قراءات

قراءات
قراءات
قراءات

حي حتى الموت

هذا الكتاب هو في جزئه الأول تأملات بول ريكور في الموت، بعد صيف عام 1995، حين بدأت زوجته سيمون تقترب من الموت، متأملا في فكرة أن يكون المرء شاهدا وحاضرا في الحداد، وفي نظرة الآخرين إليه بوصفه باقيا على قيد الحياة، مستحضرا التجربة الدينية من خلال قراءته نصوص بعض التفاسير...، أما جزؤه الثاني فيمثل "شذرات" وهي مجموعة النصوص المتقطعة لأفكار متعددة كتبت بين عامي 2004 و2005 "عام وفاته"، حول أن يولد مسيحيا بالصدفة، تلك الصدفة التي تتحول إلى القدر بفعل اختيار متواصل، حول أن ينسب إليه بأنه فيلسوف مسيحي، حول المناظرة، حول دريدا...، مقدما تأويلات ومواقف من قضايا يرى أنه تبناها وهو يخرج من العنف "الديني"، "وبعض المواقف في آخر الكتاب هي الأكثر جرأة"، كما أن هذه الفترة تمثل شهادته فيما يمكن أن يقوله عن موته، وفيما يمكن أن يقوله الآخرون عنه بعد موته، من خلال التمفصل بين زمن الكتابة وزمن الحياة وزمن الاحتضار.

مرابع السلوان

ينتصر عبدالقادر الشاوي، في روايته "مرابع السلوان"، لأصوات الضحايا، عبر رحلة لوحة الفنان فريد بلكاهية النحاسية التي تخلد الواقعة التشيلية في "متحف الذاكرة"، إنها بمنزلة تجسيد للتضامن والتعبير عن المصائر المرتبطة بالوجع ذاته، العابر للقارات، من مغرب أعوام الرصاص إلى انقلاب بينوشيه. وحسب كلمة الناشر على غلاف الكتاب، فإن رواية عبدالقادر الشاوي الجديدة، تقتفي أثر المعذبين في المغرب، خلال مرحلة العدالة الانتقائية في مقابل محاولات الإنصاف، تحكي قصصهم في ذلك الماضي بخجل ربما، لكن على إيقاع الفضح وكشف المسكوت عنه. فهل يكون الإفصاح عنها أثقل وطأة من تلك الفظاعات التي ارتكبت؟ سِيَر أناس ماتوا، وآخرين أصيبوا بالجنون، لكنهم واصلوا السير في البراري والسياط تجلدهم. وإن كان للماضي ذاكرة فالحاضر هو مستودع تلك الذاكرة. يخاطب الناشر القارئ زاعما: لا تحتاج إلى التورط في هذه الرواية، والإحساس بمذاق النحاس على لسانك، سوى قراءة الجملة الأولى "سمعت يوما من يقول، (إن الذاكرة ليست متحفا فقط، بل تعزية أيضا)، لكنها لم تعد مكانا للاستراحة وتخفيف الألم، هي سلاح الضحايا الأخير، فكيف لها أن تخبو"؟

حياة الفراشات

شيد يوسف فاضل في روايته "حياة الفراشات" حياة بأكملها، وإن بدت ناقصة، إلا أنه نقصان مقصود تكشفه أيام الرواية الخمسة: السبت وهو يوم الانقلاب، الأحد وهو يوم عيد الميلاد، الإثنين وهو يوم الحب، الثلاثاء وهو يوم النكسة، والأربعاء وهو يوم السفر، وقبل اليوم الأخير، سنجد أنفسنا وقد عشنا هامش الهامش، ولامسنا بأيدينا أقصى القاع في مدينة الدار البيضاء، وما من بياض إلا لسيارات نقل الموتى والنعوش وخِيَام الأعراس التي تتحول إلى مآتم، لنتساءل: كم هي خاسرة صفقة الحياة، وهل كل شيء نختاره سيكون الشيء الخطأ؟ وتزعم "منشورات المتوسط" في كلمتها على غلاف الكتاب، أننا ما إن نشرع في قراءة الرواية حتى تنطلق من حولنا الموسيقى، تدهمنا من النافذة، من الجدران الصماء، من ذاكرتنا المنهكة. نتتبع خطى شخصيات يتقمصها الراوي، بل نتشابك مع مصائر تلك الشخصيات وهي تمضي وتتقاطع وتنتهي على أرض غير صلبة، حيث الحب المشتعل، والمدينة الملتهبة، والجنون المتقد، حيث الحكايات والأنغام والمقطوعات الموسيقية الصاعدة مع دخان نادي "دون كيشوت" المحترق، والمتناثرة هنا وهناك كجثث متفحمة.

الأكثر قراءة