الاستدامة زائد الربح تجلب مكاسب لكليات الأعمال

الاستدامة زائد الربح تجلب مكاسب لكليات الأعمال
بدأت مناهج كليات إدارة الأعمال تعطي اهتماما واسعا للمخاوف البيئية.

قد تؤدي عبارة "عمل مسؤول" إلى ابتسامة ساخرة - والإيحاء بأنها مجرد تناقض لفظي. لكن عددا كبيرا من الشركات يتبنى مبدأ الناس والكوكب إلى جانب الربح. يتكيف قطاع التعليم مع هذا المبدأ أيضا.
على مدى نصف قرن على الأقل، سيطرت أولوية المساهمين على المناهج الدراسية في كليات إدارة الأعمال، وكانت أكثر الخيارات المهنية شيوعا لخريجيها هي الأدوار عالية الأجر في الأعمال المصرفية والاستشارات. لكن هذا يتغير، حيث يولي كثير من الطلاب وأعضاء هيئات التدريس وأرباب العمل - جزء منهم تحت ضغط من العملاء والمستثمرين - مزيدا من الاهتمام لتغير المناخ ويشددون على أهمية القيم والأهداف. إنهم يسعون إلى تحقيق المعنى ويعترفون بالجوانب السلبية للرأسمالية غير المقيدة وسيئة التنظيم.
المبادرات مثل مبادئ الأمم المتحدة للتعليم الإداري المسؤول PRME آخذة في التوسع، في حين أن عددا متزايدا من التحالفات يربط مجموعات الطلاب وكليات الأعمال والشبكات الأكاديمية المتخصصة بمجالات مثل الاستثمارات المؤثرة والبحث المسؤول في الأعمال والإدارة. وبالمثل، تتعرض كليات إدارة الأعمال لضغوط للوصول إلى الطلاب في الكليات الأخرى، حتى يتمكن أولئك الذين يسعون إلى العمل خارج القطاع الربحي من الاستفادة من أحدث المعارف الإدارية.
لا تزال تصنيفات كليات إدارة الأعمال، بما في ذلك تلك التي أصدرتها "فاينانشيال تايمز"، تعطي أهمية كبيرة للرواتب التي يجادل النقاد بأنها تميز ضد المؤسسات التي تسعى إلى جذب وتدريب الطلاب الذين لا يحفزهم المال.
تكمن الصعوبة في تحديد مقاييس صارمة وقابلة للمقارنة لأداء الكليات. يظهر التحليل أنه من بين التقارير المرحلية التي نشرتها الكليات في برنامج التعليم الأساس للموظفين التابع للأمم المتحدة، أن كثيرا منها لا يزال قصصيا، مع قليل من الدلائل على أن موضوعات مثل الاستدامة متكاملة بشكل عميق.
من السهل نسبيا تضمين بعض المقاييس، مثل الجندر والتنوع الدولي بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس والقيادة، وقد تم دمجها بالفعل في تصنيفات "فاينانشيال تايمز". بعض آخر قيد التطوير، مثل كيفية إدارة الكليات لعملياتها الخاصة، بما في ذلك تحديد أهداف لانبعاثات الكربون الصفرية الصافية التي تعد مثالا مهما للموظفين والطلاب.
تعد العوامل الأساسية الأخرى، بما في ذلك طبيعة التدريس والبحث ووجهات وأنشطة الطلاب بعد التخرج، أكثر صعوبة في التقييم لكنها مع ذلك ضرورية لأن يتم استكشافها. يجب على كليات إدارة الأعمال تشجيع البحث العملي ذي التأثير المجتمعي ومشاركة خبراتها في التدريب الإداري مع الكليات والتخصصات الأخرى.
تهدف جوائز تعليم الأعمال المسؤولة من "فاينانشيال تايمز" إلى النظر في كل هذه العوامل - لعرض أمثلة على أفضل الممارسات التي يختارها الخبراء من داخل وخارج القطاع. المحكمون هم مزيج غني من أرباب العمل والمستثمرين والأكاديميين وخبراء المال والناشرين وغيرهم ممن لديهم التزام بالتغيير.
كانت النتائج مبهرة. من منطلق تعزيز التعاون بدلا من المنافسة بين الكليات، واعترافا بالجودة العالية للمشاركات، قام الحكام بتعيين أربعة فائزين مشتركين ومشروع تمت الإشادة به للغاية في الفئات الثلاث، بدلا من اختيار واحد لكل منها.
كان هناك العشرات من المشاركات في مجال البحوث الخاصة بكليات إدارة الأعمال، التي سعت إلى العمل الأكاديمي الحديث الذي كان صارما ومبتكرا من الناحية الفكرية، لكنها تناولت أيضا التحديات الاجتماعية وأظهرت أدلة على التأثير في السياسة أو الممارسة.
تضمنت أفضل الأمثلة عادة التعاون بين المؤلفين من مختلف التخصصات والجامعات، إضافة إلى الشراكات مع الممارسين وواضعي السياسات. لقد ذهبوا إلى أبعد من مجرد النشر في المجلات الأكاديمية التقنية، من خلال إنشاء ملخصات السياسة والأدوات عبر الإنترنت، ومناقشة النتائج التي توصلوا إليها مع الشركات والهيئات التنظيمية والمشرعين، وإظهار نتائج ملموسة.
ركزت الفئة الثانية على حالات التدريس التي تقع في قلب الدورات الدراسية لكثير من كليات إدارة الأعمال. هناك إحباط متزايد من أن الرؤساء التنفيذيين الغربيين، البيض والذكور، لا يزالون يهيمنون على تعظيم الأرباح باعتبارهم أبطالا ونماذج يحتذى بها. كرمت جائزة "فاينانشيال تايمز" مجموعة متنوعة غنية من الحالات الجديدة التي تركز على القضايا المرتبطة بالمناخ والاستدامة. لقد أخذوا وجهات نظر متباينة حول المعضلات التي تواجهها مجموعة متنوعة من المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال في دول مختلفة، وكتبوا من قبل أشخاص داخل وخارج كليات إدارة الأعمال في أمريكا الشمالية وأوروبا وإفريقيا وآسيا.
تعد العمليات والبحث والتدريس كلها مهمة، لكن الاختبار النهائي لكليات إدارة الأعمال هو خريجوها، لذلك ركزت الجائزة الثالثة على الخريجين "صناع التغيير" الذين واصلوا بعد دراستهم ليصبحوا إما رواد أعمال ينشؤون شركات ناشئة ذات تأثير اجتماعي وإما رواد أعمال داخليين يجعلون "العمل كالمعتاد" بالنسبة إلى أرباب أعمالهم رغم الوضع الصعب. تم اختيار الفائزين، مثل الكليات التي التحقوا بها، من ثلاث قارات وقد أظهروا كيف يمكن إحداث فرق، ولا سيما في مجالات البيئة والصحة.
بشكل عام، قد لا تزال فلسفة عديد من كليات إدارة الأعمال، والمسارات المهنية لأغلبية خريجيها، تبرر الشكوك حول مستقبل الأعمال المسؤولة. لكن هذه الجوائز تشير إلى إنجازات رائعة من قبل أولئك الملتزمين بتأثير مجتمعي أوسع وتقدم أمثلة قوية يمكن للآخرين محاكاتها.

الأكثر قراءة