FINANCIAL TIMES

الطباعة ثلاثية الأبعاد توفر حماية محدودة لسلاسل الإمداد

الطباعة ثلاثية الأبعاد توفر حماية محدودة لسلاسل الإمداد

أدت اضطرابات سلاسل الإمداد إلى خفض نمو عائدات "أديداس" بنحو 600 مليون يورو.

في وقت ما في ربيع 2020، بدأ هاتف سام أوليري يرن بلا انقطاع. كان المتصلون مديرين من صناعتي السيارات والطيران. كانوا جميعا يطلبون المساعدة من شركته إس إل إم الصناعية للطباعة ثلاثية الأبعاد في ألمانيا، في إنتاج الأجزاء الحيوية التي أصبحت نادرة فجأة نظرا إلى تعطل الشحن الدولي بسبب جائحة كوفيد- 19.
يقول أوليري، الذي أخذ يتباهى بآلات الشركة المتخصصة أمام العملاء عبر مكالمات الفيديو، "لم أقض يوما واحدا بعيدا عن المكتب". كانت مخاوف زبائنه هي نفسها دائما، كما يقول، "لدي مشكلة كبيرة، أحتاج إلى التخلص من المخاطر، أحتاج إلى إعادة توطين التصنيع".
استخدم عملاء "إس إل إم" حتى الآن تكنولوجيتها للتطبيقات المتخصصة، مثل إنتاج الأقواس المنحنية للطائرات وملاقط المكابح للسيارات عالية الأداء.
لكن على الرغم من زيادة تكلفة وتعقيد المكونات المعدنية للطباعة ثلاثية الأبعاد، فقد لجأوا إلى التكنولوجيا الخاصة بالأجزاء الأكثر شيوعا - مثل المفصلات التي تحافظ على مقاعد السيارة العادية في مكانها.
لذلك، في حين أن كثيرا من الشركات الصناعية الأخرى شهدت تباطؤا في أخذ الطلبات حتى توقفت تماما، زادت إيرادات الشركة التي يقع مقرها في لوبيك - التي انخفضت أسهمها إلى أدنى مستوياتها القياسية قبل انتشار الجائحة - بأكثر من الربع في 2020.
كانت المبيعات في طريقها للزيادة بمقدار مماثل في 2021. بالنسبة إلى 2022، يتوقع أوليري أن تنمو مبيعات "إس إل إم" 40 في المائة.
الاضطرابات الكبيرة في سلاسل الإمداد العالمية في العامين الماضيين - بما في ذلك الانسداد المؤقت لقناة السويس والفيضانات والحرائق في تكساس واليابان، فضلا عن الاختناقات المستمرة في إنتاج أشباه الموصلات - أدت إلى توقعات متفائلة مماثلة لبقية ما يسمى بقطاع "التصنيع الإضافي".
في العام الماضي، أشارت تقديرات دراسة أجرتها شركة لوكس للأبحاث" إلى أن سوق الأجزاء المطبوعة ثلاثية الأبعاد، التي بلغت قيمتها 12 مليار دولار في 2020، ستنمو إلى ما يزيد على 50 مليار دولار بحلول نهاية العقد.
سعت الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى معالجة طريقة صنع المكونات ومكانها. في ألمانيا، أدى النقص المزمن الأخير في أشباه الموصلات إلى العجز عن إنتاج ملايين السيارات التي يريد العملاء طلبها. نتيجة لذلك، ألمانيا واحدة من كثير من الدول التي تعهدت بدعم "إعادة توطين" تصنيع المكونات المهمة لحماية اقتصاداتها.
لكن، على الرغم من هذا الحماس، تشير الأدلة بشكل متزايد إلى حقيقة أن الشركات مثل "إس إل إم" تخدم سوقا صغيرة.
في بداية ربيع 2020، وجدت دراسة استقصائية أجرتها "إي واي" على شركات أوروبية أن أكثر من أربعة أخماسها تفكر في تقريب سلاسل الإمداد الخاصة بها من دولها. لكن عندما أجري الاستطلاع نفسه في نيسان (أبريل) من العام الماضي، لم يوافق هذا الرأي سوى 20 في المائة من الشركات المشاركة.
بالمثل، 15 في المائة فقط من الشركات متعددة الجنسيات التي شملها استطلاع أجراه اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية DIHK قالت إنها ستنقل مكان التصنيع.
تبنت مجموعة أديداس للسلع الرياضية موقف الشركات نفسه. قبل خمسة أعوام فقط، أطلقت الشركة مخططا لبناء مصانع في ألمانيا والولايات المتحدة تستخدم المواد المحلية وأساليب تصنيع متقدمة، مثل الطباعة ثلاثية الأبعاد، لإنتاج أحذية رياضية مصممة حسب الطلب للعملاء القريبين.
كان عليها التخلي عن هذه الخطة مع بدء جائحة كوفيد- 19. لكن بعد أن أدت اضطرابات سلاسل الإمداد إلى خفض نمو عائدات "أديداس" بنحو 600 مليون يورو في الأشهر الثلاثة حتى نهاية أيلول (سبتمبر) 2021، كان الرئيس كاسبر رورستد مصرا على أنه لم يغير رأيه بشأن إعادة توطين التصنيع.
قال روستد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، "لدينا نحو 800 ألف شخص منتشرين في مصانع موردينا. من الوهم أن نعتقد أنه يمكنك نقل صناعة نمت على مدى 30 عاما في آسيا، حتى أصبحت صناعة متطورة للغاية، إلى بعض المناطق".
أضاف رورستد أنه حتى لو كان ذلك ممكنا من الناحية النظرية، فلا يزال يتعين الحصول على المواد الخام من جميع أنحاء العالم لإنتاج الأجزاء، ما يجعل احتمال إعادة توطين الصناعة "وهم بالكامل".
قال، "لن تتمكن حتى من العثور على أشخاص (يريدون القيام بالعمل الجاري حاليا في آسيا)".
خبراء اقتصاديون في ألمانيا غير مقتنعين بذلك أيضا.
يحذر ألكسندر ساندكامب من أنه "إذا انفصل الاتحاد الأوروبي ولو جزئيا عن شبكات التوريد الدولية، فسيؤدي ذلك إلى تدهور كبير في مستوى معيشة الأشخاص داخل الاتحاد الأوروبي وكذلك لشركائه التجاريين، وبالتالي يجب تجنبه بكل الوسائل". ساندكامب أحد مؤلفي دراسة أجراها معهد كيل Kiel للاقتصاد العالمي التي أشارت إلى أن إضفاء الطابع الإقليمي على الإنتاج سيكلف أوروبا مئات المليارات من اليورو.
يضيف ساندكامب أن كارثة الفيضانات الأخيرة في ألمانيا، التي كلفت البلاد 40 مليار يورو، وفقا لمجموعة ميونيخ ري للتأمين، كانت دليلا آخر على أن "الصدمات يمكن أن تحدث أيضا على عتبة بابنا".
حتى أوليري من "إس إل إم" سارع إلى إضافة تحذير للتوقعات الصعودية لشركته.
يقول، "نحن نعمل في المقام الأول مع الصناعات المنظمة. لذا، إذا كنت تعمل في سلسلة إمداد في مجال الطيران.. أنت لا تشتري طابعة ثلاثية الأبعاد فقط وتقول، "حسنا، حسنا، لقد قررت الابتعاد عن موردي أينما كانوا في العالم وسأقوم بذلك داخليا".
يضيف أن برنامج تطوير أخير مع شركة كبرى لتصنيع محركات الطائرات في المملكة المتحدة، استغرق عامين للتجهيز والتشغيل، نظرا إلى الوقت اللازم لتركيب الأجهزة اللازمة في الموقع والحصول على الموافقات اللازمة من هيئة الطيران المدني البريطانية.
يقول أوليري، "الطلب يتزايد بالتأكيد. لكن هناك أيضا حقيقة أن هذه تكنولوجيا وتغيير يتم تنظيمه ويستغرق وقتا".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES