محمد الزواوي
كتب الدكتور علي فهمي خشيم في تقديمه لكتاب الفنان الليبي محمد الزواوي .
كلما أطال المرء النظر تبينت له معان فنية في تلك الخطوط الدقيقة والتفاصيل الجزئية التي يهتم بها كل الاهتمام.. تماماً كما يهتم كاتب مجيد بالتفاصيل والدقائق بعد أن عاشها وأدرك أبعاد تأثيرها العميق.
وميزة أخرى في لوحات الزواوي لا تخطئها العين هي قدرته العجيبة على ألا يكتفي بأن يجعلنا نضحك من قلوبنا للمفارقة الغريبة، أو يشد انتباهنا إلى جزئيات لم تخطر لنا على بال، فحسب بل قدرته على أن يدفعنا لأن نفكر في القضية التي يصورها.
ولوحات الزواوي ليست مجرد عرض للمهارة الفنية، وما من رسم له مجرد شكل جمالي مسطح، إنه يضمّن كل خط فكرة، فيخرج المتأمل بمجموعة أفكار تشغل ذهنه وتثير خياله ليفحص واقعه ويثور عليه، ليغيره إلى الأفضل.
يتميز الزواوي بثبات اليد، وحدة الخطوط، والثقة الواضحة في الريشة الراسمة.
وبالنسبة لحرصه على التفاصيل التي هي في بعض المذاهب غير ذات ضرورة لكنها في مذهبه ضرورية جدا.
إن محمداً ـ بلا جدال ـ خير من يرسم المجتمع الليبي كاريكاتيرا وقس على هذا بقية الأفراد والطبقات والمهن والصناعات..وهذه ميزة لا تتوافر لغيره.
رسوم الزواوي تتحدث بنفسها عن نفسها وهي ستدفع بالابتسامة حتما إلى شفاهنا، لكنها تشير بجانب هذا إلى مواطن الألم وتدل على مصادر الخطأ والخطر.
وما الذي يمكن أن يقال ـ بعد ـ في الزواوي؟
ولقد كتبت عنه الصحف العالمية .وصدرت عن أعماله الدراسات باللغات المختلفة، وشهدت معارضه في بلادنا وفي عواصم العالم عشرات الآلاف من المعجبين المتعجّبين. إن المرء ليستحي أن يقدم علماً مثل محمد الزواوي فلنعتبر ما مضى مجرد خواطر عن أعمال هذا الفنان الراقي جدا، والرقيق جدا في الوقت ذاته .