FINANCIAL TIMES

الحشرات تتسلل إلى النظام الغذائي للإنسان

الحشرات تتسلل إلى النظام الغذائي للإنسان

لكي تصبح مصدرا غذائيا بشريا في الأسواق الغربية، تحتاج الحشرات إلى التغلب على "عامل القرف".

تبدو مجموعة هاري رايت الجديدة من التوابل المعبأة بذكاء مثل الأطعمة الحرفية الموجودة في أي سوق للطعام أو أطعمة لذيذة فاخرة. لكن لديهم عنصر مميز: صراصير الليل المحمصة.
قال رايت: "بمجرد أن تدخل الصراصير مع الأعشاب والتوابل، لا يمكنك تذوقها أو رؤيتها أو شمها"، مضيفا أنه "لا يوجد أي شيء من تجربة لعبة بوش تاكر" إشارة إلى تلفزيون واقع ناجح أظهر المتسابقين يأكلون أكثر الحشرات التي لا تروق لهم.
يأمل رايت أن تساعد شركته، شورت هورن سوبر سيزينينج، في تغيير الموقف العام تجاه أكل الحشرات التي يعدها المؤيدون حلا لا مفر منه لأزمة الغذاء العالمية التي تلوح في الأفق.
مع تصاعد المخاوف بشأن التأثير البيئي للنظام الزراعي، يسارع رواد الأعمال لتطوير طرق جديدة لإطعام سكان كوكب الأرض المتزايدين. الحشرات غنية بالبروتين والعناصر الغذائية الأساسية الأخرى ويمكن تربيتها على نطاق واسع بأقل تأثير في البيئة.
لقد زحفت وتيرة الاستثمارات في المراحل المبكرة حتى الآن خلف تلك التي شوهدت في الزوايا الأكثر بريقا في مجال التكنولوجيا الزراعية، حيث اجتذبت الشركات الناشئة التي تصنع لحوما نباتية ومختبرية رأس المال الاستثماري إضافة إلى اهتمام الجمهور.
لكن الضجة حول الحشرات آخذة في الازدياد. يزداد تمويل رأس المال المغامر للقطاع منذ 2018، مع 210 ملايين دولار في استثمارات الأسهم العام الماضي، وفقا لمجموعة البيانات ديلروم.
كانت أكبر التدفقات إلى الشركات الناشئة التي تركز على إطعام الماشية والأسماك والحيوانات الأليفة.
جمعت شركة إنوفافيد الفرنسية، التي تربي ذباب الجندي الأسود، 140 مليون دولار في أحدث جولة تمويل لها. لديها شراكة استراتيجية مع كارجل لتزويد الأسماك وعلف الحيوانات، وحتى معالجة روث الذباب لاستخدامه كسماد.
أعلنت شركة إنسكت، شركة فرنسية أخرى تزرع ديدان وجبة الخنفساء والجاموس المستخدمة في أغذية الحيوانات الأليفة وأعلاف الأسماك والأسمدة، العام الماضي عن جمع أموال بأكثر من 350 مليون دولار من الأسهم والديون.
يمكن للحشرات أن تحل محل الحبوب وفول الصويا والأسماك والزيوت النباتية في الحبيبات التي تتغذى عليها الحيوانات والأسماك، ما يوفر البروتينات الأساسية والمغذيات الأخرى. يمكن تربيتها على النفايات الزراعية العضوية وكميات قليلة من المياه.
فتحت المخاوف البيئية المتزايدة والاستثمارات في مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية وكذلك الموافقات التنظيمية الأخيرة الباب أمام التمويل على نطاق واسع.
لكن كي تصبح مصدرا غذائيا بشريا في الأسواق الغربية، تحتاج الحشرات إلى التغلب على عامل القرف.
قال أليكس فريدريك، محلل الزراعة والأغذية في شركة بيتشبوك، إن التصورات السلبية بين المستهلكين في الأسواق التي لم تستهلك الحشرات تقليديا كانت عائقا كبيرا أمام القبول والنمو.
قال جورجان نيكوليك، المحلل في رابوبنك، إنه إذا تم تحديد الفوائد الوظيفية والصحية للحشرات بوضوح، فيمكنها أن تلعب دورا مهما في الغذاء. مع ذلك، فإن أحدث تقرير للبنك حول هذا القطاع ركز فقط على الاستهلاك غير البشري للحشرات. وأوضح: "كان لدينا كثير من عملائنا يقولون: لن آكلها".
رغم أن أغذية الحيوانات الأليفة أكبر سوق لبروتين الحشرات، إلا أن بعض الشركات المصنعة ترفض استخدام الحشرات. قال نيكوليك: "يجد معظم الناس الحشرات مثيرة للاشمئزاز والبعض لا يريدون أن تأكلها حيواناتهم الأليفة".
يقدر رابوبنك أنه بحلول 2030، سيتم استخدام 200 ألف طن من الحشرات سنويا في أعلاف الأسماك، أو 0.4 في المائة من صناعة العلف المائي، مع استخدام 150 ألف طن في أغذية الحيوانات الأليفة، ما يمثل 0.5 في المائة من إجمالي قطاع أغذية الحيوانات الأليفة. وتتوقع أن يتم استخدام ما يقرب من عشرة ألاف إلى 20 ألف طن فقط من الحشرات كغذاء للإنسان.
لكن المطلعون على الصناعة يعتقدون أن الحشرات ستلعب دورا أكبر مما يتوقعه بعض المحللين.
قال كيس آرتس، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة الحشرات الهولندية بروتكس: "بدأ مزيد من الناس في التفكير في عواقب سلوكهم". وأضاف أن شخصا ما يتحدث عن الاستدامة قبل 20 عاما كان ينظر إليه على أنه مناهض للرأسمالية لكن الآن "يفكر معظم الشباب في الأمر -لقد ذهلت تماما كيف ينظرون إلى كل حل ممكن للمساعدة على تقليل بصمتهم؟"
ويعتقد أنه يمكن التغلب على رد الفعل العكسي للحشرات "إذا قدمت منتجات لذيذة ذات تأثير أقل، فسيشتريها المستهلكون".
يرى بعض الخبراء أنه قد لا يكون لدينا خيار سوى أكل الحشرات نظرا للمخاطر التي يشكلها تغير المناخ وتآكل التربة والآفات والأمراض على النظام الزراعي العالمي.
قال أساف تزاكور، باحث مشارك مختص في الأمن الغذائي في جامعة كامبريدج: "سيتعين على المستهلكين فيما يسمى بالغرب تقبل الحشرات في وجباتهم الغذائية، لضمان بقاء تغذيتهم غنية بالأحماض الأمينية الأساسية والبروتينات والمغذيات الدقيقة الأساسية مثل الحديد والكالسيوم".
قد يكون الحل، كما هو الحال مع شورت هورن سيزينينج، بدلا من أكل الحشرات الكاملة استخدامها كمكونات ومواد مضافة.
يعتقد تزاكور أنه يمكن استخدام الحشرات المصنعة في منتجات مثل المعكرونة والعصيدة والفطائر لتحسين ملفها الغذائي أو العمل كمضادات للأكسدة ومضادة للالتهابات.
وقال: "حبيبات ذبابة الجندي الأسود تحتوي على البروتينات والكالسيوم. مسحوق الخنافس يحتوي على الزنك والأحماض الدهنية الأساسية".
يعتقد بعض المديرين التنفيذيين والمستثمرين أن الكميات المنخفضة من الغذاء البشري القائم على الحشرات يمكن تعويضها بقيمة وهامش أعلى.
قال إريك أركامبو من شركة أستانور لرأس المال الاستثماري مستثمر في إنسكت، إن الحشرات كانت مغذية، والسهولة التي يمكن بها هضم بروتينات الحشرات تعني أنه يمكن استخدامها في الغذاء الذي يستهدف كبار السن والعجزة الذين قد يعانون المنتجات العادية. وأضاف مع المكملات وهي صناعة تقدر بمليارات الدولارات "هذه الفئات مختصة، لكنها صناعة كبيرة جدا".
بغض النظر عن الطعام والأعلاف، يقوم الباحثون بتجربة طرق أخرى لاستخدام الحشرات. يبحث بعض الباحثين في استخدام خصائص الحشرات المضادة للبكتيريا لزيادة العمر الافتراضي للمنتجات الغذائية، بينما يبحث آخرون في دورها المحتمل في معالجة المشكلات البيئية، مثلا من خلال تربيتها على النفايات مثل الورق المقوى والبلاستيك.
في حين أن تطوير هذه التقنيات إلى عمليات قابلة للتطوير ستعمل تجاريا سيستغرق وقتا "فإن الإمكانات تثير اهتمام الناس"، حسب نيكوليك.
تشير الاستجابة لإطلاق شورت هورن في بداية العام إلى أن التصورات السائدة تتغير.
قال رايت: "لقد حققنا بالفعل نموا بنسبة 20 في المائة ولدينا عملاء متكررون. لقد كان الناس متقبلين حقا وكان ذلك بمنزلة صدمة كبيرة".

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES