FINANCIAL TIMES

سؤال يلوح في الأفق: ما مصير العملة حال اختارت اسكتلندا الاستقلال؟

سؤال يلوح في الأفق: ما مصير العملة حال اختارت اسكتلندا الاستقلال؟

يتوافق أي ترتيب للعملة إلى حد كبير مع اقتصاد منفتح ومنتِج ومتماسك اجتماعيا ومدار جيدا.

أقامت "فاينانشيال تايمز" الأسبوع الماضي شراكة مع مهرجان كتاب الحدود "بوردرز بوك فيستفال"، الذي أقيم في منزل السير والتر سكوت في أبوتسفورد في اسكتلندا. لقد كانت عودة رائعة إلى المناسبات الشخصية بالنسبة لي لانضم إلى زملائي موري ديكي وجافين جاكسون هناك، ونناقش السؤال عن العملة الاسكتلندية، ما ترتيب العملة الذي يجب أن تختاره اسكتلندا المحتمل استقلالها؟ (يجب عليك أن تلقي نظرة على كتاب جافين الجديد "المال في درس واحد").
كانت العملة واحدة من أكثر القضايا الشائكة في مناظرة الاستفتاء الاسكتلندي في 2014، التي شعر كثيرون أن الحملة المؤيدة للاستقلال لم تقدم إجابة وافية عنها. إذا وعندما يتم إجراء استفتاء جديد، فإن هذا السؤال سيلوح في الأفق مرة أخرى. مثل الاقتصاد على نطاق أوسع، كلما زادت المخاطر المتصورة بأن شيئا ما يمكن أن يسير بشكل سيئ في النظام النقدي لاسكتلند المستقلة، زاد احتمال أن يختار كثير من الناس البقاء في المملكة المتحدة.
كان الدافع وراء مناقشتنا مقالا كتبه السير جون كاي، يحذر من الابتعاد عن الجنيه الاسترليني. تحديات التحول هائلة بالطبع. لا توجد سابقة لجزء واحد من الاقتصاد المتقدم للتحويل من عملة أكبر في النظام المالي اليوم المتكامل للغاية عبر الحدود. (عندما تبنت دول الاتحاد الأوروبي اليورو، تم تحويل عملاتها الوطنية بالكامل. الانفصال الاسكتلندي سيترك الجنيه الاسترليني في مكانه). سيكون من الصعب منع المواطنين والشركات من استخدام الجنيه الاسترليني في المعاملات الخاصة إذا أرادوا ذلك. وقرار تحويل الأصول والالتزامات الحالية من الجنيه الاسترليني إلى عملة جديدة - وإذا كان الأمر كذلك، فأي منها - سيترك حتما بعض الناس محبطين.
كانت مساهمتي في المناقشة هي النظر إلى دول الشمال التي يشير إليها القوميون الاسكتلنديون أحيانا باعتبارها أمثلة على نماذج لاسكتلندا المستقلة. اللافت للنظر هو أن كل منها يقدم حزمة مختلفة من الارتباط بالاتحاد الأوروبي ونظام العملة. النرويج ليست في الاتحاد الأوروبي ولكنها في السوق الموحدة، ولها عملتها العائمة. السويد عضو في الاتحاد الأوروبي ولها عملتها العائمة. انضمت فنلندا إلى منطقة اليورو. واختارت الدنمارك، العضو في الاتحاد الأوروبي، الخروج من اليورو لكنها ربطت عملتها لما يقارب 40 عاما، أولا بالمارك الألماني ثم باليورو.
ماذا يظهر هذا؟ أعتقد أنه يظهر ثلاثة أمور.
أولا، يتوافق أي ترتيب للعملة إلى حد كبير مع اقتصاد منفتح ومنتج ومتماسك اجتماعيا ومدار جيدا. لكن هذا يفترض مسبقا أن الاقتصادات تدار جيدا في الواقع! تظهر جميع دول الشمال استقرارا سياسيا عاليا، وعملية صنع سياسات مسؤولة، ومالية عامة قوية. عندما تضمن هذه الأمور، يمكن لأي بلد أن يزدهر مع مجموعة من أنظمة العملة. على العكس من ذلك، عندما تكون غير موجودة، يمكن أن يواجه كل نظام عملة مشكلات. لذا، فإن الأهم من نظام العملة نفسه هو التزام اسكتلندا المستقلة الموثوق به للإدارة الاقتصادية الجيدة.
"ربما يكون نظام الربط على النمط الدنماركي ضعيفا بشكل خاص، لأن الحفاظ على سعر صرف ثابت أمر صعب للغاية في مواجهة هروب رأس المال. كما هو الحال، كان على البنك المركزي الدنماركي استيعاب تدفقات رأس المال الداخلة في الأوقات العصيبة، ما يعني، من بين أشياء أخرى، أن تصبح واحدة من أوائل الدول التي تقدم أسعار فائدة سلبية. ولكن بالنسبة إلى معظم الاقتصادات الصغيرة، وبالتأكيد بالنسبة إلى الاقتصادات المستقلة حديثا والمكشوفة مثل اسكتلندا، سيكون الاختيار بين عملة عائمة خاصة بها أو الانضمام إلى اتحاد عملات مع الآخرين".
لا شيء من هذا يغير حقيقة أن الوصول إلى نظام جديد محتمل هو أمر محفوف بالتحديات. بدلا من ذلك، يؤكد أن الوصول إلى أي من هذه الوجهات بأمان يجب أن يعتمد على إعطاء الأولوية للسياسة الاقتصادية طويلة الأجل والمالية العامة الموثوقة. لا يوجد اختصار شعبوي.
ثانيا، إذا كان أي من أنظمة العملات هذه يمكن أن ينفع مع اقتصاد جيد الإدارة، فإن الانضمام إلى اتحاد عملات، على وجه الخصوص، يجب أن يعامل كخيار جاد. لم تكن هذه دائما هي الحكمة السائدة في المملكة المتحدة "أو الولايات المتحدة" بعبارة ملطفة.
في أعقاب أزمة اليورو، قيل في كثير من الأحيان إن بلد صغيرة في ورطة تحتاج إلى حرية تخفيض القيمة، حيث لا يمكن مقارنة أيرلندا "في اليورو" بآيسلندا "العملة العائمة" في فترة التعافي بعد الأزمة المالية العالمية. لكن نظرة فاحصة على آيسلندا تظهر أنه ليس هناك ما يحسد عليه، انهيار عملتها، مع انخفاض الدخل الفعلي للآيسلنديين بشكل كبير، لم يجعل صادراتهم تؤدي أداء أفضل من صادرات أيرلندا.
بشكل عام، من المحتمل أن تعاني الاقتصادات الصغيرة تقلب أسعار الصرف أكثر بكثير مما تكسبه من الاستقلال النقدي المفترض الذي يعد في عالم متكامل ماليا وهميا إلى حد كبير. (جادلت أنه حتى المملكة المتحدة كان بإمكانها الاستفادة من الانضمام إلى اليورو).
هذا يترك مسألة ما إذا كان الاتحاد النقدي الصحيح لاسكتلندا المستقلة سيكون مع الجنيه الاسترليني أو اليورو. يمكننا على الأقل أن نقول - وهذه فكرتي الثانية - إن اتحاد عملة رسمي هو بالتأكيد أفضل من استخدام عملة بلد آخر بشكل غير رسمي. لذا، جزء من اختيار العملة سيعتمد على آفاق اتحاد استرليني رسمي وآفاق عضوية الاتحاد الأوروبي. بالنسبة لي، أجد صعوبة في تخيل أن اسكتلندا المستقلة حديثا ستمنح رأيا رسميا أكبر في السياسة النقدية لبنك إنجلترا أكثر من رأيها كجزء من المملكة المتحدة.
فكرتي الثالثة هي أن الاختيار بين الجنيه الاسترليني واليورو يعتمد حقا على خيار أكبر حول التوجه الاقتصادي لاسكتلندا المستقلة. هل ينبغي لها أن تسعى إلى الحفاظ على علاقات اقتصادية قوية مع بقية المملكة المتحدة، أو السماح لتلك العلاقات بالتعثر من أجل علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي؟ لسوء الحظ، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الصعب جعل ذلك خيارا أكثر صرامة.
الجواب سيقرره بالطبع شعب اسكتلندا المستقلة. لكن يبدو لي أن خيار الاستقلال سيكون مدفوعا جزئيا بالرغبة في توجه مختلف من الروابط الاقتصادية "وغيرها". إذا حصل ذلك، فإن الاستفتاء الذي أخرج اسكتلندا من المملكة المتحدة سيضعها على مسار ينتهي باليورو.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES