FINANCIAL TIMES

رسالة من جهة مجهولة .. الخرف بداية لطريقة مختلفة للعيش

رسالة من جهة مجهولة .. الخرف بداية لطريقة مختلفة للعيش

ويندي ميتشل مع كتابها "ما أود أن يعرفه الناس عن الخرف"

كتبت ويندي ميتشل كتابا، من أفضل الكتب مبيعا، عن التعايش مع الخرف، جمع سحر رسالة من أرض غريبة مجهولة.
بعد أربعة أعوام، بالشراكة مع المتعاونة نفسها، آنا وارتون، أتبعت ذلك بنشر كتاب بعنوان "ما أود أن يعرفه الناس عن الخرف" What I Wish People Knew About Dementia، وهو مزيج مقنع من دليل إرشادي وبيان رسمي للتعامل مع المرض بطريقة أكثر تعاطفا واستنارة. حتى الذين لم تتأثر حياتهم بعد بالزهايمر وغيره من الأنواع الأخرى من الخرف – يبلغ عددهم الآن 55 مليونا شخص يعتقد أنهم مصابون بالخرف في جميع أنحاء العالم، وهو عدد آخذ في التناقص – سيستجيبون بالتأكيد لهذا التصوير المبهج لبقاء الروح البشرية على قيد الحياة في أصعب الظروف.
أصبحت فكرة "العيش مع"، بدلا من "المعاناة"، جزءا من الخطاب في الأعوام الأخيرة حيث أصر المرضى على عدم التعريف بهم من خلال حالتهم الصحية. لكن لا يزال يتعين على ميتشل (58 عاما)، وهي إدارية متقاعدة من هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة تم تشخيصها على أنها مصابة بالخرف في 2014، أن تتحلى بشجاعة خاصة للمضي قدما والكتابة بمثل هذه البلاغة والبصيرة حول مرض كان يفترض لأعوام أنه يسلب المصابين به الشعور بالوعي.
توضح ميتشل أن ثمن ظهورها البارز، وكذلك "نشطاء الخرف" الآخرين كما تسميهم الذين لا يقدمون الصورة النمطية للمصابين بالعجز في مواجهة الشيخوخة التي لا يمكن إيقافها، هو التشكيك في تشخيص حالاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
تكتب، واصفة الاستنفاد الذي تعانيه بعد ملتقى حواري: "إنهم لا يرونني لافتة على نفسي في السرير في اليوم التالي، ورأسي عاجز حتى عن تحديد أي يوم من أيام الأسبوع، لمجرد أنني أرهقت نفسي". مع ذلك، الحاجة الماسة إلى شهادة شخص يعرف من كثب الحالة والضرر الذي يترتب عليها تظهر بوضوح صادم من خلال هذه صفحات الكتاب.
لأعوام، كان الاهتمام منصبا على السعي لإيجاد دواء عجيب للوقاية من المرض أو علاجه. لكن نستنتج من قراءة الكتاب أن أشكال الدعم الأكثر بساطة من شأنها أن تقدم مساهمة كبيرة في قدرة الذين يعانون هذا المرض على الاستمرار في عيش حياة منتجة.
تشير ميتشل إلى أنه حتى الخبراء الطبيون ينظرون في كثير من الأحيان إلى تشخيص الخرف على أنه نقطة نهاية وليس بداية لطريقة مختلفة للعيش. تتذكر أنها، بعد تشخيص حالتها، تم فصلها من العمل؛ يبدو أن أي شكل من أشكال الرعاية اللاحقة ينظر إليه على أنه غير مجدي. تسأل: "لو تم تشخيصي بالسرطان، أو السكتة الدماغية، أو السكري، هل كان الطبيب الاستشاري سيخرجني من المستشفى؟".
عديد من الأفكار هنا عملية. تقدم ميتشل فرصة لمشاهدة أكثر الأنشطة اليومية – مثل التسوق والطبخ – من خلال عيون شخص يتعامل مع التغيرات الحسية التي ينتجها المرض. الرحلة التي طال انتظارها إلى الفرع الجديد من جون لويس، وهو متجر متعدد الأقسام، مثلا، كادت أن تفسد لأن الأرضية الرخامية تبدو لها على أنها "محيط أسود مصقول من الدوامات الرمادية التي تشبه الأمواج". محاربة الغثيان، الطريقة الوحيدة التي يمكنها تجاوزها هي إبقاء عينيها مثبتتين على السقف. تقول: "يبدو أنه أمر بسيط يمكن أن يدركه المهندسون المعماريون والمتخصصون في التصميم الداخلي لجعل التجربة أكثر شمولا".
يتضمن الكتاب بحثا أكاديميا وإكلينيكيا، لكن قوته تكمن في أن الأغلبية العظمى من المادة تأتي من تجاربها الخاصة وتجارب أصدقائها: وهي فرصة نادرة لفهم منظور مجموعة يفترض عادة أنها تفتقر إلى القدرة على الحكم العقلاني.
في إحدى الفقرات، تناولت فكرة أن المصابين بالخرف أكثر عرضة أن يكونوا "تائهين"، مشيرة إلى أنه قبل تشخيصهم، ربما كان من الممكن وصف هؤلاء "التائهين" بأنهم "جائلون". تقول بشكل قاطع: "الأشخاص المصابين بالخرف لديهم هدف على الرغم من أنه قد لا يكون واضحا للآخرين".
لكن على الرغم من كل هذه الإيجابية والإحساس بأن الخرف مرض يمكن إدارته وحتى - إذا استخدمنا كلمة مفضلة - "التذاكي عليه"، فهي حريصة على الاعتراف بأن مثل هذا النهج بالنسبة إلى كثيرين سيبدو أمرا لا يمكن تحقيقه. بعد إلقاء خطاب، اقترب منها رجل وجد أن فكرة "التعايش الجيد مع الخرف" تتعارض تماما مع شعوره "بأنه معدوم الفائدة" في الواقع. بعد التفكير، تأتي ميتشل بطموح أكثر دقة: "التعايش حسبما تسمح ظروفك".
يختتم الكتاب بشعار يتضمن عزمها على تحدي مرضها: القفز المظلي من أجل العمل الخيري. مع ذلك، لا يزال هناك فعل بطولي أكثر بساطة عالقا في ذهني، وهي مناسبة عندما تمكنت، من خلال مزيج من الحدس والبراعة، من غلي بيضة، بعد أن أجبرت منذ فترة طويلة على التخلي عن الطبخ الذي كانت تستمتع به دائما.
يعد التأقلم مع الخرف صراعا يوميا، يدور حول الانتصارات الصغيرة بدلا من الإيماءات الكبيرة. بالنسبة إلى الذين يعانون هذا المرض وكل من يحبهم، هذا كتاب يمكن الاعتماد عليه للحصول على نصائح عملية والطمأنينة بشأن مقدار ما تبقى من حياة الذين يعانون الخرف.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES