اختبار اللقاح يخبرنا إلى أين يتجه العالم؟

اختبار اللقاح يخبرنا إلى أين يتجه العالم؟
وفقًا للبنك الدولي، ما بين 88 مليون و115 مليون شخص عادوا إلى الفقر المدقع العام الماضي. تصوير: روبرت جالبريت "رويترز"

هل من الممكن مواجهة جائحة عالمية في عالم يتسم بتفاوتات هائلة في الثروة والسلطة؟ قد يخبرنا الجواب كيف سيتعامل العالم مع التحدي الأكثر تعقيدا لتغير المناخ. ما تعلمناه من كوفيد - 19، حتى الآن، هو أن العالم أظهر تعاونا أكثر مما توقعه كثيرون. لكن لأننا جميعا في هذا معا، لم يكن ذلك كافيا.
الجهد المبذول لتطعيم العالم ليس الاختبار الوحيد لقدرتنا على التعاون. هناك اختبار آخر هو مساعدة الدول النامية المتضررة بشدة، بالنظر إلى أن ما بين 88 مليونا و115 مليون شخص عادوا إلى الفقر المدقع العام الماضي، وفقا للبنك الدولي. ومع ذلك، برنامج اللقاح هو اختبار لقدرتنا على التعاون القائم على المصلحة الذاتية، لأن العالم لا يمكن أن يعود إلى طبيعته إذا لم تتم السيطرة على الوباء في كل مكان.
حتى الآن، انتصرت الدول التي تمتلك الموارد المالية والقدرة التكنولوجية. وفقا لمتتبع اللقاحات في فاينانشيال تايمز، تم إعطاء أكثر من 178 مليون جرعة في جميع أنحاء العالم حتى الآن. ذهب نحو 30 في المائة منها إلى الولايات المتحدة، و23 في المائة إلى الصين، و12 في المائة إلى الاتحاد الأوروبي و9 في المائة إلى المملكة المتحدة. أعطت الهند مواطنيها ما يعادل نصف جرعات المملكة المتحدة فقط. كثير من الدول النامية لم تعط مواطنيها أي جرعة.
كانت هذه النتيجة حتمية، مهما كانت آمالنا في عالم أكثر تعاونا. جميع الحكومات محاسبة أمام (ومسؤولة عن) مواطنيها أولا. وبالمثل، فإن الشركات المنخرطة في مشروع محفوف بالمخاطر لإنتاج اللقاحات ستولي اهتماما كبيرا لمطالب الذين لديهم أموال كثيرة. لا يمكن تجاهل هذه الحقائق. لكن هل يمكن تجاوزها؟
الآن وقد تم تطوير عدد من اللقاحات وحصلت على الموافقة التنظيمية في وقت قياسي، يجب أن يكون الهدف هو تطعيم أكبر عدد ممكن من السكان الراشدين، في أسرع وقت ممكن. بسبب الطفرات الفيروسية، يتم بالفعل تطوير لقاحات معدلة، على الرغم من أنه ليس من المؤكد بعد عدد الأشخاص الذين سيحتاجون إلى إعادة التطعيم وعدد المرات.
بالتالي، قد تتحول المعركة ضد كوفيد إلى بداية برنامج تطعيم متعدد الأعوام على نطاق غير مسبوق. أو قد يكون أكثر من مجرد مرة واحدة. إذا كان الوضع حسب الاحتمال الأخير، فقد تكون بعض القدرات الجديدة مفيدة في حملات التطعيم المستقبلية الأخرى. وفي كلتا الحالتين، فإن زيادة الطاقة الإنتاجية العالمية المطلوبة أمر معقد ومكلف ومحفوف بالمخاطر، مثلما هو أيضا توسيع نطاق الخدمات اللوجستية ونشر اللقاحات عالميا. من الناحية الواقعية، سيتعين على الحكومات تحمل الكثير من هذه المخاطر والتكاليف، ولا سيما الحكومات التي لديها تحمل مالي أوسع.
لحسن الحظ، الهياكل التنظيمية للجهد العالمي موجودة أيضا. وبالتالي، فإن "التحالف العالمي للقاحات" Gavi و"التحالف من أجل ابتكارات التأهب للأوبئة" Cepi ومنظمة الصحة العالمية، جنبا إلى جنب مع مجموعات أخرى، أنشأت مسرع القانون "الوصول إلى أدوات كوفيد - 19"، أحد أركانه هو كوفاكس Covax، وهو جهد تعاوني لتطعيم العالم.
ما العقبات الرئيسة أمام أي جهد عالمي؟ من خلال مناقشات مع الأشخاص المعنيين، يبدو أن الإجابات تكمن أساسا في حجم المهمة وتعقيدها، ونقص المال والوقت والقدرة التنظيمية والقدرة الفنية - ولا سيما حول اللقاحات الجديدة القائمة على الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA. لم يتم دفع الدول النامية إلى مؤخرة قائمة الانتظار فحسب، بل إن الإمدادات مقيدة أيضا حتى بالنسبة للدول التي في المقدمة (ربما يكون الاتحاد الأوروبي المثال الأبرز).
على الرغم من كل هذه الصعوبات، يأمل كوفاكس حاليا في تقديم أكثر من ملياري جرعة هذا العام. لا أحد يستطيع التأكد من أن هذا سيحدث بالفعل، نظرا لتعقيد الجهود. لكن حتى لو حدث، سيظل التحدي كبيرا في 2022، إذا أردنا تطعيم جميع الراشدين في العالم. تجب إدارة العمليات التنظيمية، ويجب بناء قدرة إنتاجية جديدة، ويجب إنشاء سلاسل التوريد، ويحتاج منتجو اللقاحات إلى تعويض ضد المخاطر. بعد ذلك، يجب تسليم اللقاحات بالفعل. هذه مهمة أكثر صعوبة في الدول النامية، ولا سيما مع لقاحات mRNA الجديدة التي يجب تخزينها في ظروف شديدة البرودة.
هناك كثير من المخاطر والشكوك في هذا المسعى الواسع. كل منها بحاجة إلى إدارتها. سيستغرق ذلك وقتا وجهدا ومالا. هذا حتى قبل التفكير في أفضل طريقة لتمويل إمدادات اللقاحات للدول الفقيرة. هل ينبغي استخدام مساعدات التنمية الشحيحة أم تقديم أموال جديدة؟ بالنظر إلى تكلفة الوباء على اقتصاداتها، ينبغي أن تكون الإجابة هي الأخيرة. لكن من سيقدم هذه الأموال الإضافية؟
إلى أي مدى تكون أهمية حقوق الملكية الفكرية للشركات معوقا لزيادة إمدادات اللقاح بشكل سريع؟ يبدو أن الإجابة هي: ليس كثيرا. هناك اعتراضات معروفة على نظام البراءات كوسيلة لتحفيز الابتكار لكونه يوجد احتكارات مؤقتة، وهي مكلفة ويمكن أن تكون عقبة أمام الابتكار وليس حافزا. هناك حجج جيدة للطرق البديلة لتحفيز الابتكار. هناك أيضا حجج للترخيص الإجباري والتحكم في السعر الذي يحدث به الترخيص، ولا سيما عندما تمول الحكومات الكثير من الابتكار.
مع ذلك، بموجب القانون الحالي (بما في ذلك قانون التجارة)، الملكية الفكرية ليست قيدا ملزما على إنشاء وإنتاج ونشر اللقاحات. بعد انتهاء الأزمة، قد يكون من المنطقي إعادة النظر في هذه القواعد. الآن ليس هو الوقت المناسب.
من الصعب إدارة تحد ذي أبعاد عالمية واسعة إلى هذه الدرجة. لكن لا يمكن أن يكون ذلك مستحيلا، خاصة وأن العمل العالمي ضروري. وهي أيضا فرصة لجو بايدن. يمكن للرئيس الأمريكي الجديد أن يعيد تشكيل نظرة العالم إلى بلاده من خلال تحفيز دول مجموعة العشرين على بذل جهد حاسم. يجب على أعضائها القياديين توفير الموارد اللازمة لتسريع إنتاج إمدادات اللقاحات العالمية.
يحتاج الجهد فقط إلى عدة عشرات المليارات من الدولارات. تتضاءل التكلفة مع الناتج الاقتصادي المفقود من كوفيد - 19، الذي تشير حساباتي إلى أنه عند ستة تريليونات دولار في 2020 و4.4 تريليون دولار أخرى في 2021، مقارنة بتوقعات صندوق النقد الدولي لما قبل الوباء. إنهاء هذا النزيف في سبل العيش والأرواح هو الأولوية. لا يمكن أن يحدث هذا إلا إذا تم تطعيم جميع البشر الراشدين. يجب أن تضمن مجموعة العشرين الآن السبل لذلك.

الأكثر قراءة