FINANCIAL TIMES

صناديق التحوط تشن معركة الجائحة للفوز بكبار المتداولين

صناديق التحوط تشن معركة الجائحة للفوز بكبار المتداولين

تحاول الشركات جذب المنتسبين للعمل من خلال التوسع خارج نطاق مدينة نيويورك.

بينما يتسابق المستثمرون لقياس التهديد القادم من متحور أوميكرون لفيروس كورونا، يدل ذلك على أن إحدى أركان صناعة صناديق التحوط ليست بحاجة إلى التذكير بأن الجائحة تحرك الأسواق.
وبمساعدة المحافظ المتنوعة والقدرة على خفض أو رفع مستوى المخاطر بسرعة، كانت الصناديق متعددة المديرين بما فيها ميلينيوم مانيجمنت وسيتاديل من بين الفائزين في الصناعة في الأسواق العاصفة خلال العامين الماضيين.
وقد أدى النمو السريع لمثل هذه الصناديق، التي تتداول في مجموعة واسعة من الأصول والاستراتيجيات، إلى إطلاق العنان لمعركة شرسة على المواهب، ما أدى إلى ارتفاع التعويضات التي يحصل عليها كبار المتداولين بشكل كبير والمساعدة على إعادة تشكيل وول ستريت حيث تحاول الشركات جذب المنتسبين للعمل من خلال التوسع خارج نطاق مدينة نيويورك.
قالت تانيا لوتينز، الشريكة المؤسسة في شركة التوظيف والاستشارات لوتينز أدفايزوري، "إن المنافسة هائلة وهناك ندرة كبيرة في المواهب". وأضافت، "حين لم تكن هناك حرب جنونية على المواهب، كان الأمر يتعلق بالسوق التي يتحكم فيها المشتري وكان بإمكان الشركات أن تملي شروطها. أما الآن فهم يجعلونهم يقومون بعمل أكثر (الأشخاص الذين يريدون توظيفهم) من أجل تحقيق هدفهم".
ومع اشتداد المنافسة على الموظفين، افتتح صندوق ميلينيوم هذا العام، وهو صندوق قيمته 57 مليار دولار ومقره نيويورك، مكاتب في بالم بيتش المعتدلة مناخيا كثيرا وميامي كجزء من خطتهم لزيادة المبيعات. في الوقت نفسه، تضطر الصناديق في بعض الأحيان إلى تقديم ضمانات مدفوعة بملايين الدولارات من أجل إقناع المتداولين بالتوقيع على العقود.
قال أحد المستثمرين الكبار في أوروبا الذي يدعم مثل هذه الصناديق، "إن التنافس شديد للغاية". وأضاف، "لقد تجاوزنا الآن النقطة الإجمالية (عبر القطاع) حيث يكون من الأوفر" إتمام هذه التعيينات.
في الوقت الحالي على الأقل، لا يزال هذا القلق بشأن المكافآت المتزايدة محدودا. فقد تضخمت الأصول في القطاع، الذي يشمل شركات مثل إكسودوس بوينت ومقرها نيويورك، وبالياسني وستيف كوهينز بوينت72، بأكثر من 100 مليار دولار خلال الجائحة إلى 620 مليار دولار، وفقا للبيانات من إيفيستمنت.
تعمل الصناديق متعددة المديرين ربما في أكثر الشؤون المالية قساوة في عالم صناديق التحوط. وباستخدام عشرات أو حتى المئات من الفرق أو "الجماعات الصغيرة " التي تتداول بشكل مستقل في مجموعة من الاستراتيجيات والأصول، فإنهم يقومون باستخدام الاقتراض من أجل تحسين مكاسبهم من الرهانات الفائزة بينما يحاولون الحد من تعرضهم لصدمات السوق المباغتة.
أثبت هذا النهج أنه مناسب في الفوضى التي حلت بالسوق بسبب أزمة فيروس كورونا، ما يجعل مثل هذه الصناديق هي الأكثر شعبية في صناعة صناديق التحوط هذا العام، وذلك وفقا لبيانات إيفيستمنت.
أسست شركة ميلينيوم في 1989 من قبل سمسار البورصة السابق إزي إينجلاندر، وحققت ارتفاعا 25.6 في المائة العام الماضي، في أفضل أداء تقدمه في عقدين من الزمن وفقا لوثائق المستثمرين، وارتفعت 10.9 في المائة، وذلك حتى نهاية تشرين الأول (أكتوبر) من هذا العام.
فيما كسبت مجموعة سيتاديل، التي تبلغ قيمتها 43 مليار دولار ويديرها كين جريفين، 24.5 في المائة في 2020 وارتفعت 19.5 في المائة في الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، وفقا لأحد المصادر المطلعة.
بينما تخلف أداء صناديق التحوط هذه في العام الحالي حتى الآن عن مؤشر إس آند بي500، إلا أنها تواصل الاستفادة من بعض المستثمرين الذين يقدرون العوائد المستمدة من رهانات محددة بدرجة أعلى من تلك التي تأتي من تتبع المؤشر الإجمالي.
منذ 2019، على سبيل المثال، أعادت ميلينيوم مليارات الدولارات إلى المستثمرين، الذين كانوا في الوقت نفسه على استعداد لوضع أموالهم لفترة أطول لدى الشركة.
وما يزيد من الجاذبية التي تحظى بها الشركة هو الاستمرارية في عائداتها على فترات طويلة، حتى خلال حالات اضطراب الأسواق. وعلى الرغم من أن نصف أصولها التي تبلغ قيمتها من أصول الدخل الثابت 13.5 مليار دولار، فإن إكسودوس بوينت، التي أسسها مايكل جيلباند في 2017، الرئيس السابق للدخل الثابت في ميلينيوم، قد خسرت أقل من 3 في المائة خلال اضطراب سوق السندات في تشرين الأول (أكتوبر)، لكن ذلك أفضل من صناديق التحوط الكبيرة مثل روكوس كابيتال وألفادين.

أبيض وأسود
إن نموذج "تناول ما تصطاده" الذي يتبناه عديد من الشركات يعني أن المتداولين الناجحين يشاركون في الغنائم، في حين أن أولئك الذين يخسرون حتى المبالغ الصغيرة نسبيا من المال سيتعرضون للطرد سريعا.
في ميلينيوم، بإمكان المتداول تصفية مراكزه ومن الممكن فصله من العمل إذا خسر نحو 7.5 في المائة، على الرغم من أن الشركة ستأخذ في اعتبارها أيضا عوامل أخرى مثل ظروف السوق، وفقا لأشخاص مطلعين على مجريات الأمور.
وفي الحالات القصوى، من المحتمل للمتداول داخل عالم متعدد المديرين أن يخرج من الباب بعد أسابيع فقط من وصوله، على حد قول المصدر نفسه.
حيث قال مدير إحدى المحافظ، "إن الأمر هو إما أبيض وإما أسود". وأضاف، "أنت تعرف قواعد اللعبة. حيث يخبرونك في ميلينيوم أنهم يريدون تمكينك؛ لذا اجلب عملك وفريقك وسنتولى شؤون الامتثال، والإدارة، وأنظمة التداول وما إلى ذلك. في الوقت الذي تزداد فيه تكلفة إنشاء صندوق التحوط الخاص بك وتصبح أكثر تعقيدا، يصبح هذا الأمر ذا صدى جيد".
وبالنسبة إلى المتداولين الموهوبين، فقد نجح هذا الأمر. وإضافة إلى الراتب الأساس الذي يمكن أن يصل في بعض الحالات بين 250 ألف دولار إلى 400 ألف دولار، فإن المتداولين الذين يتمتعون بأداء قوي يعرض عليهم الآن وبشكل منتظم ما نسبته 20 في المائة من أرباح التداول التي يولدونها، فيما وصل العرض للبعض منهم نسبة تصل إلى 25 في المائة، على حد قول المطلعين على الصناعة.
يتم تقييد المتداولين أيضا من خلال فترات الإشعار لترك العمل وشروط عدم المنافسة لفترة طويلة لمنعهم من الانتقال إلى المنافسين، في الأغلب ما تكون هذه المدة ستة أشهر ولكن في بعض الأحيان تمتد إلى عدة أعوام. ومن أجل توظيفهم، يتعين على الصناديق تعويضهم عن المكافآت المتراكمة التي يتركونها وراءهم إضافة إلى الأرباح المفقودة خلال فترات الإشعار لترك العمل والأشهر الأولى في الشركة الجديدة. قد تصل هذه المدفوعات الآن إلى عشرة ملايين دولار وأحيانا أخرى تصل إلى 20 مليون دولار.

الذين يعتنى بهم
على الرغم من إمكانية حصولهم على مكافآت سخية، إلا أن المديرين التنفيذيين في الصناعة يقولون إن الاتجاه يعكس أيضا كيف قلت خيارات المتداولين على مدار العقد الماضي.
وقد استفادت الصناديق متعددة المديرين لأن تكلفة الامتثال للوائح ما بعد الأزمة المالية جعلت إنشاء الصناديق أكثر صعوبة. ويتعرض المتداولون الذين ربما فعلوا ذلك في أحد الأيام، لإغراء متزايد من قبل الصناديق متعددة المديرين، حيث يتم الاهتمام بالتنظيم والامتثال وحيث من الممكن منحهم مبلغا يصل إلى 750 مليون دولار أو أكثر مقابل إدارتهم في اليوم الأول.
سكبت هذه الديناميكية الوقود على فورة التوظيف. فمنذ بداية العام الماضي، ارتفع عدد المديرين الرئيسين، حيث يترأس كل منهم مجموعة، وقد ارتفع العدد في ميلينيوم من 230 إلى أكثر من 265، بينما ارتفع عدد الجماعات أيضا. وفي إكسودوس بوينت ارتفع عدد المديرين الرئيسين من 60 إلى 105.
غالبا ما تجبر الشركات على المواجهة وجها لوجه في معارك مريرة في بعض الأحيان للتنافس على المتداولين. فقد وظفت شركة سيتاديل أخيرا المتداول براد شنايدر، الذي كان يعمل سابقا لدى ميلينيوم. أما إكسودوس بوينت، التي استوحي اسمها من عدد الزملاء في ميلينيوم الذين أخذهم جيلباند معه في البداية، فقد ضمت عشرات المتداولين وغيرهم من موظفي ميلينيوم السابقين إلى صفوفها، على الرغم من تباطؤ التدفق أخيرا.
فيما وظفت إكسودوس بوينت التي تتخذ من نيويورك مقرا لها 40 متداولا هذا العام من مجموعة من الشركات، بما في ذلك عشر شركات في أوروبا وعشر أخرى في آسيا.
في الأشهر الأخيرة، كانت ميلينيوم نشطة بشكل خاص، ولا سيما في أوروبا. فمن بين 22 متداولا في صناديق التحوط الذين وظفتهم شركة أو سي آر ألفا المدرجة لشهر أيلول (سبتمبر) في جميع أنحاء الصناعة، ثمانية منهم صنعتهم شركة ميلينيوم - وهذا أكبر عدد مقارنة بأي شركة على انفراد. وقد وصف أحد المديرين التنفيذيين من المنافسين أن شركة ميلينيوم "تحاول توظيف جميع من في السوق بأكمله".
وقد امتنعت كل من شركة ميلينيوم وإكسودوس بوينت عن التعليق. أما شركة سيتاديل فقد قالت: "إننا نستثمر بكثافة في بناء فرق عالية الأداء تستفيد من الموارد والتكنولوجيا كي تساعد مديري محافظنا على أن يكونوا أكثر نجاحا".
ورغم الأداء القوي للصناديق متعددة المديرين، إلا أن القطاع واجه عدة نكسات. حيث عانى بعضها خسائر أولية عندما تراجعت الأسواق في آذار (مارس) 2020 مع انتشار فيروس كوفيد - 19، وذلك قبل أن يتدخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي ويحدث انتعاشا في الأصول ذات المخاطر العالية.
ولكن مع إشارة البنوك المركزية إلى عزمها تقليص الحوافز في العام المقبل، فإن بعض المديرين التنفيذيين في الصناعة يشعرون بالقلق من مدى مهارة وقدرة الصناديق متعددة المديرين على تجاوز أي تداعيات في السوق، ولا سيما بالنظر إلى نمو أصولها الهائل خلال الجائحة.
قال جيم نيومان، الرئيس المسؤول عن الاستثمار في ساسيكس بارتنرز، التي تقدم المشورة للمستثمرين بشأن استثمارات صناديق التحوط، "تكمن مشكلة الصناديق متعددة الاستراتيجيات" التي تقترض لتحقيق عوائد جيدة في أنه "عندما يكون لديك حركة كبيرة وغير متوقعة في الأسواق التي تؤدي إلى ضغوط السيولة، فإنك حينها ستواجه عمليات سحب أكبر (خسائر)".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES