الترقب يخيم على سوق الصكوك الخليجية في 2009

الترقب يخيم على 
سوق الصكوك الخليجية في 2009

شهدت سوق الصكوك الخليجية انخفاضاً واضحاً خلال العام الماضي. وتباينت الصورة بالنسبة لمستقبل هذه السوق في العام الجاري بين من يرى أن الوقت مواتٍ إصدار صكوك ضمن التمويل العام، وبين من يرى أن الوقت لم يحن بعد للإقدام على تلك الخطوة. ولكن الفريقين يتفقان على أهمية السندات الإسلامية في المرحلة الراهنة، وعلى أنها تعرضت لانتكاسة طفيفة من جراء الأزمة المالية العالمية. ولكن البعض يتحفظ على استخدام مصطلح «أزمة» عند التعرض لما ألم بسوق الصكوك معتبرين أنها مجرد وقفة للمراجعة والتقييم الذاتي. ولا شك أن هناك العديد من الإجراءات التي يتطلبها تنشيط هذه السوق المهمة سواء من ناحية الهيكلة، أو الشق التنظيمي، أو طريقة توظيف الصكوك في المنطقة العربية بعد أن بات واضحاً أن حجم استفادة المواطن العربي منها ضئيل للغاية أظهر حصاد صناعة الصكوك في عام 2008 أن أكبر انخفاض في إصدار الصكوك كان من نصيب الكويت بنسبة 77.2 في المئة عن معدلها في 2007، تلتها السعودية بانخفاض بلغ 67.2 في المئة. وبصفة عامة فقد شهدت دول مجلس التعاون – عدا قطر - انخفاضاً في إصدارات الصكوك من حيث قيمة الدولار في العام الماضي. وفي مقابل الانخفاض في السوق الخليجية شهدت إندونيسيا أكبر زيادة في معدل الإصدارات خلال عام 2008 بارتفاع بلغت نسبته ستة أضعاف معدله في عام 2007.

##دعوة لانطلاقة حكومية

من جانبه اعتبر ناصر السعيدي – كبير الخبراء في مركز دبي المالي العالمي - أن الوقت مواتٍ لأن تبدأ الحكومات الخليجية بإصدار الصكوك ضمن التمويل العام، على الرغم من تداول الإصدارات الحالية بأسعار غير مألوفة. وقال إنه حان الوقت لكي تتعاون الحكومات بشكل فعال مع بنوكها المركزية لإيجاد أسواق مالية بأدوات تتماشى مع أحكام الشريعة، ويمكن للبنوك المركزية أن تستخدمها لدعم السيولة النقدية وتوفيرها للمؤسسات التي يتوافق عملها مع أحكام الشريعة. وتوقع أن تعود أسعار الصكوك الخليجية في السوق الثانوية إلى مستويات معقولة في المستقبل القريب معتبراً هذا الانخفاض بمثابة ظاهرة مؤقتة. وحذر من أن الحكومات الخليجية ستواجه خسارة استثمارات تعود عليها بدخل، وذلك بمجرد نفاد الفائض الذي تراكم خلال الأعوام الستة التي ارتفعت خلالها أسعار النفط. وقدر الحجم الإجمالي للفائض بنحو 950 مليار دولار. مشيراً إلى أنه مع توجه الحكومات نحو تطوير سوق الدين فإنها ستشجع بذلك القطاع الخاص على البدء مجدداً في إصدار الدين.
وترى الحكومات الخليجية في الصكوك وسيلة مهمة لامتصاص السيولة التي تعاني منها معظم بنوك المنطقة؛ ما يسهم بشكل بارز في تخفيف حدة التضخم التي تجتاح المنطقة. ولكن المستقبل القريب الذي توقع فيه البعض عودة أسعار الصكوك لمعدلات مناسبة لا يرجح الخبراء أنه سيكون خلال العام الحالي على الأقل بحسب تقارير أفادت بأن الوقت الحالي ليس هو المناسب لإصدار الصكوك وتوقعت ألا يكون هناك الكثير من الإصدارات خلال العام الحالي. واختلفت التقديرات في حجم السندات الإسلامية الخليجية؛ وتراوحت تقديرات الخبراء بين 500 مليون دولار إلى أقل من ستة مليارات دولار. وتخيم حالة من الترقب على المستثمرين؛ فمع تأجيل الشركات إصدار سندات الدين زاد الطلب على التمويل من خلال الصكوك إلا أن السوق لا تزال تتوخى الحذر بشأن استعداد المستثمرين للشراء.
ويؤكد محمد داماك - محلل الائتمان في وكالة ستاندارد آند بورز - أنه يجري الإعداد لأكثر من 45 مليار دولار من الصكوك على الصعيد العالمي وذلك تحسباً لإصدارها في انتظار أحوال مواتية في السوق. وشدد على أن مقدار ما سيتم إصداره هذا العام سيعتمد في المقام الأول على ظروف السوق. وأكد أن الجهات السيادية التي ستصدر السندات ستلعب دوراً فاعلاً في سوق الصكوك الخليجية خلال العام الحالي، وأن قطر هي الدولة الأكثر استعداداً لطرق هذا السوق إذا ما تحسنت الظروف بشكل أفضل. وتشير التقارير إلى أن العام الحالي سيشهد تنافساً شديداً بين السعودية والإمارات على لقب الدولة الخليجية التي تصدر أكبر قدر من الصكوك خلال العام. وفي المملكة السعودية تعمل هيئة سوق المال على تطوير سوق السندات والصكوك لتوسيع مجال تمويل الشركات من خلال هذه السوق. وتوقع د. عبدالرحمن التويجري - رئيس الهيئة - أن يبدأ تداول الصكوك والسندات خلال العام الجاري ضمن النظام السائد تماماً كما يحدث في الأسهم؛ ما يتيح مجالاً جديداً للاستثمار. وأوضح أن هيئة سوق المال تعمل على تطوير وطرح منتجات قابلة للتطوير مثل «صناديق على المؤشر» وهي صناديق تعمل على المؤشر كمنتج جديد في سوق المال السعودية.

##تأجيل المشاريع الضخمة

وثمة أثر سلبي لانخفاض سوق الصكوك الخليجية يتمثل في تعطيل العديد من مشاريع البنية التحتية العملاقة، حيث إن الصكوك كانت الخيار المفضل الذي تلجأ إليه شركات التنمية والتطوير لتمويل المشاريع العملاقة وبعض مشاريع البنية التحتية. وهذا التراجع في الإقبال على الصكوك ربما يؤدي إلى تأجيل بعض المشاريع التنموية إلى حين تحسن مستويات الإقبال علي الصكوك مجدداً. ومن المحتمل أن يؤثر تراجع سوق الصكوك والإقبال فيها سلبا في معدلات النمو الاقتصادي والبرامج التنموية للدول التي لم تراكم عوائد نفطية في السنوات الخمس السابقة كالبحرين ودبي، حيث إن سوق الصكوك كانت الخيار الأول الذي لجأت إليه شركات التنمية والتطوير لتمويل المشاريع العقارية العملاقة وبعض مشاريع البنية التحتية. هذا التراجع في الإقبال على الصكوك ربما يؤدي إلى تأجيل بعض المشاريع التنموية لحين تحسن مستويات الإقبال على الصكوك بحسب ما يشير الخبير الاقتصادي د. قصي بن عبدالمحسن الخنيزي. ومن المشاريع التي تم تمويلها من خلال الصكوك مطار دبي الدولي الذي تم تمويله بمليار دولار، وموانئ دبي بتكلفة 3.5 مليار دولار. ومن المتوقع أن تسهم الصكوك في تمويل مجالات الطاقة لكل من الكويت وقطر بحلول عام 2010 بنحو 64 مليار دولار، و60 مليارا على التوالي. ولا يختلف الحال في السعودية التي تشهد تطوراً في هذا المجال. ويرصد المحلل عبد الحافظ الصاوي أن معظم تلك التمويلات موجهة لقطاع العقارات، وتأجير الطائرات، وأسواق الأسهم وهو الأمر الذي يجعل المواطن العربي لا يشعر بمردود إسهام هذه الصكوك. ويضرب الصاوي مثالاً بأن المشاريع العقارية التي تم تمويلها من خلال هذه الصكوك هي أبراج وفنادق ومؤسسات سياحية في الوقت الذي يعاني فيه المواطن العربي من أزمة إسكان طاحنة. ويوصي بأن يتم انعكاس هذه الإسهامات على حياة المواطن العادي وإحراز تقدم في مستوى المعيشة بالنسبة لهم

الأكثر قراءة