حجاج غربيون يرون في تجمعهم في مكة شكلا من أشكال التسامح في الإسلام
رأى عدد من الحجاج القادمين من دول غربية في مكة المكرمة (غربي السعودية) في تجمعهم لأداء هذه الفريضة، شكلا من أشكال التسامح في الإسلام وردا على الذين يربطون هذه الديانة بالإرهاب والعنف.
وقد تجمع هؤلاء الحجاج في عدد من الخيام المخصصة للقادمين من الولايات المتحدة وأوروبا عند إطراف مِنى. وعلى مدخل إحدى خيامها، رفع علم فرنسي ولافتات تحمل شعارات بعثات الحجيج من إيطاليا وبريطانيا والدنمارك. وقال البريطاني الباكستاني الأصل محمد سهيل (44 عاما) الذي قدم إلى مكة مع زوجته وابنته من برادفورد في شمال إنجلترا "هناك حالة من سوء الفهم للإسلام".
ورأى أن الحج هو "درس في التسامح لكل المشاركين فيه"، مؤكدا "نحن مجتمعون كلنا في مكان واحد. إنه أمر رائع لأن الأغنياء والفقراء يتساوون إذ يسجدون في مكان واحد لعبادة الله".
وأكد سهيل أن الأمور تغيرت تماما بالنسبة إليه بعد اعتداءات تموز (يوليو) الماضي في لندن التي حصدت أرواح 52 شخصا من مستخدمي وسائل النقل العام في العاصمة البريطانية ونفذها أربعة انتحاريين إسلاميون مفترضين.
وأضاف "أشعر بذلك في المطاعم والمتاجر عندما أقوم بدفع الفاتورة، لقد تغيرت النظرة إلي فعلا". وبالقرب من سهيل عبرت مجموعة من الحجاج الدنماركيين المتحدرين من أصول باكستانية عن غضبها إزاء الرسوم الكاريكاتورية المثيرة للجدل التي نشرت أخيرا في الدنمارك، التي صورت النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو يحمل قنبلة في عمامته.
وقال محمد تباسون (60 عاما) المقيم في كوبنهاجن منذ 37 عاما "لقد غضبت كثيرا، فلا شيء أعز من النبي بالنسبة إلي".
ونشرت صحيفة "جيلاندز بوستن" الدنماركية الواسعة الانتشار في نهاية
أيلول (سبتمبر) 12 رسما كاريكاتوريا للنبي محمد أثارت استياء في الأوساط الإسلامية في الدنمارك وخارجها وأدت إلى توجيه تهديدات إلى العاملين في الصحيفة.
ووصفت منظمة المؤتمر الإسلامي التي تتخذ من السعودية مقرا لها، مشكلة هذه الرسوم بأنها أحد أشكال الخوف من الإسلام المتفشي في الغرب.
وندد شاهد مهدي (28 عاما) وهو إمام مسجد في العاصمة الدنماركية، بالرسم المثير للجدل، لكنه دعا من جهة أخرى إلى العمل على تغيير صورة الإسلام عبر إبعاد المتطرفين من الجماعات المسلمة.
وقال لوكالة فرانس برس إن "التشدد هو غذاء لبعض الأحزاب الأوروبية اليمينية وأعداء الإسلام". أما المتخصص في علم الإنسان هشام داوود وهو فرنسي متحدر من أصل عراقي، فقد رأى في الحج صورة "للإسلام المعولم".
وقد جاء داوود إلى مكة لإجراء أبحاث حول الحج. وهو يقيم في المجمع الخاص بوزارة الإعلام السعودية في منى. وقال داوود "إنها ظاهرة اجتماعية اسميها الإسلام المعولم وأتساءل ما إذا كان هذا الإسلام المعولم سيطمئن العالم الخارجي أم يخيفه".
وأكد إمام بيت الله الحرام الشيخ عبد الرحمن السديس في خطبة العيد الثلاثاء
"إنها سمة الوسطية والاعتدال التي تجلي من الإسلام كل خير وعدل وكمال"، مؤكدا أن"من أخطر القضايا التي منيت بها الأمة الإسلامية هي الانحراف في الأفكار والمفاهيم".
من جهته، وجه مفتي السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ رسالة
مماثلة في خطبته الإثنين بينما كان 2.5 مليون حاج في طريقهم من منى في شرق مكة جنوبا باتجاه جبل عرفات لإتمام فريضة الوقوف.
وقال المفتي "ليس في ديننا تبرير لأي تصرف عشوائي أو أعمال إجرامية، فالفساد أو ما يسمى الإرهاب محرم في شريعة الإسلام (..) ولقد جنى أقوام على الإسلام أعظم جناية حيث حصروا مفهوم الإرهاب في هذا الدين".