ثقافة وفنون

«الحرب مع جدي» .. فيلم يدمج خبرة الكبار ببراءة الصغار

«الحرب مع جدي» .. فيلم يدمج خبرة الكبار ببراءة الصغار

مشهد من الفيلم.

«الحرب مع جدي» .. فيلم يدمج خبرة الكبار ببراءة الصغار

بوستر العمل.

ما إن أطل الممثل المخضرم روبرت دي نيرو على الشاشة السينمائية في فيلم "الحرب مع جدي"، حتى بدأ المشاهدون يرسمون ضحكات مفعمة بالحنين إلى ماض كان حافلا بالأيقونات الفنية للممثل الذي أسر قلوب المشاهدين، بدأت ‏مشاهد الفيلم الدرامي الكوميدي ‏The war with grandpa‏ "الحرب مع جدي" بلقطات للعجوز دي نيرو، الذي يمشي منحني القامة، وعلى وجنتيه خطوط الكهولة، لكنه ما زال محافظا على تألقه الفني، حيث أدى دورا دراميا وفيه ‏نفحات أكشينية ممزوجة بالكوميدية، فنحو الساعة والنصف لم تنخفض وتيرة التشويق في الفيلم، الذي تدور قصته حول حرب ضارية تدور رحاها بين طفل في السادسة من عمره‬ وجده السبعيني، حيث تبدأ الحرب عندما تتوفى ‏زوجة دي نيرو وتذهب ابنته سالي، تؤدي دورها الممثلة أوما ثورمان، لجلبه إلى منزلها، ظنا منها أنها ستخفف المعاناة عنه، إلا أن وجود ابنها بيتر، يؤدي دوره أوكس فيجلي، قلب الأمر رأسا على عقب.‏
المغزى .. الاهتمام بالمسنينعلى الرغم من بساطة السيناريو والحبكة وسلاسة التمثيل واللقطات الإخراجية، إلا أن الفيلم ألقى الضوء على فكرة مهمة، هي الاهتمام بالمسنين الذين يعيشون حياتهم يقدمون كل ما لديهم لرعاية أولادهم، وفي النهاية لا بد للأولاد أن ‏يقفوا إلى جانب أهلهم، تماما كما فعلت سالي بوالدها، فأخذته رغما عنه إلى منزلها للاهتمام به، لكن الأحداث جرت في هذا الفيلم ليس كما تشتهي آمال المشاهدين، على الرغم من اهتمام سالي بالجانب النفسي لوالدها ووعيها بأن المسن ‏تتكون لديه حساسية مفرطة تجعله يتحسس من تصرفات أو كلمات معينة، إلا أنها لم تتحدث مع ابنها عن هذا الأمر، بل فرضت عليه أن يترك غرفته لجده، دون أن تشرح له، ما دفع به إلى اتخاذ رد فعل عدائي تجاه جده.‏
معارك شرسة‫‬‏
تتطور المعارك عندما يحاول الطفل بيتر أن يثبت أنه محارب عنيد، وهو يرفض رفع الراية البيضاء للوافد الجديد الذي يحتل غرفته رغما عنه، ويقرر أن يعيده إلى مكانه الأصلي ويطرده خارج المنزل، حيث كان يعيش حياته سعيدا ‏هادئا في منزل الأسرة، يلعب مع أصدقائه، ويلهو بألعاب الفيديو، إلى أن جاء جده الأرمل ليعيش معهم في المنزل، ويكتشف الطفل أن عليه أن يتخلى عن أجمل وأهم مقتنياته وهي "غرفته" لجده، لكنه يرفض هذا الظلم ويقرر التمرد ‏على مصيره، وتحويل حياة جده إلى جحيم، عن طريق عديد من المقالب والحيل لكي يجبره على مغادرة المنزل والنجاة بحياته، ولكي يرهب الوافد الجديد، يضع الطفل ثعبانا في فراش جده.
‬‏
الحل الأجدى .. الذكاء
‫يلعب دي نيرو في الفيلم دورا إنسانيا يختلف عن أدواره الأخيرة في فيلم "الجوكر" الذي صدر 2019 للمخرج تود فيليبس، وفيلم "الإيرلندي" للمخرج مارتن سكورسيزي، حيث حاول في "الحرب ‏مع جدي" أن يجاري حفيده في بعض الهفوات، لكنه في أوقات أخرى كان يظهر رصانة الجد الذي يحاول أن ينصح حفيده، فعندما قررا المواجهة أظهر دي نيرو لياقة بدنية عالية، حيث تواجها في الألعاب الرياضية وفاز دي نيرو بحذاقته، ‏في حين إن الطفل كان يظن أن القوة في القفز والضرب المبرح، واستمرت المواجهات إلى أن جاء عيد ميلاد أخت بيتر الصغيرة، الذي تخرب بسبب حرب الجد والحفيد، فاكتشف حينها دي نيرو أن الأمر يجب أن يحل بطريقة ‏مختلفة، وكانت المصيبة هي مفتاح الحل، فكيف استدرك الجد المشكلة، وما القرارات التي عادت به إلى علاقة وطيدة مع حفيده؟
صراع بين الشباب والشياب
لقد حاول المخرج تيم هيل أن يظهر الصراع بين الشباب والشياب، ونجح إلى حد ما في تقريب وجهات النظر، مع إعطاء صورة حقيقية عن الوعي الذي يتمتع به المسنون نتيجة خبراتهم في الحياة، حيث إن الحوارات التي ‏كانت تدور بين الجد والحفيد كانت عميقة وسلسة إلى حد كبير، حتى إن وجهات النظر بين الحفيد ورفاقه الذين بدأوا يحرضونه على استعادته غرفته، والجد من جهة أخرى مع رفاقه الشياب الذين يحرضونه على عدم السكوت، ‏كانت درامية ومضحكة إلى حد كبير، خاصة تلك المقالب التي كان يخطط لها الحفيد والجد على حد سواء.‏
رحلة دي نيرو الفنية
إن هذا الفيلم يجسد ما وصلت إليه رحلة روبرت دي نيرو الفنية، حيث بدأ حياته في أفلام الأكشن لينتقل بعدها إلى تقديم أدوار كوميدية، فبرز في فيلم ‏meet the fockers‏ الذي يجعلك تضحك كثيرا من خلال الأحداث وأداء دي ‏نيرو، واليوم يأتي ليقدم نوعا آخر من الأفلام. إنه فيلم يمكن تصنيفه في خانة الكوميديا الهادفة والأكشن الموزون، حركات قتالية بسيطة سيطرت على بعض المشاهد، لكنها مثقلة بالوعي والإدراك، وكيف أن المسن يقاتل بذكاء، في حين ‏إن الشاب يقاتل بشراسة، إنها مراحل مختلفة لكنها متدرجة.‏
الشيخوخة على الشاشات السينمائيةإن موضوع الشيخوخة وكبار السن كان منذ القدم وما زال محط اهتمام عديد من الكتاب والمخرجين، لذلك صدر عديد من الأفلام التي تتناول هذا الأمر، أبرزها فيلم ‫"عن شميدت" ‏About Schmidt‏ هو فيلم أمريكي من إنتاج ‏العام 2002، بطولة النجم المخضرم جاك نيكلسون، وعد من أشهر وأفضل الأفلام التي تجسد مرحلة الشيخوخة والتقاعد بكل تفاصيلها. ترشح الفيلم لعدد كبير من الجوائز بما فيها جائزتان للأوسكار، وحصد 25 جائزة دولية، ‏إضافة إلى ذلك صدر أيضا 2012 واحد من أهم وأشهر الأفلام التي تناقش موضوع الشيخوخة في أفضل إطاراتها الدرامية والرومانسية، الفيلم الفرنسي "الحب" ‏Amour‏، وفي 2015 صدر فيلم "الشباب" ‏Youth‏ ‏وهو فيلم من إنتاج إيطالي، ناطق بالإنجليزية بطولة النجم البريطاني الأشهر سير مايكل كين والنجمة رايتشل وايز، الفيلم من أشهر الأفلام الحديثة التي تناقش قضية الشيخوخة، وتسلط الضوء عليها، في محاولة ربط العمر المتقدم جدا ‏بإمكانية الاستمرارية في الإنتاج.‏
‫‏‬تجدر الإشارة إلى أن فيلم "الحرب مع جدي" مقتبس من رواية صدرت 1984 بالاسم نفسه للكاتب روبرت كيميل سميث، الذي اشتهر بكتابة روايات للأطفال، وحاز عن روايته "الحرب مع جدي" 11 جائزة، بما ‏في ذلك جائزة ‏William Allen White‏ لكتاب الأطفال وميدالية ‏California Young Reader‏.‏
شهد الفيلم مخاضا عسيرا قبل أن يبصر النور، حيث كان من المقرر أن تطلقه شركة ديمنشن فيلمز في 23 فبراير 2018، لكن قبل شهر من صدوره تم سحبه من الجدول الزمني، ثم تم تأجيله إلى 21 أبريل 2018، ولاحقا إلى ‏‏20 أكتوبر 2018 بسبب تغييرات رئيسة في موقع التصوير، بعدها تم الإعلان عن توقف الشركة عن توزيع الفيلم واستعاد المنتجون حقوقه، وحصلت 101 ‏Studios‏ على حقوق توزيع الفيلم وتعيينه لإصدار 18 سبتمبر 2020، ‏ثم تم تأجيله لاحقا إلى التاسع من أكتوبر.‫‬‏
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون