بورصة لندن للمعادن تغلق قاعة التداول الدائرية للأبد

بورصة لندن للمعادن تغلق قاعة التداول الدائرية للأبد
متداولون في قاعة تداول المعادن الدائرية في لندن التي بدأت تهب عليها رياح الثورة الإلكترونية.

اقترحت بورصة لندن للمعادن أن تغلق بشكل دائم قاعة التداول الدائرية التي ظلت موقعا لتداول المعادن منذ تأسيسها عام 1877، وهي خطوة من شأنها أن تمثل نهاية التداول الشخصي للسلع في أوروبا.
تأتي خطة البورصة، التي تم الإعلان عنها يوم الثلاثاء، بعد أن أوقفت مؤقتا التداول في القاعة الدائرية العام الماضي بسبب جائحة كورونا.
إذا وافق أعضاء بورصة لندن للمعادن على إغلاقها، سيشكل ذلك نهاية حقبة بالنسبة للبورصة المملوكة لشركة هونج كونج للبورصات والمقاصة. قاعة التداول الدائرية ذات الأرائك الحمراء هي آخر قاعات التداول التي يتصايح فيها المتداولون في أوروبا، حيث لا يزال المتداولون يتواصلون من خلال الصراخ أو حركات الأيدي. وتعود أصولها إلى وقت كان فيه تجار المعادن يستهلون التداولات برسم دائرة على أرضية مقهى تكسوها نشارة الخشب في الحي المالي في لندن في القرن الـ 19.
خطوة الثلاثاء من بورصة لندن للمعادن هي أيضا قبول متأخر لهيمنة التجارة الإلكترونية التي حملت كثيرا من بورصات العقود الآجلة على إغلاق قاعات التداول الخاصة بها على مدار العقد الماضي. غادر آخر المتداولين بورصة نيويورك التجارية عام 2016.
تشتهر قاعة التداول الدائرية في بورصة لندن للمعادن برجالها الذين يرتدون بزات أنيقة وبقواعدها الصارمة بشأن اللباس والسلوك، التي قد يؤدي انتهاكها إلى فرض غرامات. يتم تحديد أسعار المعادن مثل النحاس والزنك والألمنيوم في جلسات تداول محمومة مدتها خمس دقائق، من قبل المتداولين -جميعهم من الرجال تقريبا- الذين يصرخون بالأوامر ويستخدمون إشارات الأيدي لنقل المعلومات.
قال مالكولم فريمان، المدير في شركة كينجدوم فيوتشرز الذي بدأ حياته المهنية موظفا في قاعة التداول الدائرية في أيلول (سبتمبر) 1974: "إنها جزء من التاريخ سيرحل للأسف، لكن في النهاية جميعنا تدبرنا الأمر جيدا". أضاف: "إنها إلكترونية، إنها تمثيل عادل -لم أسمع أحدا من العملاء يشكو منها. الخسارة الوحيدة هي الإحساس بقاعة التداول الدائرية في بورصة لندن للمعادن كمجتمع".
قال ماثيو تشامبرلين، الرئيس التنفيذي لبورصة لندن للمعادن، إن الجائحة أجبرت البورصة على اختبار ما إذا كانت التداولات الإلكترونية تعمل جيدا مثل قاعة التداول الدائرية في تحديد أسعار الإغلاق اليومية. ولاحظ أن أحجام التداول زادت بالفعل خلال الأشهر العشرة الماضية مقارنة بالتداولات في القاعة الدائرية.
أضاف: "تعتقد بورصة لندن للمعادن أن هذا هو الوقت المناسب للنظر في الإغلاق الدائم لقاعة التداول الدائرية والانتقال إلى هيكل تسعير إلكتروني. من المتوقع أن يفيد هذا التحول السوق من خلال توسيع المشاركة المباشرة خلال فترات اكتشاف الأسعار وزيادة الشفافية الشاملة".
بورصة لندن للمعادن التي اشترتها شركة هونج كونج للبورصات والمقاصة مقابل 1.4 مليار جنيه استرليني عام 2012، واجهت منافسة متزايدة في الأعوام الأخيرة من عقود النحاس الآجلة لمجموعة بورصة شيكاغو التجارية، وكذلك عقود المعادن في بورصة شنغهاي للعقود الآجلة. ومع أن حجم التداول الإجمالي في بورصة لندن للمعادن انخفض 7 في المائة العام الماضي، إلا أن ذلك بحسب تشامبرلين، يعود إلى عوامل الاقتصاد الكلي وكان مشابها لبورصات السلع الأخرى.
قال: "لقد أوضحنا أننا لن نستخدم الجائحة حجة لإغلاق القاعة الدائرية، وما زلنا ملتزمين بذلك. لكن من العدل أن نلاحظ أن فترة التسعير الإلكتروني خدمت السوق جيدا، مع وجود أحجام كبيرة من النشاط في نافذة التسعير، يمكن ملاحظتها بسهولة من جميع أصحاب المصلحة، ومزيد من المشاركين الذين يملكون وصولا مباشرا".
بورصة لندن للمعادن تتفرد بين البورصات بالسماح لمستخدميها بتحويط أسعار المعادن لأيام محددة في المستقبل بدلا من الزيادات القياسية لمدة ثلاثة أشهر كما هو الحال في معظم بورصات العقود الآجلة. وبحسب مارك بيلي، الرئيس التنفيذي لشركة سكدين فاينانشيال للوساطة، التحرك لإلغاء قاعة التداول الدائرية يمكن أن يقوض قدرة العملاء على القيام بهذا النوع من التحوط في المستقبل. قال: "نشعر بخيبة أمل لأن البورصة تجري مشاورات بشأن هذه المسألة. نعتقد أن فقدان قاعة التداول يقوض نظام التأريخ date system في بورصة لندن للمعادن".
لكن بورصة لندن ذكرت أن الإغلاق بسبب كوفيد - 19 قدم دليلا على أنه لا يوجد رابط جوهري بين نظام التأريخ وقاعة التداول. قال تشامبرلين: إن بورصة المعادن لا تزال ملتزمة بالحفاظ على هيكل التأريخ، وهو أمر مهم لسوق المعادن المادية.
أضاف: "هيكل التاريخ أساسي جدا لنا. أنا لا أصدق الحجة القائلة إن عرض شيء ما على الشاشة يجعله متاحا بشكل أقل. بشكل عام يجعله متاحا أكثر."
بصورة عامة شهدت قاعات التداول التقليدية تراجعا مستمرا أمام مد التداول الإلكتروني. ففي عام 1998 أدت معركة السندات الألمانية إلى استيلاء بورصة يوركس الألمانية على سوق العقود الآجلة لديون البلاد طويلة الأجل من منافستها اللندنية، لايف Liffe. كان تداول العقود يتم في قاعة يتصايح فيها المتداولون في المملكة المتحدة، لكن المتداولون فضلوا النسخة الإلكترونية لسهولة التداول عن بعد فانتقلوا إليها بصورة جماعيا.
وفي عام 2001 أحدثت شركة إنتركونتيننتال إكستشينج، التي كانت آنذاك شركة ناشئة صغيرة، ضجة بشراء بورصة البترول الدولية في لندن IPE، حيث كان تبادل معظم العقود يتم في قاعة التداول. لكن "إنتركونتيننتال" بنت منصة إلكترونية حديثة، مستهدية في ذلك بمعركة السندات الألمانية.
وفي عام 2005 أعلنت "إنتركونتيننتال" إغلاق قاعة التداول في بورصة البترول الدولية في لندن، ما حول عقود الطاقة الآجلة مثل خام برنت إلى عقود إلكترونية بالكامل. بعد أسابيع من ذلك، كشفت منافسة بورصة البترول الدولية الأكبر في ذلك الوقت، بورصة نيويورك التجارية "نايمكس"، عن خطط لإنشاء قاعة تداول يتصايح فيها المتداولون في لندن. لكن في عام 2006 تخلت "نايمكس" عن خطتها لعدم وجود اهتمام كاف من المتداولين.
وشهد عام 2012 نهاية 142 عاما من التاريخ عندما أغلقت "إنتركونتيننتال" قاعات تداول السلع اللينة في نيويورك مع تضاؤل الأحجام، لمصلحة التجارة الإلكترونية.
بعد ذلك بثلاثة أعوام انتهت مسيرة 167 عاما، بإغلاق بورصة شيكاغو التجارية معظم قاعات التداول في شيكاغو ونيويورك. وانخفض التداول في القاعات التي يتصايح فيها المتداولون إلى 1 في المائة فقط من إجمالي حجم العقود الآجلة.
تضمن قرار بورصة شيكاغو التجارية قاعات تداول العقود الآجلة في "نايمكس"، التي اشترتها قبل سبعة أعوام في صفقة قيمتها 8.9 مليار دولار. وظلت قاعات التداول المتصلة ببعض الخيارات فقط هي المفتوحة.
أخيرا جاء فيروس كورونا وأجبر بورصة شيكاغو التجارية وشركة سي بي إي جلوبال ماركتس على إغلاق قاعات التداول الخاصة بهما في شيكاغو العام الماضي، لكن أعيد فتحها خلال الصيف. من بين الاحتياطات، كان على التجار الخضوع لفحوص طبية وارتداء واقيات للوجه داخل القاعة.

الأكثر قراءة