بيب جوارديولا: مبتكر كرة القدم الذي لا يهدأ
في 2012، انتقل بيب جوارديولا إلى نيويورك لقضاء إجازة لمدة عام. بعد أربعة مواسم فقط في التدريب، و14 جائزة مع نادي برشلونة، أصبح هذا الكاتالوني الشخصية الأكثر إثارة للإعجاب في مهنته، لكنه كان بحاجة إلى أفكار جديدة. سرقها في نيويورك: حيث كان يجلس في فصول علم الاقتصاد بجامعة كولومبيا، مهووسا بفوز باراك أوباما بعد إعادة انتخابه، ويقضي وقته أحيانا مع وودي ألان ولاعب الشطرنج جاري كاسباروف. قام جوارديولا "بإضفاء طابع كرة القدم" على كل شيء تعلمه، من خلال تطبيق الأفكار في مجاله هو.
ذات ليلة أثناء تناول وجبة العشاء، قال له كاسباروف: "في اللحظة التي فزت فيها ببطولة العالم الثانية في 1986، عرفت من سيهزمني في النهاية". سأل جوارديولا، "من؟" أجاب كاسباروف، "الوقت".
الوقت يدمر بسرعة بشكل خاص في كرة القدم. يصبح المدربون الأقوياء قديمي الطراز. قال جوارديولا للمؤلف مارتي بيرارناو، "كرة القدم هي تطور". إلا أنه يواصل تحديث نفسه. انتزع هذا الأسبوع لقب البطولة الإنجليزية مع مانشستر سيتي، لقبه التاسع في البطولة في ثلاثة دول خلال 12 موسم تدريب. في الـ29 من مايو، يلتقي نادي سيتي مع تشيلسي في نهائي دوري أبطال أوروبا. كيف أصبح جوارديولا مدرب كرة القدم الأعلى، وبقي كذلك؟
ولد ابن عامل البناء قبل 50 عاما في سانتبيدور، وهي قرية كاتالونية للغاية لدرجة أن كثيرا من السكان المحليين يتحدثون اللغة الإقليمية التي كانت محظورة طوال فترة حكم الدكتاتور الجنرال فرانكو. كمراهق في أكاديمية نادي برشلونة للشباب، اكتشفه مدرب برشلونة الرئيس، يوهان كرويف، المبتكر الرئيس لكرة القدم في القرن الـ21. كان جوارديولا نحيفا جدا وبطيئا ولم يتمكن من اعتراض الخصم في الملعب، لكن كرويف وضعه في الفريق الأول، لأن جوارديولا كان يستطيع قراءة المباراة. أبطأ لاعب كان يحرك الكرة بشكل أسرع.
قال جوارديولا لاحقا، "لم أكن أعرف شيئا عن كرة القدم إلى أن التقيت بكرويف". في نادي برشلونة، استوعب مبادئ cruyffismo: لعب تمريرات قطرية بلمسة واحدة في نصف الملعب الخاص بالخصم، واسترداد الكرة فور خسارتها، ثم تكوين مساحة أو تقليصها، والموت مع أفكارك الخاصة.
دائما ما استمر بالتعلم، عن كل شيء من الشعر الكاتالوني إلى تكتيكات كرة السلة. في 2008، بعد تدريب الفريق B في نادي برشلونة لمدة موسم، فاجأ النادي عالم كرة القدم بتعيين هذا الشخص المبتدئ البالغ من العمر 37 عاما كمدرب رئيس. في غضون عشرة أشهر، فاز بالدوري والكأس في إسبانيا، ودوري أبطال أوروبا. قال مازحا، أو نصف مازح، "هذه نهاية مسيرتي المهنية، لقد فزت بكل شيء بالأصل".
كان مدربا يتبع مبادئ cruyffista، لكنه كان يتمتع بذكاء عاطفي ومتانة أكثر من كرويف. الرجل الهولندي نفسه وصف جوارديولا ودينيس بيرجكامب ذات مرة بأنهما اللاعبان الأكثر عقلانية وبعد نظر من بين اللاعبين الذين دربهم: "يمكنك طلب المشورة منهما، لأن بإمكانهما التفكير بمشاكل الأشخاص الآخرين". كما يستطيع جوارديولا أيضا التعبير عن أفكاره بوضوح للاعبيه. قام بتدريبهم في "قاعدة الـ15 تمريرة" (إكمال 15 تمريرة قبل محاولة التسجيل) و"قاعدة الخمس ثواني" (بعد خسارة الكرة، اقض خمس ثوان في المطاردة من أجل استعادتها).
كان محلل فيديو بقدر ما كان مدربا. في يوم عمل، قد يقضي 90 دقيقة في تدريب فريقه وست ساعات في مكتبه، يشاهد لقطات لخصوم المستقبل. قال إنه قد يشاهد حتى "تأتي اللحظة الرائعة والمذهلة أخيرا التي ستعطي معنى لمهنتي". في اندفاع من الإلهام الذي قد يستمر لمدة دقيقة، قد يحدد عيب الخصم القاتل ويدرك الأمر قائلا، "وجدتها. لقد فزنا". اللحظة الأكثر شهرة، في إحدى الأمسيات في مايو من 2009، اكتشف الفجوة أمام دفاع ريال مدريد التي قد يستغلها أفضل لاعب في فريقه ليونيل ميسي. صديق جوارديولا، كزافييه سالا آي مارت، أستاذ الاقتصاد في جامعة كولومبيا، قارنه بمتاجر التجزئة الإسبانية للملابس السريعة "زارا"، التي يمكنها إطلاق مجموعة جديدة كل أسبوعين: "بيب هو ابتكار مستمر".
نادرا ما يترك أي أحد نادي برشلونة طواعية، أو يواصل الابتكار حتى عندما يكون متفوقا، لكن جوارديولا أدرك أن التعلم يتطلب الهجرة. بعد نيويورك، أخذ زوجته كريستينا وأطفاله الثلاثة إلى ألمانيا، حيث قام بتحديث نفسه في بايرن ميونخ: وجه لعب فريقه أكثر نحو وسط الملعب، واستوعب بعض وتيرة كرة القدم الألمانية. لم يكن هدف جوارديولا ببساطة الفوز. بل لعب أفضل كرة قدم في الوقت الحاضر.
وهو يحب الجولف والسينما والأكل، ويشعر بالأسى من خلافات السياسة الإسبانية، ولكن ليس لفترة طويلة أبدا. جاء مساعده مانويل إستيارتي، لاعب كرة الماء الأسطوري في السابق، بقانون 32 دقيقة: هذا هو أقصى ما يمكن أن يذهب إليه جوارديولا دون التفكير في كرة القدم.
في 2016، جاء مانشستر سيتي لاستمالته. ذهب إلى حد كبير لأنه يثق بالمكتب الأمامي للنادي: عمل الرئيس التنفيذي فيران سوريانو ومدير كرة القدم تكسيكي بيجيريستين معه في برشلونة.
واصل جوارديولا الابتكار. في بعض الأحيان تفشل تجاربه، ولكن إذا لم تكن تجرب، فأنت لا تتطور. هذا الموسم غالبا ما استخدم فريقا من دون مهاجم. حتى في نوفمبر، عندما كان السيتي يحتل المركز العاشر في الدوري، كان مسرورا لأن يكون حيث كان، في مانشستر الممطرة، يقود فريقا متجاوبا لا يشبع. لديه موهبة، نادرة في صناعته الهستيرية، لتقييم العملية وليس النتائج.
ولكن أين يمكنه تحديث نفسه بعد ذلك؟ لن يجد بيئة عمل أعلى مستوى وأقل احتكاكا من سيتي. يقول: "كنت في إسبانيا، وكنت في ألمانيا ويمكنني أن أقول إن الدوري الإنجليزي هو الأصعب". ومع ذلك، سيستمر في التطور، لأن نظرته للعالم تتطلب ذلك. ويشرح قائلا: "سيكون أطفالي أفضل مني. ومدربو المستقبل سيتفوقون علي بلا شك." لكن ربما ليس المدربين الحاليين.