الطاقة- النفط

التفاؤل يسيطر على سوق النفط بعد توقعات 3 بنوك كبرى بلوغ الأسعار 100 دولار

التفاؤل يسيطر على سوق النفط بعد توقعات 3 بنوك كبرى بلوغ الأسعار 100 دولار

الأسعار تتلقى دعما من قيود المعروض وتعافي الطلب وانخفاض المخزونات.

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع الجاري بمكاسب جديدة، بعد ثلاثة أسابيع متواصلة من الارتفاع بفعل التفاؤل بتعافي الطلب على النفط الخام والوقود، وعودة حركة السفر والطيران والتنقل، إضافة إلى استمرار الوتيرة المتسارعة لتوزيع لقاحات كورونا.
وتتلقى الأسعار دعما من بيانات وكالة الطاقة الدولية التي تثق بتعافي الطلب بوتيرة سريعة وتدعو تحالف "أوبك+" إلى زيادة الإمدادات لمواكبة ذلك والحفاظ على توازن واستقرار السوق النفطية.
وقال لـ"الاقتصادية" محللون نفطيون "إن أسعار النفط الخام استهلت الأسبوع بمكاسب قوية جديدة بعدما غلبت المعنويات الإيجابية على السوق، خاصة في ضوء دعوة وكالة الطاقة الدولية منظمة "أوبك+" إلى زيادة الإنتاج لمواجهة ارتفاع الطلب في عام 2022".
وأوضحوا أن توقعات النمو الاقتصادي العالمي الراهنة مبشرة للغاية، في ضوء تبدل الأوضاع في السوق نتيجة انتشار اللقاحات وانخفاض الإصابات اليومية خاصة في الولايات المتحدة وأوروبا، حيث من المتوقع أن يصل الطلب على النفط الخام والمنتجات البترولية إلى مستويات ما قبل الجائحة بحلول عام 2022.
وأشار المحللون إلى أن التفاؤل في السوق منتشر على نطاق واسع وذلك في ضوء توقعات الأسعار الصادرة عن ثلاثة من أكبر بنوك الاستثمار الدولية هي "جولدمان ساكس" و"أوف أمريكا" و"سيتي بنك" التي ترجح أن يصل سعر خام برنت إلى مائة دولار للبرميل في عام 2022.
وذكر المختصون أن تجدد الإصابات بكورونا في آسيا أو بعض الدول الأخرى سيكون محدود التأثير في ظل انتشار اللقاحات كما يبدو، كما أن احتمال حدوث إغلاق عالمي جديد كامل ضئيل.
وقال روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية "إن بداية الأسبوع جاءت قوية وتبشر بأسبوع رابع من المكاسب المتواصلة، كما أسهم في تعديل مسار الأسعار تراجع وكالة الطاقة الدولية عن تقرير سابق كانت تدعو فيه إلى وقف استثمارات النفط والغاز بسبب مخاطر تغير المناخ، لكنها تحولت الآن إلى دعوة تحالف "أوبك+" إلى زيادة الإمدادات لتلبية احتياجات الطلب المتسعة".
وأشار إلى اعتراف وكالة الطاقة الدولية بأن وقف الاستثمارات النفطية أمر غير عملي ويوجد أزمات اقتصادية واسعة في الدول المستهلكة، بشكل خاص التي تعاني بالفعل حاليا ارتفاع الأسعار وزيادة الضغوط التضخمية، حيث أعلنت بشكل مباشر أن حقائق السوق تتعارض مع استراتيجياتها المقترحة للوصول إلى مستويات صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.
من جانبه، أكد ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة أنه مع التعافي اللافت من تداعيات جائحة كورونا واقتراب الحياة من العودة إلى المستويات الطبيعية ينمو الاستهلاك بوتيرة تفوق التوقعات، حيث يواصل الاقتصاد العالمي الاحتياج إلى كميات هائلة من الهيدروكربونات بالتوازي مع الاتجاه الدولي القوي لمضاعفة مصادر الطاقة المتجددة والالتزام باتفاقية باريس المناخية.
وأضاف أنه "بحسب تقديرات وكالة الطاقة فإن الطلب على "أوبك+" سيكون قويا للغاية، حيث تحتاج مجموعة منتجي النفط والغاز الدوليين إلى زيادة إمدادات النفط الخام إلى السوق بمقدار 1.4 مليون برميل يوميا في عام 2022 وهو ما يعني زيادة كبيرة عن أهدافها الحالية من تموز (يوليو) 2021 إلى آذار (مارس) 2022"، مبينا أن السوق متعطشة بالفعل إلى مزيد من الإمدادات، لكن مجموعة "أوبك+" وحتى المنتجين الأمريكيين يلتزمون الحذر انتظارا لرؤية سوق مستقرة وطلب قوي بشكل مستدام.
من ناحيته، قال ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات "إن صعود الأسعار جاء نتيجة تضافر عدة عوامل منها قيود المعروض وتعافي الطلب وانخفاض المخزونات وانتشار اللقاحات، كما أن التقديرات الإيجابية للطلب ليست محل شك بل محل اتفاق واسع من أكبر المنظمات الدولية سواء "أوبك" أو وكالة الطاقة الدولية أو وكالة معلومات الطاقة الأمريكية علاوة على بيوت الخبرة والتحليل الدولية المستقلة، لذا يمكن القول إن السوق تتأهب بالفعل لأن الطلب على النفط سيزداد بشكل كبير، حتى إن البعض يتوقع أن يكون استهلاك النفط الخام والوقود في عام 2022 أعلى من مستويات عام 2019 على الرغم من ارتفاع الأسعار".
وأضاف أنه "حتى إذا تم التوصل إلى اتفاق دولي وعادت الصادرات الإيرانية فلن يمثل هذا تهديدا لاستقرار الأسواق ولن يؤدي إلا إلى تخفيف بعض مخاطر ارتفاع الأسعار مع بقاء واستمرار وتيرة المكاسب السعرية، إذ إن الطلب ينمو بوتيرة أسرع بكثير من زيادة في الإمدادات النفطية في المرحلة الراهنة أو الفترة المقبلة".
بدورها، أوضحت نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، أن استمرار المكاسب السعرية يزيد الأعباء التضخمية على دول الاستهلاك بشكل خاص، ولذا من الأرجح أنه عند مستوى معين ستتدخل مجموعة "أوبك+" لتقديم إضافات مؤثرة في الإمدادات النفطية لإبقاء الأسعار في مستوى ملائم للمنتجين والمستهلكين معا، ولا يدمر الطلب أو يعوق النمو الاقتصادي العالمي.
وذكرت أن ارتفاع أسعار النفط الخام بشكل مستمر قد يحفز النفط الصخري الأمريكي على زيادة الإنتاج، مبينة أن تحول الطاقة ليس بالمهمة اليسيرة، حيث ما زالت الهيدروكربونات هي المصدر الأهم للطاقة في السوق وموضع تنافس وتطلعات شركات النفط العالمية.
وأشارت إلى أهمية تأكيد وكالة الطاقة أنه في نهاية 2022 من المتوقع أن يصل الطلب العالمي إلى 99.46 مليون برميل يوميا في المتوسط.
وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط أمس بفضل تحسن توقعات الطلب على الوقود في حين أسهمت تطعيمات كوفيد - 19 في رفع قيود السفر فضلا عن شح في الإمدادات.
وبحسب "رويترز"، ارتفع مزيج برنت 51 سنتا ما يوازي 0.7 في المائة إلى 73.20 دولار للبرميل، وهو أعلى مستوى منذ أيار (مايو) 2019.
وزاد خام غرب تكساس الوسيط 47 سنتا ما يعادل 0.7 في المائة إلى 71.38 دولار وهو الأعلى منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2018.
وعادت حركة السيارات إلى مستويات ما قبل الجائحة في أمريكا الشمالية ودول كثيرة في أوروبا وزادت رحلات الطيران مع تخفيف القيود لمكافحة فيروس كورونا، ما أدى إلى ارتفاع الخامين على مدى ثلاثة أسابيع.
قالت وكالة الطاقة الدولية الجمعة الماضي "إنه ينبغي لمنظمة أوبك وحلفائها في مجموعة "أوبك+" زيادة الإنتاج للوفاء بالطلب المتعافي".
وتقيد "أوبك+" الإنتاج لتدعم الأسعار بعدما قلصت جائحة كوفيد - 19 الطلب في 2020 وأكدت التزاما قويا بالإنتاج المستهدف المتفق عليه في أيار (مايو).
وقالت الوكالة "مجموعة "أوبك+" تحتاج إلى رفع الإنتاج حتى تحصل الأسواق العالمية على إمدادات كافية".
بينما توقع بنك الاستثمار الأمريكي جولدمان ساكس أن يصل سعر خام برنت إلى 80 دولارا للبرميل هذا الصيف، في الوقت الذي يعزز فيه توزيع اللقاحات المضادة لكوفيد - 19 الأنشطة الاقتصادية حول العالم.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.31 دولار للبرميل الجمعة الماضي مقابل 70.90 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع عقب انخفاض سابق، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 70.23 دولار للبرميل".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط