إنهم بالفعل لا يحب بعضهم بعضا

إنهم بالفعل لا يحب بعضهم بعضا

مصر تتهم "حزب الله" في لبنان بالتجسس عليها.

في دلالة على الخلاف المتزايد بين المعسكرات ذات الولاءات المختلفة في منطقة الشرق الأوسط، تزعم السلطات المصرية أنها ألقت القبض على شبكة تجسس يديرها "حزب الله"، الحزب والميليشيا الشيعية في لبنان، على الأراضي المصرية. وفي حين تزعم مصر منذ فترة طويلة أنها تقود صناع السلام في المنطقة، فإن الجماعة اللبنانية متحالفة في جبهة تضم سورية، إيران، وحماس، الحزب الإسلامي الفلسطيني الحاكم في قطاع غزة، وتتبنى المواجهة مع إسرائيل. ويزيد الكشف عن خلية مزعومة لـ "حزب الله" مخاوف عديد من الحكومات العربية السنية، وكذلك كثير من السكان المنوعين في لبنان، بأن إيران الشيعية تستغل الجماعة، التي اكتسبت الهيبة في جميع أنحاء الشرق الأوسط لتمكنها من صد هجوم من قبل إسرائيل عام 2006، لزيادة نفوذها على حسابهم.
واتهم المدعي العام في مصر 25 شخصا، بمن فيهم أشخاص لبنانيون، فلسطينيون، سودانيون، ومصريون، بتشكيل خلية لتهريب الأسلحة عبر الحدود المصرية مع غزة، ولمراقبة الملاحة في قناة السويس، وتخطيط هجمات ضد مصر نفسها. وتقول الصحف المملوكة للحكومة في القاهرة: إن الخلية، التي يبدو أنه تم اعتقال عملائها الرئيسيين في تشرين الثاني (نوفمبر)، خططت لشن هجمات إرهابية على فنادق المنتجعات في مصر، مستهدفة سياحا إسرائيليين بهدف إذكاء الاضطرابات العامة والحث على تنفيذ انقلاب عسكري. وتؤكد تقارير صحافية مصرية أخرى أنه تم اعتقال أربعة أعضاء من الحرس الثوري الإيراني، متخفين بوصفهم لاجئين عراقيين شيعة، في جولة منفصلة من عمليات الاعتقال في كانون الأول (ديسمبر).
وتؤكد هذه الاتهامات المصرية الملتهبة الإحباط الذي تشعر به حكومة الرئيس حسني مبارك، التي تم ازدراؤها وانتقادها بشدة بسبب رفضها فتح المعابر إلى غزة لإغاثة الفلسطينيين المحاصرين. ووصل انزعاج مصر إلى ذروته خلال هجوم إسرائيل على حماس في غزة في وقت سابق من هذا العام، الذي دام 22 يوما، حين اتهم زعيم "حزب الله"، حسن نصر الله، مبارك بالتواطؤ مع "النظام الصهيوني" ودعا الضباط المصريين إلى إنقاذ شرف دولتهم. وظلت مصر معزولة في الرأي العام العربي، حيث شن مبارك حملة صارمة بعد ذلك على التهريب عبر الحدود وبذل جهودا كبيرة لإجبار "حماس" على تشارك السلطة مع منافستها العلمانية، حركة فتح، عن طريق استخدام فتح الحدود كوسيلة إغراء.
وقد تكون بعض الاتهامات المصرية صحيحة. ففي خطاب متلفز، اعترف نصر الله أن أحد الرجال المعتقلين هو عضو في الحزب يقدم مساعدة لوجستية لمساعدة "إخواننا الفلسطينيين". إلا أن زعيم "حزب الله"، الذي يشتهر بالصراحة، قال إنه ليس هناك سوى عشرة من المتآمرين المزعومين مرتبطين بحزبه، وأنكر وجود أية نية لإيذاء مصر. وقال: "إذا كانت مساعدة الفلسطينيين جريمة، فأنا إذن مذنب وفخور بذلك".
وقال نائبه، نعيم قاسم، إن أعضاء حزب الله لديهم تعليمات واضحة بعدم القيام بأي شيء ضد الإسرائيليين في مصر. وطرح سؤالا خطابيا: "كيف يمكن أن يكون لإسرائيل الحق في تلقي أسلحة ومعلومات استخبارية من جميع أنحاء العالم، في حين يتم إدانة مجرد محاولة بسيطة لرفع الظلم عن الفلسطينيين أو تزويدهم بالضروريات الأساسية للحفاظ على نضالهم؟".
ولا يزال هذا المنطق يجتذب كثيرين في المنطقة. ولكن تماما مثلما أزعجت دعوة نصر الله لإسقاط مبارك، حتى بعض خصوم الرئيس المصري في مصر، فإن الكشف عن شبكة حزب الله يثير الأسئلة بخصوص نوايا الجماعة. ومع أنها تورطت في أعمال إرهابية دولية سابقة، إلا أن "حزب الله" أعلن في السنوات الأخيرة أنه مهتم فقط بشؤون اللبنانيين، وبصورة متزايدة مع اقتراب موعد الانتخابات العامة المقررة في حزيران (يونيو). ولدى منتقديه في لبنان الآن سبب جديد للشكوى من أن الحزب قد يورط بلادهم في مشاحنات إقليمية لا يريدون المشاركة فيها.

الأكثر قراءة