ثقافة وفنون

مصر تتزين بالتاريخ وللتاريخ

مصر تتزين بالتاريخ وللتاريخ

لم تكن هذه "النزهة" هي الأولى للمومياوات الملكية المصرية.

مصر تتزين بالتاريخ وللتاريخ

في نهاية الموكب أقيم حفل موسيقي.

مصر تتزين بالتاريخ وللتاريخ

هذا العرض هو حدث عالمي فريد لن يتكرر.

حينما أرادت مصر أن تأخذ التاريخ في نزهة، شاهدها العالم كله، وهي تنقل 18 ملكا وأربع ملكات في موكب مهيب، جاب شوارع القاهرة، وسط عروض ضوئية وموسيقية مبهرة، سجلت حدثا نادرا، يحدث مرة في العمر.
لم تكن هذه "النزهة" هي الأولى للمومياوات الملكية المصرية، إنما الثالثة في تاريخها، كانت النزهة الأولى من القصر الفرعوني إلى مرقدها في المدافن والمخابئ السرية، وبعد اكتشاف المدافن في القرن الـ19 انتقلت في نزهة ثانية إلى المتحف المصري الواقع في ميدان التحرير وسط القاهرة، أما النزهة الثالثة فكانت هذا الأسبوع، لنقل المومياوات من متحف ميدان التحرير إلى متحف جديد وأنيق، يقع في مدينة الفسطاط، أول عاصمة إسلامية في مصر.

تحية خاصة لملوك مصر

رحلة ملوك مصر كانت مثل عرض مسرحي كبير، شاهده ملايين عبر شاشات التلفزة مباشرة، فبعد أن قضوا مائة عام في المتحف المصري، حان الوقت للانتقال في موكب إلى متحف أكثر تطورا، أطلق عليه "المتحف القومي للحضارة المصرية" في مدينة الفسطاط، جنوب القاهرة.
ضم الموكب 18 مومياء لملوك وأربع مومياوات لملكات، تنتمي إلى عصر الأسرة الـ17 و18 و19 و20، اكتشفت في مخبأين، الأول اكتشف في الأقصر عام 1881، والآخر في مقبرة أمنحوتب الثاني في وادي الملوك في الأقصر عام 1898.
الملوك الـ18 هم: سكنن رع، أحمس الأول، أمنحتب الأول، تحتمس الأول والثاني والرابع، سيتي الأول والثاني، رمسيس الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس والتاسع، أمنحتب الثاني والثالث، ومرنبتاح. والملكات الأربع هن: أحمس نفرتاري، الملكة تي، ميريت آمون، وحتشبسوت.
وظهرت المومياوات محمولة على عربات مزينة بشكل خاص، على شكل كبسولات ملئت بالنيتروجين لضمان سلامتها، وصممت العربة على الطراز الفرعوني حاملة نعوشا زجاجية مؤمّنة، مع كتابة أسمائها بالهيروغليفية المصرية القديمة وكذلك باللغة العربية، قاطعة مسافة سبعة كيلو مترات خلال 40 دقيقة، وسط حراسة أمنية مشددة، وتقدم الموكب الدراجات النارية للحرس الجمهوري.
وفي نهاية الرحلة، استقر الملوك أخيرا في المتحف الذي افتتحه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قبيل انطلاق الموكب، وكان في استقبال المومياوات لحظة وصولها، فيما أطلق حرس الشرف 21 طلقة تحية لملوك مصر من أمام المتحف، في موقف سريالي.

لحن عمره 6 آلاف عام

لعل كثيرا من الأشياء انقرضت ولم تصلنا عن الفراعنة، لكن الموسيقى ليست أحدها، تخيل أن تسمع لحنا مصريا عمره ستة آلاف عام بآلات هذه الأيام، هذا بالضبط ما حدث أثناء موكب المومياوات الملكية، فقد عزف الموسيقيون لحنا قديما كان يستخدمه قدامى المصريين في طقوس دفن الموتى.
لمشاهدة الحدث التاريخي، لم يكتفِ المصريون بمشاهدته عبر الشاشات، بل تجمع آلاف على طول طريق الموكب لتحية الملوك من قلب الحدث، وهناك أقيمت مراسم فرعونية من ميدان التحرير، وفي نهاية الموكب أقيم حفل موسيقي، صاحبه عرض أفلام وفقرات تجسد أهمية الاحتفالية للمصريين.
وازدان ميدان التحرير بمسلة فرعونية تم جلبها من الأقصر، وتم تزيين المباني المحيطة بالأضواء، فيما اكتمل المتحف باحتضان 1600 قطعة أثرية عن الحضارة المصرية عبر عصورها المختلفة، منذ عصور ما قبل التاريخ، مرورا بالعصور الفرعونية واليونانية والرومانية والقبطية والإسلامية، وصولا إلى العصر الحديث والمعاصر.
وفي المتحف، ستعرض المومياوات في صناديق خاصة مجهزة بأدوات حديثة لضبط الحرارة والرطوبة، وسيعرض بجانب كل مومياء التابوت الخاص بها، في حين تستقبل قاعة المومياوات الزوار ابتداء من يوم الأحد 18 أبريل، الذي يوافق "يوم التراث العالمي".
وعن الاحتفالية التاريخية، أكد خالد العناني وزير السياحة ‏والآثار المصري، أن هذا العرض هو حدث عالمي فريد لن يتكرر، فيما يعد العرض ‏جزءا من جهود مصر لإحياء صناعة السياحة التي تضررت من التبعات السلبية لجائحة فيروس كورونا.
ومن المنتظر أن تفتتح مصر متحفها الآخر "المتحف المصري الكبير" قرب أهرامات الجيزة، في وقت لم تحدده بعد من العام الحالي، ويضم آثارا فرعونية أبرزها مومياء توت عنخ آمون "القرن الـ14 قبل الميلاد"، ومجموعته كلها التي اكتشفت في عام 1922، لتشكل هذه الصروح وجهة سياحية لعشاق التاريخ.

مسلسل "الملك" يتوقف

لأن الشيء بالشيء يذكر، فقد أعلنت الشركة المنتجة لمسلسل "الملك" إيقاف تصويره وتشكيل لجنة عاجلة من قبل متخصصين في التاريخ والآثار وعلوم الاجتماع لمراجعته، بعد أن كان مقررا عرضه في الموسم الرمضاني المقبل، استجابة لآراء الجمهور، التي صاحبت موجة من الانتقادات الحادة.
ويجسد المسلسل المصري التاريخي سيرة الملك أحمس، مؤسس الأسرة الـ18 وطارد الهكسوس، وهو مقتبس عن رواية "كفاح طيبة" لنجيب محفوظ أديب "نوبل" الراحل، من بطولة الفنان عمرو يوسف، وقد شهد خلال الأيام القليلة الماضية آلاف التعليقات التي توالت عقب منشورات ولقطات ترويجية للعمل على منصات التواصل الاجتماعي، كان النصيب الأكبر منها حول نجم العمل، الذي ظهر بلحية، وعينين زرقاوين، وبنية قوية، مفتولة العضلات، بينما تؤكد مراجع تاريخية أن الملك أحمس كان دون لحية كغيره من الملوك الفراعنة، نحيف الجسم، أسمر الوجه.
كما طالت الانتقادات أزياء الفنانة ريم مصطفى، التي جاءت عصرية، إذ ظهرت بعباءة سوداء وشعر أشقر مصبوغ، لا تتناسب وتلك الحقبة التاريخية، وانتقادات لأزياء وسمات شكلية طالت فنانين آخرين في العمل.
كما أن أسلحة المعارك المستخدمة ليست من سمات العصر الفرعوني، فيما دافع فنانون مشاركون في "الملك" بأنه عمل درامي بالدرجة الأولى، وليس تأريخا لتلك الحقبة، رغم إنفاق ملايين الجنيهات على تنفيذ المسلسل.
وكان ممن اختاروا الحديث عن مسلسل "الملك" الدكتور زاهي حواس وزير الآثار الأسبق، الخبير والعاشق للتاريخ، الذي علق على من يقول "إن العمل درامي"، بأنه "لا بد أن يشار في بداية العمل إلى أنه مستوحى فقط من التاريخ وليس له علاقة به"، مضيفا في مقابلة تلفزيونية أنه "لم يعجب بملابس أبطال المسلسل"، ووصفها بأنها "سيئة للغاية".
وبيّن أنه "حينما كان يعمل مع هوليوود لتنفيذ أي عمل تاريخي، كان مستشارا لهم في الملابس والمعابد، بمعزل عن القصة"، متناولا أيضا لحية الفنان عمرو يوسف "التي لا يجب أن تكون، فالبيئة الفرعونية يجب أن يتم تمثيلها جيدا".
ورجح حواس فشل المسلسل، لأنه "بعيد تماما عن حقيقة التاريخ الفرعوني"، معلقا "أنا شفت نموذج بشع"، وقال ما معناه "ماذا سيخسر المخرج باستشارة رجل آثار؟".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون