كرافت هاينز تراهن على علاماتها القديمة لكسب مستهلكين جددا

كرافت هاينز تراهن على علاماتها القديمة لكسب مستهلكين جددا
ميجيل باتريشيو، الرئيس التنفيذي لشركة كرافت هاينز، يقدم للعاملين في الشركة ساندويتشات هوت دوج بالكاتشب في اليوم الأول لتوليه المنصب في تموز (يوليو) 2019. الصورة من "كرافت هاينز"

العلامة التجارية لجبن المعكرونة الموجودة منذ 84 عاما قد تبدو منقذا غير محتمل لشركة تعاني ديونا وتقلصا في المبيعات. إلا أن العلامة التجارية "ماكاروني آند تشيز" من كرافت، التي بيعت لأول مرة خلال فترة الكساد العظيم، هي من بين المنتجات التي تصنعها شركة الأغذية الأمريكية، كرافت هاينز، التي تخاطفها المستهلكون من على الرفوف أثناء الوباء، وتعتقد الشركة الآن أنها قد تساعد على جذب جيل جديد من المستهلكين.
تريد كرافت هاينز تنشيط العلامات التجارية القديمة، مثل ماك آند تشيز ذات العلبة الزرقاء، في إطار جهود لزيادة المبيعات والأرباح من المنتجات الحالية، وهو تحول ملحوظ في الاستراتيجية من التركيز على عمليات الاستحواذ واسعة النطاق التي تتبناها مستثمرها الرئيس، مجموعة الاستثمار البرازيلية 3G.
قبل أربعة أعوام صدمت كرافت هاينز الأسواق بعرض فاشل وغير مطلوب لشراء منافستها الأنجلو ـ هولندية، يونيلفر. الآن تركز على تجديد علاماتها التجارية لجذب المستهلكين الأكثر صحة وأكثر وعيا للمناخ.
قال ميجيل باتريشيو، الرئيس التنفيذي الذي اختارته مجموعة 3G قبل عامين: "استنتجنا أننا بحاجة إلى النمو بشكل عضوي، وهذه هي الطريقة الأكثر استدامة للحفاظ على نمو الشركة. لقد فهموا (في مجموعة 3G) ذلك جيدا. وقد مكنوني من تحقيق ذلك. إنه تغيير كبير في الاتجاه".
لكن بالنسبة لمجموعة 3G، الأمور التي على المحك عالية. المجموعة البرازيلية التي بنت سمعتها من خلال تجميع أكبر شركة لإنتاج الجعة في العالم Anheuser-Busch InBev ومجموعة ريستورانت براندز إنترناشونال، مالكة العلامة التجارية بيرجر كينج، تعرف بعمليات الاستحواذ الكبيرة التي يتبعها خفض تكاليف لا يرحم لتعزيز الهوامش.
اعترف بيتر برابيك-ليتماث، الرئيس التنفيذي السابق لنستله الذي يشغل الآن منصب الرئيس الفخري للمجموعة، بعد عملية الدمج بين كرافت وهاينز في 2015، أن أنموذج مجموعة 3G كان له "تأثير ثوري" في صناعة المواد الغذائية.
قال ديفيد كاس، أستاذ العلوم المالية في كلية إدارة الأعمال في جامعة ماريلاند: "الجميع يبحث عن هذا. هذا هو أكبر استثمار (لمجموعة 3G)، ولديهم سمعة كبيرة في خفض التكاليف، لكن السؤال هو إلى أي مدى سينجحون في زيادة مبيعات الشركة وأرباحها النهائية؟".
تعمل مجموعة 3G الآن عن كثب مع المسؤولين التنفيذيين في كرافت هاينز - اختارت كثيرا منهم بعناية خلال العام الماضي - على استراتيجيتها الجديدة.
تولى باتريشيو، أحد المخضرمين في شركة AB InBev، المسؤولية في 2019 بعد أن تحملت كرافت هاينز تخفيض قيمة أصولها بمقدار 15.4 مليار دولار وتخفيض أرباح أسهمها والإعلان أنها تواجه تحقيقا محاسبيا من قِبل لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية.
في الوقت نفسه، انخفض سعر سهمها أكثر من النصف منذ أن تم تصميم المجموعة المدمجة قبل أربعة أعوام من قبل مجموعة 3G وشريكتها الاستثمارية، مجموعة بيركشاير هاثاواي برئاسة وارن بافيت.
قامت المجموعتان بدمج كرافت وهاينز معا لأنهما اكتشفتا فرصة لم تمر بها صناعة المواد الغذائية حتى ذلك الحين، لكن بحلول الوقت الذي تولى فيه باتريشيو المسؤولية، كانت كرافت هاينز تتكبد ديونا مقدارها 31 مليار دولار، وكانت تفقد المجال - مثل كثير من الشركات المنافسة - أمام الشركات الناشئة ومنتجات العلامات التجارية الخاصة بها، وأصيب الموظفون بالإحباط بعد الآلاف من عمليات خفض الوظائف.
قال باتريشيو "لقد تم فك ارتباطها لأنها لم تحقق الأهداف، لأنه كان هناك دوران كبير (للموظفين)، لأن (...) الاستراتيجية التي كانت قائمة لم تكن تعمل بالطريقة التي كانت متوقعة".
عمليات إطلاق المنتجات قبل أن يتولى باتريشيو المسؤولية تضمنت مزيجا من الكاتشب والمايونيز يسمى "مايوشاب" وتتبيلة السلطة للأطفال تسمى "صقيع السلطة"، التي أثارت السخرية بسبب التسويق الذي يحث الآباء على خداع الأطفال لتناول الخضراوات.
ثم وصلت نعمة غير متوقعة: الوباء. عاد الأشخاص العالقون في المنزل إلى المنتجات المألوفة وارتفع صافي المبيعات 6 في المائة لمجموعة كرافت هاينز في 2020، مقارنة بانخفاض بلغ 2.2 في المائة في العام السابق.
كذلك يعزو المحللون هذا التحسن إلى قيام مجموعة 3G بإصلاح قيادة الشركة خلال العام الماضي، بما في ذلك رئيس أمريكي جديد، ورئيس للمبيعات الأمريكية، ورئيس للنمو العالمي.
الزيادة بسبب الوباء، إضافة إلى مبيعات العلامات التجارية للجبن والفول السوداني بقيمة إجمالية بلغت 6.6 مليار دولار، منحت باتريشيو المرونة لسداد الديون. أعلن في أيلول (سبتمبر) عن خطة تحول تعمل على تنظيم محفظة كرافت هاينز إلى ستة خطوط أعمال، بما في ذلك الوجبات الخفيفة والأطعمة الطازجة السريعة، وستعمل على تحويل الاستثمار إلى مجالات سريعة النمو.
تتضمن الخطة أيضا أهدافا مالية طويلة الأجل تتمثل في نمو صافي المبيعات العضوي بنسبة تراوح بين 1 و2 في المائة، ونمو في الأرباح المعدلة قبل الفوائد والضرائب والإطفاء والاستهلاك بنسبة تراوح بين 2 و3 في المائة، ونمو في ربحية السهم بنسبة تراوح بين 4 و6 في المائة.
لا يزال باتريشيو، الذي قضى معظم حياته المهنية يعمل جنبا إلى جنب مع المسؤولين التنفيذيين لمجموعة 3G في شركة AB InBev، ملتزما بالميزانية القياسية للمستثمرين البرازيليين، التي تقتضي تبرير نفقات كل عمل جديد في كل فترة محاسبية.
لكن في الوقت الذي تسعى فيه كرافت هاينز إلى توسيع حصتها السوقية للعلامات التجارية الرئيسة، تخطط لزيادة الإنفاق على التسويق والبحث والتطوير، وهي المجالات التي تم تخفيضها سابقا. قالت إن الإنفاق على التسويق سيزيد 30 في المائة هذا العام، بينما ستعمل على تحقيق وفورات في الكفاءة بمقدار ملياري دولار في أماكن أخرى.
التسويق هو تخصص باتريشيو - كان مسؤولا عنه في شركة AB InBev. قال شخص مقرب من الشركة "إنه رجل يتفانى في خدمة العلامة التجارية (...) ليس مثل قادة مجموعة 3G التقليديين".
يتمثل أحد التحديات الرئيسة في الاستجابة لتحول أولويات المستهلكين نحو المنتجات الأكثر صحة والأكثر "طبيعية" واستدامة، التي عززت العلامات التجارية للبروتين النباتي بما في ذلك بيوند ميت Beyond Meat ومنتجات تحتوي على نسبة مخفضة من السكر والدهون مثل آيسكريم هالو توب Halo Top.
قال كاس إن الشركتين المنافستين الأوروبيتين، نستله ويونيلفر، "كانتا تبتكران إلى حد ما في مجال المنتجات الغذائية". على عكسهما، لم تتحرك كرافت هاينز إلى مجال اللحوم النباتية البديلة، على الرغم من أن باتريشيو يشير إلى أنها تصنع بالفعل بيرجر الفول.
وهو يدرك الحاجة إلى جعل منتجات كرافت هاينز "أنظف وأكثر صداقة للبيئة"، مثل تغيير مكونات العلامات التجارية الكلاسيكية. أزالت الشركة عددا من المكونات الاصطناعية من منتج ماكاروني آند تشيز بعد عملية الدمج، وسعت إلى التمسك بزيادة المبيعات. أوسكار ماير، العلامة التجارية لمنتجات اللحوم، تستعد أيضا لإجراء عملية إصلاح شاملة.
وفقا لباتريشيو، ستكون هناك ابتكارات أقل لكن أفضل لتجنب التأثير "الآكل للذات" لعمليات الإطلاق السابقة، نوع جديد من دهن البندق يباع بسرعة في كندا، ليكون مثالا يحتذى به.
"من خلال خطتنا الاستراتيجية الجديدة، نركز جميعا بشكل كبير على وضع المستهلك في قلب كل ما نفعله"، كما قال جواو كاسترو-نيفيس، الشريك في مجموعة 3G وعضو مجلس الإدارة في شركة المواد الغذائية، حيث يشارك عن كثب في عملية التحول. أضاف "نعتقد أن (هذا) سيحقق أكبر قدر من النمو والقيمة. نحن لا نستبعد الصفقات التحويلية، لكنها تتويج للعديد من المتغيرات المختلفة التي تتقارب في وقت واحد".
تردد كرافت هاينز صدى المجموعات الأوروبية في الدفع باتجاه التغييرات الخضراء مثل العبوات القابلة لإعادة التدوير، على الرغم من أنها تفتقر إلى الأهداف الكبيرة مثل سعي مجموعة يونيلفر إلى تحقيق انبعاثات صفرية ابتداء من مرحلة المصادر إلى نقطة المبيعات بحلول 2039.
قالت شركة تجزئة أمريكية كبيرة إن أداء كرافت هاينز تحسن، مشيرة إلى أفكار التسويق الجديدة والتعاون الوثيق للتعامل مع التقلبات في الطلب أثناء الوباء. قال مسؤول تنفيذي في شركة التجزئة الأمريكية "التغيير يتزايد في كل وقت. كل ثلاثة أشهر تصبح أفضل وأقوى".
أندرو لازار، وهو محلل في باركليز، ذكر أن معدل دوران الموظفين المرتفع يؤثر في سلسلة التوريد في كرافت هاينز. "التحسينات الأخيرة في طاقم سلسلة التوريد فيها هي أمر بالغ الأهمية لتحقيق هدف الإنتاجية البالغ ملياري دولار بحلول 2024. كما يمكن أن يتبين أن التقدم في اكتساب المواهب والاحتفاظ بهم في تنظيم المبيعات الخاص بها هو أمر أساسي في إعادة بناء الثقة والصدقية مع زبائنها الأفراد الأساسيين".
في انفصال آخر عن الماضي، أعلن الشريك المؤسس في مجموعة 3G، جورج باولو ليمان، هذا الشهر أنه سيتقاعد من مجلس إدارة كرافت هاينز. قالت الشركة إن هذا جزء من جهود مبذولة لخفض التزامات السفر الخاصة بالرجل البالغ من العمر 81 عاما، وإن مجموعة 3G ستبقى مستثمرا طويل الأجل. تولى باتريشيو مقعد مجلس الإدارة الذي كان يشغله ليمان.
تضاعف سعر سهم كرافت هاينز خلال الـ12 شهرا الماضية وارتفع 14 في المائة هذا العام، بينما انخفض سعر سهم يونيليفر 10 في المائة، قريبا من الوضع الذي كان عليه قبل عام. مع ذلك، تظل كرافت هاينز بحاجة إلى مضاعفة نتائجها تقريبا للوصول إلى المستويات التي كانت عليها بعد اندماجها في 2015 بوقت قصير.
مع انحسار كوفيد - 19، تواجه الشركة تحديا جديدا: الحفاظ على المبيعات مع عودة المستهلكين إلى شيء أقرب إلى عاداتهم الغذائية القديمة. قال بريان ويدنجتون، المحلل في وكالة موديز، إن هذا سيجعل من الصعب تحقيق أهداف كرافت هاينز المالية في العامين المقبلين.
قال: "سيواجهون منافسة أكثر حدة بكثير. تعتزم معظم شركات الأغذية ذات العلامات التجارية الكبرى الاحتفاظ بأكبر عدد ممكن من المستهلكين الذين اكتسبتهم أثناء الوباء. وهي تعتزم القيام بذلك من خلال المزيد من الإعلانات والتسويق - ومن الواضح أنهم لا يستطيعون جميعا الفوز".

الأكثر قراءة