ثقافة وفنون

الدراما العربية تبكي ذاكرتها برحيل حاتم علي ووحيد حامد

الدراما العربية تبكي ذاكرتها برحيل حاتم علي ووحيد حامد

من أعمال وحيد حامد.

الدراما العربية تبكي ذاكرتها برحيل حاتم علي ووحيد حامد

وحيد حامد.

الدراما العربية تبكي ذاكرتها برحيل حاتم علي ووحيد حامد

حاتم علي.

لملمت الدراما العربية دموعها وذاكرتها بعدما فقدت اثنين من أعلامها، هما المخرج حاتم علي والكاتب وحيد حامد، اللذان غيّرا وجه الإبداع التلفزيوني والسينمائي، وبدا رحيلهما شديد الوطأة وصادما للجمهور العربي، في دلالة على فداحة هذه الخسارة.
ترك الراحلان آثارا إبداعية وأعمالا محفورة في أذهان المشاهدين، شكلت وعيا مجتمعيا، وأسسا لصناعة دراما جادة، تحترم ذائقة الجمهور وفكره وثقافته.

بصمة في الدراما

إحساس بالفقد جمع السوريين للمرة الأولى منذ نحو عشرة أعوام، فاجتمعوا في حب وتشييع جثمان حاتم علي، كما اجتمعوا من قبل في تشييع نزار قباني، وغيره من أعمدة الأدب السوري.
فحاتم لم يكن مجرد مخرج، إنما جمع في مسيرته مهنة الممثل والكاتب والمنتج، درس وتخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، وكتب المسرحيات والقصص القصيرة، منها ثلاث مسرحيات هي "مات 3 مرات" و"البارحة - اليوم - وغدا"، و"أهل الهوى"، وألف مجموعتين قصصيتين هما "ما حدث وما لم يحدث"، و"موت مدرس التاريخ العجوز"، كما كتب أيضا عددا من نصوص الدراما التلفزيونية، من بينها مسلسل "القلاع"، الذي أخرجه مأمون البني، وفيلم تلفزيوني اسمه "الحصان" أخرجه بنفسه.
بدأ علي مشواره الفني كممثل في مسلسل "دائرة النار"، للمخرج هيثم حقي، في عام 1988، وتوالت الأدوار عليه بعد ذلك، وفي منتصف التسعينيات اتجه إلى الإخراج التلفزيوني، وقدم هناك أعمالا مهمة ولها بصمة في الدراما.
حاتم علي، الذي رحل عن عمر 58 عاما، أعاد الأهمية والاعتبار إلى الدراما التاريخية، فهو من قدم وبرع في ثلاثية الأندلس وملوك الطوائف وربيع قرطبة، وملحمة التغريبة الفلسطينية، وصقر قريش، والملك فاروق، ومسلسل عمر، والعراب بجزئيه، والفصول الأربعة، وقلم حمرة، وأحلام كبيرة، وبعض أجزاء مسلسل مرايا الشهير لبطله ياسر العظمة، وأثبت موهبته كممثل، خصوصا في التغريبة الفلسطينية، التي تشبه في قصتها تفاصيل نزوحه من مرتفعات الجولان وهو ابن الخامسة من عمره، وعاش في مخيم اليرموك، الذي يبعد نحو ثمانية كيلو مترات عن دمشق.

الزير .. بداية والنهاية

ابن الجولان لم يكن يجد بدا من الاعتراف بأن مسلسل الزير سالم، للكاتب الراحل ممدوح العدوان، وأخرجه في أواخر التسعينيات مثل نقطة التحول الحقيقية في مشواره الفني، ويروي حرب البسوس وقصة المهلهل بن ربيعة، وشارك فيه نخبة من الفنانين السوريين، الذين هم أبطال الدراما السورية الحقيقية اليوم، مثل سلوم حداد، خالد تاجا، عابد فهد، جهاد سعد، تيم حسن، قصي خولي وآخرين، ولم يمهله الزمن طويلا لكي ينتج قصة الزير سالم في فيلم سينمائي كما أعلن في نوفمبر الماضي، برؤية سينمائية جديدة، كان من المفترض أن يرى النور خلال عام 2021.
وداع مهيب حظي به، شيعه آلاف إلى مثواه الأخير في مقبرة باب الصغير في دمشق، بعد أن توفي في القاهرة فجر الثلاثاء 29 ديسمبر، إثر إصابته بنوبة قلبية.

الواقف في وجه الإرهاب

صباح السبت كان حزينا بعد وفاة كاتب السيناريو المصري وحيد حامد، الذي قدم رؤية لما تعيشه البلاد، ووصف بـ"محارب الإرهاب"، والواقف في وجه أنيابه.
ولد الكاتب الراحل في يوليو 1944، في مركز منيا القمح في محافظة الشرقية، وتخرج في كلية الآداب قسم علم الاجتماع في جامعة القاهرة، وأقام في العاصمة منذ عام 1963، لتبدأ رحلته الفنية هناك.
بنظرة على أعماله السينمائية والدرامية، تستطيع أن تتعرف على أفكار حامد، فقد قدم على مدى عقود مجموعة من الأعمال المهمة، تجاوزت 80 عملا، منها المنسي، الإرهاب والكباب، طيور الظلام، طائر الليل الحزين، غريب في بيتي، البريء، الراقصة والسياسي، الغول، الهلفوت، اللعب مع الكبار، اضحك الصورة تطلع حلوة، سوق المتعة، معالي الوزير، دم الغزال، واحكي يا شهرزاد.
أما المسلسلات، فله منها البشاير، العائلة، الدم والنار، ومسلسل "أوان الورد" الذي يتناول علاقة المسلم بالمسيحي والتطرف، وأهم مسلسل للكاتب كان "الجماعة" بجزئيه، ويدور حول جماعة الإخوان المصنفة منظمة إرهابية، ورحل قبل أن يكمل كتابة جزئه الثالث، ويفترض أن ينتهي عند لحظة اغتيال الرئيس الراحل محمد أنور السادات، وكان يخطط لآخر رابع يتناول علاقة الجماعة بالسلطة في فترة الرئيس الراحل محمد حسني مبارك.
كتب عددا قليلا من المسرحيات، منها "كباريه" من إخراج جلال الشرقاوي، و"جحا يحكم المدينة" بطولة سمير غانم وإسعاد يونس، وشكل ثنائيا سينمائيا مع الزعيم عادل إمام، واستطاع من خلاله إبراز الوجه الآخر للممثل المشهور بأدواره الكوميدية، وتعاون خلال مسيرته مع سعاد حسني وميرفت أمين ومديحة كامل وأحمد زكي وكبار نجوم الفن المصري.

أولاد حارتنا

كان يفكر حامد في تحويل رواية أولاد حارتنا لأديب نوبل نجيب محفوظ إلى مسلسل تلفزيوني، وفقا لما قاله الناقد طارق الشناوي، وكان يحضر لمسلسل طويل من إخراج نجله مروان، وكان يرى أن رواية بهذا الحجم والزخم الذي رافقها ورافق كاتبها لا يمكن اختزالها في فيلم سينمائي، فأحداثها ثرية وتحتاج إلى حلقات مطولة، بحسب مقابلته مع "سكاي نيوز".
كان الشناوي يعمل على تأليف كتاب يروي سيرة وحيد حامد، بعنوان "الفلاح الفصيح"، عكف على إعداده في الفترة من شهر يوليو إلى نوفمبر الماضي، وأجرى معه أكثر من جلسة وحاوره في كل شيء عن حياته، بداياته، كتاباته، أفلامه، معاركه، وأهم من عمل معهم، وكان حريصا خلال تلك الحوارات على أن يقول الحقيقة كاملة دون تزييف رغم ما فيها من أمور قد تجلب له بعض المشكلات.
مثلما نعى الفنانون حاتم علي، زاد حزنهم بنعيهم أيضا وحيد حامد، الذي ودعته إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة المصرية، وقالت في بيان "إنه كان خير سند للمبدعين والمثقفين والفنانين، وصاحب مواقف تكتب بحروف من نور في سجلات تاريخ الوطن، كما أنه الأستاذ والأب والمعلم".

عاش الزمن الجميل

وكأنه يودع زملاءه والجمهور.. هكذا بدا وحيد حامد في كلمته بعد تكريمه في افتتاح الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي، في 2 ديسمبر الماضي، وتسببت كلماته في بكاء الحضور.
على مسرح دار الأوبرا المصرية، دخل حامد مستندا إلى عكازه، وبدا عليه التعب، وقبلها كان يجلس على كرسي متحرك، ونبرته تظهر إرهاقا، وقال في كلمته بعد تكريمه بجائزة الهرم الذهبي عن إنجاز العمر، التي تداولت بشكل واسع على منصات التواصل الاجتماعي "حبيت أيامي عشان اشتغلت مع نجوم كبار ومحترمين، عشت زمن جميل، أشكر فرسان وقفوا بجانبي في مشواري الطويل".
خلال الحفل وقف المخرج شريف عرفة، لتقديم السيناريست وحيد حامد، الكاتب الذي آمن بالمخرج الشاب في بداياته، وكوّنا مع عادل إمام قاسما مشتركا معهما في أغلبية هذه الأفلام السينمائية.
توفي عن عمر يناهز 76 عاما، بعد أن عانى مشكلات صحية مزمنة في عضلة القلب أعاقت حركته، وأعلن ابنه المخرج السينمائي مروان حامد وفاته وموعد تشييعه عبر صفحته على "فيسبوك"، وكان في وداعه رفاق دربه في صناعة السينما.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون