ثقافة وفنون

ديزني تستعين بأمجاد الماضي لإطلاق «كرويلا»

ديزني تستعين بأمجاد الماضي لإطلاق «كرويلا»

بوستر العمل.

ديزني تستعين بأمجاد الماضي لإطلاق «كرويلا»

مشهد من الفيلم.

منذ نعومة أظافرنا نحلم بأميرات ديزني، ننقب عنهن في المتاجر ونشتريهن ليكن رفيقاتنا في الأوقات كافة، لكن هذه الأحلام بدأت ديزني في طمسها ووضع مكان الأميرات شريرات، ومما لا شك فيه أن هذه خطوة جريئة من ديزني، ومخاطرة بإرث الشركة العملاقة، لكنه كان واعدا، فقد انبهر الصغار قبل الكبار بهذه الشخصيات ولقيت رواجا كبيرا، ما دفع بالشركة إلى الانغماس أكثر في هذه الاستراتيجية وإطلاق فيلم "كرويلا" cruella الذي لقي قبولا واستحسانا من قبل عديد من المشاهدين، فأعاد إلى الذاكرة هذا النوع من الشخصيات التي أطلقتها ديزني في أفلام متعددة مثل "آليس في بلاد العجائب" الذي صدر 2010، "الجميلة النائمة" Maleficent 2014، "الجميلة والوحش" 2017، "علاء الدين" 2019، "الأسد الملك" 2019، ولم تقف ديزني عند هذا الحد بل أعادت تصوير الأحداث الحية لـ"بينوكيو"، "بيتر بان آند ويندي"، و"ذا ليتل ميرميد".

مقتبس من رواية

مع إطلاق فيلم "كرويلا" لم تبتكر ديزني أي جديد بل أعادت إحياء شخصية قديمة، وصعدت إلى عرش النجاح على سلالم الماضي، فالفيلم مأخوذ عن رواية لـ"دودي سميث" نشرت 1956، باسمThe Hundred and One Dalmatians، وحققت نجاحا كبيرا، خاصة في أوساط الأطفال، وفي 1961 تم تقديمه كرسوم متحركة، وكفيلم روائي 1996، لكن ما يميز نسخة 2021 البطلة إيما ستون التي لمعت في تقديم "كرويلا"، فأسرت المشاهدين لأكثر من ساعتين بأدائها الرائع، وظهرت إيما بشعرها المجعد القصير، مقسوما إلى لونين الأبيض والأسود، كما في الشخصية، ووضعت ماكياج عيون دخانيا كثيفا، وأحمر شفاه عنابيا، في حين بدت بشرتها شاحبة يكسوها البياض.

3 أطفال يتجهون نحو السوء

تدور قصة الفيلم في سبعينيات القرن الماضي حول فتاة اسمها إستيلا، وهي طفلة مختلفة ومشاغبة، تتسبب في المشكلات لوالدتها، فتقرر الذهاب بها إلى لندن لرؤية "شخص عزيز"، كما تقول لها، فإذا بها تراها تقتل أمام عينيها، فتضطر إستيلا إلى الهرب، حيث تلتقي طفلين تتبعهما، وتصير مثلهما مشردة ولصة، سريعا يكبر الثلاثي فتصير إستيلا صبية جميلة تخفي شعرها الأبيض والأسود بشعر مستعار، وجاسبر، يؤدي دوره جويل فري، وهوريس، يؤدي دوره بول والتر هاوزر، جميعهم يسلكون طريق السوء، فامتهنوا السرقة ويعيشون حياة رغيدة منها، ويعود بنا مشهد الأطفال الثلاثة عندما التقوا في مكان تحت الأرض إلى فيلم "أوليفر تويست"، فهم ثلاثة محتالين يجتاحون المدينة ويتخذون من الخداع والاحتيال وسيلة لشق طريقهم في الحياة.

حلم يتحقق

بعد أن يكتشف جاسبر أن إستيلا موهوبة في الرسم وتصميم الأزياء، يجد لها فرصة للعمل لدى دار أزياء "ليبرتي"، لكنها لا تجد من يقدر موهبتها ويحولونها إلى عاملة نظافة، حتى تقوم بتغيير شكل الثوب المعروض في الواجهة خلسة، ومن حسن حظها يصادف مرور البارونة ملكة عارضي الأزياء، تؤدي دورها إيما ستون، فترسل بطلبها لتضمها إلى فريق عملها.
ظنت إستيلا أنها بدأت في تحقيق أحلامها، لكن العمل مع البارونة يقودها إلى أن تكتشف حقائق مهمة وخطيرة لها علاقة بوفاة والدتها، ثم تبدأ إستيلا في تصميم الأزياء وتطلق خطا خاصا بها باسم "كرويلا"، فتثير فضول الناس والصحافة، وتثير غضب البارونة التي تكره أن يسبقها أحد في عالم الموضة.

بين الشر والخير

لقد أظهرت كرويلا براعة في الشخصيتين اللتين أدتهما، حيث كانت الفتاة الخجولة ذات الشعر الأحمر والنظارات والملابس السوداء في النهار، تتقرب من البارونة وتقنعها بأنها تخاف على مصلحتها، أما في المساء وفي المناسبات فتظهر بشخصية كرويلا القوية والشريرة أحيانا، لكن مع مرور الأحداث نكتشف مبررات للشر الذي في داخلها، خاصة أن القصة أظهرت الجانب الطيب من الشخصية وكيف قست عليها الحياة وتحولت إلى شريرة، حتى إن أداءها إستيلا أمام والدتها المتوفاة وبكاءها عندما تكون بشخصية كرويلا يظهران البراعة في النقل بين الشخصيتين.

جذور كرويلا

أما القصة الأصلية للفيلم فإنها ترتكز على قصة سيدة عجوز اسمها "كرويلا" تخطف 99 كلبا مرقشا، وذلك لتصنع منها معاطف لها، وتستعين باثنين من اللصوص، هما "جاسبر وهوراسى" من أجل سرقة الكلاب، فيسرق اللصان 15 كلبا مرقشا من منزل لأسرة أمريكية، ويبدأ أصحاب الكلاب المختطفة في نشر خبر اختطافها بإطلاق النباح، فتعلم كل كلاب وحيوانات المدينة بالجريمة، وتسارع لإنقاذ الكلاب ويلقى القبض على كرويلا واللصين، وتعود الكلاب المختطفة إلى منزل تلك الأسرة، التي تدعى "آل ديرل".

عدسة موفقة

أما المخرج كريج جيليسبي فقد برع في استخدام تقنيات التصوير، حيث كان يتنقل بين مشاهد الشر والخير بطريقة إبداعية، فقد نجح في تصوير إطلالات كرويلا بتصاميمها العصرية والمختلفة التي توحي بالجنون بشكل واضح، حتى في اللحظات الأخيرة، لحظات المواجهة بين كرويلا ووالدتها الحقيقية، كانت مشوقة وتم التقاط الصور بعدسة واسعة جعلت المشاهد يندمج مع الشخصيات.
ويعد هذا العمل الأول لكريج بعد فيلم I,Tonya الذي صدر 2017، ولقد كان آنذاك فيلما خارجا عن المألوف، تخطى التابوهات، حيث يروي قصة تونيا هاردينج المتزلجة الأمريكية بطريقة غنية وعميقة ولاذعة، لكنها ليست متعجرفة أبدا، أما في فيلم كرويلا فإلى جانب إبداعاته في التصوير، كان لافتا كيف أظهر حقبة السبعينيات من خلال شخصية آرتي، يؤدي دوره جون ماكريا، الذي ساعد كرويلا على صناعة الأزياء، فيصور جيليسبي كل شيء بأناقة متقنة، على الرغم من أن ما يميزه كمخرج أفلام في عصرنا هو أنه كان قادرا على الدخول مباشرة إلى قلب إمبراطورية شركة ديزني وصنع الفيلم الذي أراد صنعه، واللافت في الفيلم أيضا أن المشاهد يفهم القصة ويستمتع بكافة الأحداث رغم عدم مشاهدته الفيلم السابق أو قراءة القصة، فكأن هذا الفيلم جاء منفصلا عن كل ما سبق من أحداث وروايات حول القصة الأصلية لكرويلا.
يذكر أن فيلم كرويلا 2021 فاق التوقعات في الإيرادات، بحصوله على تسعة ملايين دولار خلال أسبوع، بعد أن وصلت إلى 51 مليونا و837 ألف دولار منذ عرضه في صالات السينما، يوم 28 أيار (مايو) الماضي، إضافة إلى تحقيقه 21 مليونا و300 ألف دولار في العرض الافتتاحي، وانقسمت الإيرادات بين 35 مليونا و724 ألف دولار في الولايات المتحدة الأمريكية، و16 مليونا و112 ألف دولار في صالات السينما حول العالم، فهل هذا النجاح يمهد لإطلاق جزء مكمل خلال الأعوام المقبلة؟!

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون