تحليل البول مرآة لصحتك

تحليل البول مرآة لصحتك

عزيزي القارئ هل تعلم كم المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها من خلال تحليل البول الكامل. إن تحليل البول هو مرآة لوظائف الكلى التي تعد إحدى الوظائف الحيوية الرئيسة للجسم. وكي نفهم هذه المعلومات دعنا نتحدث عن وظائف الكلى وخصائص البول الطبيعية ثم مظاهر الخلل التي يمكن أن تحدث ومدى دلالاتها.
ولكي نفهم أهمية تحليل البول والتعرف على الخلل الذي فيه يجب أن نتعرف على خصائص البول الطبيعية. فهناك خصائص معينة مثل اللون والرائحة والكثافة النوعية للبول وكلها دلالات توضح الخصائص الأولية للبول، وهو ما يتماشى مع الوظائف الأولى للكلى (عملية الفلترة ثم التركيز)، ثم هناك الخصائص الكيميائية للبول وهو ما يعبر عنه بمعدل الحموضة والقلوية (درجة الحموضة)، والبول الطبيعي هو حامض ويجب أن يكون كذلك وهذه الميزة تمنع نمو البكتيريا في المثانة عند تخزين البول فيها.
وأخيراً فإن أهم ما يميز البول الطبيعي هو درجة النقاء التي تجعله في لون العنبر والرائحة المميزة التي تصاحبه وسببها مادة اليوريا في البول، أما سبب النقاء الطبيعي فهو خلو البول من أي أملاح أو خلايا أو شوائب وفي حالة وجود غير ذلك سيكون البول غير طبيعي واحمرار البول قد يحدث بسبب حدوث نزيف في البول أو قد يكون احمرار البول لأسباب أخرى غير حدوث النزيف مثل بعض الأدوية أو بعض الأغذية ذات المواد الحافظة.
إن ما يمكن التعرف عليه من خلال البول وتحليله كم هائل من المعلومات وهذا ما يجعل تحليل البول الكامل هو حجر الزاوية في جميع الأبحاث الأساسية لجميع الأمراض التي تصيب كل من الذكور والإناث في جميع الأعمار، فالرائحة المميزة للبول هي الأساس ولكن هناك رائحة مميزة لمرضى الكبد في حالات متأخرة قد تتحول الرائحة المميزة إلى رائحة تشبه رائحة التفاح.
إن الكثافة النوعية للبول الطبيعي تراوح بين 1015 إلى 1025 ولكن وجود كثافة نوعية أقل يعني شرب سوائل أو أخذ سوائل بكمية كبيرة ولكن عند ثبات هذا الرقم 1010 فأقل يعني عدم قدرة الكلى على تركيز البول وهو أحد المؤشرات الخطيرة التي تستلزم عرض المريض على أطباء الكلى وكذلك وجود كثافة نوعية أعلى من 1025 يعني زيادة تركيز البول نتيجة نقص السوائل الداخلة إلى الجسم.
إن الوسط الكيميائي للبول هو الوسط الحامضي عند 5.5 وتغير الوسط الكيميائي للبول له دلالات كثيرة فالوسط القلوي (7) يساعد على نشاط البكتيريا المسببة لالتهاب المسالك البولية وقد يكون أحد الأسباب الطبيعية لحدوث ذلك هو كثرة تناول الخضراوات أو الإكثار من تناول بعض الأدوية ذات الطبيعة القلوية، وكذلك وجود السكر أو البروتينات في البول هو مؤشر على وجود خلل في التمثيل الغذائي لكل منهما، الفحص المجهري للبول قد يظهر وجود خلايا مثل كريات الدم الحمراء أو كريات دم بيضاء ميتة وهو ما يعرف باسم الخلايا الصديدية ووجود الخلايا الصديدية في البول لا يعني بالدرجة الأولى التهابات شديدة بالمسالك البولية على خلاف ما هو معروف لدى العامة من الناس وكذلك عدم وجودها لا يعني في الأصل كرات دم بيضاء ميتة وقد تظهر في البول نتيجة حدوث نزيف بسيط قد يحدد بسبب وجود حصوات صغيرة في المسالك البولية أو تناول مسكنات بكمية كبيرة دون حدوث التهابات في المسالك البولية وأيضاً عدم وجودها في بعض الالتهابات التي تصيب المجاري البولية مثل الدرن يوضح عدم دلالة أهميتها في التشخيص على الرغم من أن بعض العامة قد ينزعج من وجود عدد كبير من الخلايا الصديدية في البول وقد يسعده نقص عدد الخلايا الصديدية في تحليل آخر على أنه دلالة على التحسن أو شفاء المريض، وهذه المعلومة مغلوطة فالعدد لا يرتبط بالمرة بخطورة التشخيص المبدئي لأنه ببساطة قد يختلف من مختبر إلى آخر لاختلاف درجة تركيز أو تخفيف البول بشرب السوائل من عدمه، أما المهم في التشخيص الدقيق للالتهاب في المسالك البولية هو التعرف على وجود البكتيريا النشطة المسببة لالتهاب المسالك البولية في البول.
الفحص المجهري للبول قد يظهر بعض الكائنات الدقيقة التي تصيب المسالك البولية مثل الثريكومونس أو بويضات البلهارسيا في حالة الإصابة بالبلهارسيا.
وأخيراً عزيزي القارئ فإن نقطة البول قد تظهر تحت الميكروسكوب مثل البحر وكما تعلم فإن في باطن البحر كثيرا من الأسرار قد تغوص فيها وتتعلم القليل ولكن بالفعل فإن القليل من المعلومات له أكبر الأثر في الوصول إلى التشخيص الدقيق للمرض.

أ.د. مصطفى عبد السلام شكل.
استشاري المسالك البولية في مستشفى المواساة في الجبيل الصناعية

الأكثر قراءة