ثقافة وفنون

تأسيس أول جمعية سعودية للأدب المقارن .. نحو إبراز الهوية الثقافية الوطنية عالميا

تأسيس أول جمعية سعودية للأدب المقارن .. نحو إبراز الهوية الثقافية الوطنية عالميا

تأسيس أول جمعية سعودية للأدب المقارن .. نحو إبراز الهوية الثقافية الوطنية عالميا

إبراهيم عزيزي

تأسيس أول جمعية سعودية للأدب المقارن .. نحو إبراز الهوية الثقافية الوطنية عالميا

الجمعية تعتزم إطلاق عدد من المشاريع، مثل الإصدارات، كالكتب والمجلات العلمية المحكمة.

بزغ نور أول جمعية سعودية للأدب المقارن أخيرا، التي استبشر بها الأدباء والمتخصصون خيرا، كونها ستبرز الهوية الثقافية الوطنية، إيمانا بمكانة المملكة الحضارية والثقافية في التفاعل مع حضارات العالم وفكره وأدبه وفنونه.
فالأدب المقارن عالم واسع، عرفه العالم الفرنسي فان بول تيجم في عام 1931 بأنه المقارنة بين آداب أو أدباء مجموعة لغوية واحدة أو مجموعات لغوية مختلفة من خلال دراسة التأثيرات الأدبية التي تتعدى الحدود اللغوية والجنسية والسياسية، وفي تعريفات أكثر بساطة، مثل تعريف الأديب كمال أبو ديب هو دراسة الأدب خارج حدود دولة معينة واحدة، ودراسة العلاقات بين الأدب من جهة ومجالات المعرفة والمعتقدات الأخرى مثل الفنون والفلسفة، أي مقارنة أدب بأدب آخر وبآداب أخرى، ومقارنة الأدب بمجالات أخرى من التعبير الإنساني.

حلقة وصل

نبعت فكرة تأسيس الجمعية السعودية للأدب المقارن من "رؤية المملكة" ومحاورها الثقافية، فجاءت كي تسهم إيجابا في في مخرجات المملكة الفكرية والثقافية نقدا وتحليلا وترجمة، مع إعطاء الأولوية للمحافظة على الهوية الوطنية، ومنجزاتها الفكرية والأدبية والفنية وإبرازها، والتعريف بها للعالم، بحسب الدكتور إبراهيم عزيزي رئيس الجمعية وأستاذ الأدب الإنجليزي.
ويرى المتابع لأعمال الجمعية السعودية للأدب المقارن أنها وضعت لنفسها رؤية واضحة وطموحة، تسعى من خلال أنشطتها المتنوعة إلى الريادة في مجال الأدب والدراسات النقدية والنظرية المقارنة والبينية، محليا وإقليميا وعالميا. أما رسالة الجمعية فسقفها عال، وهي الإسهام في إثراء دراسات الأدب المقارن والدراسات البينية والحركة النقدية والأدبية، بإعداد البحوث والندوات العلمية في مجال الدراسات النقدية والنظرية المقارنة، وتقديم استشارات متخصصة وعقد حلقات نقاش للمتخصصين وغيرهم.

خطوة تأخرت

وحول تأخر تأسيس جمعية سعودية للأدب المقارن، في الوقت الذي سبقت فيه دول المنطقة بإنشاء جمعيات من هذا النوع، يرى الدكتور إبراهيم عزيزي أن الأدب المقارن عادة يعتمد على متخصصين في أكثر من مجال، في أكثر من لغة، وهو ما تسبب في الفجوة التي سبقت انطلاق الجمعية، مضيفا أن "الإجراءات الإدارية التي سبقت التأسيس استغرقت وقتا، إضافة إلى الاجتماعات المستمرة مع أعضاء هيئة تدريس ومتخصصين، اعتمدوا خلالها إنشاء الجمعية، وتأسيس برامج رديفة للجمعية مثل برنامج أكاديمي "درجة ماجستير" في الأدب المقارن، لم يقر حتى الآن، لكنه في مراحله الأخيرة"، كاشفا في حديث لـ"الاقتصادية" أن موافقة مجلس جامعة الملك سعود على تأسيس الجمعية كانت في أواخر عام 2019، لتكون أول جمعية سعودية للأدب المقارن، ثم توقف العمل على المشروع بسبب جائحة كورونا.
وحول سؤاله عن أهمية انتماء الجمعية إلى جامعة الملك سعود، أجاب بأن نظام الجمعيات العلمية على مستوى المملكة ينص على أن تخضع الجمعية للجامعات، وهذا يكسبها قوة، من خلال توفير الموارد والإدارة، المقر، الموظفين، والميزانية السنوية، والمجتمع العلمي المهتم بالجمعية من أساتذة وطلاب. أما أنشطة الجمعية، فأشار إلى أن الأنشطة وجدول أعمال الجمعية كاملا ستكون محور حديث اجتماع مجلس إدارتها خلال الأيام المقبلة، للبت فيها واعتماد أنشطة العام المقبل، وسيعلن عنها في حينه.

