أمومة للبيع

يقول فريدريك نيتشه "كل الأشياء خاضعة للتأويل وأيا كان التأويل فهو عمل القوة لا الحقيقة".
قامت فنانة مشهورة برفع قضية ضد والدتها في المحكمة بتهمة اختلاس أموالها وصدر حكم ضدها بالسجن عاما، ما دفع بالأم إلى الظهور على وسائل "السوشيال ميديا" وهي تستعطف الجمهور وتطالبهم بالوقوف معها في أزمتها ومحاولة إصلاح الأمور. كثير من مشاهير وسائل التواصل وغيرهم قاموا بشن حرب شعواء على الابنة المشهورة واتهموها بالعقوق وقسوة القلب، بل إن إحداهن قالت: "لو كان عندي ابن لما زوجته منها". هذا التسابق المحموم لإظهار الفضيلة في مجتمعنا عند كل مصيبة أنا شخصيا أعده نوعا من الانحطاط الأخلاقي والرقص فوق الجراح والقلوب الممزقة، فلا أحد له الحق في إصدار أحكامه الاندفاعية دون أن يكون ملما بجميع تفاصيل الحدث منذ بداياته. أنا لا أدافع عن هذه الابنة، ولا أبرر لها ما قامت به تجاه والدتها، ولا يمكن لأي عاقل أن يفعل ذلك، لكن ابنة نشأت منذ طفولتها المبكرة على صراعات شرسة بين والدها ووالدتها من جهة، وبين جدتها أم والدها ووالدتها من جهة أخرى، ثم بين زوجة والدها والعائلة، وسط أجواء مشحونة بالحقد والحسد والخلافات المسمومة والفضائح المنشورة أمام الجماهير إلى أن بلغت الـ19 من عمرها، لا بد أن يكون كل ذلك قد ترك أثرا نفسيا مدمرا فيها جعلها تفقد شيئا من اتزانها، كيف يطالبون هذه الشابة بالعقلانية والحكمة في بيئة أسرية فقد عقلاؤها كل حكمة وعقلانية وإحساس بالمسؤولية!
الأمومة والأبوة ليست سلعة مزايدة ولا أسلوبا إرهابيا ولا سلاحا موجها نحو قلوب أبنائكم تلجأون إليه حين تضطركم الظروف، لا تصنعوا من أبنائكم قوارب نجاة تمخرون بها أمواج البحر الهائجة لتصلوا نحو ضفة آمنة غير عابئين بالمخاطر التي تودي بهم للهلاك فوق صخور مرجانية لن ترحم أرواحهم، ولا تسمموا قلوبهم بنار أحقادكم وخلافاتكم المريرة، ثم بعد ذلك تدفعوا بهم نحو اختيار أحد الطرفين الذي سيكمل معه باقي فصول التصفيات الأخيرة للحرب!
حسمها القرآن الكريم منذ 1400 عام «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، لماذا لا يكون الأزواج في حالات الفراق والطلاق بالرقي نفسه والاحترام الذي يكونون فيه في أيام الخطوبة والزواج، كونك أبا أو أما فذلك لا يمنحك الحق أن تستخدم ابنك كبش فداء تنحره حتى "تقهر" الطرف الآخر!
وخزة
إذا لم تدركوا قدسية الأمومة والأبوة "تكفون لا تجيبون عيال"!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي