الكبار ينفضون الغبار عن أعمالهم القديمة
مساء جميل بجمال المكان الذي يعود بالذاكرة المثقلة بأعباء الحياة إلى تاريخ دولة وحضارة أمة جمعت في قلب العاصمة بمبان شيدت تعكس عراقة الماضي وأصالته وتظهر الوجه الحضاري المشرق.
على أرض مركز الملك عبد العزيز التاريخي كان للتشكيليين موعد لقاء كان للمهتمين فرصة للاطلاع على أعمال نخبة من المبدعين الذين تضمهم "جماعة ألوان", في ذلك المساء افتتح إياد مدني وزير الثقافة والإعلام, معرض الجماعة الرابع بحضور عدد كبير من أعضائها.
كان هذا المعرض مناسبة رائعة ليطلع الوزير على مستوى الفن السعودي عن كثب ويتعرف على إبداع مجموعة من الفنانين رجالاً ونساء كباراً وشباباً, خلال جولته التي استمرت طويلاً استمع إلى رؤى الفنانين وفلسفاتهم التي تحملها أعمالهم, وبعد ذلك جلس بينهم فكان مدار الحديث حول هموم الفنانين وما يعانونه في ظل غياب الدعم المادي والمعنوي, وبين وكيل الوزارة الدكتور السبيل للحضور أن هناك فكرة لإقامة جمعية للتشكيليين ويكون لها فروع في عدد من مدن المملكة, وأكد الوزير هذا الموضوع بقوله: لن يبدأ العام الجديد إلا والأطر العامة للنشاط التشكيلي ستكون على أرض الواقع, مبيناً أن نجاح مثل هذه الأفكار يعتمد على المبدعين أنفسهم فبدونهم وبدون روح المبادرة لن يتمكن أي جهاز من القيام بدوره كما ينبغي.
عبد الله حماس: أصحاب الهم التشكيلي هم القادرون على إنجاح الجمعية.
وحول هذا الموضوع استطلعت الصفحة آراء بعض التشكيليين والتشكيليات فقال الفنان عبد الله حماس رئيس بيت التشكيليين في جدة: أتمنى ذلك ومثل هذه الجمعية ستخدم بلا شك جيل الشباب وستوفر بيئة مناسبة لكبار الفنانين للقيام بدورهم في النهوض بالأجيال المقبلة وتقديم ما لديهم من خبرات وتجارب, ولن يتحقق ذلك إلا بشرط أن يتسلم قيادتها أصحاب الخبرة من الزملاء الفنانين الذين يعيشون الهم التشكيلي.
هدى العمر: يجب أن تشارك المرأة في صنع القرار التشكيلي
وفي جانب آخر, علقت الفنانة هدى العمر على هذه الفكرة بقولها: الجمعية مطلب كلنا ننادي به منذ سنين, فالفنان السعودي للأسف بلا هوية ولا مرجعية فهو يحتاج إلى كيان يضمه وينتمي إليه. فيما أكدت على رأي عبد الله حماس بشأن إدارة الجمعية, مضيفة إلى ذلك أن تكون مبنية على الآراء المحايدة من جميع التشكيليين ولا يقتصر ذلك على الرجال فقط لا بد من مشاركة الفنانة بشكل مباشر.
وعودة للمعرض والأعمال المعروضة التقت الصفحة بعدد من الفنانين المشاركين فتحدث الدكتور يوسف العمود أمين مجلس "جماعة ألوان" عن هذه الجماعة والمعرض بقوله: في هذا المعرض هناك تنوع واضح وتباين في مستوى الأعمال وذلك نابع من الفارق بينهم في الخبرة والعمر, وهذا أمر يخدم العملية الإبداعية فالشباب يستفيدون من الكبار وهذا هدف من أهداف الجماعة تسعى إلى تحقيقه.
أما الفنان عبد الرحمن العجلان الذي تميزت أعماله بالطرح الجاد والأسلوب المتفرد ونوعية المواد المستخدمة فيقول أنا أناقش قضية الحياة والحوار مع الآخر أسعى للاستمتاع بها بغض النظر عن مشاكلها فأعمالي النحتية واللوحة لهما الرسالة نفسها والهدف نفسه, كما أبدى عدد من طلاب جامعة الملك سعود إعجابهم بالأعمال المعروضة.
تباين واضح بين المستويات
يأتي النقد وسيلة مهمة للإبداع وتطوير المستوى الفني ليفتح الآفاق أمام الأجيال الناشئة، ويقيم مستوى تجارب كبار الفنانين وماذا قدموا من أفكار جديدة تتناسب والعصر الذي نعيش فيه، يرى الزائر للمعرض تبايناً واضحاً بين المستويات فتتشكل أمامه أشبه ما يكون بالرسم البياني يرتفع مرة ويهبط مرة أخرى تبعاً لمستوى الأعمال ويكتشف بعين المشاهد لا عين الناقد سيطرة الأعمال القديمة والقديمة جداً أحياناً فالفنان عبد الجبار اليحيى قدم 11 عملاً منها خمس لوحات تشكيلية رسمت فكرتها قبل 20 سنة ولونت هذا العام, إضافة إلى بعض القطع النحتية الخشبية أما الفنان الفوتوغرافي صالح الرميح الوحيد في هذا المجال فأعماله المقدمة تجاوز عمرها السنوات العشر, وعرضت أكثر من مرة وليس ببعيد عن هؤلاء الفنان المكرم سعد العبيد الذي قدم 12عملاً ليس بينهما سوى عمل واحد جديد, وقد يكون له في ذلك عذر ليقدم للجمهور مسيرته التشكيلية ومراحل تطورها, إلا أن هناك تشابها كبيرا بين الأعمال في اللون والتنفيذ رغم بعد المسافة الزمنية بين هذه الأعمال وغيرهم كثير مثل الفنان طه صبان والفنان عبد الله حماس الذي علق على قدم أعماله جاء بسبب انشغاله للترتيب لمعرضه الشخصي المقبل, مؤكداً أنها لم تعرض سوى مرتين مرة في معرض شخصي وأخرى في معرض المملكة في الصين.
كل ذلك يضع أمامنا العديد من علامات الاستفهام ويثير الكثير من التساؤلات, هل نصب فكر هؤلاء الفنانين, أم أن المعرض ليس بتلك القيمة التي تستحق عرض الجديد؟!
الأجمل من ذلك التحفة المعمارية التي ضمت هذا المعرض والمنفذة على أرقى المستويات صالة عرض تتوافر فيها جميع الإمكانيات مساحات واسعة تعطي المشاهد فراغاً ليتأمل والعيش في فضاء العمل, إضاءات مدروسة ومركزة على الأعمال معطية حياة للعمل عازلة المتلقي عن الجو المحيط به ليبقى داخل العمل يفكر فيه وتستنتج فلسفته.