100 عضو في أسبوعين

رئيس الجمعية الذي انتخب أخيرا، الدكتور إبراهيم عزيزي، قال "إن الأسبوعين الماضيين كانا حاسمين في انطلاق الجمعية، التي شهدت انضمام نحو مائة عضو حتى الآن إليها، وتستهدف كل باحث ومهتم بالآداب والنظرية النقدية الأدبية والدراسات المقارنة والبينية، والأفراد والمؤسسات المهتمين بقضايا الآداب والفنون والحوار الثقافي بشكل عام".
وتقسم الجمعية السعودية للأدب المقارن عضويتها إلى ثلاث فئات، عضوية عاملة، بمزايا كاملة، منها حق انتخاب أعضاء الجمعية العمومية، وعضوية انتساب، وتضم المهتمين بالمجال، لكنهم غير متخصصين، ولم يدرسوا الأدب أكاديميا، لكنهم سيتمكنون من حضور الأنشطة، مع عدم إمكانية التصويت في انتخابات الجمعية، فيما خصصت الفئة الثالثة للمنتسبين فقط، وهي خاصة بالطلاب وغير المتخصصين.
وتستهدف الجمعية السعودية للأدب المقارن توفير حلقة وصل بين الثقافة المحلية والعالمية، وتعزيز مكانة الدراسات النقدية المقارنة في المملكة، ونشر الوعي بأهمية الآداب والفنون، والتواصل العلمي مع الجمعيات التي تهتم بالأدب المقارن حول العالم، وإقامة الأنشطة التي تبدأ بإقامة الندوات والمؤتمرات لخدمة البحث العلمي، مرورا بعقد شراكات مع المعاهد والمؤسسات العالمية المعنية، وعقد اتفاقيات وشراكات مع برامج تعليم اللغات العالمية لتشجيع قراءة الآداب في لغاتها المحلية، إضافة إلى إنشاء مجلات دورية محكمة تعنى بدراسات الأدب والنظرية النقدية والدراسات المقارنة، وترجمة ما يستجد من أعمال نقدية وبحثية عالمية إلى اللغة العربية، والعكس، من العربية إلى اللغات الأخرى، ولا تنتهي هذه الأنشطة بإتاحة ودعم البحث العلمي للباحثين، وتقديم الدراسات والاستشارات.
وأكد أن الجمعية تعتزم إطلاق عدد من المشاريع، مثل الإصدارات، كالكتب والمجلات العلمية المحكمة، والكتب والتقارير، والمؤتمرات والندوات، وتشجيع حركة البحث والتأليف، وإنشاء برامج تبادل دولي للباحثين، وتحكيم الدراسات المتعلقة بالأدب المقارن وتقديم الاستشارة للباحثين، حيث ستعمل جمعية الأدب المقارن على بناء قواعد بيانات عن الأدب المقارن، لتساعد بدورها الباحثين السعوديين والعرب والعالميين على استكمال بحوثهم.
ولغير المتخصصين، وضمن باب المسؤولية الاجتماعية، تشجع الجمعية القراءة وتحليل آداب الثقافات العالمية، وتعزيز ثقافة القراءة للطلاب في المملكة، وإنشاء أندية قراءة.

المدارس النقدية

يعتمد الأدب المقارن على توجهات "مدارس" عالمية، مثل المدرسة الفرنسية العريقة، والمدارس الأمريكية والروسية والإيطالية، وتتميز كل واحدة منها بأسس ومبادئ مختلفة، التي تطغى عادة على أسلوب ومسار الدراسة.
لكن الدكتور عزيزي أكد في هذا الإطار أن الجمعية ستستفيد من المدرستين الأمريكية والفرنسية المعروفتين في الأدب المقارن، مع طموح أن يتم إبراز الهوية الأدبية الوطنية في اختصاصات الجمعية، من خلال الحقول الأدبية المتنوعة، مثل دراسات الأدب المقارن، الأدب والنقد السعودي، النظرية الأدبية الحديثة، النقد الأدبي، الترجمة الأدبية، الدراسات البينية، الفنون الجميلة ودراساتها، الدراسات السينمائية، العلوم الإنسانية الرقمية، الكتابة الإبداعية والدراسات الثقافية.
ولا يخفي رئيس الجمعية السعودية للأدب المقارن إعجابه ببعض أعمال ومشاريع الجمعيات العلمية المتخصصة في المجال ذاته في دول المنطقة، وتجارب الدول المتقدمة، وذلك حينما سألته "الاقتصادية" حول التجارب العالمية أو الإقليمية التي ينظرون إليها في الجمعية بعين الإعجاب، مؤكدا أن هناك جمعيات رائدة مثل جمعية الأدب المقارن الأوروبية، والجمعية الأمريكية، وكذلك المصرية، ذات تجربة ثرية، وكلها جمعيات عريقة لها أعوام طويلة في العمل، يمكن الاستفادة من تجربتها الأدبية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون