مدخرات تريليونية تنتظر إطلاق العنان للطلب المكبوت

مدخرات تريليونية تنتظر إطلاق العنان للطلب المكبوت

مدخرات تريليونية تنتظر إطلاق العنان للطلب المكبوت
تشير ثقة المستهلك المتزايدة إلى أن المتسوقين على استعداد لإنفاق مدخراتهم بمجرد انتهاء الجائحة وعودة الحياة الطبيعية.

المستهلكون في جميع أنحاء العالم كدسوا 5.4 تريليون دولار إضافية من المدخرات منذ بدء جائحة فيروس كورونا وأصبحوا واثقين بشكل متزايد بشأن التوقعات الاقتصادية، ما يمهد الطريق لانتعاش قوي في الإنفاق مع إعادة فتح الأعمال التجارية.
وفقا لتقديرات وكالة موديز للتصنيف الائتماني، بحلول نهاية الربع الأول من هذا العام كانت الأسر في جميع أنحاء العالم قد راكمت هذا الفائض من المال - المحدد على أنه مدخرات إضافية، مقارنة بنمط الإنفاق في 2019 الذي يعادل أكثر من 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتشير ثقة المستهلك العالمية المتزايدة إلى أن المتسوقين سيكونون على استعداد للإنفاق مرة أخرى بمجرد إعادة فتح المتاجر والمطاعم عند تخفيف القيود للسيطرة على انتشار الفيروس. في الربع الأول من هذا العام سجل مؤشر "كونفرنس بورد" العالمي لثقة المستهلك أعلى مستوى له منذ أن بدأت الأرقام القياسية في 2005، مع ارتفاعات كبيرة في جميع مناطق العالم.
قال مارك زاندي، كبير الاقتصاديين في شركة موديز أناليتيكس: "سيؤدي الجمع بين إطلاق العنان للطلب المكبوت الكبير والادخار الفائض جدا إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي في جميع أنحاء العالم مع اقتراب الدول من مناعة القطيع والانفتاح".
إذا أنفق المستهلكون ثلث مدخراتهم الزائدة، فإنهم سيعززون الإنتاج العالمي بما يزيد قليلا على نقطتين مئويتين هذا العام والعام المقبل، حسب تقديرات موديز.
على الرغم من أن الاقتصاد العالمي عانى العام الماضي أكبر انخفاض له في الإنتاج في التاريخ الحديث، إلا أن دخول الأسر كانت محمية إلى حد كبير من خلال خطط التحفيز الحكومية غير المسبوقة في معظم الاقتصادات المتقدمة. أيضا خفض المستهلكون الإنفاق في مواجهة حالة عدم اليقين العالية بشأن الوظائف والدخول، ولأن كثيرا من شركات الخدمات تم إغلاقها أو تقييدها.
نتيجة لذلك، وصلت معدلات ادخار الأسر في كثير من الاقتصادات المتقدمة في 2020 إلى أعلى مستوياتها هذا القرن، وفقا لبيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وزادت الودائع المصرفية بسرعة في الكثير من الدول.
قال زاندي إن الفائض في الادخار كان الأعلى في الاقتصادات المتقدمة، ولا سيما أمريكا الشمالية وأوروبا حيث تم تنفيذ عمليات الإغلاق على نطاق واسع وكان الإنفاق الحكومي مرتفعا.
بحسب تقديرات موديز، في الولايات المتحدة وحدها راكمت الأسر أكثر من تريليوني دولار من المدخرات الإضافية. كان ذلك قبل بدء التحويلات العملاقة من برنامج تحفيز الرئيس جو بايدن الذي تبلغ قيمته 1.9 تريليون دولار. وهذان معا يكفيان لتغذية "تبذير استهلاكي ممتد"، حسبما قال كريشنا جوها، الاقتصادي في شركة إيفر كور آي إس آي الاستشارية للخدمات المصرفية.
تتوقع سيلفيا أرداجنا، الخبيرة الاقتصادية في مصرف باركليز "تسارعا سريعا إلى حد ما في إنفاق الأسر هذا العام" في الولايات المتحدة و"إلى حد أقل" في المملكة المتحدة، على الرغم من أنها حذرت من أن "طرح التطعيم الأبطأ قد يعني أن أي طلب مكبوت لن يتحقق في منطقة اليورو" في الربعين المقبلين.
أيضا يملك عددا من دول الشرق الأوسط، حيث كان الدعم الحكومي سخيا، مدخرات فائضة كبيرة، بينما في آسيا كانت المدخرات الفائضة المتراكمة أقل من المناطق الأخرى لأنه تم احتواء الجائحة وكان التأثير في سلوك الأسرة أقل وضوحا.
في أمريكا الجنوبية وأوروبا الشرقية، كانت المدخرات أقل نتيجة للضربة الشديدة من الجائحة وانخفاض الدعم الحكومي.
مع ذلك، كان تأثير الجائحة غير متكافئ إلى حد كبير، وتراكمت المدخرات إلى حد كبير لدى الأسر الأكثر ثراء في جميع المناطق.
أظهر مؤشر مورنينج كونسلت لثقة المستهلك تحسنا مطردا بشكل عام بين كانون الثاني (يناير) ونيسان (أبريل) في 15 اقتصادا كبيرا، لكن نسبة أكبر من الأسر ذات الدخل المنخفض أفادت بأن أوضاعها المالية ساءت مقارنة بالعام الماضي.
أوضحت بيانات المؤشر أن أكثر من ثلث الأسر الأكثر ثراء في الكثير من الدول، بما في ذلك الصين وأستراليا وإيطاليا وروسيا والولايات المتحدة، قالت إن الوقت مناسب الآن لإجراء عمليات شراء كبيرة، لكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للأسر الفقيرة.
قدر يان هاتزيوس، الخبير الاقتصادي في مصرف جولدمان ساكس، أن ما يقارب ثلثي المدخرات الفائضة في الولايات المتحدة يحتفظ بها أغنى 40 في المائة من السكان، وأشار إلى أن هذا قد يعيق نطاق التعزيز الاقتصادي لأن "الأسر ذات الدخل المرتفع ستحتفظ بالجزء الأكبر من المدخرات الفائضة (بدلا من أن تنفقها)".
قال آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين في شركة أكسفورد إيكونوميكس: "إذا كانت المدخرات الفائضة تمتلكها في الغالب الأسر الأكثر ثراء وتعتبر زيادة للثروة بدلا من إضافة للدخل، فإننا نتوقع مستوى أقل بكثير من الإنفاق (الإضافي)".
نحو ثلاثة أرباع الأسر في المملكة المتحدة التي أبلغت عن مدخرات متزايدة تخطط لمواصلة الاحتفاظ بها في حساباتها المصرفية، وفقا لبنك إنجلترا. ويخطط آخرون لاستخدام مدخراتهم لسداد الديون أو الاستثمار أو زيادة معاشاتهم التقاعدية.
يتماشى هذا مع نتائج "كونفرنس بورد" التي أظهرت زيادة نقاط مئوية من أرقام زوجية في نسبة المستهلكين الذين زادوا المدخرات والاستثمارات في الأسهم في الربع الأول من 2021 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

الأكثر قراءة