FINANCIAL TIMES

عندما يتعلق الأمر بالحمائية .. الاتحاد الأوروبي أفضل من أمريكا

عندما يتعلق الأمر بالحمائية .. الاتحاد الأوروبي أفضل من أمريكا

تعطل سلاسل التوريد بسبب الجائحة أتاح فرصة للسياسيين الساعين إلى إعادة التصنع إلى الوطن.

كان تعطل سلاسل التوريد أثناء جائحة كوفيد- 19 سيئا للأغلبية، لكنه كان فرصة للبعض. على وجه التحديد، رسم خط تقدم للسياسيين الذين لديهم رغبة كامنة في سياسة صناعية ناشطة لمحاولة إعادة التصنيع إلى الوطن.
في الاتحاد الأوروبي، واليابان، والولايات المتحدة تحت رئاسة جو بايدن خاصة، تحت لافتات مختلفة ("المرونة"، "الاستقلالية"، "الأمن القومي")، فتح بعض صانعي السياسة بابتهاج مجموعة أدواتهم الخاصة من الدعم الحكومي وميزانيات المشتريات ومتطلبات المحتوى المحلي، مع التركيز على المنتجات بما في ذلك أشباه الموصلات والبطاريات وعناصر التربة النادرة والمركبات الكهربائية.
مع وجود بعض الاستثناءات، مثل دعم بعض الحكومات الآسيوية لشركات أشباه الموصلات لإنشاء متجر في بلادها، لم ينتج عن هذا كثير من الإجراءات حتى الآن. بالنظر إلى إمكانية التدخلات الحمائية الفظة - ما يوجد تخمة في العرض وعدم كفاءة وتقليل تنوع العرض - قد تكون هذه نعمة.
بينما يبدو من غير المرجح أن يستمر الشلل إلى أجل غير مسمى، فإنه سيستمر لفترة أطول في بعض الأماكن أكثر من غيرها. يبدو أن الاتحاد الأوروبي واليابان محصنين بشكل جيد نسبيا ضد علة التدخل، الولايات المتحدة ضعيفة المناعة أكثر ضد ذلك.
الحيز السياسي لإعادة الهيكلة التي تقودها الدولة تم إفراغه من خلال حملات من الرسائل الإعلامية. ادعى بايدن إلى حد ما أنه أنقذ عيد الميلاد، أو على الأقل جزء السلع الاستهلاكية المعمرة منه، من خلال موجة من التدخلات الرسمية أواخر العام الماضي، ما أدى إلى فتح الموانئ ومحاصرة تجار التجزئة. قام تييري بريتون، مفوض السوق الداخلية في الاتحاد الأوروبي النشط جدا، العام الماضي بجولة إرشادية لسلسلة توريد اللقاحات في أوروبا ولمح إلى أنه قام شخصيا بتحفيز الإنتاج.
بعض هذه الادعاءات تبدو واهية عند التدقيق فيها. صرح بايدن أنه زاد الإنتاجية في موانئ الساحل الغربي المسدودة سيئة السمعة، بما في ذلك عن طريق جعل العمال يجرون عملية مناولة الحاويات على مدار 24 ساعة. في الواقع، لا يزال عدد سفن الحاويات المنتظرة خارج الميناء يسجل مستويات قياسية. أوروبا التي تطلق على نفسها اسم صيدلية العالم، قادرة تماما على إدارة سلاسل إمداد طبية عالية الكفاءة طالما أن الحكومات تدير سياسات مشتريات معقولة ولا تعيقها بحظر الصادرات.
الآن تختبر حكومة الولايات المتحدة قدرتها على الإدارة الدقيقة لسلاسل التوريد المعقدة للقطاع الخاص. ينفذ بايدن أحكام المحتوى المحلي لإنتاج السيارات في اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا الموروثة عن إدارة دونالد ترمب، على الرغم من أن ذلك سرعان ما واجه مشكلة في شكل قضية تسوية النزاع التي رفعتها الدولتان العضوتان الأخريان في الاتفاقية.
لم تتوانى إدارة بايدن عن رغبتها في الحصول على إعفاءات ضريبية لتصنيع السيارات الكهربائية مشروطة بالإنتاج في الولايات المتحدة، مع منحة إضافية إذا كانت العملية نقابية. قد لا ينجو الجزء النقابي من الكونجرس، هناك منشأة لـ"تويوتا" غير نقابية في ولاية فرجينيا الغربية، موطن السناتور القوي جدا صاحب الصوت الحاسم، جو مانشين. لكن على الرغم من القلق في المكسيك وكندا وأوروبا، فإن جزء الإنتاج المحلي يملك فرصة جيدة للنجاح ويبدو من غير المرجح أن يؤدي إلى إنتاجية مثالية.
قالت ماري لافلي، من معهد بيترسون، "يبقى السؤال عما إذا كان بإمكانه فعل أي شيء بخلاف أن ينتج عنه سيارات باهظة الثمن أمريكية شمالية تباع فقط في أمريكا الشمالية".
قد تنهار الحسابات الحمائية على المدى الطويل إذا تم اعتبار البرنامج بمنزلة منحة باهظة الثمن ذات فائدة خاصة. استخدام الإيثانول وقودا أخضر قبل عقد أو عقدين كان له إمكانات تقنية مماثلة خضراء. لكن من غير الواضح ما إذا كان اعتماده في الولايات المتحدة قد كان بسبب أنه أصبح باهظ الثمن وليس له فائدة ودون المستوى الأمثل من الناحية البيئية لمزارعي الذرة في ولاية أيوا.
على الرغم من الغرائز التدخلية لأمثال بريتون، من غير المرجح أن يستسلم الاتحاد الأوروبي لإغراء الاكتفاء الذاتي. حدوده المفروضة على الذات هي قوته. بالكاد يوجد أي نقود مركزية في الاتحاد الأوروبي لدعم إعادة التوطين، الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي جمعت معا حتى الآن بضع مليارات فقط لدعم الاستثمار في أشباه الموصلات، مقارنة بـ52 مليار دولار مقترحة في الولايات المتحدة.
تم تخفيف نظام المساعدة الحكومية الذي يقيد المنح بالنسبة إلى منتجات مثل أشباه الموصلات، لكنه أقل بكثير من المتاح للجميع في أمريكا. سحبت "تسلا " العام الماضي طلبا للحصول على 1.1 مليار يورو مساعدة حكومية من ألمانيا، وقيل إن ذلك بسبب القواعد التقييدية المرفقة. على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي ليس خاليا من العيوب، فقد أظهر احتراما لقواعد التجارة أكثر من الولايات المتحدة في عهد ترمب وبايدن. حتى الآن، اقتصرت جهوده بشكل أساس على المبادرات المتواضعة بين القطاعين العام والخاص مثل "تحالف البطاريات".
في الوقت نفسه، أنشأت اليابان صندوقا تحفيزيا لشركاتها للبحث في إعادة سلاسل التوريد من الصين، لكن الحاجة إلى الاستثمار في الصين للبيع للسوق الصينية أعاقت الشركات اليابانية من إعادة الهيكلة الكبرى.
من المعقول القول إن الاقتصادات المتقدمة بحاجة إلى جرعة من التدخل الحكومي لتشجيع المرونة، مع التركيز بشكل ضيق على الاعتماد المفرط على مدخلات معينة. لكن على الأقل، يجب أن تمر هذه الأفكار من خلال مرشحات السياسة المؤسسية لحجب المشاريع المضللة. لدى الاتحاد الأوروبي مثل هذه الآليات، وليس عن عمد تماما، أما الولايات المتحدة فهي ليست كذلك.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES