استمرار التساؤلات المعلقة في مسرحية "مادوف"
استمرار التساؤلات المعلقة في مسرحية "مادوف"
تصريح برنارد مادوف لمحققي مكتب التحقيقات الفدرالي، الإف بي آي، يوم 11 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بأنه: لا يوجد أي تفسير غير بريء" يساعد في تفسير نيته بالاعتراف بالذنب في جلسة ذاك الصباح، والسرعة التي يبدو أن القضية تتحرك بها.
بهذه الكلمات، أعطى للمدعين والمحققين بداية موجهة وتركت أمامه مجالاً ضئيلاَ للمناورة، حسبما يقول محامون خارجيون، ونتيجة لذلك، فإن القضية انتقلت من اكتشاف ما يمكن أن يكون أكبر عملية احتيال مسجلة، إلى قرار مخطط له في غضون ثلاثة أشهر.
إذ اعترف مادون بالذنب في إحدى عشرة تهمة جنائية، كما أشار رئيس فريق محاميه، إيرا سوركن، فلن تجري أية محاكمة، وإذا اعترف بالذنب فإنه سيفعل ذلك أيضا دون عقد صفقة مع المدعين لتخفيض ما يمكن في الحقيقة، أن يكون حكماً بالسجن مدى الحياة.
يقول جاكوب فرنكل، وهو مدع سابق:" لقد بدأ هذه العملية باعتراف حاسم، وقضيته لا يمكن الدفاع عنها، فهنالك رأي يقول إنه ببساطة يتقبل العواقب".
لكن الوسيط النيويوركي السابق قد يكون لديه أشياء يكسبها، فما زال هنالك أسئلة كثيرة معلقة في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة تحقيقاتها، فكم هي المبالغ التي خسرها المستثمرون في الخطة "البونزية" الاحتيالية المزعومة؟ وهل انخرط أي شخص آخر في الخطة؟ وأين ذهبت الأموال.
ولعدم وجود أي رئيس يستسلم وبوجود عائلته في مرمى النار، فإنه يملك القليل ليكسبه من الوعد بالتعاون بشكل كامل، حسبما يقول المحامون. لكن الاعتراف بالذنب دون عقد صفقة، يجعل مادوف يتعاون إذا اختار - ربما يكسب النوايا الطيبة في العملية نحو الذين ساعدوه عن قصد أو دون قصد، وبإمكانه أيضا أن يصمت حول مواضيع يفضل عدم مناقشتها.
يقول برادلي سايمون، وهو محامي دفاع مع شركة سايمون وشركاه Simon and Partners: يحتاج المدعون منه أن يساعدهم في كشف هذه الخطة الاحتيالية الضخمة ويساعدهم في تعقب الأصول وإقامة قضايا ضد أفراد آخرين".
وهو يعتقد أن هنالك "تفاهما غير مكتوب" بأن يتعاون مادوف مع الحكومة، وهو تفاهم يضم الطلب من المحكمة تخفيض مدة الحكم، بعد اتخاذ القرار.
بعد الانهيار البارز لمجموعة الطاقة أنرون، قصّر اندرو فاستو، رئيسها المالي عندئذ، الحكم عليه إلى السجن عشر سنوات بمساعدة المدعين بإقامة قضايا ضد تنفيذيين آخرين، ومن غير المحتمل أن يعطي المدعون مادوف مثل ذلك التخفيض.
والحكومة، على الأقل في هذه المرحلة، قد لا ترغب في أن ينظر إليها بأنها تعطي مادوف صفقة، وذلك بسبب الغضب والمشاعر العامة إزاء قضية مادوف حسبما يقول المحامون، ويقول سايمون: لقد فشلت في إدراك الغضب العام في وقت سابق عندما وافقت على ظروف كفالته.
وما زال هنالك، على الأقل نقطة خلاف كبيرة بين مادوف والمدعين، فالحكومة تسعى إلى إجباره على مصادرة أكثر من 170 مليار دولار وعقارات، والتي تدعي الحكومة أنها تمثل "عائدات يمكن اقتفاء" أثرها، وترتبط بالتحايل المزعوم، وفقاً لسجلات المحكمة.
دان هورويتز، الذي يمثل مادوف أيضا رد في رسالة إلى القاضي الذي يرأس المحكمة قائلاً إن المبلغ "بولغ كثيراً فيه" وإنه "مضلل".
وكتب قائلاً: إن القضايا المتعلقة بالمصادرة والتعويض وإصدار الحكم في هذا الموضوع، معقدة جداً ويستدعي حلها وقتاً طويلاً".
وسوركن، الذي يمثل زوجة مادوف، روث، أيضاً ادعى أخيرا في أوراق منفصلة للمحكمة أن أصولاً تبلغ نحو 70 مليون دولار، بما فيها شقة في مانهاتن، كانت تخص السيدة مادوف وحدها ولا علاقة لها بالاحتيال المزعوم. وقد ورد اسم مادوف فيما لا يقل عن قضيتين مدنيتين، وهي الآن تستخدم محاميها الخاص، ولم يتم اتهامها بأي زلة.
لكن المدعين لمسوا، بشكل شبه مؤكد، ضغطاً عاماً قوياً للعمل بأسرع ما يمكن، في ضوء العدد الكبير والانتشار العالمي للضحايا، وهنا يقول ستيف بيكين، وهو مدع سابق: كان هنالك غضب عام هائل وطلب على التصرف السريع، وخطة بونزي هي القنبلة النيوترنية لقضايا احتيال الأوراق المالية وذلك لن يظل أحد واقفاً في مكانه".
وهنالك قضايا احتيال أخرى ضخمة تتحرك بشكل أبطأ، فقد مرت أربع سنوات وستة أشهر بين انهيار انرون عام 2001 والإدانة الجنائية لجيف سكيلنج، رئيسها التنفيذي السابق، وكين لاي، رئيس مجلس إدارة الشركة، وقضية الاحتيال في شركة ويرلدكوم WorldCom تحركت بشكل أسرع بعض الشيء، فقد أدين بيرنارد ايبرز، الرئيس التنفيذي السابق بسنتين وثمانية أشهر بعد أن أعلنت الشركة إفلاسها.
وفي تينك أو تلكما القضيتين، زعم الرجلان الكبيران أنهما لم يكونا يعلمان بالاحتيال، وكان على المحققين أن يشقوا طريقهم عبر السلسلة الإدارية، يجمعون المعلومات وأخيراً كسب الالتماس بالاعتراف بالذنب من المرؤوسين قبل أن يصلوا إلى ما يكفي لأخذ الأهداف الرئيسية إلى المحاكمة.
والاعتراف بالذنب يعفي عائلة مادوف أيضا من المحنة العامة للمحاكمة ويمكن أن يعطيه تخفيضاً صغيراً في الحكم من قبل القاضي.
وهنالك غاية صغيرة أيضا من الذهاب إلى المحاكمة حين تكون الأدلة غامرة، حسبما يقول جيم كوهن، وهو أستاذ قانون جنائي في مدرسة الحقوق في فوردهام، وهو يقول:" كل هذا يمكن أن يجيء، بشكل أفظع مما كان حتى الآن، ولا يمكن لذلك أن يكون شيئاً جيداً له.. فكل غسيله القذر سيظهر، وقد أنقذ نفسه من ذلك".