FINANCIAL TIMES

مواجهة حاسمة في واشطن لصناعة التكنولوجيا

مواجهة حاسمة في واشطن لصناعة التكنولوجيا

هل هناك أصوات انتخابية يمكن كسبها من خلال الاستحواذ على بعض الشركات الاستهلاكية الأكثر شهرة في العالم؟ قد يقع هذا الخيار الصعب قريبا على عاتق البيت الأبيض تحت إدارة بايدن، حيث تقترب الولايات المتحدة، في عام الانتخابات النصفية، من تمرير قيود واسعة جديدة على شركات التكنولوجيا الكبرى.
بعد أعوام من الجدل السياسي وأشهر عديدة من المواقف السياسية وجلسات الاستماع العامة، وصلت الأمور أخيرا إلى ذروتها. فقد تناول مجلس الشيوخ الأمريكي القضية الخميس الماضي، ووضع الأساس للمضي قدما في قانونين جديدين. ونظر مجلس النواب بالفعل في هاتين القضيتين في العام الماضي، ما مهد الطريق إلى دفعة أخيرة من أجل التشريع.
كانت إحدى الدلائل الواضحة بأن المواجهة وشيكة هي الطريقة التي غيرت بها بعض أكبر شركات التكنولوجيا موقفها من مواجهة منتقديها في الكونجرس بشكل مباشر. حتى الآن، كانت حذرة من إلقاء ثقلها، وقد يؤكد ذلك فقط مدى القوة التي أصبحت تتمتع بها.
من شأن أحد القانونين المقترحين أن يجبر شركتي أبل وجوجل على إنهاء القيود التي أجبرت، بدرجات متفاوتة، صانعي التطبيقات على الاعتماد على متاجر التطبيقات الخاصة بهما للوصول إلى مستخدمي الهواتف الذكية. لكن القانون الآخر - قانون الابتكار والاختيار الأمريكي عبر الإنترنت، الذي طرحته السناتور الديمقراطية إيمي كلوبوشار والجمهوري تشاك جراسلي - هو الذي سيكون له الأثر الأكبر.
يقول مؤيدو القانون إنه مصمم لمنع أكبر شركات التكنولوجيا من استخدام منصاتها بشكل غير عادل لتفضيل خدماتها الخاصة بهم. من ناحية أخرى، تقول شركات التكنولوجية إن من شأنه أن يهدد بعض التجارب اليومية عبر الإنترنت التي يعتمد عليها مئات الملايين من المستخدمين.
على حد تعبير شركة جوجل، فإن القانون "يكسر" بعض خدماتها الأكثر استخداما على الإنترنت، على سبيل المثال منعها من إظهار الاتجاهات في خرائط جوجل ردا على استعلام البحث. وقالت شركة أمازون إنه سيعيق البائعين الآخرين من الوصول إلى العملاء من خلال سوقها. في غضون ذلك، زعمت شركة أبل أن كسر متجر التطبيقات الخاص بها من شأنه أن يقوض جهود الشركة لمنح مستخدمي هواتف آيفون مزيدا من التحكم في كيفية جمع بياناتهم الشخصية واستخدامها.
ويقول المنافسون إن هذا أمر مخادع، وأنه سيكون من المحتمل تماما تشغيل منصات مفتوحة تقدم للمستخدمين خيارات أوسع للخدمات دون تعريض تجربة المستخدم للخطر.
قد يكون السبيل الأكثر فائدة لشركات التكنولوجيا هو إثارة الصراع المحتمل بين جهود المنظمين لفتح منصاتهم من ناحية، وحماية خصوصية المستخدمين وأمنهم من ناحية أخرى. وقد انضمت شركة جوجل إلى شركة أبل في لعب هذه الورقة، محذرة من أنها لن تكون قادرة على "حماية الأمان والخصوصية في خدماتنا" إذا لم يعد بإمكانها دمج وسائل الحماية تلقائيا.
جرى طرح القانونين المقترحين مع بعض الدعم الجمهوري. لكن التوصل إلى اتفاق من الحزبين لن يكون سهلا في عام الانتخابات حيث يمكن أن يكون أي تشريع مهم تقريبا رهينة لمصالح حزبية أوسع. فقد أظهر الجمهوريون في الكونجرس حرصا في الماضي على استخدام أي تشريع متعلق بالتكنولوجيا لتحدي ما يدعون أنه تحيز واسع الانتشار ضد اليمين من جانب شركات التكنولوجيا.
هناك أيضا مزيد من الأسئلة الأساسية. سيكون تحويل المنصات التكنولوجية إلى شبه مرافق خطوة كبيرة لبلد يحتفل بنجاح الشركات. إضافة إلى ذلك، يواصل سيليكون فالي لعب ورقة البطل الوطني، حيث حذرت شركة جوجل من أن مشروعي القانونين "سيضران بقيادة أمريكا للتكنولوجيا".
حتى عهد قريب، صنعت شركات التكنولوجيا كثيرا من المنافسة العالمية التي تلوح في الأفق من نظرائها الصينيين مثل شركة علي بابا وشركة تينسنت، حيث لعبت على تصعيد المخاوف في واشنطن بشأن صعود البلاد كقوة تكنولوجية. وأصبحت هذه التحذيرات صامتة في الأشهر الأخيرة، حيث واجهت الصين بشكل مباشر قوة شركاتها التكنولوجية.
وقالت لينا خان، وهي رئيسة لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، في مقابلة على قناة سي إن بي سي، إن الإجراء الصيني كان علامة على ما يمكن أن يحدث عندما تخشى الحكومات من أن الشركات الخاصة تأتي لمنافسة سلطة الدولة نفسها.
كل هذا يجعل من مواجهة هذا العام في واشنطن لحظة حاسمة لصناعة التكنولوجيا. بالنظر إلى المناخ المتضارب وحاجة إدارة بايدن إلى اختيار معاركها بعناية بعد الانتكاسات السياسية الأخيرة، لا تزال الاحتمالات تبدو مكدسة ضد التشريعات الواسعة. لكن إذا قرر قادة الكونجرس في كل من الحزبين أن هناك مالا سياسيا في تحدي قوة شركات التكنولوجيا الكبرى، فستكون هذه معركة كبيرة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES