FINANCIAL TIMES

مديرة في "ديب مايند" للذكاء الاصطناعي: من الصعب ألا تمر بمتلازمة المحتال

مديرة في "ديب مايند" للذكاء الاصطناعي: من الصعب ألا تمر بمتلازمة المحتال

ليلى إبراهيم.

ليلى إبراهيم أول مدير عام للعمليات في شركة "ديب مايند" التي تعد إحدى أشهر شركات الذكاء الاصطناعي في العالم. ليس لدى إبراهيم أي خبرة رسمية في مجال الذكاء الاصطناعي أو البحث، الذي يعد مجال العمل الأساسي للشركة، ومع ذلك فهي تشرف على نصف قوتها العاملة، وهو فريق عالمي يتكون من نحو 500 شخص، منهم المهندسون والعلماء. ويعملون على تحقيق مهمة واحدة غير متبلورة إلى حد ما، بناء ذكاء اصطناعي عام يمكن اعتباره كنسخة ميكانيكية قوية مشابهة للدماغ البشري يمكنها النهوض بالعلم والإنسانية. ومهمة إبراهيم تحويل هذه الرؤية إلى عملية منظمة.
تقول إبراهيم، "من الصعب ألا تمر بمتلازمة المحتال. فأنا لست الخبيرة في الذكاء الاصطناعي، ولكني هنا أعمل مع بعض ألمع الناس... وقد استغرقني بعض الوقت كي أفهم أي شيء تتم مناقشته بعد الدقائق الست الأولى من بعض اجتماعاتنا البحثية. لكنني أدركت أن تعييني هنا لم يكن حتى أكون تلك الخبيرة، بل كان حتى أجلب إليهم خبرتي التي تبلغ 30 عاما، ونظرتي الإنسانية لفهم التكنولوجيا وتأثيرها، وأن أقوم بذلك بطريقة شجاعة للمساعدة على تحقيق هذا الهدف الطموح".
انضمت المهندسة اللبنانية الأمريكية البالغة من العمر 51 عاما، إلى شركة "ديب مايند" في عام 2018، حيث انتقلت مع عائلتها من وادي السيليكون إلى لندن حيث كانت تشغل منصب مدير العمليات في شركة التعليم عبر الإنترنت كورسيرا بعد 20 عاما كانت قد أمضتها في شركة "إنتل". وقبل مغادرتها "إنتل" عام 2010، عملت رئيسة موظفي كريغ باريت، الرئيس التنفيذي لشركة تضم 85 ألف موظف، في الوقت الذي أنجبت فيه توأما للتو.
وكون ليلى إبراهيم عربية أمريكية في الغرب الأوسط وباعتبارها مهندسة، كانت تعد "المختلفة دائما عن البقية". وفي "ديب مايند" أيضا كانت دخيلة، فقد جاءت من عالم الشركات وعملت في كل من طوكيو وهونج كونج وشنغهاي. كما أنها تدير منظمة غير ربحية تدعى "تيم 4 تيك" التي توظف متطوعين من صناعة التكنولوجيا من أجل دعم التعليم في العالم النامي.
يقع مقر "ديب مايند" في كينغز كروس في لندن، ويديرها ديميس هاسابيس وفريق قيادة بريطاني في غالبه. وخلال الأعوام الثلاثة التي قضتها فيها، قامت إبراهيم بالإشراف على مضاعفة عدد موظفيها إلى أكثر من ألف موظف في أربع دول، فيما تتناول بعضا من أصعب المسائل في مجال الذكاء الاصطناعي، وهي كيف يمكنك تحقيق اختراقات ذات قيمة تجارية؟ وكيف توسع خط إمدادات المواهب في سوق توظيف تعد الأكثر تنافسية في حقل التكنولوجيا؟ وكيف تخترع ذكاء اصطناعيا يتحلى بالمسؤولية والأخلاقية؟
كان التحدي الأول الذي واجهته إبراهيم كيفية قياس نجاح المؤسسة وقيمتها كونها لا تبيع منتجات ملموسة. تم الاستحواذ عليها من قبل شركة "جوجل" في عام 2014 مقابل 400 مليون جنيه استرليني، وخسرت الشركة 477 مليون جنيه استرليني في عام 2019. وجاءت إيراداتها البالغة 266 مليون جنيه استرليني في ذلك العام من شركات أخرى مملوكة لشركة "ألفابيت" مثل "جوجل"، التي تدفع لـ"ديب مايند" مقابل أي تطبيقات ذكاء اصطناعي تجارية تقوم بتطويرها داخليا.
تقول ليلى إبراهيم، "بعد أن تبوأت منصبا في مجلس إدارة شركة عامة من قبل، فأنا أعرف مدى الضغط الذي تتعرض له شركة ألفابيت. فمن واقع خبرتي، عندما تصب المنظمات تركيزها على المدى القصير، فإنها في الأغلب ما تتعثر. لذا يجب أن تفكر ألفابيت على المدى القصير والمدى الطويل معا من حيث القيمة". وتضيف، "ترى ألفابيت في ديب مايند استثمارا في مستقبل الذكاء الاصطناعي مع إعطاء بعض القيمة التجارية لها. خذ مثلا ويفنيت، التي تعد تقنية تم تطويرها من قبل ديب مايند وهي مدمجة الآن في منتجات جوجل (مثل جوجل أسيستانت) وفي مشروع يوفوريا". هذه الخدمة تساعد على تحويل الكلام إلى نص مكتوب حيث يمكن لمرضى التصلب الضموري الجانبي (وهو مرض العصبون الحركي) الحفاظ على صوتهم.
تم تطوير هذه التطبيقات بشكل أساسي من خلال فريق "ديب مايند 4 جوجل"، الذي يعمل حصريا على تسويق الذكاء الاصطناعي الخاص به لمصلحة أعمال جوجل.
وتؤكد ليلى إبراهيم أن "ديب مايند" تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية عن شركتها الأم "بقدر ما تحتاج إليه حتى الآن"، وعلى سبيل المثال فهي تنظم أهداف إدارة الأداء الخاصة بها. فكما تقول إبراهيم، "يجب أن أخبرك بأني عندما انضممت كنت أشعر بالفضول، هل سيحصل هناك أي توتر؟ لكن لم يكن هناك أي من ذلك".
وتمثل تحد آخر مهم في تعيين باحثين في سوق عمل تنافسي، حيث تتنافس شركات مثل "أبل" و"أمازون" و"فيسبوك" على علماء الذكاء الاصطناعي. فوفقا للروايات المتناقلة، يقال إن كبار العلماء قد يتقاضون رواتب في حدود 500 ألف جنيه استرليني، ويطلب آخرون بضعة ملايين إضافية. تقول ليلى إبراهيم، "رواتب ديب مايند منافسة بغض النظر عن المستوى والوظيفة التي لديك".
التحدي الثالث الذي ركزت عليه ليلى إبراهيم ترجمة المبادئ الأخلاقية إلى الجوانب العملية لأبحاث الذكاء الاصطناعي في "ديب مايند". فيما يسلط الباحثون الضوء بشكل متزايد على المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي مثل الروبوتات القاتلة الذاتية، وقضايا مثل استنساخ الميول الإنسانية، وانتهاك الخصوصية من خلال تقنيات مثل التعرف على الوجه.
لطالما كانت ليلى إبراهيم مهتمة بالتأثير الاجتماعي للتكنولوجيا. فقد عملت في "إنتل" على مشاريع مثل إدخال الإنترنت إلى السكان المعزولين في غابات الأمازون المطيرة. وتوضح، "عندما أجريت مقابلتي مع شين "المؤسس المشارك لشركة ليغ وديب مايند"، توجهت إلى المنزل وفكرت، هل يمكنني العمل في هذه الشركة وإرسال ابنتي التوأم إلى النوم ليلا حيث يمكنهما معرفة ما الذي تعمل عليه أمهما؟".
وقد واجهت "جوجل" الشقيقة لشركة "ديب مايند" انتقادات بسبب كيفية تعاملها مع المخاوف الأخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي. ففي العام الماضي، زعم أن "جوجل" طردت اثنين من الباحثين الأخلاقيين في مجال الذكاء الاصطناعي، هما تيمنيت جيبرو، ومارغريت ميتشيل بسبب اقتراحهما أن باستطاعة الذكاء الاصطناعي لمعالجة اللغة (الذي تطوره جوجل) أن يعكس التحيز اللغوي البشري. ووصفت "جوجل" مغادرة جيبرو للشركة بأنها "استقالة". أدت التداعيات العامة لهذا الأمر إلى أزمة ثقة في أوساط مجتمع الذكاء الاصطناعي، هل تدرك شركات التكنولوجيا مثل "جوجل" و"ديب مايند" الأضرار المحتملة للذكاء الاصطناعي، وهل لديهما أي نيات للحد منها؟
وتحقيقا لهذه الغاية، أنشأت إبراهيم فريقا داخليا مختصا بمدى التأثير المجتمعي من مختلف التخصصات. حيث يلتقي بفرق البحث الأساسية للشركة لمناقشة أخطار وتأثيرات العمل الذي تقوم به "ديب مايند". وتؤكد ليلى إبراهيم، "عليك أن تعيد النظر في الافتراضات باستمرار... والقرارات التي اتخذتها، ثم قم بتحديث تفكيرك بناء على ذلك".
وتضيف، "إذا لم تكن لدينا خبرة حول المائدة، فإننا نجلب خبراء من خارج الشركة. لقد جلبنا أشخاصا من مجالات الفضاء الأمني والخصوصية وأخصائيي الأخلاقيات الحيوية وعلماء النفس الاجتماعي. لقد كانت عقبة ثقافية أمام العلماء للانفتاح والقول لا أعرف كيف يمكن استخدام هذا، وأنا خائف تقريبا من تخمين ذلك، لأنه ماذا سيحدث إذا ما فهمت الأمر بشكل خاطئ؟ لقد قمنا بكثير من العمل من أجل تنظيم هذه الاجتماعات لتكون آمنة نفسيا".
لم تكن ديب مايند على حذر دائما، في عام 2016، طورت الشركة نظام قراءة شفاه عالي الدقة من مقاطع الفيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن استخدامه في تطبيقات محتملة للصم والمكفوفين، لكنها لم تعترف بمخاطر الأمان والخصوصية على الأفراد. ومع ذلك، تشير ليلى إبراهيم إلى أن "ديب مايند" تضع الآن مزيدا من الاهتمام حول قضية الآثار الأخلاقية لمنتجاتها، مثل نظام "ويف نيت" لتحويل النص إلى صوت. وتقول إبراهيم، "لقد فكرنا في الاحتمالات الممكنة لسوء الاستخدام. وأين وكيف يمكننا التقليل منها وتقييد التطبيقات الخاصة بها".
وتوضح أن جزءا من "عملنا هو معرفة ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي حله"، مضيفة، "هناك مجالات لا ينبغي للذكاء الاصطناعي استخدامها. على سبيل المثال، تشكل تطبيقات المراقبة مصدر قلق وأيضا الأسلحة الفتاكة ذاتية التشغيل".
وتضيف "غالبا ما أصف عملنا بأنه نداء أخلاقي. وكل ما قمت به من قبل قد هيأني لهذه اللحظة، للعمل على أحدث التقنيات في يومنا الحاضر، وللعمل على فهم... كيف يمكن استخدامها".



