لملم عام 2020 ذيوله السينمائية بكثير من التأرجح بين عواصف القطاع المهتز نتيجة جائحة كورونا، ونسمات الإنتاجات الجميلة والمنوعة التي أطلقتها منصة نتفليكس، واضعة كل إمكاناتها لاقتناص الفرصة واستغلال الأزمة والسيطرة على القطاع السينمائي. ولقد نجحت إلى حد كبير في إصدار بعض الإنتاجات التي لقيت رواجا كبيرا، وجذبت عديدا من المشاهدين، وآخرها كان فيلم We Can Be Heroes "يمكننا أن نكون أبطالا"، الذي توجهت به إلى الصغار والكبار على حد سواء، واستقطبت إعجابهم من خلال سلسلة أفلام لأبطال خارقين جدد، على غرار "مارفل"، و"دي سي"، لكن الأبطال في هذا الفيلم من الجيل الجديد القادر على جذب الأطفال، والمراهقين، وهي المرة الأولى التي نرى فيها أبطالا من هذه الفئة العمرية من أفلام الأساطير الخرافية.. فهل ستكون مقدمة لعالم "مارفلي" جديد مختلف عما اعتدناه؟
طفلة تدخل مؤسسة الأبطال
منذ اللحظات الأولى للفيلم يقدم روبرت رودريجيز المخرج والمؤلف لمحة مختصرة عن إصابة الأبطال الخارقين، ترويها ميسي مورينو، تؤدي دورها يايا جوسيلين، حيث أكدت من خلال روايتها سقوط الأبطال الخارقين جميعا، وولادة آخرين، لينتقل فجأة إلى والد ميسي، الذي أوصل ابنته الى المدرسة وأكمل إلى عمله في مركز "الأبطال"، هو المدير المسؤول عن الأبطال والمهام التي يقومون بها، لكنه وعد ابنته منذ وفاة زوجته بألا يخرج في مهمة خارج مكتبه، حيث يدير العمليات. لكن شيئا ما حصل في ذلك اليوم، جعله يتواصل مع ابنته ويعتذر لها عن اضطراره إلى التراجع عن وعده، وأرسل سيارة تأتي بها من المدرسة إلى المقر الرئيس لمؤسسة "الأبطال".
ما بين نسختي 2005 و2020
للوهلة الأولى يشعر المشاهد الذي تابع فيلم "مغامرات فتى القرش وفتاة الحمم ثلاثية الأبعاد" أنه استكمال لتلك المغامرات التي أطلقها رودريجيز نفسه عام 2005، لكن الحقيقة ليست كالتوقعات، وهذا الفيلم ليس فيلمهما، رغم أنهما يظهران في الفيلم، حتى إن هناك نكتة حول أن فتى القرش يحب الغناء، ربما في إشارة إلى أغنية البوب الكلاسيكية Sharkboy's Lullaby، لكن تم استبدال ممثل شخصية فتى القرش الأصلي تايلور لونتر بممثل المشاهد الخطيرة جاي جاي داشناو، وتبين فيما بعد أن العودة بالحنين إلى شخصيات سابقة ما هي إلا خطوة تسويقية للعمل الجديد.
اتحادهم قوة
بعد أن تذهب ميسي إلى مكان عمل والدها، تفاجأ بوجود كل أبناء الأبطال في هذا المكان، كل يقدم نفسه وقد ورث عن أبويه شيئا من القوة الخارقة، وايلد كارد، يؤدي دوره ناتان بلير، العقل المدبر وصاحب القوى الخارقة والمتعددة، نوديلز، يؤدي دوره ليون دانيالز، صاحب اليدين المطاطيتين، ويلز، يؤدي دوره أندي والكن، وقوته في رجليه، كابيلا، تؤدي دورها لوتوس بلوسوم، صوتها خارق، سلومو، يؤدي دوره ديلان هنري لو، شديد البطء لكنه قاهر، فايسميكر، يؤدي دوره أندرو دياز، القادر على تحويل وجهه كيفما يشاء، ريوايند، يؤدي دوره إيسايا راسل بيلي، وفاست فوروورد يؤدي دوره أكيرا أكبر، شقيقان أحدهما يعيد الأحداث إلى الوراء، وشقيقته تسرعها إلى الأمام، وأصغرهم جوبي، تؤدي دورها فيفيان بلير، تجمع قوتي والديها وهما فتى القرش وفتاة الحمم ثلاثية الأبعاد، فهي تصنع من الماء أشكالا تواجه بها الأعداء، وتملك قوة القرش وشراسته رغم صغرها، وأخيرا أوجو، تؤدي دورها هالا فينجاي، الصامتة التي يمكنها معرفة ما سيحدث معبرة عنه برسومات تلتقطها وتفهمها سريعا، ميسي التي تبدو شديدة الذكاء.
خطط الأطفال
ميسي لا تملك أي قوة خارقة، لأن والدتها كانت إنسانة عادية، كما تقول لباقي الأطفال، لكنها من هذه اللحظة ستكتشف أين تكمن قوتها الحقيقية، فأثناء وجود الأطفال في غرفة معزولة، يشاهدون في "نشرة أخبار المركز"، وفي نقل مباشر كيف يتعرض آباؤهم لهجوم من كائنات فضائية غريبة تتمكن من أسْرهم جميعا، وبفضل رسومات "أوجو" تدرك ميسي أن الكائنات ستأتي لتقبض على الأطفال أيضا، لذا يضعون خطة للهرب رغم أوامر الآنسة جرنادا، تؤدي دورها النجمة الهندية بريانكا شوبرا، المسؤولة عن المركز.
وتنطلق مغامرات الأطفال الذين يستطيعون الخروج والتحليق عاليا مستخدمين قواهم الخارقة، فيصلون إلى حيث تسكن الجدة مورينو "أدريانا بارّازا"، جدة ميسي، وهي في الأصل مدربة الأبطال الخارقين، أي الآباء، وتساعدهم على الهرب لكنها تقع في فخ الكائنات الفضائية، وتتوالى الأحداث ليصل الأطفال بدورهم إلى المركبة الفضائية ليخلصوا آباءهم من الأسر.
رغم صغرهم يحلون مشكلات الأرض
حاول رودريجيز من خلال الفيلم الذي ألفه وأخرجه وأنتجه وصوره وأعده أن يقدم فكرة رئيسة مفادها أن الأطفال أكثر قوة وقدرة في الواقع لإنقاذ العالم من أهاليهم، ولعبت المشاهد التصويرية الجميلة دورا في إبراز الفيلم ونجاحه مع موسيقى تصويرية مناسبة، لحنها ابن رودريجيز ريبيل، في حين شارك ابنه ريسير في إنتاج الفيلم، لكن إبراز الأبطال الخارقين كما لو أنهم في فيلم لنيكولوديون أثار حفيظة بعض المشاهدين الذين يعشقون الأبطال الخارقين، وعايشوهم لأعوام في مغامرات كثيرة، ليأتي ألان رودريجز ويسخر منهم، ملغيا أعواما أمضتها مارفل في بناء تلك الشخصيات، وفي الوقت عينه يفتح الباب أمام توجه جديد للأبطال الخارقين، خاصة في نهاية الفيلم عندما قال "الخارقون الصغار" سيرثون مشكلات الأرض وعليهم حلها، فجعل من المشهد الختامي بداية ظهور الأبطال الخارقين الجدد الذين يقدمهم بأزيائهم المميزة، التي تبدو أكثر تطورا وأقرب إلى المنطق من ملابس آبائهم، لكن يبقى الفيلم من صنع الأطفال، وموجها إلى الأطفال.
إيقاعات مثالية
على الرغم من أن السيناريو يتبع في الغالب إيقاعات القصة التي تتوقعها نفسها، إلا أن رودريجيز ينفذ تلك الإيقاعات بشكل مثالي، فيقدم قصة للأطفال شبيهة بـThe Avengers لكنها تبدو مع ذلك كأنها شيء فريد ومختلف، ولطالما سردت أفلام رودريجيز المناسبة للعائلة قصصا حول أطفال ينقذون الموقف أثناء إنقاذ أهاليهم، لكنه مع فيلم "يمكننا أن نكون أبطالا" يبدو كما لو أنه يوصل للمرة الأولى رسالة من خلال هذه الأفلام. فهو لا يتحدث فقط حول أن البالغين منغمسون في ذواتهم للغاية ويفضلون الجدال والقتال بين بعضهم بعضا بدلا من إنجاز الأمور، لكن أنه يجب الوثوق بالأجيال الأصغر سنا لحل المشكلات العديدة التي تركها آباؤهم.
تجدر الإشارة الى أن الممثلة الشهيرة بريانكا تشوبرا جوناس ملكة جمال العالم السابقة، أعلنت تكملة فيلم "يمكننا أن نكون أبطالا"، وأكدت تشوبرا أن رودريجيز و"نتفليكس" يطوران ما تبقى من الفيلم، مضيفة "يعود الأبطال إلى الجولة الثانية، التكملة قيد التطوير مع رودريجيز ونتفليكس"، وقالت، في تصريح صحافي، "إن الفيلم نجح في الاستحواذ على إعجاب المشاهدين وحقق أصداء رائعة". من جهته أعلن رودريجيز من على حسابه الرسمي على "تويتر" أن الفيلم تمت مشاهدته من قبل 44 مليون عائلة، بعد أربعة أسابيع فقط من إطلاقه، ووعد الجمهور بجزء مكمل في المستقبل.
أطفال يحلون مشكلات الأرض في فيلم «يمكننا أن نكون أبطالا»
بوستر العمل.
أبطال الفيلم يستمعون لتوجيهات روبرت رودريجيز المؤلف والمخرج.
أضف تعليق