صناعة الأزياء السعودية
تشكل صناعة الأزياء الدخل الرئيس الثاني بعد سوق المال في نيويورك, بل إن صناعة الأزياء والجمال في حد ذاتها تشكل دخلا رئيسا للدول المهتمة بذلك وتساعد على وجود وظائف للنساء والطبقات الفقيرة والمتوسطة بشكل لافت.
على الرغم أن استهلاك الفرد السعودي من أدوات التجميل والعطور والملابس من المعدلات العالية جدا تخلو أدراج الهيئات المعنية لجلب الاستثمارات في المملكة عن دعم مثل هذه الصناعة المنتجة والمهمة التي من الممكن أن يلاحظ تأثيرها في الناتج المحلي سريعا.
تملك السعودية ميزة تنافسية عالية للبدء بمثل هذه الصناعة بل وإمكانية تصنيع المنتجات الفاخرة منها, وهناك العديد من الإنجازات المحلية التي تقودها شركات سعودية وتنتج منتجات من ثقافة المملكة نفسها وعلى جودة عالية، فشاليكي ونون والعربية للعود أسماء بدأت تحجز أماكن مهمة في هذه الصناعة. ما الذي يقف في وجه هذه الصناعة:
عدم معرفة صناع القرار في الدوائر الحكومية بمثل أهمية هذه الصناعة أدى إلى عدم دعمها بالطريقة الصحيحة, فالملاحظ فقط دعم صناع جلود محدودي الإنتاج والابتكار, أيضا عدم وجود معاهد متخصصة للجنسين سواء في تعلم التصميم وتدريب الخياطين على مستوى عال وعلى الاتجاه العالمي نفسه, وخلو قوائم الابتعاث التعليمي من دعم الراغبين في ذلك، إضافة إلى عدم القبول فيها من بعض فئات المجتمع المتشددة، على الرغم أنه يمكن توجيهها للثقافة المحلية والاستغناء عن منتجات غير مرغوب فيها متواجدة في السوق المحلي.
للعرب اتجاه خاص في هذه الصناعة ومنهم من أصبح يعرض بأعرق أسابيع الموضة في باريس, ومنهم يواجه صعوبة في الوصول إلى العالمية لعدة أسباب, منها عدم سلوكهم الطريق الصحيح للوصول إلى القمة.
فهم يعتمدون على أنفسهم في رغبتهم في مقارعة الكبار، وهذا من الأسباب التي تجعلهم محليين أو ذوي إنتاج محدود، فالطريق الصحيح لأن تصبح مصمما معروفا هو أن تنضم إلى إحدى هذه الشركات العريقة في بداية مرحلتك العملية ومنها يمكن لهم أن يصلوا إلى أهدافهم الشخصية إن برعوا في لفت الأنظار.
تحرص عديد من دور الأزياء أن تحجز بعض المقاعد الأمامية لبعض الشخصيات النسائية العربية لمعرفتهم بقدرتهم الشرائية العالية، إضافة إلى ضمهم إلى قائمة المشترين, هذا يدل على وجود تقبل وسوق كبيرة في المملكة يجب استغلاله بشكل أفضل من الواقع ودعم هذه الصناعة تدريبا وتنظيما.
السوق السعودية كبيرة ومتنوعة خاصة الملابس النسائية مع ندرة وجود دور أزياء خاصة بمصممين, أما الجانب الرجالي فهو في بداياته نظرا لارتباط نسبة كبيرة من الرجال باللبس التقليدي. أما عن دور وزارة التجارة في حماية الملكية الفكرية للسوق فهو مخجل للغاية، حيث من السهولة أن تجد قطعا مقلدة لأسماء ومحال كبيرة وربما لا تفصل بين هذه المحال سوى بضعة أمتار, بل وتنتشر ملابس مجهولة المصدر ومتدنية الجودة.
والبعض يعد هذه الصناعة ترفا، وأن الاهتمام بها أمر ثانوي, لكن من يرى كيف تساعد هذه الصناعة البلدان المهتمة في دعم الاقتصاد المحلي بل وتشجع صناعات مرافقة لها كالتسوق والسياحة والمجال الإعلاني, إضافة إلى سد الاحتياج المحلي من هذه المنتجات.
الوطن يحتاج إلى العديد من الصناعات وربما يقول البعض لماذا لا نهتم بصناعات ثقيلة أكثر أهمية من صناعات الملابس والتجميل؟ فالجواب هو أن التنوع مطلوب في الاقتصاد لكن لكل شيء متطلبات. فمثلا إذا أردنا أن ننتج سيارة قد يتطلب الأمر وقتا طويلا ورأسمال كبيرا ومهارات عالية ودقيقة بعكس هذه الصناعة المربحة.
أتمنى أن نضع هذه الصناعة على خريطة أهدافنا الصناعية والاقتصادية، وأن يتم تدريب عدد كبير من الراغبين تدريبا عاليا خارج المملكة على الأقل كدفعة أولى تستطيع جلب بعض المهارات من الخارج.
عدد القراءات 239 نشر في 2009/1/31