3 أسئلة موجهة إلى ليلى إبراهيم

من هو مثلك الأعلى في القيادة؟
إنه كريج باريت. لقد كنت رئيسا للموظفين في "إنتل"، بينما كان هو الرئيس التنفيذي حينها. لقد اقتفى خطى بوب نويز وآندي جروف وجوردون مور... كانوا أساطير في صناعة أشباه الموصلات. وكنا نقوم معا بعديد من الأعمال الريادية، مثل كيفية إدخال الإنترنت إلى أجزاء نائية من العالم لم تكن متاحة لديها من قبل. وكان يقول، "إذا كان هناك شخص ما يزعجك، فاجعليهم يتحدثون إلي، لأنني أساندك".

ما أول درس تعلمته في القيادة؟
كان هناك كثير من الأشخاص داخل المنظمة الذين كانوا يشكون في "عملي". وكنت أواجه مشكلة مع بعض كبار المسؤولين التنفيذيين لدى [باريت]. جعلني أجلس وقال، "ليلى، دائما ما ينتهي المطاف بمستكشفي الطريق أن السهام تصيبهم من الخلف أكثر من التي في المقدمة، لأن الجميع يحاول دائما اللحاق بالركب". وقال، "دعيني أنزع هذه السهام حتى تتمكني من الجري لمسافة أبعد وأسرع". هذه الطريقة التي أقود بها، أريد من الناس أن يحاولوا وألا يخافوا من ارتكاب الأخطاء. السبب في أنني قادرة على القيام بذلك، أنه في وقت مبكر من مسيرتي المهنية، قام قائدي البطل بذلك من أجلي.

لو لم تكوني رئيسا تنفيذيا / قائدا، فماذا كنت ستصبحين؟
كانت أول وظيفة أردتها لنفسي منصب رئيس الولايات المتحدة، ولكن ربما هذه الأيام أفضل الدبلوماسية. جمع الناس معا وفهم اختلافاتهم لدفع الأمور إلى الأمام هو شيء أدركت أنني كنت دائما متحمسة له. يتعلق الأمر بإيجاد أوجه التشابه حيث يكون ما هو متجل مختلفا.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES