خلافات الأغنياء تطحن الفقراء في محادثات منظمة التجارة العالمية
أيام من السجال في اجتماعات منظمة التجارة العالمية في هونج كونج، انتهت باتفاق يحفظ ماء الوجه ويمنع فشل الاجتماعات يقضي بالتزام الدول المتقدمة ودول الاتحاد الأوروبي بوقف سياسة الدعم الزراعي بحلول عام 2013. وبالفعل أكدت الولايات المتحدة مباشرةً أنها ستفتح سوقها بالكامل للأقطان المصدرة من قبل الدول الأكثر فقراً. ولكن من غير المعروف حتى الآن إن كانت الجولة قد تمخضت عما يشبه إعلان لحلف تجاري للدول الفقيرة كما كان مخططا من قبل أم لا؟
ومع المناورات في النزاع حول الأقطان، نجحت أمريكا في عزل دول الاتحاد الأوروبي أمام العالم مجدداً في النزاع القائم حول القطاع الزراعي. ورغم موعد 2013 الذي تم الإعلان عنه فإن هناك مخاوف من أن تواصل الدول الأوروبية دعم فلاحيها بطريقة سرية غير معلنة.
وخلال الاجتماعات اشتكى بيتر ماندلسون المفوض التجاري لدول الاتحاد الأوروبي من أن دول منظمة التجارة العالمية في هونج كونج تفتعل ألاعيب تكتيكية ولا تتعامل بجديّة مع العروض الأوروبية للقطاع الزراعي في حين احتفظ روبرت بورتمان المفوّض التجاري الأمريكي بهدوئه خلال الاجتماعات وبدا عليه التفاؤل من التوصل إلى اتفاق. وأبدي بورتمان دعما ظاهرا للدول النامية في إطار مجموعة العشرين G20 بقيادة البرازيل والهند اللتين كانتا تتبنيان فكرة عدم القدرة على النمو في حالة لم يتم التوصّل إلى حل مسألة القطاع الزراعي المتنازع عليها.
ويقول بورتمان إن أبسط حل في مسألة النزاع على القطاع الزراعي يكمن في المعونات المالية للتصدير. ففي الوقت الذي تزوّد فيه الولايات المتحدة حبوبها لدى الكوارث، وتعمل على تحقيق حصص متجاوزة في الأسواق يفضل الاتحاد الأوروبي المساعدات المالية لمثل تلك المناطق، وبالتالي يمكن للدولة شراء ما تريد حسب قول بورتمان .
و حول عزل أوروبا في قضية المعونات المالية المقدّمة للتصدير، قال ثيلسو أموريم وزير الخارجية البرازيلي: " الاتحاد الأوروبي بالفعل هو أكبر منفق على مساعدات التصدير، ولكن يبدو أن حجم المساعدات حاليا أقل مما كان عليه في الأعوام الماضية." وتعمل بعض الدول الزراعية الكبرى، مثل كندا، وأستراليا على تقديم معونات مالية لصادراتها، وبالتالي تجد الدول النامية المصدرة نفسها مضطرة إلى خسارة تلك الأسواق . وبعد سنوات من العناد وافق الاتحاد الأوروبي أخيرا في عام 2004، على السماح بتخفيف تلك المساعدات. ولكنه حاول كذلك إسقاط بعض الامتيازات التي تحظى بها الدول النامية من خلال الجمارك على البضائع الصناعية.
وفي المقابل، اقترح الاتحاد الأوروبي بحماس ٍ شديد حلفاً تجارياً يضمن دخولاً تجارياً للبضائع الصناعية من 49 من أفقر دول العالم دون جمارك أو قيود. وعرض الاتحاد الأوروبي ذلك على الدول الفقيرة، مع استثناء بعض المنتجات. ومن المفترض أن تعمل هذه المبادرات على وضع أمريكا في مأزق لأن واشنطن تخشى من تدفّق جديد من الاستيراد للبضائع النسيجية. وتجنّبت الولايات المتحدة تلك المناورات التكتيكية من قبل الأوروبيين ليس فقط فيما يخص عروض المنتجات القطنية بل كذلك اقتراح الاتحاد الأوروبي الوسيلة المالية للدول الفقيرة، حيث تتم من خلالها زيادة الدعم لاقتصاد التصدير. وحسب ما أكّد بورتمان، فإن أمريكا، رغم عجزها التجاري الضخم، سوف تفتح سوقها مجدداً. وفي الوقت الراهن لا تستطيع بعض الدول الفقيرة – ومن بينها بنجلاديش على سبيل المثال - ضمان دخول حر لكل البضائع.