ثقافة وفنون

«سونج بيرد» .. فيلم لامع مقتبس من واقع قاتم

«سونج بيرد» .. فيلم لامع مقتبس من واقع قاتم

بوستر الفيلم.

«سونج بيرد» .. فيلم لامع مقتبس من واقع قاتم

مشهد من العمل.

ما إن بدأت جائحة كورونا تتقهقر أمام ضربات مطرقة "فايزر" و"آسترازينكا" وأخواتهما، ومواكبة لعودة الحياة إلى صالات العرض السينمائية، عاد عداد النشاط السينمائي إلى تشغيل محركاته، فاستحضر المنتجون مخزون ما في جعبتهم من الأفلام السينمائية البارزة، التي أجبرتهم جائحة كوفيد - 19 المستجد على تأجيل طرحها رغم جاهزيتها إبان العام الماضي، فضجت دور العرض السينمائي بتلك الأفلام التي طال انتظارها من قبل عشاق الفن السابع.
تضم قائمة الأفلام المؤجلة سابقا، التي بدأت صالات السينما في المنطقة عرضها، عددا بارزا من الأفلام التي جاءت استكمالا لأجزاء سابقة، ولعل أبرزها The Conjuring 3، الجزء الثالث من سلسلة أفلام الرعب الشهيرة The Conjuring، ويضم طاقم الممثلين نفسه، إخراج مايكل شافيز، وكان من المتوقع طرح الفيلم في سبتمبر العام المنصرم، لكن تم طرحه في 4 يونيو 2021 في دور العرض السينمائي. وكذلك ضمت القائمة فيلم Venom: Let There Be Carnage الجزء الثاني من الفيلم الشهير Venom، وهو يحمل توقيع المخرج آندي سيركيس.
هذا إلى جانب Black Widow، وهو واحد من أبرز الأفلام المنتظرة هذا العام، بطولة سكارليت جوهانسون، كان من المقرر طرحه في مايو 2020، ثم تأجل إلى نوفمبر من العام الماضي، وللمرة الثانية تم تأجيل طرحه إلى يوليو 2021.
والقائمة تطول وتحتوي على عديد من الأفلام التي من المتوقع أن تحصد كثيرا من النجاح والجماهيرية. وفي هذا السياق سنعمد أسبوعيا إلى محاولة سبر أغوار فيلم من تلك الأفلام المختارة، واستعراض أحداثه، وتحليل نقاط قوته وضعفه، وسنبدأ سلسلتنا هذا الأسبوع بفيلم الإثارة Song bird.

يصور الواقع

شكل انتشار اللقاحات المضادة لفيروس كوفيد - 19 في شتى أنحاء العالم، باعثة أمل وراحة، وبث السكينة في قلوبنا جميعا، حيث أذن بعودة طال انتظارها إلى مسار مظاهر الحياة الطبيعية، لكن لم تسر رياح اللقاحات بما تشتهيه سفن صناع فيلم "سونج بيرد"، فيلم التشويق الذي يتناول الجائحة ويصور واقعا ليس بعيدا عما نعيشه الآن، الذي لم يظهر أن اللقاح هو العلاج، بل إنه أسهم في التفرقة والقهر للبشر، وارتفاع وتيرة الفساد والاتجار بصحة الناس، بحسب ما حملت أحداث الفيلم.

الولادة من مخاض عسير

عاش فيلم "سونج بيرد" مخاضا عسيرا حيث ولدت الفكرة في شهر مارس، وحصلت على الضوء الأخضر في شهر مايو من العام الماضي، ثم بدأ التصوير في شهر يوليو، وتم إصدار الفيلم رقميا في شهر ديسمبر، إلا أن إقفال صالات السينما جعله هائما في فضاء الإنتاجات الحديثة، ينتظر فتح الستارة ليطل بفكرته التي أبدع آدم ماسون المخرج البريطاني والكاتب المشارك في صياغتها، حيث يعد فيلما يحكي قصة كبيرة بموارد قليلة، مستخدما مدينة لوس أنجلوس المعزولة بسبب الجائحة كموقع رئيس للأحداث. لفت هذا الأمر الأنظار بشكل كبير، حيث يعد هذا الفيلم بمنزلة وثيقة تاريخية تجسد مثابرة المبدعين في سبيل إيجاد طريقة لتجاوز القوانين الصارمة في هذا التوقيت الذي تكابد فيه الصناعة الصعاب، ويعد "سونج بيرد" هو أول فيلم رئيس في هوليوود يتم إنتاجه ليس فقط أثناء الوباء لكن أيضا يتناول الوباء، من إنتاج مايكل باي المنتج المبتكر.

يزيد التوتر أم يطرده؟

يجسد الفيلم أسوأ الاحتمالات، حيث يقتل كوفيد - 23 في الفيلم أكثر من مائة مليون شخص، ما يجعله أقرب إلى الخيال العلمي. وبالنسبة إلى كثير منا، قد تجعلنا الأخبار السارة الأخيرة نتقبل مشاهدة شيء يهدف إلى طرد التوتر من موقف هو بالفعل موترا بما يكفي. ويختلف الأمر حاليا عن بداية الأزمة، خصوصا أننا في مرحلة من الضياع حول مستقبل الفيروس، فمن كوفيد - 19 وما تبعه من سلالات متحورة نقف حائرين ليأتي هذا الفيلم ويأخذنا الى دوامة أكثر توسعا وشمولية، فنخرج منه في النهاية مشلولي الأفكار ونسأل أنفسنا، هل حقا انتهينا من كابوس الكورونا أم ما زال الطريق أمامنا طويلا!

سوار أصفر أم ملازمة البيت

تقع أحداث فيلم "سونج بيرد" في 2024، حيث لم تتحسن أمور الجائحة في الأعوام التي مضت بل تزداد سوءا بالتدريج، يعد أحدث فيروس هو الأكثر فتكا، بمعدل وفيات يبلغ 56 في المائة، ما أدى إلى تقسيم الناس إلى فئتين، فئة لديهم مناعة ضد الفيروس، يلبسون سوارا أصفر، وفئة مناعتهم أقل، فيجبرون على البقاء في منازلهم بشكل مستمر. وفي حال فشلت في "الاختبار المؤقت" اليومي أو كنت قريبا من شخص فشل فيه، فإنك ستنقل قسريا إلى المنطقة "كيو"، التي هي معسكر اعتقال، حيث تترك للموت. نيكو، يؤدي دوره الممثل الشاب كيه جيه أبا من مسلسل "ريفرديل" هو أحد المحظوظين الذين يلبسون السوار الأصفر ويسمح لهم بالتنقل بحرية عبر المدينة المعزولة، حيث يقوم بإيصال الطرود ويخطط للهرب إلى منطقة بيج سور الآمنة. ويأمل نيكو أن يأخذ معه صديقته سارا، التي تؤدي دورها الممثلة الشابة صوفيا كارسون، التي اكتسبت شهرتها من أفلام ديزني، لكنها عالقة في شقتها مع العائلة، حيث تقع في مأزق خطر عندما يصيب الفيروس جدتها.

حب في زمن الكورونا

في فترة عرض الفيلم القصيرة، حيث تبلغ مدته 84 دقيقة فقط، يحاول ماسون وسيمون بويز شريكه في تأليف الفيلم المزج بين قصة حب قوية تشبه قصة "روميو وجولييت" مع التشويق والإثارة بوجود الممثلة المبدعة ديمي مور وبرادلي ويتفورد، كزوجين ثريين منعزلين يبيعان أساور المناعة الصفراء، وألكساندرا داداريو في دور مؤدية أغاني على منصة "اليوتيوب"، كريج روبنسون في دور مدير نيكو، وبول والتر هاوسر في دور محارب معوق، وبيتر ستورمار في دور الشرير رئيس قسم الصرف الصحي.

عندما يتراقص الواقع

لا شك أن فيلم "سونج بيرد" هو فيلم إثارة لامع مقتبس عن الواقع القاتم الذي واجهنا جميعا، واقتبس الفيلم عناصر عرفناها جيدا، من المصطلحات الفيروسية التي نطلقها يوميا إلى العزلة التي عشناها واستخدمها لإنشاء عالم أكثر ترويعا.
وقد تكون المشاهد الواقعية هي الأفضل والأقرب إلى المشاهد من مشاهد الخيال، مثل خوف الأزواج من الإنجاب في الوضع الحالي، أو زوجة تجبر زوجها على حرق ملابسه بعد عودته إلى المنزل، أو الرعب الذي ينتاب الشخص عندما يستيقظ ويشعر بأعراض الحمى. إنه ليس فيلما ذا عمق كبير، لكن عندما يتعامل مع الكيفية والأسباب الشائكة، فإنه يكون ساخرا، ويعكس العيش والعمل في دولة تتم فيها معالجة الأمور بشكل مذهل.
مثل فيلم ذا بيرج "التطهير"، ينشئ فيلم "سونج بيرد" عالما مثيرا للفضول من الاحتمالات، لكنه يبقي التركيز محدودا بشكل محبط، وهو قرار لا مفر منه في هذه الحالة، لكنه يجعلنا نتوق إلى الصورة الأكبر.
"سونج بيرد" فيلم إثارة ممتع اكتسب مكانته بما يحققه من الناحية التقنية أكثر من أي شيء آخر، وقد ينجذب كثيرون لمشاهدته، لكن أيضا قد ينفر منه البعض، وفي جميع الأحوال فإنه يتجه إلى كتب التاريخ.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون