سلة المحذوفات
في أجهزة الكمبيوتر هناك مجلد أساسي بعنوان سلة المحذوفات وظيفته هو استقبال جميع الملفات غير المرغوب فيها، التي في الأغلب ما تكون سيئة أو غير ذات فائدة لصاحبها، وبعد مرور فترة من الوقت سيطلب منك الكمبيوتر إفراغ سلة المحذوفات للتخلص من تلك الملفات نهائيا!
أثناء عيشك في هذا العالم سيمر بك كثير من الأحداث السيئة والمواقف الحزينة والأزمات المؤلمة، وبمرور الوقت لن تتحمل ذاكرتك تخزين كل تلك الأمور الكئيبة، لذا سيأمرك عقلك بالتخلص منها حتى تتمكن من المضي قدما في حياتك، فإن كنت من القلة الذين سيستجيبون فأنت محظوظ جدا لأنك لن تسمح للأحداث السيئة بصنعك، بل ستصنع منها خبرات تمنحك القوة والمعرفة والقدرة على النهوض دوما من عثراتك. أما إن كنت من أولئك الكثرة الذين سيرفضون، فأنت سيئ الحظ لأنك ستظل قابعا على ناصية الحياة المظلمة، وتحكي لكل العابرين حكايات الجحود والنكران والخديعة التي تعرضت لها من أصدقائك وأقاربك وأهلك، وستتلذذ بلعب دور الضحية حتى يسأم منك الناس ويبتعدوا عنك، وستظل طول عمرك "تحوس" بين تلك الذكريات الكئيبة، التي لن تتمكن من التخلص منها!
تذكرت مقولة للفيلسوف الصيني لاوتزو، يقول فيها، «إذا كنت مكتئبا فأنت تعيش في الماضي، وإن كنت قلقا فأنت تعيش في المستقبل، وإن كنت تحس بالسلام فأنت تعيش في الحاضر». حاول دوما حذف ملفات الماضي ولا تسمح لها بأن تتمدد بين شرايين قلبك وتضخ في أوردتك لتنكد عليك حياتك وتصبغ روحك بالحزن والألم، حين تكون سجينا لها، فذلك يعني أن كل شخص أسهم في إنشائها قد انتصر عليك وتمكن من سحق روحك وتحطيمك، بينما هو يعيش حياته بالطول والعرض مستمتعا "ولا جاب خبرك". أما إن كنت قد حاولت فعلا حذف هذه الذكريات المريرة ولم تنجح، فأظنك بحاجة إلى زيارة طبيب نفسي لطلب المساعدة، فأحيانا بعض الذكريات يحتاج إلى مبضع جراح يشق تلافيف الذاكرة لينظف جدرانها من تلك الجروح الغائرة حتى الجذور.
وخزة
قرأت يوما قصة معبرة تتحدث عن رجل غني أعطى فقيرا سلة مليئة بالطعام الفاسد فابتسم الفقير وغادر القصر، ثم أفرغ السلة ونظفها وملأها أزهارا جميلة، ثم عاد للقصر وأعطاها للرجل الغني، فاستغرب قائلا: أعطيك سلة مليئة بالطعام الفاسد فتعيدها لي أزهارا جميلة؟ فأجابه الفقير "كل إنسان يعطي ما في قلبه".. لو كنت مكان هذا الفقير فهل كنت ستملأ السلة أزهارا؟!