ثقافة وفنون

«رون المعطوب» يستبدل الصديق بروبوت

«رون المعطوب» يستبدل الصديق بروبوت

مشهد من الفيلم.

«رون المعطوب» يستبدل الصديق بروبوت

بوستر العمل.

في وقت انخفض فيه التواصل الاجتماعي المباشر، وأصبح العالم الافتراضي سيد المجالس، ازدادت مشكلة عزلة الفرد، وأصبحت ‏السوشيال ميديا وبرامج الدردشة هي الأسلوب الأوحد للتواصل بين جميع البشر، ومن هنا بدأت أفلام التكنولوجيا والعلوم في التكاثر، ‏بعضها لإلقاء الضوء على مساوئ الابتكارات الجديدة والبعض الآخر يتناولها بإيجابية ترويجية، تحاكي بخفتها وسلاستها عقول ‏الصغار الذين يتلقفون المشاهد السينمائية بنهم، ويتخذون منها العبرة والتصرف، لذلك كان لا بد من الحذر في فيلم Ron’s Gone Wrong ‏ "رون المعطوب" الذي يشجع الأطفال على عزلتهم، ويدفعهم نحو الصداقة الافتراضية، من خلال العلاقة بين ‏ولد يدعى بارني و B*BOTوهو أفضل صديق روبوت شخصي.

روبوت يشبه حبة الدواء
قد يكون فيلم "رون المعطوب" واحدا من أقوى أفلام الخيال العلمي الواقعية التي شوهدت على الشاشة في الآونة الأخيرة، فالأحداث ‏تدور في عالم يكون كل طفل تقريبا مصاحبا روبوت "بي- بوت" صغيرا يشبه حبة الدواء من شركة "بابل"، ومن الناحية ‏الوظيفية، فإن روبوتات "بي- بوت" هي أفضل قليلا من هواتف الآيفون، لكنها تسبب ضررا للأطفال الذين يعتادون عليها، ‏وشركات التكنولوجيا لا تمانع طالما أنها تحقق أرباحا، لكن ما تفتقر إليه ميزة الرسوم المتحركة في الخيال الجريء، فهي ‏تعوضه بروح الدعابة المحببة والنقد الثقافي المدروس وروبوت لطيف جدا.‏
أفضل صديق للأطفال
كما هي الحال دائما، تبدأ التكنولوجيا الخبيثة لـ"رون" بنوايا حسنة ظاهريا. في عرض تقديمي مبهج، للمخترع مارك ويديل، الذي ‏يلعب دوره الممثل جاستيس سميث، حيث وصف الروبوت "بي- بوت" بأنه أفضل صديق للأطفال خارج الصندوق، وهو قادر ‏ليس فقط على تخصيص نفسه ليعكس أذواق المستخدم الفردي، لكن لربط هذا المستخدم بالمستخدمين الآخرين، وفقا للخوارزمية. ‏وهذا يؤكد أن أيام الأطفال الخجولين الذين يقفون في الزاوية بمفردهم في فترة الاستراحة قد ولت، وهذا هو السبب أن "بارني ‏بودوسكي" الذي يؤدي صوته الممثل جاك ديلان جرازر، يستبدل الصخب من أجل الحياء، حتى إنه أصبح آخر طالب في مدرسة ‏‏"نوساتش" المتوسطة يحصل على روبوت أخيرا.‏
حادث يعطب «رون»
لكن سرعان ما يدرك بارني أن "رون" الذي يؤدي صوته الممثل زاك جاليفياناكيس، ليس مثل باقي الروبوتات الأخرى، بعد ‏تعرضه لحادث يتعذر على "رون" الاتصال بالشبكة أو تحميل التطبيقات والإعدادات المعتادة، وبالتالي فهو أكثر تميزا من بقية ‏أقرانه، بل إنه يبدو معطوبا بطريقة تجعله أكثر جمالا، إذا كانت روبوتات "بي– بوت" العادية مثل الشاشات الرئيسة للهواتف ‏الذكية، براقة وملونة وتغمرها الإشعارات باستمرار، فإن "رون" يبدو كأنه نسخة قديمة لهواتف "أبل" من بدايات العقد الـ21 بقذفته البيضاء الشفافة وابتسامته البسيطة والودية، ويتصرف مثل التقنية الغبية القديمة أيضا.

كوميديا خفيفة
يثير فيلم "رون المعطوب" الضحك الشديد من الإحباطات المألوفة التي تنشأ عندما لا تفعل التكنولوجيا تماما ما يفترض أن تفعله، ‏كما هي الحال عندما يتخذ "رون" التوجيه لمعرفة كل شيء عن بارني، كتعليمه لإجراء تجارب تحدد درجة الحرارة الدقيقة لمعرفة ‏أي من ملابس بارني الداخلية قد تشعل النار، وهناك بعض الأشياء المفعمة بالحيوية التي تنطوي على عدم قدرة أو عدم رغبة ‏أسرة الصبي الروسية المهاجرة في الاندماج في الضاحية الأمريكية الهادئة، حيث يعيشون. ‏
تكوين الروبوت
إن تكوين الروبوت رون لم يتطلب نسيج الجلد المتقن نفسه مثل نظرائه الذين يعملون بكامل طاقتهم، بدلا من ذلك، تم جعله يبدو ‏أساسيا، أبيض بالكامل مع وجه فقط يتكون من عينين وفم، إضافة إلى بعض الرسومات البسيطة نسبيا المستخدمة عندما تتطلب ‏القصة، وللتأكيد على حقيقة أن "رون" كان روبوتا معطلا، أضافت شركة المؤثرات البصرية مستوى من البكسل إلى ملامح وجهه، ‏التي كان يمكن التحكم فيها بالكامل بوساطة الرسوم المتحركة، وإضافة هذه الميزة إلى شخصية "رون" ساعدت على كشف حالته ‏الذهنية لمشهد معين، إضافة إلى ذلك، ساعد هذا التمايز على إضافة جاذبيته وجودة محبته، لذلك كان من الأهمية بمكان أن يتمتع ‏رسامو الرسوم المتحركة بالتحكم الكامل في نظام الوجه من أجل اتخاذ أفضل خيارات التمثيل الممكنة.

زمن الصداقات بين البشر اندثر
إن التعاليم التي جاءت من وراء هذا الفيلم والمختصة بكيفية أن تكون صديقا جيدا، كما يتضح من ارتباط بارني المتنامي بـ"‏رون"، هي دروس لا يمكن الاعتراض عليها، إن لم تكن عميقة تماما، لكن حتى مع سخرية أندرو موريس الرئيس التنفيذي ‏لشركة بابل الذي لعب دوره الممثل روب ديلاني - مثل منصب تيم كوك في شركة أبل - فإن تكوين صداقات شخصية هي بمنزلة ‏‏"ثلاثة آلاف عام ماضية"، يبدو أن "رون المعطوب" على قدم وساق في انتقاد الطريقة التي شوهت بها التكنولوجيا الاتصال ‏البشري أكثر مما كانت عليه عندما تبحث في حالات انعدام الأمن والقلق التي قد تشجع طفلا مثل بارني على الاعتماد على هذه ‏التكنولوجيا في المقام الأول.‏
الخطر المحدق
يكشف الفيلم أن أندرو يستخدم روبوت "بي- بوت" لمراقبة المراهقات وبيع منتجاتهن، لكنه بالكاد كشف أي شيء، وهو ما ‏ينبغي تماما أن يكون في عالم كان "فيسبوك" يطور "إنستجرام" للأطفال في الوقت نفسه الذي كان فيه يتجاهل التقارير الداخلية ‏حول ضرر المنصة تجاه المراهقين.‏
مناهض للتكنولوجيا
فيلم "رون المعطوب" لا يقدم نفسه على أنه مناهض للتكنولوجيا في حد ذاتها، حتى عندما يحاول الحمقى في شركة بابل العثور على "‏رون" وتدميره، لحماية صورة العلامة التجارية، لكنه ماهر في التقاط براعة الروبوتات في وسائل التواصل الاجتماعي، سواء في ‏محاولة رون في "الإعجاب" أو "الصداقة" في الحياة الحقيقية، وفي الغالب هذا يتمثل في وضع ملصقات القلب على الغرباء، أو ‏في حديث الشركة الذي يحول الأحباء إلى "جهات اتصال" ومقالب الطفولة إلى "محتوى".
يتعثر الفيلم في بعض الأحيان، ولا سيما ‏في الفصل الثالث الذي من المؤكد أن لديه مزيدا من مستخدمي التكنولوجيا ذوي الخبرة، الذين يتذمرون من أن هذه ليست الطريقة ‏التي تعمل بها السحابة. لكن النقطة الأوسع التي يقدمها الفيلم هي نقطة تستحق الاهتمام، ليس من أجل مستقبل افتراضي قد يمر ‏يوما ما بشكل عابر، بل من أجل العالم كما هو موجود بالفعل.‏
يذكر أن الفيلم حقق 7.3 مليون دولار في أول أسبوع من عرضه.‏

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون