سيولة البنوك السعودية بين خيار أذونات الخزانة بعائد أقل أو التوسع في الإقراض
توقعت المجموعة المالية المصرية "هيرميس" في تقرير لها صدر أمس حول القطاع المصرفي السعودي ارتفاع نمو القروض في النصف الثاني من العام الجاري بفضل الإنفاق الحكومي على مشاريع البنية التحتية والطلب القوي على القروض من الشركات.
وقالت "هيرميس" في اعتقادنا أن معدلات العائد الحالية توفر حافزا اقتصاديا لاستئناف البنوك الإقراض، ومع استحقاق أذون الخزانة خلال فترتي ربع السنة القادمتين فإننا نعتقد أن البنوك السعودية سيكون أمامها خياران لاستخدام السيولة إما الاستمرار في تجنب مخاطر الإقراض ومواصلة الاستثمار في أذون الخزانة التي أصبحت تعطي عوائد أقل من 100 نقطة أساس وبالتالي تعرض الفارق لضربات شديدة وإما تحقيق عوائد على الموجودات باستئناف نشاط الإقراض لقطاع الشركات.
وأكدت أن غياب خسائر تقييم المحافظ الاستثمارية للبنوك السعودية حسب القيم السوقية في النتائج المعلنة للربع الأول من العام كان له أثره في استعادة ثقة المستثمر إلى حد كبير، وهو ما انعكس على الأداء القوي لأسهم القطاع المصرفي التي ارتفعت بنسبة 28 في المائة خلال عام، وعلى الرغم من انخفاض أرباح البنوك بمعدل سنوي 1.7 في المائة إلا أنها تحسنت بمعدل ربع سنوي 38.4 في المائة.
وأَضافت "لم يكن الأداء الخافت للميزانيات مفاجئا حيث انخفض صافي القروض بمعدل ربع سنوي 0.7 في المائة وارتفعت الودائع بمعدل ربع سنوي 0.9 في المائة حيث تجنبت البنوك السعودية الخوض في المخاطر منذ أيلول (سبتمبر) من العام الماضي إلا أن تباطؤ نمو القروض أتاح لها التخلص من الودائع مرتفعة التكلفة بين الربع الرابع من العام الماضي والربع الأول من العام الجاري ما كان له أثر إيجابي في صافي فارق العائد.
واتضح من نتائج البنوك السعودية في الربع الأول أن التركيز في العام الجاري سيتحول من نمو حجم الميزانيات بشدة إلى إدارة الربحية، فقد استهدف انخفاض تكلفة التمويل وزيادة السيولة وانخفاض القروض الاحتفاظ بمستويات الربحية وإدارة المخاطر، ونتوقع أن يستمر فارق العائد في مقاومة الضغوط في الأجل القصير بفضل انخفاض تكلفة التمويل وإعادة تسعير القروض وارتفاع العوائد على أذون الخزانة خلال الربع الثالث، إلا أنه من المحتمل أن يقع الفارق تحت ضغوط بعد استحقاق محافظ أذون الخزانة في الربعين الثاني والثالث من العام الجاري.
وأوضح التقرير أن التحسن الكبير في الأرباح بمعدلات ربع سنوية يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض الاستثمارات المعدومة وهذا يتفق مع رأينا بأن البنوك السعودية وضعت مخصصات كبيرة مقابل الاستثمارات بعد إعادة تقييمها حسب القيم السوقية في الربع الأخير من العام الماضي، حتى أن المحافظ الاستثمارية أصبحت الآن مكونة من السندات الحكومية، وكان بنك الرياض والبنك السعودي الهولندي هما الاستثناء حيث سجلا استثمارات معدومة في الربع الأول من العام الجاري.
وقالت "هيرميس" في تقريرها إن البنوك السعودية تتداول بمضاعف ربحية متوقع للعام الجاري يبلغ 13.3 مرة ومضاعف قيمة دفترية 2.5 مرة، إلا أن استقرار أسعار النفط وظهور مؤشرات على تحسن الاقتصاد العالمي هي من بين العوامل التي سترسخ الثقة لدى المستثمر، وفي ظل وجود قاعدة عريضة من المستثمرين الأفراد في سوق الأوراق المالية السعودية فإن المزاج الاستثماري يلعب دورا رئيسيا وقد يبقي على مستويات التقييم المرتفعة في الأجل القريب.
ولا يزال البنك السعودي الفرنسي ومجموعة سامبا المالية هما أكثر البنوك المفضلة لدى "هيرميس" في الأجل القصير حيث تقترب فجوة تقييمهما المنخفضة مقارنة بالقطاع في حين تقول هيرميس في تقريرها "نحتفظ بتقديراتنا لمعدلات الخصم إلا أننا نؤكد أن تخفيض هذه المعدلات بنحو 50 نقطة أساس يؤدي إلى ارتفاع القيم العادلة بنحو 7 في المائة.
وفيما يتعلق بنتائج البنوك للربع الأول قالت "هيرميس" إنها أعطت انطباعا إيجابيا، فعلى الرغم من عدم تغير الأرباح بمعدلات سنوية إلا أن النتائج تشير إلى أن البنوك عالجت الأسباب الرئيسية للقلق الذي كان يساور المستثمرين من جانب مخاطر المحفظة الاستثمارية، إضافة إلى أن قوة صافي فارق العائد جاءت بمثابة مفاجأة إيجابية لنا وقد انخفضت الأرباح المجمعة للبنوك العشرة التي نقوم بتغطيتها بنسبة 1.7 في المائة سنويا ولكنها ارتفعت بمعدل ربع سنوي 38.4 في المائة.
وارتفع صافي دخل العمولات الخاصة للبنوك بمعدل نمو سنوي 7.2 في المائة، ويرجع هذا التحسن بدرجة رئيسية إلى صافي فارق العائد الذي أيده إعادة تسعير القروض والعوائد المرتفعة على أذون الخزانة في الربع الثالث من العام الماضي وانخفاض تكلفة التمويل.
ونتوقع أن يواصل صافي فارق العائد مقاومته للضغوط في الأجل القصير مع استمرار البنوك في ضمان زيادة السيولة ووضعها في الاعتبار عند تسعير قروض الشركات تحسبا للمخاطر المرتفعة.
وانخفضت تكلفة الودائع بنحو النصف مع تحسن مركز السيولة بعد أن قام البنك المركزي بتخفيض متطلبات الاحتياطي ومع النمو البطيء للقروض فإن معظم البنوك تخلصت من الودائع مرتفعة التكلفة خلال فترتي ربع السنة الماضيتين مما قلل من تكلفة التمويل.
وفيما يتعلق بمخصصات الاستثمار أوضح التقرير أن معظم البنوك السعودية باستثناء بنك الرياض والبنك السعودي الهولندي لم تعلن عن استثمارات معدومة في الربع الأول من العام الجاري وكنا قد أشرنا في تقرير سابق في شباط (فبراير) الماضي إلى أن البنوك السعودية وضعت مخصصات كبيرة مقابل استثماراتها في الربع الرابع من العام الماضي وليس من المرجح وجود استثمارات معدومة ضخمة في 2009.
ومن جهة أخرى ارتفعت مخصصات الائتمان وهذا يمثل في رأينا الموقف المتحفظ للبنوك لمواجهة أي تدهور محتمل في جودة الموجودات وفي ضوء مناقشتنا مع البنوك فإننا نعتقد أن معظمها وضعت مخصصات بالغة الارتفاع على الرغم من عدم تدهور كبير لجودة الموجودات, ونعتقد أن مخاطر ارتفاع الديون المتعثرة لا تزال قائمة وقد وضعنا ضمن توقعاتنا للأرباح زيادة مخصصات الائتمان في البنوك كافة.
وبحسب التقرير ارتفع صافي القروض في الجهاز المصرفي بمعدل سنوي 17.9 في المائة ولكنه انخفض بمعدل ربع سنوي 0.9 في المائة وباستثناء بنكي الرياض والبلاد كان نمو صافي القروض في البنوك كافة إما ثابتا وإما منخفضا بدرجة طفيفة على أساس ربع سنوي وعلى الرغم من أن النمو السنوي لا يزال قويا إلا أنه يعكس بدرجة أكبر النمو القوي الذي تحقق في الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي ونتوقع أن يظل نمو القروض خافتا في الأجل القصير إلى أن تتزايد ثقة البنوك بالبيئة التشغيلية.