تراجع أرباح شركات ألعاب الأطفال التقليدية أمام الاكتساح الإلكتروني
في مواسم الأعياد والاحتفالات بالعام الجديد ترتفع معدلات مبيعات ألعاب الأطفال وتصل نسب المبيعات في الأسواق الألمانية في تشرين الثاني (نوفمبر)، كانون الأول (ديسمبر)، وكانون الثاني (يناير) لما يقارب 40 في المائة من إجمالي مبيعات العام بأكمله. ولكن الوضع هذا الموسم يبدو مختلفا، فقد وصفت محلات بيع ألعاب الأطفال في ألمانيا تشرين الأول (أكتوبر) بأنه كان سيئا، كما أن نسبة المبيعات في تشرين الثاني (نوفمبر) 2005 سجلت انخفاضا بنسبة 12 في المائة عن مبيعات الفترة نفسها من العام السابق.
يقول فيلي فيشيل رئيس رابطة تجار التجزئة للعب الأطفال، إن التجار لم يحققوا الأرباح الكبيرة التي كانوا يحلمون بها في الموسم من أجل تعويض خسائر مبيعات الأشهر السابقة. وكما يقال فإنه حتى في حالة حدوث ذلك الرواج المنتظر فإنه لن يصل إلى أرباح العام السابق التي بلغت 3.2 مليار يورو، على الرغم من أن مبيعات عام 2004 نفسها تقل بمقدار 1.5 في المائة عن العام الذي يسبقه.
وتعانى محلات اللعب من ضغوط تمثل جزءا من مشكلة تراجع المبيعات، ففي نهاية الأمر ترتبط مبيعات ألعاب الأطفال بمدخرات الزبائن الصغار، وذلك إضافة إلى عوامل أخرى ذات تأثير في حجم مبيعاتها ومنها العامل الديموجرافى، وتراجع معدلات المواليد. أضف إلى هذا عاملا آخر وهو انخفاض السن التقليدية لمرحلة اختار اللعبة، فما إن يبلغ الطفل الثانية عشرة من عمره يبدأ في اختيار لعبته بنفسه التي عادة ما تكون إحدى ألعاب الكمبيوتر أو إحدى تقنيات التسلية MP3- Player وهو ما يؤثر سلبا في الشركات الألمانية.
وبالرغم من أن ألمانيا تعد إحدى الدول المؤسسة لصناعة ألعاب الأطفال في العالم، إلا أنها تتأثر بشدة من إقبال الأطفال على شراء الألعاب الإلكترونية التي غالبا ما تكون مستوردة من اليابان (شركتا نيتيندو وسوني) أو من الولايات المتحدة (شركة مايكروسوفت).
وأكدت رابطة مصنعي ألعاب الأطفال في ألمانيا، أن انخفاض السن التقليدية لمرحلة اختيار اللعبة والثورة الهائلة في عالم الألعاب الإلكترونية أفقدا الشركات زبائنها السابقين وهم الأطفال في مرحلة عمرية أكبر قليلا. وأوصت الرابطة بضرورة قيام الشركات والمصانع والمتاجر ببذل المزيد من الجهد لاجتذاب أطفال أصغر سنا ولاسيما في ظل تراجع معدلات ونسب المواليد في ألمانيا.
ومن هنا ظلت شركات ألمانية تتلقى أخبارا سيئة خلال الأشهر الماضية، فقد استمر تراجع معدل مبيعات شركة Zapf Creation AG، وهي شركة ألعاب الأطفال الوحيدة في ألمانيا التي تطرح أسهمها للتداول في البورصة، بينما تبحث شركة ماركلين صاحبة التصاميم التقليدية لقطارات الأطفال عن مشترين جدد لها.
ولا يمكن لأحد أن يتوقع أن تنجح الشركة في تحقيق زيادة كبيرة في مبيعاتها مع ما يقال من أن أحدا لا يريد أن يتقدم للشراء بسبب ما تواجهه شركة ماركلين من مصاعب في التوريد والتزويد.
ولكن يبدو أن شركات ألعاب الأطفال الأخرى تحقق ازدهارا نسبيا مقارنة بما تواجهه شركة ماركلين لتصنيع نماذج قطارات الأطفال. ولكن ماذا إذا اندمجت شركات Brettspiele للعب الشطرنج والدومينو مع شركات إنتاج نماذج قطارات الأطفال؟ يقول فولكر شميدت رئيس رابطة مصنعي ألعاب الأطفال، إنه سيمثل كيانا ألمانيا غير عادى، لكن مع هذا فإن منتجات هذين القطاعين لا تلقى رواجا خارج المناطق المتحدثة بالألمانية (ألمانيا، سويسرا، والنمسا).
وبالنسبة للسوق الألمانية، وهي المجال لتسويق تلك المنتجات، فإن 75 في المائة من الآباء يشترون بالفعل ما يرغب الأبناء في شرائه من ألعاب، وذلك على عكس دول أخرى لا يلبي فيها الآباء رغبات أبنائهم، وهو ما يعني ضرورة اهتمام مصانع ألعاب الأطفال بإنتاج ما يستهوي الأطفال أنفسهم. مثالا على ذلك نجد أن الأطفال ما زالوا منجذبين إلى ألعاب شركة Lego التي حققت نجاحات واضحة لسنوات عديدة. كما استطاعت شركة بلاي موبيل في الأعوام الماضية أن تحتل صدارة قائمة مبيعات ألعاب الأطفال في ألمانيا.
وأعلنت شركة بلاي موبيل أن حجم استثماراتها عام 2005 بلغ نحو 100 مليون يورو، خصص منها 65 مليون يورو لتطوير مصنع ديدنهوفن Didenhofen، وذلك في وقت كانت فيه المبيعات في أوروبا وألمانيا تسجل تراجعا كبيرا.
ولم يتحقق هذا النجاح إلا بعد أن أصبح هناك اتجاه عام نحو المزيد من الإنفاق، خاصة بعد إدراك أنه لم يعد في الإمكان تجاهل سطوة العناصر الإلكترونية في ألعاب الأطفال. وبات من الصعب أن ترى لعبة مثل العرائس أو الدمى دون عناصر إلكترونية فيها، وحتى الطائرات أو القصص التي تباع للأطفال في مراحل عمرية أقل تبدو أكثر جاذبية وتشويقا بإضافة عناصر إلكترونية فيها .
أما مفاجأة مبيعات فصل الخريف والشتاء لهذا العام، فكانت عودة لعبة الألغاز اليابانية القديمة تحت اسم Sudoku، والتي تسببت في إحداث انتعاش في مبيعات دور نشر الكتب والمجلات ومحلات اللعب. لكن يبقى القول إن لعبة Sudoku رخيصة الثمن، وبالتالي فإنها لم تحقق فائضا كبيرا في الأرباح يساعد التجار على التغلب على مرحلة كساد سوق ألعاب الأطفال.
وحذر أحد كبار أعضاء رابطة تجار التجزئة في مجال ألعاب الأطفال من خطورة استمرار الوضع الحالي وما قد يسببه من خسارة للزبائن، وهو ما قد يصيب بالضرر 874 عضوا و1040 محلا للعب الأطفال أعضاء في اتحاد بائعي اللعب في أوروبا.
وإذا كانت الإحصاءات الرسمية تؤكد أنه في عام 2050 ستصبح أعمار نصف عدد السكان في ألمانيا أكبر من 48 عاما، وأن ثلث السكان ستكون أعمارهم أكبر من 60 عاما، فإن هؤلاء الكبار ينبغي أن يكونوا هم المحركون لتجارة اللعب، لذا ستكون هذه الأعمار هدفا في هذا العام لحملات وعروض خاصة من بائعي اللعب الذين يحلوا لهم تسمية هذه الشريحة بجيل الخمسينيات.
ورغم استمرار افتقاد الرواج الكبير المنتظر إلا أن محلات اللعب لديها تفاؤل في ازدياد معدلات الشراء عام 2006 بسبب الخوف من الزيادة المتوقعة في الضرائب المقرر لها بداية عام 2007، كما أن الشركات تتوقع أيضا زيادة مبيعاتها بالتزامن مع بدء فعاليات بطولة كأس العالم التي تقام في ألمانيا العام الجاري.