استراتيجية التوظيف: سعي للقضاء على البطالة وتوظيف للأيدي الوطنية في مدة زمنية محدودة
تمضي وزارة العمل قدما من أجل تحقيق التوطين الوظيفي في البلاد، بصورة تجعل من السعودة عاملا إيجابيا في بيئة العمل، في أقصر فترة ممكنة.
ووفقا لاستراتيجية التوظيف، التي أقرتها الوزارة الأسبوع الماضي، فإنه تم إعداد منهج للتعامل مع التحديات التي تواجه سوق العمل السعودية، وتجاوز اختلالها الهيكلية بغية الحد من تفاقم هذه الاختلالات مستقبلا من جهة وللرفع من تنافسية العمالة الوطنية من جهة أخرى.
وترمي الاستراتيجية لتحقيق مجموعة من الأهداف العامة والمرحلية، حيث انطلقت لتحقيق ذلك عبر مجموعة من السياسات والغايات وآليات التنفيذ، ويتمثل البعد الزمني لتنفيذ الاستراتيجية في 25 عاما موزعة على المدى الزمني القصير في سنتين، المتوسط في ثلاث سنوات، والطويل في 20 سنة.
وتتمثل الأهداف العامة لإستراتيجية التوظيف السعودية في التوظيف الكامل لقوى العمل، إضافة إلى الزيادة المستديمة في مساهمة الموارد البشرية الوطنية، والارتقاء بإنتاجية العمل المحلي لتضاهي نظيراتها في الاقتصاديات المتقدمة.
وتحقق هذه الأهداف الإطار الاستراتيجي المصمم للسيطرة على ظاهرة البطالة ومعالجة أسبابها، وذلك لاعتبارات من أهمها: أن هذه الأهداف تجاوزت معالجة ظاهرة البطالة الراهنة ولم تهملها، حيث إن التعامل الفوري مع الظاهرة أمر مطلوب، غير أنه يجب أن يتصل دون انقطاع حتى تحقيق التوظيف الكامل، وبعد ذلك العمل حثيثا للحفاظ على مستوى التوظيف الكامل.
ويركز الهدف العام الثاني على أن اجتثاث البطالة من المجتمع لن يتحقق بإخراج أعداد منها من قوة العمل، أما الاجتثاث الحقيقي فينجز بـ: استقطاب المزيد من المواطنين والمواطنات للدخول في سوق العمل عبر تأهيلهم من جهة، والارتقاء بتنظيم سوق العمل وقدرة هذا السوق في الحفاظ على حق العمل للمواطنين والمواطنات.
وما يبرر أخذ هذا المسار ـ وفقا للاستراتيجية ـ التدني البالغ لمعدل مشاركة العمالة السعودية في القوى العاملة، وهذا ما يعتبر إهدارا للموارد البشرية الوطنية بعدم السعي المقنن والجاد لاستثمارها باعتبارها المادة الخام لرأس المال البشري، وتطويرها ومن ثم استخدامها.
يشار إلى أن هنالك شواهد تبين أن أعدادا كبيرة من الموارد البشرية الوطنية تطور عبر التعليم وأحيانا التدريب ثم لا تستخدم، فالهدف العام الثاني يرمي إلى الاعتماد المتعاظم على الموارد البشرية الوطنية، وليس عبر منظور الإحلال وسقوفه بل بالزيادة المتواصلة في نمو معدل المشاركة.
ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن الهدف الثاني لا ينحصر في استيعاب الباحثين عن العمل، إذ لا بد من جعل الموارد البشرية الوطنية هي محور النشاط الاقتصادي بما يمكن من مداومته على توليد فرص عمل قيمة، فإن الاستراتيجية تسعى إلى الوصول لهدف التوظيف الكامل عبر إعادة تعريف دور الموارد البشرية الوطنية في الاقتصاد المحلي لينشأ على تعزيز القيمة المضافة وليس لشغل شاغر وتحصيل أجر عليه.
وأما عن الهدف العام الثالث فهو يعالج هاجسا يتعلق بإنتاجية العمل السعودي، إذ تشير عدد من الدراسات إلى تدني إنتاجية العمل السعودي مقارنة بنظيره في الدول النامية، وهذا يعني أن عدم المبادرة بإطلاق جهد منسق لرفع إنتاجية العامل المواطن سيبقى الميزة لدى العمالة الوافدة باعتبار أنها أعلى إنتاجية، نظرا لتدني أجرها في المتوسط مقارنة بالأجر الوسطي للمواطن.
وكان الهدف المرحلي للمدى القصير هو السيطرة على البطالة، حيث تسعى الاستراتيجية في المدى القصير إلى كبح جماح البطالة، وذلك في السعي لتوظيف أعداد من المواطنين الراغبين في العمل لا تقل عن أعداد الداخلين إلى السوق.
وسياسات المدى القصير تتحرك للبدء في العمل على محورين: المتوسط المدى من خلال التحضير لسياسات رفع معدل المشاركة، حيث تسعى إلى تحجيم البطالة وخفضها، وذلك بالسعي نحو تحفيز النمو في معدل التوظيف والمشاركة وإنتاجية العامل من خلال مواجهة الاختلالات الهيكلية في السوق إجمالا، وعن طريق مجموعة من السياسات التي تتمحور حول جزيئات البطالة والمشاركة والإنتاجية، وبذلك تربط هذه المجموعة بين سياسات المديين القصير والطويل بما يحقق استمرار تحرك استراتيجية التوظيف نحو هدفها، والطويل المدى من خلال تحريك إنتاجية العامل، وذلك من خلال تعزيز تنافسية الاقتصاد اعتمادا على الموارد البشرية الوطنية، والسعي بعد ذلك إلى تحقيق التوظيف الكامل، ورفع مستوى المشاركة وإنتاجية العامل لمستويات الاقتصاد المتقدمة.
الجدير بالذكر أن استراتيجية التوظيف السعودية تحدد مجموعة من السياسات لتحقيق هذه الأهداف، حيث يبلغ عدد هذه السياسات 26 سياسة موزعة على المدى الزمني لتنفيذ الإستراتيجية "10 سياسات للمدى القصير، 10 سياسات للمتوسط، و6 سياسات للمدى الطويل".
ويتم تنفيذ هذه السياسات من خلال خطة عمل ترتكز على مجموعة من الآليات، منها: 39 آلية للمدى القصير، يبدأ العمل على تنفيذها خلال العامين الأولين من عمر الإستراتيجية، 49 آلية للمدى الطويل يبدأ العمل على تنفيذها من العام الثالث وحتى الخامس من عمرها، و17 آلية للمدى الطويل يبدأ العمل على تنفيذها مع بداية العام السادس من عمر الإستراتيجية.
ويعتمد نجاح كل مرحلة من مراحلها على مدى تحقيق أهداف المرحلة السابقة، ومن المفترض أن تحتوي الإستراتيجية على خطة لتقويم ومتابعة تنفيذها خلال المراحل الثلاث للتنفيذ.