوت كوم. كان لدى معظمها فرق تسويق خاصة بها، مثلا، ما يعني تكرار العمل عبر الشركة. الآن، يوجد مركز تسويق مركزي واحد يعمل على جميع العلامات التجارية التابعة لـ"إكسبيديا".
يقول كيرن إن الأمر لم يكن يتعلق "بالتخلص من التكاليف لأن التكاليف مؤذية ونريد كسب مزيد من المال" بل بترتيب المجموعة لتكون أكثر كفاءة، مضيفا "إذا فعلنا ذلك فستعتني العمل بنفسه".
في شباط (فبراير) من هذا العام، قالت "إكسبيديا" إنها حققت أرباحا معدلة قياسية للربع الرابع على الرغم من حالة عدم اليقين المستمرة في صناعة السفر. أيضا تتخذ المجموعة اتجاها جديدا. كان كيرن موجودا في لاس فيغاس قبل أسبوعين تقريبا لإطلاق استراتيجية جديدة علنا، التركيز بشكل أكبر على عرض أهميتها التكنولوجية والتسويقية على شركات السفر الأخرى بدلا من أن تكون موقعا لحجوزات السفر عبر الإنترنت بعلامات تجارية متعددة.
لكن شباط (فبراير) 2020 لم يكن وقتا موفقا لبدء عملية إصلاح كبيرة في شركة سفر عالمية. بعد شهر واحد، انتشر كوفيد في الولايات المتحدة وأوروبا ووصلت صناعة السفر إلى طريق مسدود. نظرا إلى عدم القدرة على إيجاد شخص آخر لتولي الوظيفة العليا، تم إقناع كيرن بتولي المسؤولية بدوام كامل.
يشير قائلا، "بالتأكيد لم تكن فكرتي أو فكرة ديلر أن أكون أنا الرئيس".
مع انتشار كوفيد وزيادة قيود السفر، كان على كيرن تحفيز موظفيه الغاضبين أصلا بسبب عمليات التسريح الذين يشعرون بالتهديد بسبب ما بدا لبعض أنه تهديد وجودي لصناعة السفر. لم يتساءل بعضهم عما إذا كانت "إكسبيديا" ستنجو فحسب بل ما إذا كان من الجدير البقاء في الصناعة على المدى الطويل. كان الموظفون يتعاملون مع فيض من مكالمات العملاء المنزعجين في محاولتهم لإلغاء الرحلات واسترداد أموالهم.
في الأسابيع العشرة التي تلت إيقاف السفر في أوروبا والولايات المتحدة في آذار (مارس) 2020، تلقت "إكسبيديا" 22 مليون مكالمة ورسالة، أي أكثر من ضعف معدلها المعتاد. يقول كيرن إن موظفيه كانوا بحاجة إلى "حب متواصل". واحدة من طرقه كانت إرسال مقاطع فيديو بشكل شبه منتظم من منزله المغطى بالخشب في سياتل. في بعضها كان يقرأ قصص ما قبل النوم لأطفال موظفيه المنهكين. وفي أخرى، فكر برحلة جبلية في ذكرى هجمات 11 أيلول (سبتمبر). كانت قصص ما قبل النوم فكرة زوجته، حسبما قال أثناء مكالمتنا.
يقول إنه ليس "مهتما في تقديم النصيحة" لكنه وجد أن الطريقة الأفضل لإبقاء الموظفين إلى جانبه هي "أن تكون صريحا مع موظفيك حول ما تشعر به" وعدم تقمص صورة ما لما تعتقد أنها الطريقة التي ينبغي للرئيس التنفيذي أن يبدو مثلها ويتحدث ويكتب بها.
كان جزء من جهوده لجعل "إكسبيديا" تنافسية يتمثل في دفع صنع القرار إلى مختلف الرتب والسماح للأشخاص باتخاذ خياراتهم بأنفسهم. إحدى قيم الشركة الجديدة هي "اختر بشجاعة". يترجم كيرن هذا إلى كلمات ليونيل ريتشي، الحكم المفضل له من البرنامج التلفزيوني أمريكان أيدول، "لا يوجد ما يسمى بالخسارة. لا يوجد سوى الفوز أو التعلم".
لم ير كيرن نفسه أبدا في صناعة السفر بغض النظر عن استمتاعه بها كهواية شخصية والاستثمار في عدة مجموعات سفر تكنولوجية صغيرة في الماضي. لقد بدأ في الجانب المالي من مجال العمل هذا، حيث قابل ديلر لأول مرة عندما ترأس القسم المالي في المحطة التلفزيونية هوم شوبينج نيتورك. ومن ثم انتقل إلى مجال الأسهم الخاصة لأكثر من 20 عاما، حيث يقول إنه تعلم أهمية توظيف الأشخاص الجيدين وإفساح المجال أمامهم.
يقول، "بغض النظر عن مدى ذكائك، لا يمكنك توسيع نطاق معدل الذكاء. عليك أن توجد بيئة يمكن للفريق فيها أن يحقق المطلوب منه".
قبل "إكسبيديا" ترأس شركة تريبيون ميديا، واحدة من أكبر شركات البث في الولايات المتحدة حتى اندماجها مع مجموعة نيكستار ميديا في 2018، وعلى الرغم من أن معرفته السابقة بالعلامات التجارية الاستهلاكية والتكنولوجية قد ساعدت بلا شك، فإن كيرن يقول إن الأصل الأهم هو توظيف أشخاص "أفضل مني بكثير في كل شيء".
المجال الذي أتت فيه التجربة السابقة بثمارها هو جمع الأموال الطارئة التي كانت "إكسبيديا" بحاجة إليها للنجاة من الجائحة. بحلول أيار (مايو) 2020، جمعت شركة السفر أكثر من 3.2 مليار دولار من التمويل، منها 1.2 مليار دولار من مجموعتي الأسهم الخاصة أبولو جلوبال مانجمينت وسيلفر ليك اللتين تم منحهما مقاعد في مجلس الإدارة مؤقتا.
يقول كيرن، "كنت أعرف كيفية التعامل مع جميع المستثمرين. كنت أعرف ما نحتاج إلى تحقيقه وتفاوضت على أكثر من نصيبي من تلك الصفقات".
الآن تخرج الشركة من الجائحة إلى عالم غير مؤكد على حد سواء. التضخم آخذ في الارتفاع، والحرب في أوكرانيا أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار الوقود، والمستهلكون بدأوا يظهرون علامات على كبح الإنفاق. تبدو الأنشطة باهظة الثمن مثل العطلات رهانا محفوفا بالمخاطر. علاوة على ذلك، تسببت المخاوف البيئية والعمل عن بعد في خفض الشركات لميزانيات السفر.
لكن كيرن متفائل بشأن ميل الناس للسفر. ويجادل بأن كوفيد في الدول الغربية أدى إلى "ازدهار في المدخرات" وموجة من الإنفاق على السلع المادية بينما كانت المطاعم والفنادق وشركات الطيران مغلقة. "كان هناك انخفاض كبير في الإنفاق على السفر ونعتقد نحن وكثير من الناس أن ذلك سيعكس نفسه، اشترى الجميع ما يكفي من السلع".
تثبت ذلك إلى حد كبير الدلائل من شركات الطيران مثل شركة يونايتد، التي قالت في نيسان (أبريل) إنها تتوقع إيرادات فصلية قياسية في الأشهر الثلاثة حتى نهاية حزيران (يونيو).
في النهاية، يقول كيرن، "لا يضع الناس صورة مكنستهم الكهربائية على ثلاجتهم بل يضعون صور رحلاتهم المفضلة إلى إيطاليا أو سنغافورة أو تايلاند".

ثلاثة أسئلة لبيتر كيرن

من هو قدوتك في القيادة؟
من الصعب اختيار شخص واحد. أحب أن أخذ السمات والخاصيات التي تناسبني من مختلف القادة الذين أكن لهم الاحترام. في الوقت الحالي، أنا معجب بساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة مايكروسوفت، وعمله في إحياء شركة مايكروسوفت من شركة عملاقة نائمة إلى شركة تركز على الخدمات السحابية، وإعادة تصور الشركة. إنه الأقرب لكيفية رؤيتي للتحدي الذي أواجهه في "إكسيبديا".
ما أول درس تعلمته في القيادة؟
أنه لا بأس من ارتكاب الأخطاء. أنت تدخل عملا، وتفترض أنه يتوجب عليك أن تكون مثاليا ومن ثم ترتكب خطأ ما أو لا تجري الأمور كما تريد لكنك تنجو وتتجاوز الأمر وتتعلم منه. هذه القدرة على الفشل من ثم إدراك أن الأمر لا يشكل تهديدا على الحياة هو درس مهم.
ما الذي كنت ستفعله لو لم تكن رئيسا تنفيذيا؟
كنت أفكر في السابق أن أكون مثلا مدرب فريق كرة سلة جامعي أو مدرب كرة قدم.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES