ثقافة وفنون

توم هانكس يبحث عن ملاذ آمن في فيلم فينش

توم هانكس يبحث عن ملاذ آمن في فيلم فينش

ملصق الفيلم.

توم هانكس يبحث عن ملاذ آمن في فيلم فينش

مشهد من العمل.

الصديق ورفيق الدرب، هو من يقف إلى جانبك في أحلك الظروف، هو الذي يساندك فيما هو خير لك، وعلى الرغم من أن الجميع يؤنسن الصداقة إلا أنها ممكن أن تتمثل في عديد من الأشياء الأخرى. ولقد نجح النجم توم هانكس في ترسيخ صورة الصديق الذي تجلى في فيلم Finch في كلب ودود ووفي وروبوت تم صنعه خصيصا لمساعدة البطل، وصحيح أننا اعتدنا وفاء الكلب، إلا أن رفقة الروبوت وصداقته مستحدثة، ولعلها جاءت من التطور التكنولوجي وانتشار ظاهرة الروبوتات، التي - بحسب التوقعات - ستحل محل الإنسان في يوم من الأيام.
عقبة كورونا
لقد كان من المقرر افتتاح فيلم Finch في دور السينما من خلال استوديوهات "يونيفيرسال" في تشرين الأول (أكتوبر) 2020، لكن تم تأجيله بسبب جائحة كورونا والحجر الصحي، وتم بيع الفيلم في نهاية المطاف لمنصة "أبل تي في بلس"، حيث تم عرضه لأول مرة في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) من 2021، ولقي الفيلم إقبالا كونه موجها إلى جميع أفراد العائلة، فالسيناريو الذي قام بكتابته كريج لاك؛ الكاتب الصاعد بمساعدة ريدلي سكوت؛ المخرج والمنتج البريطاني المعروف، وضع عديدا من العناصر المألوفة بشكل عام من أفلام الناجين ما بعد نهاية العالم، وحكايات أفضل صديق للرجل وسيناريوهات الرفيق الآلي.
بداية المعاناة
يعد الطريق ورحلة هانكس - بعد أن دمر توهج شمسي كوكب الأرض بكوارث مناخية متعددة - العمود الفقري للقصة؛ ما أعطى المشاهد شعورا بأنه مشابه لفيلم "كاست أواي" من بطولة توم هانكس وإخراج روبرت زيميكيس، وتدور أحداثه حول موظف في شركة فيديكس، تقع طائرته في المحيط، لكنه ينجو بأعجوبة ليجد نفسه على جزيرة غير مأهولة، فيحاول التعايش مع هذا الأمر حتى يفكر ذات يوم في صنع مركب يقله عبر المحيط ليعود إلى وطنه ثانية، لكن في Finch بدل أن يصنع مركبا صنع "روبوت" اسمه "جيف" ليساعده على العناية بـ"كلبه" Goodyear.
بعد الحادث الكارثي
على مدار الأعوام العشرة التي انقضت منذ وقوع حادث كارثي جعل الأرض أرضا قاحلة غير صالحة للسكن، بدرجات حرارة تصل إلى 65.6 درجة مئوية ومستويات إشعاع سامة، كان "فينش" يعيش بمفرده مع "جوديير" في مختبر "سانت لويس" تحت الأرض التابع للشركة التي كان يعمل فيها، كان يرتدي بدلة الأشعة فوق البنفسجية التي تراقب الظروف الخارجية، يذهب "فينش" في رحلات استكشافية منتظمة للبحث عن الطعام مصحوبا بمركبة معدلة تسمى "ديوي" لاستعادة البضائع المعلبة من الأماكن القليلة التي لم ينهبها الناجون من البشر اليائسين الذين في الغالب لن يراهم.
بناء الروبوتات
عند العودة إلى مخبئه، كان "فينش" يبني نوعا من روبوتات الخردة مبرمجا بمعرفة موسوعية تتضمن دليلا لتدريب ورعاية الكلاب. التوجيه الأساسي للروبوت الجديد إلى جانب منع الضرر لـ"فينش" هو حماية "جوديير" في غياب "فينش"، لكن قبل أن يتم تعليم الذكاء الاصطناعي السير وتحميل بياناته بالكامل، فإنه يتنبأ بأحداث الطقس الكبرى التي تجلب معها عاصفة خارقة مدتها 40 يوما.
يجبر ذلك "فينش" على تحميل "جوديير" و"ديوي" والروبوت الجديد الذي لم تتم تسميته بعد في مقطورة متنقلة تعمل بالطاقة الشمسية والتوجه غربا، اختار سان فرانسيسكو كوجهة لهم.
ثغرات
من الصعب إحصاء عدد ردات الفعل التي يقوم فيها كلب الإنقاذ اللطيف بهز رأسه بتساؤل، أو ينبح على الروبوت المصمم لغرض صريح هو الاعتناء به. هناك قليل مما لا يمكن التنبؤ به في فيلم الخيال العلمي العاطفي للمخرج ميجيل سابوشنيك؛ الذي كانت آخر أعماله المميزة فيلم "ريبو مان" في 2010 الذي حقق مزيدا من النجاح في التلفزيون، خاصة في مسلسل "جيم أوف ثرونز"، وهو أنه أخطأ في عمل فيلم مناسب لعمر الـ13، وعوضا عن ذلك فقد صنفه مناسبا للعائلة، ويصبح التركيز الرئيس هو جهود "فينش" المتزايدة لتعليم "جيف" القيم الإنسانية مثل الثقة والمودة، وهو ما يفعله في سلسلة من الروايات الشخصية، بما في ذلك رواية تنقل الظروف المؤلمة لكيفية عثوره هو و"جوديير" على بعضهما بعضا عندما كان هذا الأخير مجرد جرو، هدفه الآخر هو إقامة رابطة بين "جيف" والكلب الحذر منه بشدة "جوديير".
مناظر طبيعية
أما الآفاق المهيبة التي تم تصويرها في المناظر الطبيعية الوعرة لـ"نيو مكسيكو" فكانت من قبل البلجيكي "جو ويليامز"؛ الذي كان خلف مرئيات الغلاف الجوي في فيلم الرعب البريطاني الرائع "هيز هاوس"، وأيضا كان في ثلاثة أفلام من سلسلة "هانجر جيمز"، "العنصر العاطفي هو المسيطر".
النزاهة
ما يجعل كل شيء في الفيلم قابلا للمشاهدة هو النزاهة التي يجلبها "هانكس"، حيث يتيح لنا النص أن نعرف أن "فينش" هو ساحر تكنولوجي ذو روح تناظرية، من خلال جعله يغني لنفسه أغنية "أميريكان باي" بينما كان يشق طريقه عبر عاصفة ترابية، وعزف أغنية "بيري كومو" على الفينيل، بينما كان جالسا في مخبئه. لكن "هانكس" ينقل أسف "فينش" ويتعدى على حزنه قليلا، وغالبا ما يكون مزجه بين السخط والصبر مع "جيف" مؤثرا للغاية.
سيناريو منخفض المخاطر
على الرغم من الملاحظات المؤثرة للصورة المتوقعة لكوكب دمره تغير المناخ إلا أنه من اللافت للنظر كيف يبدو السيناريو منخفض المخاطر، ما إن انطلقوا حتى بدأ سعال "فينش" المزعج ونوباته في التصاعد إلى مستوى "ميمي" في فيلم "لا بوهيم"، وهذا يترك قليلا من الشك إلى أين تتجه القصة، وفي هذه الأثناء تبدأ المخاطر، فمثلا هنالك مشهد مطاردة خال بشكل غريب من التشويق للهرب من الصيادين البشر، أو ضربة إعصار يتولى فيها "جيف" مسؤولية إغلاق الفتحات لتثبيت المقطورة أكثر قليلا.
المساعد الرئيس الآخر للفيلم هو العمل الصوتي والبدني الرائع الذي يقوم به "جونز" كرجل آلي، التحدث بصوت ميكانيكي يبدو روسيا غامضا في البداية لكنه يكتسب مع الوقت الطلاقة وسهولة المحادثة. يتساءل "جيف" باستمرار، يحني رأسه باكتشاف جديد أو يحدق في سماء فارغة واسعة في تفكير هادئ، ما يوحي بفهم متزايد للعوامل غير المبرمجة في مدخلات بياناته.
ستعرف تقريبا إلى أين يسير "فينش" في كل خطوة على الطريق، لكن توازن التكنولوجيا في الفيلم ونزع سلاح الشفافية يضعفان المقاومة تدريجيا، حيث تساعد موسيقى "جوستافو سانتاولالا" على النتيجة.
لم يفز "فينش" بأي جوائز للدقة أو الإبداع، لكن هناك دائما جمهورا لهذا النوع من الاعتداء اللطيف على القنوات الدمعية، خاصة عندما يكون هناك كلب لطيف مشارك.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون