الطاقة- النفط

هل نحن أمام هبوط حاد؟

هل نحن أمام هبوط حاد؟

شركات البترول الوطنية تعمل على تعزيز موقعها باستثمارات معاكسة للدورات الاقتصادية.

استثمار شركات البترول والغاز حاليا في سبيل المحافظة على طاقتها الإنتاجية ليس كافيا، فقد تقلصت ميزانيات التنقيب والإنتاج بما يقارب الثلث العام الماضي عندما حلت جائحة كورونا، وما زالت هذا العام أقل بكثير من مستويات ما قبل الجائحة. على المدى القصير، الطلب لم يتعاف تماما حتى الآن، لذلك فلدى منتجي "أوبك بلس" سعة إضافية احتياطية كبيرة، لكن الاستثمار لا يمكن أن يعامل كما لو كان أمرا مفروغا منه، فالقطاع يتعرض لضغط لتحويل الإنفاق من مشاريع التنقيب والإنتاج للبترول والغاز إلى تحول الطاقة ذي الكربون المنخفض.
وبحسب ما جاء في تقرير استثمارات الطاقة العالمية لوكالة الطاقة العالمية لعام 2021، فإن "استثمارات التنقيب والإنتاج الآن هي نصف ما كانت عليه في 2014، لكن الطلب على البترول والغاز– حتى مع تأثيرات الجائحة– لم ينخفض إلى أي مستوى قريب من ذلك".
وعلى الرغم من أن تكاليف التنقيب والإنتاج أقل بكثير مما كانت عليه في 2014 عندما كانت أسعار البترول قريبة من 100 دولار للبرميل، فالقطاع ما زال يفضل المشاريع الأصغر، ذات الدورات الأقصر والعوائد الأسرع، الأقل في المخاطر على المدى الطويل. وشهد العام الماضي، حسب تقرير وكالة الطاقة العالمية أقل حجم لموارد البترول والغاز، التي فازت بقرارات استثمارية نهائية منذ عقود.
ومع انشغال شركات البترول الكبرى وشركات التنقيب والإنتاج المستقلة العامة بخفض الديون وتعزيز عوائد المساهمين بعد صدمة الأسعار العام الماضي، فإن شركات البترول الوطنية تعمل على تعزيز موقعها باستثمارات معاكسة للدورات الاقتصادية.
وفي الماضي كان إنفاق الشركات الكبرى على التنقيب والإنتاج يفوق استثمارات شركات البترول الوطنية في الشرق الأوسط وروسيا والصين، لكن ذلك تغير العام الماضي حين قلصت الميزانيات المخصصة لذلك. شركات البترول الوطنية سترفع هذا العام إنفاقها على التنقيب والإنتاج بنحو 10 في المائة، في حين تزمع الشركات الكبرى ومنتجو البترول الصخري الأمريكيون إبقاء الصرف على ما هو عليه.
إن لدى شركات البترول الوطنية مثل أرامكو السعودية وأدنوك الإماراتية وقطر للبترول وروسنفت الروسية موارد بترول وغاز ضخمة، وفي إمكانهم أن يتبنوا رأيا حول المستقبل مختلفا جدا عن الشركات الكبرى والمستقلة، التي عليها أن تستجيب لمخاوف المساهمين حول التدفق النقدي والمخاطر البيئية.
وتفترض "خارطة الطريق نحو الحياد الصفري بحلول 2050" الصادرة عن وكالة الطاقة العالمية أن باستطاعة القطاع أن يلبي الطلب على البترول والغاز حتى 2050 من المشاريع الحالية أو المخطط لها، لكن وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان غير مقتنع بذلك، واصفا السيناريو بأنه "تتمة لفيلم لا لا لاند".
لكن سيناريو الحياد الصفري قد أوضح أن شركات البترول الوطنية ستكون الأكثر صمودا، إذ ستضمن لها مواردها الضخمة الرخيصة الطويلة العمر استحواذها على حصة سوقية من المنتجين الآخرين، الذين عليهم ضخ الاستثمارات للمحافظة على طاقتهم الإنتاجية.
وبحلول 2050، سترتفع حصة "أوبك" من إنتاج البترول الآخذ في الانخفاض إلى أكثر من 50 في المائة، مقارنة بـ 37 في المائة حاليا حسب خارطة طريق وكالة الطاقة العالمية، مع زيادة تركز الإمدادات في بضع دول كبيرة منتجة، بل قد تكون تلك الحصة أكبر إذا وسعت شركات البترول الوطنية من طاقتها الإنتاجية لمنافسة المنتجين الآخرين على سوق آخذة في الانكماش.
وإذ يتوجه العالم نحو مسار الحياد الصفري، فإن الأسعار هي أكبر المخاطر. ويفترض سيناريو وكالة الطاقة العالمية تحولا سلسا دون تقلبات مفرطة في الأسعار– تنخفض أسعار البترول إلى 35 دولارا للبرميل في 2030، و25 دولارا للبرميل بحلول 2050، مع آثار سيئة في إيرادات الدول المنتجة، لكن من غير المتوقع أن يكون تحول كبير كهذا في إمدادات الطاقة العالمية تحولا سلسا، مع غموض لا مفر منه حول سرعة التغير وحجمه.
ويحذر نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي ألكساندر نوفاك من طريق أكثر وعورة بكثير إذا توقفت الاستثمارات في المشاريع الجديدة، "ماذا سنرى حينها؟ أسعار البترول سترتفع إلى 200 دولار للبرميل ربما".
وبدأ يظهر على أسواق البترول علامات الإجهاد نتيجة لتحرك الطلب بعد ركود العام الماضي، ولا بد من ضخ الاستثمارات في مشاريع التنقيب والإنتاج الجديدة إذا لم نكن قد وصلنا إلى ذروة الطلب على البترول بعد.

المصدر: نشرة "بتروليوم ارجوس" النفطية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الطاقة- النفط