FINANCIAL TIMES

هوس السيارات الكهربائية يجتاح الصناعة .. تحذير من الاعتماد على البطاريات

هوس السيارات الكهربائية يجتاح الصناعة .. تحذير من الاعتماد على البطاريات

30 نموذجا جديدا للسيارات الكهربائية كشفت عنها "تويوتا".

هوس السيارات الكهربائية يجتاح الصناعة .. تحذير من الاعتماد على البطاريات

في الأعوام الخمسة المقبلة تخطط صناعة السيارات لإنفاق 330 مليار دولار تكنولوجيا المركبات الكهربائية.

محاطا بصف بعد صف من الطرازات الكهربائية الجديدة التي تخطط "تويوتا" لإطلاقها هذا العقد، بدا أن رئيس شركة صناعة السيارات أكيو تويودا كان يستعد لإلقاء ثقل الشركة بالكامل على السيارات التي تعمل بالبطاريات.
فبعد أعوام من الترويج لتكنولوجيا الهيدروجين وأنظمتها الهجينة التي تجمع بين المحركات والبطاريات، بدا أن هذه هي اللحظة التي تبنى فيها العملاق الياباني أخيرا هوس السيارات الكهربائية الذي يجتاح صناعة السيارات.
ولكن حتى مع إعلانها استثمار 35 مليار دولار في السيارات الكهربائية في وقت سابق من هذا الشهر، كانت تويوتا تتحوط في رهاناتها.
قال تويودا للمستثمرين والمتفرجين في مناسبة في اليابان، "من الصعب إسعاد الجميع بخيار يناسب الجميع. وهذا هو سبب رغبة تويوتا في إعداد أكبر عدد ممكن من الخيارات لعملائنا حول العالم".
إن الشركة ليست وحدها في الاعتقاد أن هناك حاجة إلى خيارات أخرى.
فعلى مدار العام الماضي، انطلق عديد من أكبر شركات صناعة السيارات في العالم "بالكامل" في مجال السيارات الكهربائية. إذ حددت جنرال موتورز، وفورد، ومرسيدس بنز وفولفو تواريخ انتهاء بيع أي مركبات تحتوي على محرك من الطراز القديم. و"فولكس فاجن"، التي تعهدت بإنفاق 52 مليار يورو على السيارات التي تعمل بالبطاريات، لم تستبعد الحلول الأخرى. ومع التركيز على اللوائح الصارمة وعلى النجاح الكبير الذي حققته تسلا خلال الأعوام القليلة الماضية، تستعد هذه الشركات الآن للانتقال السريع إلى المركبات الكهربائية في عديد من أسواقها الرئيسة.
لكن ابتعدت شركات أخرى، وعلى الأخص تويوتا، وبي إم دبليو، وستيلانتس، عن الاندفاع المتهور في نماذج البطاريات.
لا ينصب قلق هذه الشركات على اتجاه السفر - فلدى الشركات الثلاث خطط لبيع أعداد كبيرة من السيارات الكهربائية على مدار العقد المقبل - ولكن مخاوفهم تتعلق بسرعة التحول وعواقبه الأوسع على المجتمع والمناخ.
وفي حين أن عديدا من المديرين التنفيذيين يشاركون هذه المخاوف وراء الكواليس، فإن الرافضين أصبحوا أكثر صخبا من أي وقت مضى، بحجة أن صانعي السياسات بحاجة إلى مراعاة الانبعاثات من سلاسل التوريد وشبكات الطاقة عند تحديد ما إذا كانت السيارات التي تعمل بالبطاريات "صديقة للبيئة" حقا.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن شركات صناعة السيارات متفقة على أن المناطق المتقدمة حيث يدفع المنظمون بشدة، مثل أوروبا الغربية أو المدن الكبرى في الصين، ستصبح أسواقا كهربائية رئيسة في غضون عقد من الزمن، إلا أنهم يشككون في أن الاقتصادات ذات الدخل المنخفض ستواكب وتيرتها.
فحاليا، تمثل السيارات الكهربائية 1 في المائة فقط من المبيعات خارج أوروبا والصين والولايات المتحدة، وفقا لبرنشتاين، وستستغرق الدول التي فيها شبكات طاقة غير مكتملة وقتا أطول بكثير للحاق بالركب.
ويعتقدون أن هذا يمكن أن يؤدي إلى عالم من مستويين مختلفين حيث انتقلت الدول الغنية إلى السيارات الكهربائية، لكن المستهلكين في أجزاء كبيرة من العالم النامي يتركون لقيادة سيارات قديمة، أو أنهم عاجزون عن تملك السيارات الخاصة تماما.
وتعتقد الشركات الأكثر حذرا بشأن المركبات الكهربائية أن الطريقة التي يتم بها التعامل مع التحول في صناعة السيارات يمكن أن يكون لها تأثير كبير في المناخ.
فإذا بقي المستهلكون الذين يمكنهم خفض الانبعاثات عن طريق التحول إلى النماذج الهجينة في أجزاء كبيرة من العالم في سياراتهم القديمة، فسيكون التأثير هو انبعاثات أعلى حتى، إلى أن ينتقلوا في النهاية إلى السيارات الكهربائية باختيارهم أو بمرسوم حكومي.
وقال جيل برات، كبير علماء تويوتا، لصحيفة "فاينانشال تايمز"، "إذا لم تكن البنية التحتية للشحن موجودة، فلا يهم كمية ثاني أكسيد الكربون التي سيتم استبدالها، ولن يشتريها العملاء، وبدلا من ذلك يحتفظون بسيارتهم القديمة لفترة أطول".
تتفق العلامة التجارية الألمانية الممتازة بي إم دبليو مع ذلك، إذ إن بيتر نوتا، رئيس المبيعات يقول، "إنه من غير الواقعي أبدا أن تتوقع أن يكون لكل عميل في العالم القدرة على الوصول الكافي إلى البنية التحتية المتعلقة بالشحن في 2030"، في إشارة مقنعة إلى الموعد الذي تخطط فيه شركة مرسيدس المنافسة اللدودة للتحول إلى بيع السيارات الكهربائية فحسب في أوروبا.
يضيف نوتا "هذه هي قناعتنا وهذا هو السبب في أنه من المهم أن تظل قادرا على تقديم محركات احتراق داخلي في ذلك الوقت من أجل تلبية احتياجات هؤلاء العملاء."
في نهاية المطاف، يشترك أولئك الذين يبقون بعناد بعيدا عن العربات التي تعمل بالبطاريات في مصدر قلق واحد، الخوف من أن المنظمين يقودون شركات صناعة السيارات بسرعة كبيرة في المسار التكنولوجي الوحيد للمركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.
غالبا ما يشبه كارلوس تافاريس، رئيس "ستيلانتس" الذي كان حامل شعلة الجناح الحذر في الصناعة لأعوام عديدة، شركات صناعة السيارات بمصنعي المصابيح الكهربائية أثناء انتقالهم من المصابيح المتوهجة إلى مصابيح ليد.
ويشير إلى أن المصابيح منخفضة الطاقة، وهي خطوة مؤقتة، كانت تعد المستقبل في يوم من الأيام، لكنها تعرضت للخطر بشكل أساس، فهي غير فاعلة، ومكلفة وخافتة.
لو أجبر المنظمون صانعي المصابيح حول العالم بالتحول "الكامل" إلى هذه المنتجات متدنية الجودة، لكانت الصناعة قد انهارت عندما قدمت التكنولوجيا الأفضل نفسها في النهاية.
وقال كبير علماء تويوتا برات، "نحن نحاول ألا نتنبأ بالمستقبل، ولكن أن نتأكد من أننا يمكن أن نكون ناجحين مهما كان المستقبل".

"ينبغي أن يكون لديك خيارات"
بينما يدعي المنظمون أنهم محايدون بشأن التقنيات التي تحل محل محرك الاحتراق، فإن الأطر الزمنية الصارمة التي حددوها للحد من انبعاثات الكربون لا تترك لشركات صناعة السيارات خيارا سوى متابعة مبيعات السيارات التي تعمل بالبطاريات على أرض الواقع.
إن الأمر لا يقتصر على أن تكلفة الهيدروجين والافتقار إلى البنية التحتية اللازمة للتزود بالوقود من المرجح أن تعيقا هذه التكنولوجيا قبل 2030، ولكن المنظمين يدفعون باتجاه استخدام حلول غير كهربائية مثل الميثان الحيوي في مجالات النقل الأخرى.
إذ إنه على قطاعي الشحن والشاحنات، على سبيل المثال، التحول إلى النهج صديق البيئة ولكن لا يمكن الاعتماد كليا على البطاريات نظرا إلى وزنها الثقيل نسبيا.
وقالت مفوضة النقل في الاتحاد الأوروبي أدينا إيوانا فاليان في مؤتمر فاينانشال تايمز جلوبال بورد روم في وقت سابق من هذا الشهر، "إننا لا نريد إنشاء سباق تأكل فيه وسائط النقل بعضها بعضا في المعركة من أجل المستقبل." "لذلك، على سبيل المثال، أفضل أن أرى أن يذهب استخدام الميثان الحيوي نحو النقل البحري، الذي ليس لديه حلول أخرى، بدلا من إهداره على الطريق حيث لدينا الحل في الوقت الحالي".
تصر مجموعة المعارضين على أنها تحث المنظمين أيضا على النظر إلى الصورة الأكبر للانبعاثات.
وتقول شركة بي إم دبليو، على سبيل المثال، إنها تتبع "نهجا شاملا" للاستدامة سيركز على استخدام مزيد من المواد المعاد تدويرها في موديلات محركات الاحتراق، وعلى المصادر الأخلاقية للمواد الخام.
وتهدف الشركة إلى خفض الانبعاثات من سلسلة التوريد 60 في المائة في الواقع، والقضاء على الانبعاثات من مصانعها، وإيجاد طرق لإعادة استخدام قطع غيار السيارات في نهاية عمرها الافتراضي.
"لا يتم إنشاء التنقل صديق المناخ تلقائيا من خلال عدد أكبر من السيارات الكهربائية على الطريق"، حسب قول بي إم دبليو، التي أطلقت مع ذلك طرازين جديدين للبطاريات 9 وآي3- لتلبية احتياجات السوق المتنامية.
وقد أوضحت شركة تويوتا نقطة مشابهة عندما سئلت عن سبب عدم تقليدها للآخرين من خلال الاستثمار "شاملة لكل المعايير" في السيارات التي تعمل بالبطاريات.
ويقول مات هاريسون، الرئيس الإقليمي لتويوتا في أوروبا، حين أشار إلى أن رهان الشركة لمدة 20 عاما على التكنولوجيا الهجينة قد جعلها تحقق أكثر من أهداف الاتحاد الأوروبي لثاني أكسيد الكربون وتسبق منافسيها، "هذا يعتمد على ما تقصده بعبارة "شاملة لكل المعايير"، فإذا كان ذلك يعني خفض الكربون، فلا شك في أن تويوتا قد استثمرت بالكامل في هذا الأمر".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، كشفت المجموعة اليابانية النقاب عن 30 نموذجا جديدا للسيارات التي تعمل بالبطاريات، لكنها ما زالت تشير إلى تكريس نفسها للتقنيات الأخرى ومنها طاقة الهيدروجين.
"كارلوس (تافاريس) هو مفكر مهرطق، وكذلك بي إم دبليو وتويوتا"، هذا ما قاله أحد المطلعين على الصناعة بعد أن شهد الصراعات الداخلية في مجالس إدارة شركات السيارات بينما كان المديرون التنفيذيون يتصارعون على كيفية خفض الانبعاثات بطريقة مسؤولة.
"أنت بحاجة إلى خيارات، لأنك لا تستطيع إلغاء الخيارات".
ومع ذلك، فإن الإبقاء على الخيارات مفتوحة يجبر شركات صناعة السيارات على توزيع التكاليف عبر عدد من التقنيات المتنافسة في وقت تضطر فيه الصناعة أيضا إلى تحمل تكلفة الاستثمارات الضخمة في الأنظمة الكهربائية الجديدة.
ففي الأعوام الخمسة المقبلة تخطط الصناعة لإنفاق 330 مليار دولار فقط على تكنولوجيا المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات، وفقا لحسابات شركة الاستشارات أليكس بارتنرز.
فيما كانت الحاجة إلى توحيد الإنفاق هي الدافع وراء عملية الدمج بين "ب إس أيه" الفرنسية وفيات كرايسلر بقيمة 50 مليار يورو لإنشاء شركة ستيلانتيس، إضافة إلى القوة التي دفعت بتحالف فورد العالمي مع فولكس فاجن.
ومع ذلك، فإن التكاليف الإضافية لتطوير السيارات الكهربائية ستدفع بأسعارها للارتفاع، التي ما زالت أغلى بشكل مستعص من سابقاتها التي تعمل بالبنزين على الرغم من انخفاض تكاليف البطاريات.
حيث تتسع الفجوة في سوق الأسعار المتدنية، في السيارات التي في الأغلب ما تخدم أكبر عدد من السائقين الذين يدخلون لأول مرة في عالم السيارات.
وقال تافاريس، رئيس شركة ستيلانتيس في مؤتمر لـ"رويترز" هذا الشهر، "إن صناعة السيارات الكهربائية تجلب تكاليف إضافية 50 في المائة...ومن غير الممكن أبدا أن تحمل المستهلك النهائي 50 في المائة من التكلفة الإضافية، لأن معظم الناس في الطبقة الوسطى لن يقدروأعلى الدفع". فيما حذر المدير التنفيذي البرتغالي في وقت سابق من أن جعل ملكية السيارات الخاصة فوق طاقة الناس المالية قد يؤدي إلى إثارة احتجاجات شبيهة بالتي قام بها ذوو السترات الصفراء التي أذهلت باريس في 2018.
إذا تعمقت قليلا، فستجد أنه حتى "مرسيدس" توافق على أن المشترين الأكثر ثراء سيكونون في الطليعة للتحول إلى السيارات الكهربائية. حيث قال رئيس مرسيدس بنز أولا كالينيوس لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، "أعتقد أننا في وضع جيد لأن ملفات عملائنا ربما تفصح عن مجموعة من العملاء الذين يمكنهم الوصول بسهولة إلى البنية التحتية للشحن. لهذا السبب رفعنا طموحنا عاليا".
فيما جاءت بعض أكثر الانتقادات صراحة للاندفاع السريع نحو السيارات الكهربائية من الموردين، الذين تواجه تجارة بعضهم خطر الفناء إذا انتقلت الصناعة بالكامل إلى طرازات السيارات التي تعمل بالبطاريات.
فقد ناشدت شركة بوش المملوكة للقطاع الخاص، التي تصنع محركات لعديد من فئات السيارات العائلية، السياسيين مباشرة للتخفيف من حدة خطابهم الذي يتركز فقط على السيارات الكهربائية.
فقد قال فولكمار دينر، الرئيس التنفيذي لشركة بوش، في شباط (فبراير)، "لم تعد محركات الديزل الحديثة تتسبب بانبعاثات (أنبوب عادم أكسيد النيتروجين) بدرجة أعلى من المركبات الأخرى، فيما انخفضت انبعاثات الجسيمات لمحركات البنزين بمعامل 100. فقد كان من المستحيل تحقيق هذه الأهداف لو توقفنا عن الاستثمار في هذه التقنيات".
ومع ذلك، فإن عديدا من المنظمات البيئية لا تزال غير مقتنعة بهذه الحجج.
حيث تقول جوليا باليسكانوفا، المديرة في مجموعة الأبحاث البيئية ترانسبورت آند إنفايرونمينت، "سترفض الشركات مثل بوش وبي إم دبليو أن تعترف بأنه لا يوجد مستقبل للمركبات التي تعمل محركاتها بالاحتراق".
وتقول إن تكنولوجيا الوقود النظيف والسيارات الهجينة هي مجرد "محاولة لإطالة عمر هذه الصناعة المحتضرة"، مضيفة، "إن المشكلة هي أن كوكبنا لا يستطيع تحمل مثل هذه الانعطافات. لذا يجب على صانعي السياسات وضع قوانين للانبعاثات أكثر صرامة خلال هذا العقد كي نتجنب التلوث الكربوني غير الضروري الناجم عن مثل هؤلاء المتقاعسين".

"شاملة لكل المعايير" بالاسم فقط؟
ونظرا إلى أن أطراف الصناعة تناقش مدى سرعة الانتقال إلى المركبات الكهربائية، فإن بعض المحللين يعتقدون أن إحدى النقاط المفصلية قد تكمن في الهياكل المختلفة لملكية الشركات.
بينما دعمت عائلة فورد، بقيادة بيل فورد المناصر لقضايا البيئة، إنهاء بيع السيارات المسببة للتلوث بحلول 2040، إلا أن المجموعات المدعومة من العائلة تميل في العموم إلى توخي مزيد من الحذر من هذا الاتجاه.
أما بالنسبة ـ"لبي إم دبلي"و، التي يمتلك مساهماها الأساسيان - عائلتا كواند وكلاتن - مساهميها الأساسيين - ما يصل إلى 46 في المائة من الشركة، فتتعرض لضغوط أقل من أجل إقناع المستثمرين مما يتعرض له عديد من منافسيها المدرجين.
ولا تزال تويوتا تحت إدارة أكيو تويودا، حفيد المؤسس، بينما تقف عائلتا أغنيلي وبيجو وراء ستيلانتيس.
وقد أدى هذا إلى بعض التكهنات بأن من الأسباب وراء إعلان جنرال موتورز ودايملر طموحاتهما هو محاولة كسب بعض سحر السيارات الكهربائية الذي دفع قيمة شركة تسلا إلى أكثر من تريليون دولار، وشهدت القيم السوقية للشركات الناشئة التي تفتقر إلى المبيعات مثل "ريفيان" و "لوسيد" تحليقا متقدمة على أسماء مترسخة مثل فورد ورينو. حيث يقول فيليب هوشوا، محلل السيارات في جيفريز، "هناك بالتأكيد ممارسة للعلاقات العامة في مرسيدس وجي إم نحتاج إلى خصمها منهم". "قد يكون كل ما يحتاجون إليه هو إعادة تصنيف (المحاصصة) - فهم غير محميين من قبل عائلة أو دولة".
ويضيف أن الشركات التي قللت بشكل كبير من الانبعاثات من سياراتها في الأغلب ما يتجاهلها المستثمرون ما لم تتبن الرواية المقبولة.
وأضاف أيضا، "لقد عملت تويوتا في الأعوام الخمسة الماضية للانبعاثات الصادرة عن الاتحاد الأوروبي أكثر من أي شركة أخرى (من خلال بيع السيارات الهجينة)، ولكن السوق مهووسة جدا بالأخذ بالاعتبار الشؤون البيئية، والاجتماعية، والحوكمة، ولا تميز بشدة عند النظر في كل هذه المسائل".
كما أن الهوة بين المتحمسين والرافضين هي أصغر مما تبدو عليه. فعلى سبيل المثال، قامت مرسيدس بإلغاء تعهدها
لـ2030 بالقول إنها ستكون كهربائية بالكامل "حيثما تسمح ظروف السوق بذلك".
ويضيف هوشوا، "إن الفرق الكبير بين بي إم دبليو ومرسيدس هو أن الأولى تقول مقدما ما المشكلات التي تواجهها - بينما تقول مرسيدس إنها "شاملة لكل المعايير" ولكن عليك أن تنظر إلى التفاصيل الدقيقة". ويضيف أن مبيعات السيارات الكهربائية لكلتا الشركتين في أوروبا بحلول 2030 ستكون من المرجح "هي نفسها لحد كبير".
وبالتالي، فإن السخرية في هذا الأمر هي أن المتحمسين للسيارات الكهربائية يرغبون في تعزيز أسعار أسهمهم على المدى القصير، بينما يريد المتقاعسون الهيمنة على مبيعات السيارات ذات محركات الاحتراق بمجرد ترك منافسيهم لهذا المجال.
لكن كلاهما غير عادل إلى حد ما، على الرغم من أن كلاهما ليس مخطئا بالمطلق.
حتى أولئك الذين حققوا القفزة كانوا واقعيين بشأن العوائق المتبقية. تقول كريستين سيمن، رئيسة الاستدامة في جنرال موتورز، "نحن بحاجة إلى أن يسهم الجميع في هذا الانتقال والتحول الذي يحدث، وعلينا التأكد من عدم ترك أي كان خلف الركب".
"وهذا، كما تعلم، يعني بالنسبة إلينا وجود مجموعة من المنتجات تشمل جميع القطاعات ومستويات الأسعار. فالأمر يتعلق بضمان توفر البنية التحتية في جميع المناحي".
إن أكبر سوقين للشركة هما الولايات المتحدة والصين، لكن لم يوقع أي من الدولتين على تعهد كوب26 بإنهاء مبيعات السيارات المسببة للتلوث بحلول 2035، حيث تواجه كلاهما تحديات كبيرة في ضمان اعتماد المركبات الكهربائية على نطاق واسع.
كما أن جنرال موتورز لم تدر ظهرها تماما عن تحسينات محركاتها خلال الأعوام الأخيرة للتكنولوجيا.
وتقول سيمين، "سنواصل تطوير التقنيات الموفرة للوقود وتطوير حلول أخرى أكثر كفاءة"، مضيفة "يجب أن تكون السياسات موجودة من أجل إرضاء العميل. لكننا سنفعل كل ما بوسعنا وسنواصل العمل مع هؤلاء الشركاء لتحقيق ذلك".
يقول أمثال شركة بوش إن تطويرهم المستمر لتقنية محرك الاحتراق يلعب دورا محوريا، وإن كان غير مثير للإعجاب، في مسألة مكافحة تغير المناخ. ولكن نظرا إلى أن الأغلبية العظمى من السائقين لا يزالون يجلسون خلف عجلة القيادة في سيارة تعمل بالبنزين أو الديزل لعقود مقبلة، فإن تقليل الانبعاثات سيكون أمرا مهما كاستبعاد هذه المحركات من الطرازات الأحدث، على حد قولهم.
وقال دينير في شباط (فبراير) الماضي، "نحتاج إلى محركات احتراق. إننا بحاجة لصنع محركات احتراق. نحتاج هذه السيارات أن تسير على الطريق..وهذه حقيقة مفروغ منها".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES